أقرأ أيضاً
التاريخ: 12/11/2022
1426
التاريخ: 5-10-2014
1728
التاريخ: 5-10-2014
1725
التاريخ: 24-11-2015
1775
|
أن المحتوى الداخلي للإنسان هو الاساس لحركة التاريخ، التي تتميز عن كل الحركات الاخرى بانها حركة غائية لا سببية فقط، غائية متطلعة إلى المستقبل. فالمستقبل هو المحرك لأي نشاط من النشاطات التاريخية. والمستقبل معدوم فعلا، وانما يحرك من خلال الوجود الذهني، الذي هو الحافز والمحرك والمدار لحركة التاريخ، وهذا الوجود الذهني، يعبر بجانب منه عن الفكر، وفي جانب آخر منه عن الارادة، وبالامتزاج بين الفكر والارادة، تتحقق فاعلية المستقبل ومحركيته للنشاط التاريخي على الساحة الاجتماعية.
والمحتوى الداخلي الشعوري للإنسان يتمثل في هذين الركنين الاساسيين، وهما الفكر والارادة. اذن المحتوى الداخلي للإنسان، هو الذي يصنع هذه الغايات، ويجسد هذه الاهداف من خلال مزجه بين فكرة وإرادة.
وبهذا صحّ القول بأن المحتوى الداخلي للإنسان هو القاعدة لحركة التاريخ، فالبناء الاجتماعي العلوي بكل ما يضم من علاقات وانظمة وافكار وتفاصيل مرتبط بهذه القاعدة، ويكون تغيره وتطوره تابعا لتغير هذه القاعدة وتطورها، فاذا تغير الاساس تغير البناء العلوي، واذا بقي الاساس ثابتا، بقي البناء العلوي ثابتا.
فالعلاقة بين المحتوى الداخلي للإنسان والبناء الفوقي للمجتمع، علاقة تبعية، ومسبب بسبب ، وهي تمثل سنة تاريخية تقدم الكلام عنها في قوله سبحانه وتعالى : {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم} [الرعد : 11]. هذه الآية واضحة في ان المحتوى الداخلي للإنسان، هو القاعدة والاساس للبناء العلوي، للحركة التاريخية، لان الآية الكريمة تتحدث عن تغييرين : احدهما تغيير اوضاع القوم وابنيتهم العلوية وظواهرهم : إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ ومن الواضح ان المقصود من تغيير ما بالأنفس، تغيير ما بأنفس القوم، بحيث يكون المحتوى الداخلي كقوم وكأمة متغيرا ، والا فإن تغير الفرد الواحد أو الفردين أو الافراد، لا يشكّل الاساس لتغير ما بالقوم .
فالمحتوى النفسي والداخلي للامة كأمة، لا لهذا الفرد أو لذلك الفرد، هو الذي يعتبر أساسا وقاعدة للتغييرات في البناء العلوي للحركة التاريخية كلها.
والقرآن الكريم يؤمن بأن العمليتين يجب ان تسيرا جنبا إلى جنب، عملية صنع الانسان لمحتواه الداخلي، لفكره وإرادته، مع البناء الخارجي، ولا يمكن ان يفترض انفكاك البناء الخارجي عن البناء الداخلي، الا اذا بقي البناء الخارجي بناء مهزوزا متداعيا.
ولهذا سمى الاسلام عملية بناء المحتوى الداخلي اذا اتجهت اتجاها صالحا «بالجهاد الأكبر» تأكيدا منه على قاعدية المحتوى الداخلي. وسمى عملية البناء الخارجي إذا اتجهت اتجاها صالحا «الجهاد الأصغر»، وربط الجهاد الأصغر بالجهاد الأكبر، واعتبر أن الجهاد الأصغر اذا فصل عن الجهاد الأكبر فقد محتواه ومضمونه، وقدرته على التغيير الحقيقي على الساحة التاريخية والاجتماعية.
ومن هنا نجد القرآن الكريم، يعرض لحالة من حالات انفصال عملية البناء الخارجي عن عملية البناء الداخلي، قال سبحانه :
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة : 204 ، 205] وما هو حي به هذه الآية الكريمة أن الإنسان اذا لم ينفذ بعملية التغيير إلى قلبه واعماق روحه، ولم يبن نفسه بناء صالحا لا يمكنه أبدا أن يطرح الكلمات الصالحة، لأن الكلمات الصالحة إنما يمكن أن تتحول إلى بناء صالح في المجتمع، إذا نبعت عن قلب يعمر بتلك القيم التي تدل عليها تلك الكلمات، وإلا فتبقى الكلمات مجرد الفاظ جوفاء دون أن يكون لها مضمون ومحتوى.
فمسألة القلب هي التي تعطي للكلمات معناها، ولعملية البناء الخارجي أهدافها ومسارها.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|