المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4878 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
من هم المحسنين؟
2024-11-23
ما هي المغفرة؟
2024-11-23
{ليس لك من الامر شيء}
2024-11-23
سبب غزوة أحد
2024-11-23
خير أئمة
2024-11-23
يجوز ان يشترك في الاضحية اكثر من واحد
2024-11-23

محبوبية التوبة
12-7-2021
البروتوكولات
26-10-2019
أعظم من القتل أن يقتله قتلا لا يجبر ولا يحيى بعده أبدا
17-9-2019
الحرير
26-11-2015
الإمام اعلم اهل زمانه وافضلهم
7-08-2015
هرمونات غير نخامية لها علاقة بوظيفة المناسل Non-pituitary Hormones
12-7-2016


عدم مشروعية الزواج المؤقت ( زواج المتعة )  
  
1480   08:38 صباحاً   التاريخ: 20-11-2016
المؤلف : السيد مرتضى العسكري
الكتاب أو المصدر : معالم المدرستين
الجزء والصفحة : ج2 - ص 252- 291
القسم : العقائد الاسلامية / شبهات و ردود / الفقه /

[جواب الشبهة]

تواتر عن الخليفة عمر قوله: متعتان كانتا على عهد رسول اللّه و أنا أنهى عنهما و أعاقب عليهما، متعة الحجّ و متعة النساء (1)  ... و في ما يلي نبحث متعة النساء و سبب تحريمه إيّاها و اجتهاده فيها، بدء بإيراد تعريفها من مصادر مدرسة الخلفاء ثمّ من فقه مدرسة أهل البيت ثمّ نبحثها في الكتاب و السنة بحوله تعالى .

نكاح المتعة في مصادر مدرسة الخلفاء :

في تفسير القرطبي: لم يختلف العلماء من السلف و الخلف في أنّ المتعة نكاح إلى أجل لا ميراث فيه، و الفرقة تقع عند انقضاء الأجل من غير طلاق. و قال ابن عطيّة:

وكانت المتعة أن يتزوّج الرجل المرأة بشاهدين و إذن الوليّ إلى أجل مسمّى، و على أن لا ميراث بينهما، و يعطيها ما اتّفقا عليه، فإذا انقضت المدّة فليس عليها سبيل و تستبرئ رحمها، لأنّ الولد لا حقّ فيه بلا شكّ، فإن لم تحمل حلّت لغيره‏ (2).

وفي صحيح البخاري عن رسول اللّه  ( صلى الله عليه واله ) . «أيّما رجل و امرأة توافقا فعشرة ما بينهما ثلاث ليال فإن أحبّا أن يتزايدا أو يتتاركا» (3).

وفي المصنف لعبد الرزاق عن جابر قال: إذا انقضى الأجل فبدا لهما أن يتعادوا فليمهرها مهر آخر، فسئل كم تعتدّ؟ قال: حيضة واحدة، كنّ يعتددنها للمستمتع منهنّ‏ (4).

وفي تفسير القرطبي عن ابن عباس قال: عدّتها حيضة، و قال: لا يتوارثان‏ (5).

وفي تفسير الطبري، عن السّدي‏ {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } [النساء: 24] ‏ إلى أجل مسمّى‏ {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} [النساء: 24] فهذه المتعة، الرجل ينكح المرأة بشرط إلى أجل مسمّى و يشهد شاهدين و ينكح بإذن وليّها و إذا انقضت المدّة فليس له عليها سبيل و هي منه بريّة و عليها أن تستبرئ ما في رحمها و ليس بينهما ميراث، ليس يرث واحد منهما صاحبه‏ (6).

وفي تفسير الكشّاف للزمخشري: و قيل: نزلت في المتعة الّتي كانت ثلاثة أيّام حتّى فتح اللّه مكّة على رسوله عليه الصلاة و السلام ثمّ نسخت، كان الرجل ينكح المرأة وقتا معلوما ليلة أو ليلتين أو أسبوعا بثوب أو غير ذلك و يقضي منها وطره ثمّ يسرحها، سمّيت متعة لاستمتاعه بها أو لتمتيعه لها بما يعطيها ... (7).

هكذا ورد تعريف متعة النساء أو نكاح المتعة في مصادر مدرسة الخلفاء، و ورد تعريفها في فقه مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) كما يأتي:

نكاح المتعة في فقه مدرسة أهل البيت (عليهم السلام):

نكاح المتعة أو متعة النساء: أن تزوج المرأة نفسها أو يزوجها وكيلها أو وليها إن كانت صغيرة لرجل تحلّ له، و لا يكون هناك مانع شرعا من نسب أو سبب أو رضاع أو عدّة أو إحصان، بمهر معلوم إلى أجل مسمّى. و تبين عنه بانقضاء الأجل أو أن يهب الرجل ما بقي من المدة، و تعتد المرأة بعد المباينة مع الدخول و عدم بلوغها سن اليأس بقرأين إذا كانت ممّن تحيض، و إلّا فبخمسة و أربعين يوما. و إن لم يمسسها فهي كالمطلقة قبل الدخول لا عدّة عليها.

وشأن المولود من الزواج الموقّت شأن المولود من الزواج الدائم في جميع أحكامه (8).

نكاح المتعة في كتاب اللّه:

قال اللّه سبحانه: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 24].

1- روى عبد الرزاق في مصنّفه عن عطاء: إنّ ابن عباس كان يقرأ: «فما استمتعتم به منهنّ- إلى أجل- فآتوهنّ أجورهنّ» (9).

2- في تفسير الطبري عن حبيب بن أبي ثابت قال: أعطاني ابن عبّاس مصحفا فقال: هذا على قراءة أبيّ قال: و فيه فما استمتعتم به منهنّ- إلى أجل مسمّى‏ (10).

3- في تفسير الطبري عن أبي نضرة بطريقين، قال: سألت ابن عبّاس عن متعة النساء، قال: أ ما تقرأ سورة النساء قال: قلت: بلى. قال: فما تقرأ فيها «فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمى»؟ قلت: لو قرأتها كذلك ما سألتك قال: فإنّها كذلك.

4- عن أبي نضرة قال: قرأت هذه الآية على ابن عبّاس «فما استمتعتم به منهنّ» قال ابن عباس «إلى أجل مسمى» قال: قلت: ما أقرؤها كذلك. قال: و اللّه لأنزلها اللّه كذلك. ثلاث مرّات.

5- عن عمير و أبي إسحاق أنّ ابن عبّاس قرأ: «فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمّى».

6- عن مجاهد «فما استمتعتم به منهنّ» قال: يعني نكاح المتعة.

7- عن عمرو بن مرّة، أنّه سمع سعيد بن جبير يقرأ: «فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمّى».

8- عن قتادة قال: في قراءة أبيّ بن كعب: «فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمّى».

9- عن شعبة عن الحكم قال سألته عن هذه الآية أ منسوخة هي؟ قال: لا.

أخرجنا الأحاديث (2- 9) من تفسير الطبرى و أوجزنا بعضها.

10- و في أحكام القرآن للجصّاص أيضا وردت رواية أبي نضرة و أبي ثابت عن ابن عبّاس و حديث قراءة أبيّ بن كعب‏ (11).

11- روى البيهقي في سننه الكبرى عن محمّد بن كعب أنّ ابن عباس قال:

كانت المتعة في أوّل الإسلام و كانوا يقرءون هذه الآية «فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمّى» (12).

12- و في شرح النووى علي صحيح مسلم: و في قراءة ابن مسعود فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل ... (13) .

13- و في تفسير الزمخشري: و قيل نزلت في المتعة التي كانت ثلاثة أيّام ...

و قال: سمّيت متعة لاستمتاعه بها. و قال: و عن ابن عبّاس هي محكمة يعني لم تنسخ، و كان يقرأ «فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمّى» (14).

14- قال القرطبي: و قال الجمهور: المراد نكاح المتعة الّذي كان في صدر الإسلام، و قرأ ابن عباس و أبيّ و ابن جبير «فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمّى فآتوهنّ أجورهنّ» (15).

15- و في تفسير ابن كثير: و كان ابن عبّاس و أبيّ بن كعب و سعيد بن جبير و السدّي يقرءون «فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمى فآتوهنّ أجورهن فريضة» و قال مجاهد: نزلت في نكاح المتعة (16).

16- و في تفسير السيوطي حديث أبي ثابت و أبي نضرة و رواية قتادة و سعيد ابن جبير عن قراءة أبيّ، و حديث مجاهد و السديّ، و عطاء عن ابن عباس، و حديث الحكم أن الآية غير منسوخة، و عن عطاء عن ابن عبّاس أنّه قال: و هي الّتي في سورة النساء: فما استمتعتم به منهنّ إلى كذا و كذا من الأجل على كذا و كذا قال: و ليس بينهما وراثة فإن بدا لهما أن يتراضيا بعد الأجل فنعم، و إن تفرّقا فنعم ... (17) قال المؤلف: كلّ هؤلاء المفسّرين و غيرهم‏ (18) أوردوا ما ذكرناه في تفسير الآية و نرى أنّ ابن عباس و أبي بن كعب و سعيد بن جبير و مجاهد و قتادة و غيرهم ممّن نقل عنهم أنهم كانوا يقرءون «فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمّى» كانوا يقرءون إلى أجل مسمّى على سبيل التفسير و يشهد على ذلك ما ورد في الرواية الأخيرة عن ابن عبّاس أنّه قال: «فما استمتعتم به منهنّ إلى كذا و كذا من الأجل على كذا و كذا.» و إنّ أبيّا مثلا قصد أنّه سمع هذا التفسير من رسول اللّه أي أنّ رسول اللّه لما قال «إلى أجل مسمّى» فسّر الآية بهذه الجملة.

نكاح المتعة في السنة:

في باب نكاح المتعة من صحيحي مسلم و البخاري، و مصنّفي عبد الرزاق و ابن أبي شيبة و مسند أحمد و سنن البيهقي و غيرها عن عبد اللّه بن مسعود، قال: كنّا نغز و مع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) ليس لنا نساء. فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثمّ رخّص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى اجل، ثمّ قرأ عبد اللّه‏ {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ‏} المائدة- 87 (19).

في صحيحي البخاري و مسلم و مصنف عبد الرزاق و اللفظ لمسلم عن جابر بن عبد اللّه و سلمة بن الأكوع قالا: خرج علينا منادي رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) فقال: إنّ رسول اللّه قد أذن لكم ان تستمتعوا، يعني متعة النساء (20).

في صحيح مسلم و مسند أحمد و سنن البيهقي عن سبرة الجهني قال: أذن لنا رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) بالمتعة. فانطلقت أنا و رجل إلى امرأة من بني عامر. كأنّها بكرة عيطاء فعرضنا عليها أنفسنا. فقالت: ما تعطي؟ فقلت: ردائي. و قال صاحبي ردائي. و كان رداء صاحبي أجود من ردائي. و كنت أشبّ منه. فإذا نظرت إلى رداء صاحبي أعجبها.

و إذا نظرت إليّ أعجبتها. ثمّ قالت: أنت و رداؤك يكفيني. فمكثت معها ثلاثا. ثمّ إنّ رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) قال «من كان عنده شي‏ء من هذه النساء الّتي يتمتع، فليخلّ سبيلها» (21).

في مسند الطيالسي عن مسلم القرشي قال: دخلنا على أسماء بنت أبي بكر فسألناها عن متعة النساء فقالت: فعلناها على عهد النبي  ( صلى الله عليه واله ) (22).

في مسند أحمد و غيره عن أبي سعيد الخدري، قال: كنّا نتمتّع على عهد رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) بالثوب‏ (23).

وفي مصنف عبد الرزّاق: لقد كان أحدنا يستمتع بمليء القدح سويقا (24).

وفي صحيح مسلم و مسند أحمد و غيرهما و اللفظ للأوّل قال عطاء: قدم جابر بن عبد اللّه معتمرا.

فجئناه في منزله. فسأله القوم عن أشياء. ثمّ ذكروا المتعة. فقال: نعم استمتعنا على عهد رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و أبي بكر و عمر (25).

و في لفظ أحمد بعده: «حتّى إذا كان في آخر خلافة عمر.» و في بداية المجتهد: و نصفا من خلافة عمر ثم نهى عنها عمر الناس‏ (26).

سبب نهي عمر عن المتعة :

في صحيح مسلم، و المصنف لعبد الرزاق، و مسند أحمد، و سنن البيهقي، و غيرها و اللفظ لمسلم عن جابر بن عبد اللّه قال: كنّا نستمتع بالقبضة من التمر و الدقيق، الأيّام، على عهد رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و أبي بكر، حتى نهى عنه عمر، في شأن عمرو بن حريث‏ (27).

و في لفظ المصنف لعبد الرزاق عن عطاء عن جابر: استمتعنا على عهد رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و أبي بكر و عمر حتّى اذا كان في آخر خلافة عمر استمتع عمرو بن حريث بامرأة- سمّاها جابر فنسيتها- فحملت المرأة فبلغ ذلك عمر فدعاها فسألها، فقالت:

نعم. قال: من أشهد؟ قال عطاء: لا أدري قالت: أمّي، أم وليّها، قال: فهلّا غيرهما، قال: خشي أن يكون دغلا ... (28) وفي رواية اخرى قال جابر: قدم عمرو بن حريث من الكوفة فاستمتع بمولاة فأتي بها عمرو هي حبلى فسألها، فقالت: استمتع بي عمرو بن حريث، فسأله فأخبره بذلك أمرا ظاهرا، قال: فهلّا غيرها، فذلك حين نهى عنها (29).

وفي أخرى عن محمّد بن الأسود بن خلف: إنّ عمرو بن حوشب استمتع بجارية بكر من بني عامر بن لؤي: فحملت، فذكر ذلك لعمر فسألها، فقالت: استمتع منها عمرو بن حوشب، فسأله فاعترف، فقال عمر: من أشهدت؟ قال- لا أدري أ قال: أمّها أو أختها أو أخاها و أمها، فقام عمر على المنبر، فقال: ما بال رجال يعملون بالمتعة و لا يشهدون عدولا و لم يبيّنها إلّا حددته، قال: أخبرني هذا القول عن عمر من كان تحت منبره، سمعه حين يقوله، قال: فتلقاه الناس منه‏ (30).

و في كنز العمّال: عن أمّ عبد اللّه ابنة أبي خيثمة أنّ رجلا قدم من الشام فنزل عليها فقال: انّ العزبة قد اشتدّت عليّ فابغيني امرأة أتمتّع معها قالت: فدللته على‏ امرأة فشارطها و أشهدوا على ذلك عدولا فمكث معها ما شاء اللّه أن يمكث ثمّ إنّه خرج، فأخبر بذلك عمر بن الخطّاب؛ فأرسل إليّ فسألني أحقّ ما حدّثت؟ قلت: نعم، قال: فإذا قدم فآذنينى به، فلمّا قدم أخبرته فأرسل إليه، فقال: ما حملك على الّذي فعلته؟ قال: فعلته مع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) ثمّ لم ينهنا عنه حتّى قبضه اللّه، ثمّ مع أبي بكر فلم ينهنا حتّى قبضه اللّه، ثمّ معك فلم تحدث لنا فيه نهيا، فقال عمر: أما و الّذي نفسي بيده لو كنت تقدّمت في نهي لرجمتك، بيّنوا (31) حتّى يعرف النكاح من السفاح‏ (32).

و في مصنف عبد الرزّاق: عن عروة: إنّ ربيعة بن أميّة بن خلف تزوّج مولّدة من مولّدات المدينة بشهادة امرأتين إحداهما خولة بنت حكيم، و كانت امرأة صالحة، فلم يفجأهم إلا الوليدة قد حملت، فذكرت ذلك خولة لعمر بن الخطاب، فقام يجرّ صنفة ردائه‏ (33) من الغضب حتى صعد المنبر، فقال: إنّه بلغني أنّ ربيعة بن أميّة تزوّج مولّدة من مولّدات المدينة بشهادة امرأتين، و إنّي لو كنت تقدّمت في هذا لرجمت‏ (34).

و في موطّأ مالك، و سنن البيهقي، و اللفظ للأوّل: إنّ خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطّاب. فقالت: إنّ ربيعة بن أميّة استمتع بامرأة فحملت منه، فخرج عمر يجرّ رداءه، فقال: هذه المتعة. و لو كنت تقدّمت فيها لرجمت‏ (35).

و في الإصابة: إنّ سلمة بن أميّة استمتع من سلمى مولاة حكيم بن أميّة بن الأوقص الأسلمي فولدت له فجحد ولدها فبلغ ذلك عمر فنهى عن المتعة (36).

و في المصنف لعبد الرزاق، عن ابن عباس قال: لم يرع أمير المؤمنين إلّا أمّ أراكة قد خرجت حبلى، فسألها عمر عن حملها، فقالت: استمتع بي سلمة بن أميّة بن خلف ... (37) وفي المصنّف لابن أبي شيبة عن العلاء بن المسيب عن أبيه قال: قال عمر: لو أتيت برجل تمتّع بامرأة لرجمته إن كان احصن فإن لم يكن احصن ضربته‏ (38).

في الروايات السابقة وجدنا الصحابة يقولون: إنّ آية فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ‏ وردت في نكاح المتعة، و أنّ رسول اللّه أمر به، و أنّهم كانوا يستمتعون بالمرأة بالقبضة من التمر و الدقيق على عهد رسول اللّه و أبي بكر و نصف من خلافة عمر حتّى نهى عنها في شأن عمرو بن حريث، و وجدنا نكاح المتعة متفشيا على عهد عمر قبل أن ينهى عنه، و لعلّه تدرّج في تحريمه بدءا بالتشديد في أمر شهود نكاح المتعة و طلب أن يشهده عدول المؤمنين كما يظهر ذلك من بعض الروايات السابقة، ثمّ نهيه عنه بتاتا حتى قال لو تقدّمت في نهى لرجمت، و بعد هذا أصبح نكاح المتعة محرّما في المجتمع الإسلامى، و بقي الخليفة مصرّا على رأيه إلى آخر عهده لم يؤثر فيه نصح الناصحين. فقد روى الطبري في سيرة عمر عن عمران بن سوادة أنّه استأذن و دخل دار الخليفة ثمّ قال: نصيحة:

فقال: مرحبا بالناصح غدوّا و عشيّا.

قال: عابت أمتك منك أربعا.

قال: فوضع رأس درّته في ذقنه و وضع أسفلها على فخذه، ثم قال: هات:

قال: ذكروا أنّك حرّمت العمرة في أشهر الحجّ و لم يفعل ذلك رسول اللّه و لا أبو بكر (رض) و هي حلال.

قال: هي حلال، لو أنّهم اعتمروا في أشهر الحجّ رأوها مجزية من حجّهم فكانت قائبة قوب عامها فقرع حجّهم و هو بهاء من بهاء اللّه و قد أصبت.

قال: ذكروا انّك حرّمت متعة النساء و قد كانت رخصة من اللّه نستمتع بقبضة و نفارق عن ثلاث.

قال: إن رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) أحلّها في زمان ضرورة ثمّ رجع الناس إلى سعة ثمّ لم أعلم أحدا من المسلمين عمل بها و لا عاد إليها، فالآن من شاء نكح بقبضة و فارق عن ثلاث بطلاق و قد أصبت ... (39) :

إنّ ما اعتذر به الخليفة في تحريمه متعة الحجّ (بأنّهم لو اعتمروا في أشهر الحج لرأوها مجزية عن حجّهم) لا يصدق على نهيه عن الجمع بين الحج و العمرة، و إنّما الصحيح ما اعتذر به في حديث آخر له من أنّ أهل مكّة لا ضرع لهم و لا زرع و إنما ربيعهم في من يفد إلى هذا البيت، إذن فليأتوا إلى هذا البيت مرّتين، مرّة للحجّ المفرد، و أخرى للعمرة المفردة ليربح منهم قريش ارومة المهاجرين.

و أمّا اعتذاره في تحريم نكاح المتعة من أنّ عهد رسول اللّه كان زمان ضرورة خلافا لما كان عليه عهده، فإن جلّ الروايات الّتي صرّحت بوقوعها في عصر رسول اللّه و بإذن منه ذكرت أنّها كانت في الغزوات و حال السفر، و لا فرق في ذلك بين عهد رسول اللّه و عهد عمر إلى زماننا الحاضر و إلى أبد الدهر.

فإنّ الإنسان لم يزل منذ أن وجد على ظهر هذا الكوك ب- الأرض- و لا يزال بحاجة إلى السفر و الاغتراب عن أهله أسابيع و شهورا، بل و سنين طويلة أحيانا، فإذا سافر الرجل ما ذا يصنع بغريزة الجنس في نفسه؟ هل يستطيع أن يتركها عند أهله حتى إذا عاد إليهم عادت غريزته إليه فتصرف فيها مع زوجه؟ أم أنّها معه لا تفارقه في السفر و الحضر؟ و إذا كانت غريزته غير مفارقة إياه فهل يستطيع أن يتنكر لها في السفر و يستعصم؟ و إذا كان الشاذّ النادر في البشر يستطيع أن يستعصم فهل الجميع يستطيعون ذلك أم أنّ الغالب منهم تقهره غريزته؟ و هذا الصنف الكثير من البشر إذا طغت عليه غريزته في المجتمع الذي يمنعه من التّصرف في غريزته و يطلب منه أن يخالف فطرته و ما تقتضيه طبيعته ما ذا يفعل عند ذاك؟ و هل له سبيل غير أن يخون ذلك المجتمع؟! و الإسلام الذي وضع حلّا مناسبا لكلّ مشكلة من مشاكل الإنسان هل ترك هذه المشكلة بلا حلّ؟! لا. بل شرّع لحلّ هذه المشكلة: الزواج الموقّت، و لو لا نهي عمر عنها لما زنى الّا شقيّ (أو: شفى) كما قاله الإمام علي، أمّا المجتمعات البشرية فقد وضعت لها حلّا بتحليل الزنا في كلّ مكان.

و لا يقتصر الأمر في ما ذكرنا على من يسافر من وطنه، فإن للبشر كثير من الحالات في وطنه تمنعه من الزواج الدائم أحيانا سواء في ذلك الرجل و المرأة، فما ذا يصنع‏ إنسان لم يتمكن من الزواج الدائم سنين كثيرة من عمره في وطنه إن لم يلتجئ إلى الزواج الموقّت؟ ما ذا يصنع هذا الإنسان و القرآن يقول له «و لا تواعدوهنّ سرّا» و يقول لها: «غير متخذات أخدان»؟! أمّا ما ذكره الخليفة في مقام العلاج من تبديل نكاح المتعة بالنكاح الدائم على أن يفارق عن ثلاث بالطلاق، فالأمر ينحصر فيه بين أمرين لا ثالث لهما، إمّا أن يقع ذلك بعلم من الزوجين و تراض بينهما فهو الزواج الموقّت أو نكاح المتعة بعينه، و إمّا أن يقع بتبييت نيّة من الزوج مع إخفائه عن الزوجة فهو غدر بالمرأة و استهانة بها بعد ان اتّفقا على النكاح الدائم و أخفى المرء في نفسه نيّة الفراق بعد ثلاث، و كيف يبقى اعتماد للمرأة و ذويها على عقد الزواج الدائم مع هذا؟! و أخيرا فإنّه يرى بكلّ وضوح من هذه المحاورة و من كل ما روي عن الخليفة من محاورات في هذا الباب أنّ كلّ تلك الروايات التي رويت عن رسول اللّه في تحريمه المتعتين و نهيه عنهما و التي حفلت بتدوينها أمّهات كتب الحديث و التفسير وضعت بعد عصر عمر فانّ واحدا من الصحابة على عهد عمر لو كانت عنده رواية عن رسول اللّه تؤيّد سياسة الخليفة في المتعتين و التي كان يجهر بها و يتهدّد على مخالفتها بقوله (و أعاقب عليهما) لو كان واحد من الصحابة على عهده عنده من رسول اللّه شي‏ء يؤيد هذه السياسة لما احتاج إلى كتمانها عن الخليفة و لنشرها، و لو كان الخليفة في كلّ تلك المدّة قد اطّلع على شي‏ء يؤيّد سياسته لا ستشهد به و لما احتاج إلى كلّ هذا العنف بالمسلمين.

هكذا انتهى عهد الخليفة عمر. بعد أن كبت المعارضين لسياسة حكمه و كتم أنفاسهم و منعهم حتى من نقل حديث الرسول- كما أشرنا إلى ذلك في فصل (في حديث الرسول)- و استمرّ الأمر على ذلك إلى ستّ سنوات من خلافة عثمان، و انتشر الأمر متدرّجا بعد ذلك فنشأ جيل جديد لا يعرف من الإسلام إلّا ما سمحت سياسة الخلافة، بنشره و بيانه كما سنعرفه في ما يأتي:

نكاح المتعة من بعد عمر :

في النصف الثاني من خلافة عثمان انقسمت قوى الخلافة على نفسها، و كانت أمّ المؤمنين عائشة و طلحة و الزبير و ابن العاص و من تبعهم في جانب، و مروان و أبناء بني العاص و سائر بني أميّة و من تبعهم في الجانب الآخر فأنتج الصّدام بينهما فسحة للمسلمين استعادوا فيها بعض الحرية، و انتشر بعض الحديث‏ الممنوع نشره، و عارض المسلمون الخلفاء في ما نهوا عنه، فسمع الجيل الناشئ من الجيل المخضرم ما لم يكن يسمع و رأى بعض ما لم يكن يراه و مرّت علينا مخالفة الإمام عليّ الخليفة عثمان في متعة الحجّ. و نقرأ في ما يلي بعض المخالفات في متعة النساء:

في المصنّف لعبد الرزّاق: ابن جريج عن عطاء قال: لأوّل من سمعت منه المتعة صفوان بن يعلى، قال: أخبرني أنّ معاوية استمتع بامرأة بالطائف فأنكرت ذلك عليه، فدخلنا على ابن عبّاس، فذكر له بعضنا، فقال له: نعم فلم يقرّ في نفسي، حتّى قدم جابر بن عبد اللّه، فجئناه في منزله، فسأله القوم عن أشياء، ثمّ ذكروا له المتعة، فقال: نعم، استمتعنا على عهد رسول اللّه  ( صلى الله عليه واله ) ، و أبي بكر، و عمر حتّى إذا كان في آخر خلافة عمر، استمتع عمرو بن حريث ... (40) و فيه أنّ معاوية بن أبي سفيان استمتع مقدمه الطائف على ثقيف بمولاة ابن الحضرميّ يقال لها: معانة، قال جابر: ثمّ أدركت معانة خلافة معاوية حيّة، فكان معاوية يرسل إليها بجائزة كلّ عام حتّى ماتت‏ (41).

و فيه عن عبد اللّه بن عثمان بن خثيم قال: كانت بمكة امرأة عراقية تنسّك جميلة، لها ابن يقال له: أبو أميّة، و كان سعيد بن جبير يكثر الدخول عليها، قال: قلت: يا أبا عبد اللّه! ما أكثر ما تدخل على هذه المرأة! قال: إنّا قد نكحناها ذلك النكاح- المتعة- قال: و أخبرني أنّ سعيدا قال له: هي أحلّ من شرب الماء- المتعة- (42).

و منذ هذا العصر انتشر القول بحليّة متعة النساء و الإفتاء بها ففي المصنف لعبد الرزّاق: انّ عليا قال بالكوفة لو لا ما سبق من رأي عمر بن الخطّا ب- أو قال: رأي ابن الخطّا ب- لأمرت بالمتعة ثمّ ما زنى إلّا شقي‏ (43).

و في تفسير الطبري و النيشابوري و الفخر الرازي و أبي حيّان و السيوطي و اللفظ للاوّل: لو لا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى إلّا شقي‏ (44).

وفي تفسير القرطبي. قال ابن عبّاس: ما كانت المتعة إلّا رحمة من اللّه تعالى، رحم بها عباده، و لو لا نهي عمر عنها ما زنى إلّا شقي‏ (45).

وفي المصنف لعبد الرزاق، وأحكام القرآن للجصّاص، و بداية المجتهد لابن رشد، و الدرّ المنثور للسيوطي، ومادّة «شفي» من نهاية اللغة لابن الأثير و لسان العرب و تاج العروس وغيرها واللفظ للجصّاص:

عن عطاء سمعت ابن عبّاس يقول: رحم اللّه عمر ما كانت المتعة إلّا رحمة من اللّه تعالى رحم اللّه بها أمّة محمّد ( صلى الله عليه واله ) و لو لا نهيه لما احتاج إلى الزنا إلا شفا (46).

في لفظ المصنّف: «إلّا رخصة من اللّه» بدل «رحمة» و في آخر الحديث.

«إلّا شقيّ، قال عطاء: كأنّي و اللّه اسمع قوله: إلّا شقيّ».

و في لفظ بداية المجتهد «و لو لا نهي عمر عنها ما اضطرّ إلى الزنا إلّا شفي».

من بقي على القول بتحليل المتعة بعد تحريم عمر اياها:

قال ابن حزم في المحلّى: و قد ثبت على تحليلها بعد رسول اللّه جماعة من السلف (رض) منهم من الصحابة أسماء بنت أبي بكر، و جابر بن عبد اللّه، و ابن مسعود و ابن عبّاس، و معاوية بن أبي سفيان و عمرو بن حريث و أبو سعيد الخدري و سلمة و معبد ابنا أميّة بن خلف، و رواه جابر عن جميع الصحابة مدّة رسول اللّه و مدّة أبي بكر و عمر الى قرب آخر خلافة عمر.

قال: وعن عمر بن الخطّاب إنّه إنّما أنكرها إذا لم يشهد عليها عدلان فقط و أباحها بشهادة عدلين.

قال: و من التابعين طاوس، و عطاء، و سعيد بن جبير، و سائر فقهاء مكّة أعزّها اللّه ... (47) و روى القرطبي في تفسيره أنّه: لم يرخّص في نكاح المتعة إلّا عمران بن الحصين‏ و بعض الصحابة و طائفة من أهل البيت.

و قال: قال أبو عمر: أصحاب ابن عبّاس من أهل مكّة و اليمن كلّهم يرون المتعة حلالا على مذهب ابن عبّاس‏ (48) ، و في المغني لابن قدامة: و حكي عن ابن عبّاس أنّها جائزة و عليه أكثر أصحابه عطاء و طاوس و به قال ابن جريج و حكي ذلك عن أبي سعيد الخدري و جابر، و إليه ذهب الشيعة لأنّه قد ثبت أنّ النبيّ أذن فيها (49).

من تابع عمر في تحريم المتعة :

منهم عبد اللّه بن الزبير، فقد روى ابن ابي شيبة في مصنّفه عن ابن ابي ذئب قال:

سمعت ابن الزبير يخطب و هو يقول: انّ الذئب يكنّي أبا جعدة، ألا و إنّ المتعة هي الزنا (50).

و منهم ابن صفوان كما يأتي حديثه.

و منهم عبد اللّه بن عمر في أحد قوليه كما يأتي شرحه.

و قد جرت بين من تابع الخليفة عمر في ذلك و بين من خالفه مناقشات نورد بعضها في ما يلي:

الخلاف بين المحللين و المحرمين‏ :

وقعت في تحليل المتعة مشادّة بين ابن عباس و جماعة، منهم: عبد اللّه بن الزبير كما روى مسلم في صحيحه و البيهقي في سننه و اللفظ للأوّل: عن عروة بن الزبير قال: إن عبد اللّه بن الزبير قام بمكة فقال: إنّ ناسا أعمى اللّه قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة. يعرّض بالرجل فناداه فقال: إنّك لجلف جافّ. فلعمري لقد كانت المتعة تفعل على عهد إمام المتقين (يريد رسول اللّه). فقال له ابن الزبير: فجرّب بنفسك فو اللّه لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك.

قال ابن شهاب: فأخبرني خالد بن المهاجر بن سيف اللّه، أنّه بينا هو جالس‏ عند رجل جاءه رجل فاستفتاه في المتعة فأمره بها، فقال له أبو عمرة الأنصاري، مهلا، قال: ما هي؟ و اللّه لقد فعلت في عهد إمام المتقين‏ (51).

يبدو أنّ هذه المحاورة وقعت على عهد ابن الزبير و زمن حكمه بمكّة، و كان الاجتماع يوم ذاك يقع في البيت الحرام، و أغلب الظنّ انّ هذه المحاورة وقعت أثناء خطبة الجمعة و في ملأ حاشد من المسلمين، لأنّا نرى أنّ ابن عبّاس كان يربأ بنفسه أن يحضر خطبة ابن الزبير في غير صلاة الجمعة التي كانوا يلزمون حضورها، و أيضا يبدو بكلّ وضوح أنّ ابن الزبير لم يكن لديه يوم ذاك و لا كان لدى عصبته عصبة الحكم و الخلافة أيّ مستند من قول الرسول أو فعله أو تقريره في نهيهم عن المتعة، و إلّا لقابل حجّة ابن عباس من «أنّها فعلت على عهد إمام المتقين» بها.

و على عكس الحاكمين الّذين كانوا يستندون إلى هذا العصر في تحريمهم المتعتين إلى منطق القوة فحسب نجد المحللين لها أبدا يقابلونهم بسنّة الرسول حين تتاح لهم الفرصة أن يتحدّثوا و يدلوا بحجتهم.

ففي صحيح مسلم. و مسندي احمد، و الطيالسي، و سنن البيهقي، و غيرها، و اللفظ للأوّل عن أبي نضرة، قال: كنت عند جابر بن عبد اللّه فأتاه آت فقال: ابن عبّاس و ابن الزبير اختلفا في المتعتين. فقال جابر: فعلناهما مع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) ثمّ نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما (52).

و في رواية: قلت لجابر أنّ ابن الزبير ينهى عن المتعة و ابن عباس يأمر بها، قال جابر على يدي دار الحديث، تمتعنا على عهد رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) فلمّا كان عمر بن الخطّاب و قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ كان يحلّ لنبيّه ما شاء، و أنّ القرآن قد نزل منازله، فافصلوا حجّكم عن عمرتكم و ابتّوا نكاح هذه النساء فلن أوتى برجل تزوّج إلى أجل إلّا رجمته‏ (53).

و في لفظ البيهقي: تمتعنا مع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و أبي بكر (رض) فلمّا ولي عمر خطب الناس فقال: إنّ رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) هذا الرسول و أنّ القرآن، هذا القرآن و أنّهما كانتا متعتان على عهد رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و أنا أنهى عنهما و أعاقب عليهما إحداهما متعة النساء، و لا أقدر على رجل تزوّج امرأة إلى أجل إلّا غيّبته بالحجارة، و الأخرى متعة الحجّ، افصلوا حجّكم عن عمرتكم فإنّه أتمّ لحجكم و أتمّ لعمرتكم‏ (54).

بين ابن عباس و آخرين‏ :

في مصنّف عبد الرزاق: و قال [ابن‏] صفوان هذا ابن عبّاس يفتي بالزنا فقال ابن عبّاس: إنّي لا أفتي بالزنا، أ فنسي [ابن‏] صفوان أم أراكة؟ فو اللّه إنّ ابنها لمن ذلك، أفزنا هو و استمتع بها رجل من بني جمح‏ (55).

و في رواية أخرى: عن طاوس قال: قال ابن صفوان: يفتي ابن عبّاس بالزّنا، قال: فعدّد ابن عبّاس رجالا كانوا من أهل المتعة، قال: فلا أذكر ممّن عدد غير معبد ابن أميّة (56).

معبد هو معبد بن سلمة بن أميّة.

و في رواية أخرى: عن ابن عباس لم يرع عمر أمير المؤمنين إلّا أمّ أراكة خرجت حبلى فسألها عمر عن حملها، فقالت: استمتع بي سلمة بن أميّة بن خلف، فلمّا أنكر [ابن‏] صفوان على ابن عباس ما يقول في ذلك، قال: فسل عمّك‏ (57).

في جمهرة أنساب ابن حزم: فولد أميّة بن خلف الجمحي: عليّ و صفوان و ربيعة و مسعود و سلمة. فولد سلمة بن أمية: معبد بن سلمة، أمّه أم أراكة نكحها سلمة نكاح متعة في عهد عمر أو في عهد أبي بكر فولد له منها معبد فولد صفوان بن امية: عبد اللّه الأكبر ... (58) و نرى أنّ المحاورة جرت بين ابن عباس و ابن صفوان عبد اللّه هذا فقال له سل عمّك سلمة. و قال له: أ فنسي أم أراكة فو اللّه إنّ ابنها- يعنى معبدا- من ذلك، أفزنا هو؟! و لمّا عدّد رجالا ولدوا من المتعة عدّ منهم معبدا هذا.

بين عبد اللّه بن عمرو ابن عبّاس‏ :

اختلف ما روي عن عبد اللّه بن عمر في هذا الباب: فمنه ما رواه أحمد في مسنده قال: عن عبد الرحمن بن نعيم الأعرجي قال: سأل رجل ابن عمر، و أنا عنده، عن المتعة متعة النساء، فغضب و قال: و اللّه ما كنّا على عهد رسول اللّه زنّائين و لا مسافحين ... (59) و في مصنف عبد الرزاق، قيل لابن عمر: انّ ابن عبّاس يرخّص في متعة النساء، فقال: ما أظنّ ابن عبّاس يقول هذا، قالوا بلى! و اللّه إنّه ليقوله، قال: أما و اللّه ما كان ليقول هذا في زمن عمر، و إن كان عمر لينكلكم عن مثل هذا، و ما أعلمه إلّا السفاح‏ (60).

و في مصنّف ابن أبي شيبة و الدرّ المنثور و اللفظ للأوّل: عن عبد اللّه بن عمر (رض) أنّه سئل عن متعة النساء فقال: حرام. فقيل له: ابن عباس يفتي بها. فقال:

هلّا تزمزم بها في زمان عمر. الزمزمة: صوت خفي لا يكاد يفهم‏ (61).

و في سنن البيهقي بعد حرام: أما إنّ عمر بن الخطّاب (رض) لو أخذ فيها أحدا لرجمه بالحجارة (62).

نشاط أتباع مدرسة الخلفاء في شأن المتعة أخيرا :

وجدنا اعتماد المحرّمين للمتعة من الخلفاء على القوّة إلى عهد ابن الزبير، و بعد ذلك تغيّر نشاط أتباع مدرسة الخلفاء و اعتمدوا على الوضع و التحريف. و في ما يلي بعض الأمثلة على ذلك:

أ- في سنن البيهقي: إنّ ابن عبّاس كان يفتي بالمتعة و يغمص ذلك عليه أهل العلم فأبى ابن عباس أن ينتكل عن ذلك حتّى طفق بعض الشعراء يقول:

يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس‏       هل لك في ناعم خود مبتّلة

تكون مثواك حتى مصدر الناس‏


قال: فازداد أهل العلم بها قذرا، و لها بغضا حين قيل فيها الأشعار (63).

و في مصنف عبد الرزاق عن الزهري قال: ازدادت العلماء لها استقباحا حين قال الشاعر: يا صاح هل لك في فتيا ابن عبّاس‏ (64).

في هذه الرواية: إنّ ابن عبّاس أبى أن ينتكل عنها مهما غمص عليه الناس و أنشدوا فيه الشعر.

ب- حرّفوا الرواية الآنفة و رووا عن سعيد بن جبير أنه قال: قلت لابن عبّاس أ تدري ما صنعت و بما أفتيت؟ سارت بفتياك الركبان، و قالت فيه الشعراء، قال: و ما قالوا: قلت: قالوا:

أقول للشيخ لما طال مجلسه‏         يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس‏

يا صاح هل لك في بيضاء بهكنة    تكون مثواك حتى مصدر الناس‏

فقال: إنّا للّه و إنّا إليه راجعون! و اللّه ما بهذا أفتيت و لا هذا أردت و لا أحللت منها إلّا ما أحلّ اللّه من الميتة و الدم و لحم الخنزير (65).

وفي المغني لابن قدامة، فقام خطيبا و قال: إن المتعة كالميتة و الدم و لحم الخنزير فأمّا إذن رسول اللّه فقد ثبت نسخه‏ (66).

علّة الحديث:

هكذا تسابقوا في نقل هذه الرواية عن سعيد بن جبير (67) ، و نسوا أن سعيد بن جبير هو الّذي تمتّع بمكّة (68) ، و نسوا أنّ أصحاب ابن عباس من أهل مكة و اليمن كلّهم كانوا يرون المتعة حلالا على مذهب ابن عبّاس‏ (69) ، و لو كان ابن عبّاس قد رجع عن فتواه لما استمرّ أصحابه عطاء و طاوس و غيرهما على ذلك‏ (70) وقد أبان الهيثمي في مجمع الزوائد عن علّة هذا الحديث حيث قال: و فيه- أي في سند الحديث- الحجّاج بن أرطاة مدلّس‏ (71) ، و في ترجمه الحجّاج راوي هذا الحديث بتهذيب التهذيب: كان يرسل عن يحيى بن ابي كثير و مكحول و لم يسمع منهما و إنما يعيب الناس منه التدليس، ليس يكاد له حديث إلّا فيه زيادة، و قال ابن المبارك: كان الحجّاج يدلّس فكان يحدّثنا بالحديث عن عمرو بن شعيب ممّا يحدّثه العرزمي. متروك.

وقال يعقوب بن أبي شيبة: واهي الحديث، في حديثه اضطراب كثير (72).

ج- روى الترمذي و البيهقي عن موسى بن عبيدة عن محمّد بن كعب عن ابن عباس أنه قال: إنّما كانت المتعة في أوّل الإسلام، فكان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيزوّج المرأة بقدر ما يرى أنّه يقيم فتحفظ له متاعه و تصلح له شأنه حتّى إذا نزلت الآية إلّا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم، قال ابن عبّاس فكلّ فرج سوى هذين فهو حرام (73).

علّة الحديث:

في سند الحديث موسى بن عبيدة و في ترجمته من تهذيب التهذيب قال أحمد:

منكر الحديث، لا تحلّ الرواية عندي عنه، حدّث بأحاديث منكرة (74).

وفي متن الحديث: كانت المتعة في أوّل الإسلام ... حتّى نزلت: إلّا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم. فكل فرج سوى هذين حرام.

لست أدري إذا كان هذا قوله فما باله يخاصم ابن الزبير بعد نزول هذه الآية بنصف قرن؟ ثمّ أ ليس نكاح المتعة زواجا موقتا و من مصاديق الزواج؟ و أيضا إن صحّت هذه الرواية و كان ابن عباس قد ترك فتواه بعد نزول هذه الآية و في عصر النبيّ، إذا متى قال له الإمام عليّ إنّك امرؤ تائه حين رآه يليّن في المتعة؟ كما تفيده الرواية الّتي سنوردها في باب الأحاديث الصحاح.

د- رووا عن جابر أنّه قال: خرجنا و معنا النساء الّتي استمتعنا بهنّ فقال رسول اللّه  ( صلى الله عليه واله ) : «هنّ حرام إلى يوم القيامة» فودّعننا عند ذلك، فسمّيت عند ذلك ثنية الوداع، و ما كانت قبل ذلك إلّا ثنيّة الركاب‏ (75).

علّة الحديث:

قال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط و فيه صدقة بن عبد اللّه: في سند الحديث: صدقة، و قد قال أحمد بن حنبل فيه «ليس يسوى شيئا، أحاديثه مناكير» و قال مسلم: «منكر الحديث» (76).

و في متن الحديث: يروي عن جابر أن رسول اللّه قال «هنّ حرام إلى يوم القيامة» و قد تواترت الروايات الصحاح عن جابر أنّه قال: (تمتعنا على عهد النبي و أبي بكر و عمر حتى نهانا عمر في شأن عمرو بن حريث،) و قال نظير هذا القول.

ه- روى البيهقي في سننه، و الهيثمي في مجمع الزوائد، و اللفظ للأوّل، عن أبي هريرة قال: خرجنا مع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) في غزوة تبوك فنزلنا بثنية الوداع فرأى نساء يبكين، فقال: «ما هذا؟» قيل: نساء تمتّع بهنّ أزواجهنّ، ثمّ فارقوهنّ، فقال رسول اللّه: حرّم او هدم المتعة النكاح و الطلاق و العدّة و الميراث.

و في مجمع الزوائد: فرأى رسول اللّه مصابيح و رأى نساء يبكين‏ (77).

علّة الحديث:

في سند الحديث: مؤمّل بن إسماعيل، و هو ابو عبد الرحمن العدوي، مولاهم نزيل مكّة، مات سنة خمس اوست و مائتين، في ترجمته بتهذيب التهذيب، قال البخاري:

«منكر الحديث».

و قال غيره: دفن كتبه فكان يحدّث من حفظه فكثر خطاؤه.

و قد يجب على أهل العلم أن يقفوا عن حديثه فإنّه يروى المناكير عن ثقات شيوخه. و هذا أشدّ! فلو كانت هذه المناكير عن الضعفاء لكنّا نجعل له عذرا (78).

و في متن الحديث: إنّهم نزلوا ثنية الوداع، و ثنية الوداع- كما في معجم البلدان- ثنية مشرقة على المدينة يطأها من يريد مكة، و قال: و الصحيح إنّه اسم جاهلي، قديم، سمّي لتوديع المسافرين‏ (79).

و يؤيد ذلك أنّ رسول اللّه لما ورد المدينة في الهجرة لقيته نساء الأنصار يقلن:

طلع البدر علينا                  من ثنيات الوداع (80) .

وعلى هذا فثنيّة الوداع محلّ توديع المسافرين منذ العصر الجاهلي و سمّي بهذا الاسم قبل الإسلام و ليس بعده.

أضف إليه: أنّه ما سبب خروج نساء المتعة لتوديع أزواجهنّ دون نساء النكاح الدائم؟ و ما سبب بكائهنّ و ليس الأزواج ذاهبين إلى غير رجعة؟

و- روى البيهقي عن عليّ بن أبي طالب (رض) قال: نهى رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) عن المتعة، قال: و إنّما كانت لمن لم يجد، فلمّا أنزل النكاح و الطلاق و العدّة و الميراث بين الزوج و المرأة، نسخت‏ (81).

علّة الحديث:

في سند الحديث موسى بن ايّوب، ذكره العقيلي في الضعفاء، و قال عنه يحيى ابن معين و الساجي: منكر الحديث‏ (82).

وفي متن الحديث ينسب إلى علي أنّه قال: نهى رسول اللّه عن المتعة في حين أنّه القائل لو لا ما سبق من رأي عمر بن الخطاب لأمرت بالمتعة ثمّ ما زنى إلّا شقي.

ز- روى البيهقي عن عبد اللّه بن مسعود قال: المتعة منسوخة نسخها الطلاق و الصداق و العدّة و الميراث.

علّة الحديث:

في سند رواية منه الحجّاج بن أرطاة عن الحكم عن أصحاب عبد اللّه، و الحجّاج بن أرطاة سبق تعريفه أنّه مدلس متروك يزيد في الحديث، و لا ندري من أي واحد من أصحاب عبد اللّه روى الحكم؟! و سند الأخرى «قال بعض أصحابنا عن الحكم بن عتيبة عن عبد اللّه بن مسعود» و لم ندر من هو بعض الأصحاب هذا، و كيف روى الحكم بن عتيبة المتوفى سنة ثلاث عشرة بعد المائة او بعدها و له نيف و ستون عن عبد اللّه بن مسعود المتوفى سنة اثنتين و ثلاثين‏ (83).

و يناقض متن الحديث ما ثبت عن عبد اللّه بن مسعود انّه ثبت على تحليل المتعة بعد رسول اللّه و كان يقرأ الآية «فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل» (84).

و في متن الأحاديث ه، و، ز: إنّ النكاح و الطلاق و العدّة و الميراث حرّمت أو هدمت أو نسخت المتعة، و معنى هذا أنّ نكاح المتعة كان قد شرّع قبل تشريع النكاح الدائم و ما يتعلّق به، و أنّه كان الزواج بالمتعة إلى أنّ شرّع النكاح الدائم، و نسخت المتعة به، و يلزم من هذا القول أن تكون جميع أنكحة الرسول و الصحابة في البدء بالمتعة إلى وقت نزول حكم النكاح الدائم!! ح- في مجمع الزوائد عن زيد بن خالد الجهني، قال: كنت أنا و صاحب لي نماكس امرأة في الأجل و تماكسنا، فأتانا آت فأخبرنا أنّ رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) حرّم نكاح المتعة و حرّم أكل كلّ ذي ناب من السباع و الحمر الإنسية (85).

علّة الحديث:

في سند الحديث: قال الهيثمي: رواه الطبراني، و فيه موسى بن عبيدة الربذي و هو ضعيف‏ (86)  انتهى. و سبق قولنا في ضعفه.

في متن الحديث: يبدو أنّ مخترع هذه الرواية قد جمع بين رواية سبرة الجهني في فتح مكّة و ما روى عن يوم خيبر، و أضاف إليهما حكم تحريم أكل لحم كلّ ذي ناب، و ركّب عليهن سندا واحدا و رواهنّ في سياق واحد.

ط- في مجمع الزوائد عن الحارث بن غزيّة، قال: سمعت النبيّ ( صلى الله عليه واله ) يوم فتح مكة يقول: «متعة النساء حرام» ثلاث مرّات.

علّة الحديث:

قال الهيثمي: رواه الطبراني، و فيه إسحاق بن عبد اللّه بن أبي فروة (87). هذا ما قاله الهيثمي، و قال غيره من العلماء في ترجمته: يروي أحاديث منكرة. لا يحتجّون بحديثه. تركوه. لا تحلّ الرواية عنه. لا يكتب حديثه ... (88)  ي- في مجمع الزوائد عن كعب بن مالك، قال: نهى رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) عن متعة النساء.

قال الهيثمي: رواه الطبراني و فيه يحيى بن أنيسة (89).

و قال العلماء في ترجمته: كان ضعيفا. أصحاب الحديث لا يكتبون حديثه. إنّه كذّاب. متروك الحديث ... (90)  ك- روى البيهقي في سننه الكبرى عن عبد اللّه بن عمر قال: صعد عمر على المنبر فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال: ما بال رجال ينكحون هذه المتعة و قد نهى رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) عنها؟ ألا لا أوتي بأحد نكحها إلّا رجمته‏ (91).

علّة الحديث:

في سند الحديث: منصور بن دينار قال فيه يحيى بن معين: ضعيف الحديث، و قال النسائي: ليس بالقوي، و قال البخاري: في حديثه نظر، و ذكره العقيلى في الضعفاء (92).

إلى هنا تعرّضنا لذكر الأحاديث التي في سندها ضعف حسب تعريف علماء الرجال، و في ما يلي نتعرّض لذكر الأحاديث التي تسالموا على صحّتها لوجودها في الكتب الموسومة بالصحّة، أو ما لم يطعنوا في صحة إسنادها:

[الأحاديث التي تسالموا على صحّتها] :

الحديث الأوّل:

في صحيح مسلم، و سنن النسائي، و البيهقي، و مصنف عبد الرزاق و اللفظ للمصنف، عن ابن شهاب الزهري، عن عبد اللّه و الحسن ابني محمّد بن عليّ، عن أبيهما أنّه سمع أباه علي بن أبي طالب يقول لابن عباس: إنّك امرؤ تائه، إنّ رسول اللّه نهى عنها يوم خيبر و عن أكل لحوم الحمر الإنسيّة (93).

وردت هذه الرواية بهذا السند مع اختلاف يسير في صحيح البخاري، و سنن أبي داود، و ابن ماجة، و الترمذي، و الدارمي، و الموطّأ، و مصنّف ابن أبي شيبة، و مسند أحمد و الطيالسي و غيرها (94).

الحديث الثاني:

رووا عن أبي ذرّ أنّه قال: إنّما أحلّت لنا أصحاب رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) متعة النساء ثلاثة أيّام، ثمّ نهى عنها رسول اللّه  ( صلى الله عليه واله ) (95).

و أنّه قال: كانت المتعة لخوفنا و لحربنا (96).

الحديث الثالث:

في صحيح مسلم، و سنن الدارمي، و ابن ماجة، و ابي داود و غيرها، و اللفظ لمسلم، عن سبرة الجهني: انّه غزا مع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) فتح مكّة قال:

فأقمنا بها خمس عشرة (ثلاثين بين ليلة و يوم) فأذن لنا رسول اللّه في متعة النساء فخرجت أنا و رجل من قومي (ولي عليه فضل في الجمال، و هو قريب من الدمامة) مع كلّ واحد منّا برد؛ فبردي خلق. و أمّا برد ابن عمي فبرد جديد. غضّ. حتّى إذا كنّا بأسفل مكة، أو بأعلاها. فتلقّتنا فتاة مثل البكرة العطنطنة. فقلنا: هل لك ان يستمتع منك أحدنا؟ قالت: و ما تبذلان؟ فنشر كلّ واحد منّا برده. فجعلت تنظر إلى الرجلين.

و يراها صاحبي تنظر إلى عطفها، فقال: إن برد هذا خلق و بردي جديد غض فتقول:

برد هذا لا بأس به- ثلاث مرار أو مرّتين- ثم استمتعت منها فلم أخرج حتّى حرّمها رسول اللّه  ( صلى الله عليه واله ) (97).

و في رواية: قال رسول اللّه  ( صلى الله عليه واله ) : «يا أيّها الناس! إني كنت قد أذنت لكم في الاستمتاع من النساء و إنّ اللّه قد حرّم ذلك إلى يوم القيامة» (98).

و في رواية قال: رأيت رسول اللّه قائما بين الركن و الباب و هو يقول ... (99) و في رواية: أمرنا رسول اللّه بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكّة ثمّ لم نخرج حتّى نهانا عنها (100).

و في رواية: قد كنت استمتعت في عهد رسول اللّه امرأة من بني عامر ببردين أحمرين، ثم نهانا رسول اللّه عن المتعة (101).

و في رواية: إن رسول اللّه نهى يوم الفتح عن متعة النساء (102).

و في رواية: أن رسول اللّه نهى عن المتعة و قال: إنها حرام من يومكم هذا إلى‏ يوم القيامة ... (103) و في سنن أبي داود و البيهقي و غيرهما- و اللفظ للأوّل- عن ربيع بن سبرة. قال:

اشهد على أبي إنّه حدّث أنّ رسول اللّه نهى عنها في حجّة الوداع‏ (104).

الحديث الرابع:

في صحيح مسلم، و مصنف ابن أبي شيبة، و مسند أحمد، و غيرها و اللفظ للأوّل عن سلمة بن الأكوع، قال: رخّص رسول اللّه عام أوطاس في المتعة ثلاثا ثم نهى عنها (105). (أوطاس واد بالطائف).

علل هذه الاحاديث:

1- في حديث الإمام علي و الّذي حفلت به أمّهات كتب الحديث من صحاح و مسانيد و سنن و مصنفات و قد أخرجناه من أربعة عشر مصدرا منها، فيه نصّ على أنّ رسول اللّه حرّم في غزوة خيبر شيئين: أ- نكاح المتعة. ب- أكل لحوم الحمر الأهلية أو الإنسية، و قد انحصر سند تحريم نكاح المتعة في خيبر بهذا الحديث، بينما ورد تحريم رسول اللّه لحوم الحمر الأهلية بخيبر في روايات أخرى متعددة و ليس في أحدها أيّ ذكر أو إشارة إلى تحريم المتعة فيها، و نبحث في ما يلي كلا التحريمين:

أ- تحريم المتعة في خيبر: إنّ تحريم رسول اللّه متعة النساء في غزوة خيبر غير موافق للواقع التاريخي يوم ذاك كما صرّح به جماعة من العلماء مثل ابن القيّم في فصل بحث زمن تحريم المتعة من كتابه زاد المعاد، قال: و قصة خيبر لم يكن فيها الصحابة يتمتعون باليهوديات، و لا استاذنوا في ذلك رسول اللّه، و لا نقله أحد قطّ في هذه الغزوة، و لا كان للمتعة فيها ذكر البتة لا فعلا و لا تحريما (106).

و قال: فإنّ خيبر لم يكن فيها مسلمات، و إنّما كنّ يهوديات، و إباحة نساء أهل‏ الكتاب لم يكن ثبت بعد، إنّما أبحن بعد ذلك في سورة المائدة بقوله: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ ... وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ...} الآية (107).

وهذا كان في آخر الأمر بعد حجّة الوداع أو فيها، فلم تكن إباحة نساء أهل الكتاب ثابته زمن خيبر ... (108) و قال ابن حجر في شرح الحديث في باب غزوة خيبر: و ليس يوم خيبر ظرفا لمتعة النساء لأنّه لم يقع في غزوة خيبر تمتّع بالنساء (109).

و نقل في شرح الحديث من «باب نهى رسول اللّه عن نكاح المتعة آخرا» عن السهيلي أنّه قال: و يتّصل بهذا الحديث تنبيه على إشكال لأنّ فيه النهي عن نكاح المتعة يوم خيبر، و هذا شي‏ء لا يعرفه أحد من أهل السير و رواة الأثر (110).

ونقل ابن حجر- أيضا- قول ابن القيّم الآنف الذكر (111).

هذا ما ذكروا عن تحريم متعة النساء يوم خيبر.

ب- تحريم لحوم الحمر الأهلية بخيبر: روى ابن حجر عن ابن عبّاس أنّه استدلّ على إباحة الحمر الأهلية بقوله تعالى‏ {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا...} [الأنعام: 145] (112).

قال المؤلف: لعلّ نهي رسول اللّه عن أكل لحوم الحمر الأهلية كان خاصّا بالحمر الأهلية التي كانت في خيبر و لأحد الأسباب المذكورة في الروايات التالية:

في صحيح البخاري عن أبي أوفى، قال: أصابتنا مجاعة يوم خيبر فإنّ القدور لتغلي، قال: و بعضها نضجت فجاء منادي النبيّ  ( صلى الله عليه واله ) : لا تأكلوا من لحوم الحمر شيئا و أهريقوها قال ابن أبي أوفى، فتحدّثنا انّه إنّما نهى عنها لانّها لم تخمّس. و قال بعضهم نهى عنها البتّة لأنّها كانت تأكل العذرة (113).

و لعلّ السبب ما رواه أبو داود في كتاب الخراج من سننه، باب تعشير أهل الذمّة عن العرباض بن سارية السلمي‏ (114) قال: نزلنا خيبر و معه من معه من أصحابه، و كان صاحب خيبر رجلا ماردا منكرا، فأقبل إلى النبي ( صلى الله عليه واله ) فقال: يا محمّد! أ لكم أن تذبحوا حمرنا و تأكلوا ثمرنا و تضربوا نساءنا؟ فغضب‏- يعنى النبيّ- و قال «يا ابن عوف! اركب فرسك، ثم ناد: الا إنّ الجنّة لا تحلّ إلا لمؤمن، و أن اجتمعوا للصلاة» قال:

فاجتمعوا، ثمّ صلّى بهم النبيّ ( صلى الله عليه واله ) ثمّ قام، فقال: «أ يحسب أحدكم متّكئا على أريكته قد يظنّ اللّه لم يحرّم شيئا إلّا ما في هذا القرآن، ألا و إنّي وعظت و أمرت و نهيت عن أشياء إنّها لمثل القرآن أو أكثر، و إنّ اللّه لم يحلّ لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا باذنهم و لا ضرب نسائهم، و لا أكل اثمارهم اذا اعطوكم الذي عليهم‏ (115).

على ما روى ابن أبي أوفى تحدّث أصحاب رسول اللّه عن سبب نهي رسول اللّه عن أكل لحوم الحمر الأهلية يوم ذاك فقال بعضهم ممّن حضر الواقعة: إنّ النهي كان بسبب أنّهم لم يدفعوا خمسها و يؤيد ذلك ما ورد في الغلول من أحاديث أو أنها كانت نهبى كما ذكر ذلك في الحديث الآتي:

في سنن أبي داود عن رجل من الأنصار، قال: خرجنا مع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) في سفر فأصاب الناس حاجة شديدة و جهد، و أصابوا غنما فانتهبوها فإنّ قدورنا لتغلي إذ جاء رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) يمشي على قوسه فأكفأ قدورنا بقوسه، ثمّ جعل يرمّل اللحم بالتراب، ثمّ قال «انّ النهبة ليست بأحلّ من الميتة» (116).

و قال آخرون: إن النهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية كان بسبب أنّها كانت تأكل العذرة. و على أي فإنّ النهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية كان خاصّا بالحمر الأهلية الّتي كانت معهم في تلك الغزوة.

و كذلك الأمر بالنسبة إلى تحريم نكاح المتعة في خيبر فانّ عرباض بن سارية حدّث أنّ اليهودي المارد المنكر شكا إلى رسول اللّه و قال: أ لكم أن تذبحوا حمرنا و تأكلوا ثمرنا و تضربوا نساءنا؟ فجمعهم رسول اللّه و قال لهم: «إنّه لم يحلّ لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلّا بإذنهم، و لا ضرب نسائهم، و لا أكل ثمارهم إذا أعطوكم الذي عليهم ..» و على هذا فإنّ نهي رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) عن ضرب نساء أهل الكتاب الّذين دفعوا الجزية خاصّة، و لم يكن نهيا عن مطلق نكاح المتعة.

يبدو أنّ الأمر كان هكذا في غزوة خيبر، غير أن أحدهم ابتكر رواية رواها عن حفيدي الإمام عليّ ابني محمّد عن أبيهم محمّد عن أبيه الإمام علي أنّه قال لابن عبّاس حين رخّص في المتعة: «إنك امرؤ تائه»، و أخبره بأنّ الرسول نهى يوم خيبر عن متعة النساء و عن لحوم الحمر الأهلية؛ و نسي هذا المبتكر أنّ الإمام عليّا هو الذي كان يقول: لو لا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى إلّا شقي‏.

و البديع في الأمر أنّهم رووا هنا عن ابني محمّد عن محمّد عن الإمام عليّ رواية تحريم متعة النساء، و أنّهم ركّبوا نفس السند على روايتهم أمر الإمام بإفراد الحجّ عن العمرة، و لعلّ مبتكر الروايتين واحد.

2- و كذلك الأمر بالنسبة إلى ما رووا عن أبي ذر فإنّهم رووا عنه أنّه قال: كانت المتعة في الحجّ لأصحاب محمّد خاصّة، و قال: كانت لنا رخصة. و رووا عنه في متعة النساء أنّه قال: إنّما حلّت لنا أصحاب رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) متعة النساء ثلاثة أيّام ثمّ نهى عنها رسول اللّه  ( صلى الله عليه واله ) .

و أنّه قال: إن كانت المتعة لخوفنا و لحربنا.

و من الغريب في روايتي أبي ذرّ هنا و هناك أنّ في طريق كلتيهما إبراهيم التيمي و عبد الرحمن بن الأسود، و شأن روايتي أبي ذرّ في السند شأن روايتي الإمام.

3 و 4- أمّا رواية سبرة الجهني فالصحيح فيها ما أوردناه في أوّل الباب عن مسلم و أحمد و البيهقي: أنّ رسول اللّه أذن لهم بالمتعة و أنّه تمتع من امرأة من بني عامر بردائه و كان معها ثلاثا ثمّ أنّ رسول اللّه قال: «من كان عنده شي‏ء من هذه النساء الّتي يتمتع بها فليخلّ سبيلها». أي أنّ الرسول أمرهم بفراق النسوة اللاتي تمتعوا بهنّ استعدادا للرحيل من مكّة. ثمّ جاء «المعذّرون» للخليفة عمر فحرّفوا لفظ هذه الرواية من «ليخلّ سبيلها» إلى «أنّها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة» و ما شابهها من ألفاظ تدلّ على تأبيد الحرمة، منذ يوم فتح مكّة، و لمّا كانت هذه الرواية تناقض روايات أخرى‏ نصّت على أنّ التحريم كان قبل فتح مكّة و في يوم فتح خيبر مثلا، و روايات نصّت على أنّ التجويز و التحريم كانا بعد فتح مكّة، و بما أنّهم التزموا صحّة جميع تلك الروايات المتناقضات، اضطرّوا إلى أن يخترعوا جوابا لهذا التناقض فنسبوا إلى التشريع الإسلامي ما هو براء منه، و نسبوا تكرار النسخ في هذه الواقعة كما يأتي بيانه.

نسخ حكم المتعة مرتين أو اكثر :

عنون مسلم في صحيحه هذا الباب ب «باب نكاح المتعة و بيان أنّه أبيح ثمّ نسخ، ثمّ أبيح ثمّ نسخ و استقر حكمه إلى يوم القيامة» (117).

و قال ابن كثير في تفسيره: و قد ذهب الشافعي و طائفة من العلماء إلى أنّه أبيح ثمّ نسخ ثمّ أبيح ثمّ نسخ مرّتين‏ (118).

و قال ابن العربي كما يأتي تفصيل قوله: تداوله النسخ مرّتين ثمّ حرّم.

و أشار إلى ذلك الزمخشري في الكشّاف‏ (119).

و قال آخرون: إنّ النسخ وقع أكثر من مرّتين‏ (120).

و الحقّ معهم فإنّه إن جاز لنا أن نقول بتكرّر النسخ في حكم واحد دفعا لتناقض الأحاديث فلا بد لنا أن نقول بتكرّر النسخ على عدد الأحاديث المتناقضة. و على هذا فقد صحّ ما نقله القرطبي بعد إيراده قول ابن العربي حيث قال: و قال غيره ممّن جمع الأحاديث فيها: أنّها تقتضي التحليل و التحريم سبع مرّات، فروى ابن عمرة: أنّها كانت صدر الإسلام، و روى سلمة بن الأكوع أنّها كانت عام أوطاس، و من روايات على تحريمها يوم خيبر، و من رواية الربيع بن سبرة إباحتها يوم الفتح، و هذه الطرق كلّها في صحيح مسلم، و في غيره عن عليّ نهيه عنها في غزوة تبوك، و في سنن أبي داود عن الربيع بن سبرة النهي في حجة الوداع، و ذهب أبو داود إلى أنّ هذا أصح ما روي في ذلك، و قال عمرو عن الحسن: ما حلت قبلها و لا بعدها، و روى هنا عن سبرة أيضا.

فهذه سبعة مواطن أحلّت فيها المتعة ثمّ حرّمت ... (121) هكذا دفعهم التزامهم صحّة كلّ ما ورد في الكتب الموسومة بالصحّة إلى القول‏ بنسخ حكم المتعة في الشرع مرّات متعدّدة. و لنعم ما قاله ابن القيم في هذا الصدد حيث قال: و هذا النسخ، لا عهد بمثله في الشريعة البتة، و لا يقع مثله فيها (122).

و من السخف قول ابن العربي في هذا المقام حيث قال: أمّا هذا الباب فقد ثبت على غاية البيان و نهاية الإتقان في الناسخ و المنسوخ من الأحكام و هو من غريب الشريعة فإنّه تداوله النسخ مرّتين ... (123).

و بالإضافة إلى ما ذكرنا لست أدري كيف تصح واحدة من تلك الروايات مع ما تواتر نقله عن الخليفة عمر (124)  أنه قال: متعتان كانتا على عهد رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) أنا أنهى عنهما، متعة النساء و متعة الحجّ و في لفظ: و أحرّمهما.

كيف تصحّ واحدة من تلك الروايات و قد صحّ عن جابر أنّه قال: استمتعنا على عهد رسول اللّه و أبي بكر و عمر، و في رواية: حتى إذا كان في آخر خلافة عمر، و في رواية كنّا نستمتع بالقبضة من التمر و الدقيق الأيّام على عهد رسول اللّه و أبي بكر حتّى نهى عنه في شأن عمرو بن حريث‏ (125).

كيف تصحّ واحدة من تلك الأحاديث و لم يسمع بها الخليفة عمر و لا أحد من الصحابة و لا التابعين حتّى عصر ابن الزبير، و لا كان عند أحد من المسلمين علم بإحدى تلك الروايات في كلّ تلك العصور و إلّا لأسعفوا بها الخليفة عمر فاستشهد بها، و أسعفوا بها عصبة الخلافة حتى عهد ابن الزبير فاستشهدوا بها، في حين أنّ المعارضين أمثال ابن عبّاس و جابر و ابن مسعود و غيرهم كانوا يجبهونهم بسنّة الرسول، و يستشهد بعضهم الآخر على ذلك فيسألون أسماء أمّ ابن الزبير و يقول عليّ و ابن عبّاس لو لا نهي عمر لما زنى إلّا شقي، و في كل تلك الموارد لم يقل أحد بأن الرسول ( صلى الله عليه واله ) نهى عن متعة النساء.

أجل، إن تلكم الأحاديث وضعت احتسابا للخير، و تأييدا لموقف ثاني خلفاء المسلمين، و دفعا للقالة عنه، كما وضعت أحاديث الأمر بإفراد الحج و النهي عن العمرة احتسابا للخير و دفعا للقالة عنه، و هذا مثل ما وضعوا في فضائل سور القرآن احتسابا للخير كما في تقريب النواوي‏ (126):

و الواضعون أقسام أعظمهم ضررا قوم ينسبون إلى الزهد وضعوه حسبة في زعمهم، فقبلت موضوعاتهم ثقة بهم.

و في شرحه: و من أمثلة ما وضع حسبة ما رواه الحاكم بسنده إلى أبي عمّار المروزي أنّه قيل لأبي عصمة نوح بن أبي مريم: من أين لك عن عكرمة عن ابن عبّاس في فضائل القرآن سورة سورة، و ليس عند أصحاب عكرمة هذا؟ فقال: إني رأيت النّاس قد أعرضوا عن القرآن و اشتغلوا بفقه أبي حنيفة و مغازي ابن إسحاق فوضعت هذا الحديث حسبة! قال الزركشي بعد إيراد هذا الخبر: ثمّ قد جرت عادة المفسّرين ممّن ذكر الفضائل أن يذكرها في أوّل كلّ سورة لما فيها من الترغيب و الحثّ على حفظها إلّا الزمخشري فإنّه يذكرها في أواخرها (127).

و نوح بن أبي مريم هو أبو عصمة القرشي- مولاهم- المروزى كان قاضي مرو، يعرف بنوح الجامع لأنّه اخذ الفقه عن أبي حنيفة و ابن أبي ليلى و الحديث عن حجّاج بن أرطاة و طبقته، و المغازي عن ابن إسحاق، و التفسير عن الكلبي و مقاتل، و كان عالما بأمور الدنيا، فسمّي الجامع، و كان شديدا على الجهميّة و الردّ عليهم. قال الحاكم:

أبو عصمة مقدّم في علومه. لقد كان جامعا رزق كلّ شي‏ء إلّا الصدق ...، وأخرج حديثه الترمذي في سننه و ابن ماجة في التفسير (128).

و في تدريب الراوي و ميزان الاعتدال، و لسانه، و اللفظ للأوّل، عن ابن مهدي قال: قلت لميسرة بن عبد ربّه: من أين جئت بهذه الأحاديث: من قرأ كذا فله كذا؟

قال: وضعتها أرغّب الناس.

و في تدريب الراوي: و كان غلاما جليلا يتزهّد و يهجر شهوات الدنيا و غلقت أسواق بغداد لموته و مع ذلك كان يضع الحديث.

وفيه أيضا: تنبيهات :

الأوّل: من الباطل أيضا في فضائل القرآن سورة سورة حديث ابن عبّاس وضعه ميسرة كما تقدم، و حديث أبي أمامة الباهلي أورده الديلمي من طريق سلام بن سليم المدني.

و في لسان الميزان: وضع في فضل قزوين أربعين حديثا و كان يقول: إنّي احتسب في ذلك‏ (129).

و في تقريب النواوي: و من الموضوع؛ الحديث المرويّ عن أبيّ بن كعب في فضل القرآن سورة، سورة ...

و في شرحه ذكر تفصيلا إنّ الراوي بحث عن أصل الرواية فأحاله شيخ إلى شيخ، من المدائن إلى واسط فالبصرة فعبّادان، و هناك سأل الشيخ الأخير عمّن حدّثه الحديث، فقال: لم يحدّثني أحد و لكنّا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن! ثم قال السيوطي: لم أقف على تسمية هذا الشيخ إلّا أنّ ابن الجوزيّ أورده في الموضوعات عن طريق بزيع بن حسّان بسنده إلى أبيّ، و قال: الآفة فيه من بزيع، ثمّ أورده من طريق مخلّد بن عبد الواحد و قال: الآفة فيه من مخلّد، فكأنّ أحدهما وضعه و الآخر سرقه أو كلاهما سرقه من ذلك الشيخ الواضع، و قد أخطأ من ذكره من المفسّرين في تفسيره كالثعلبيّ و الواحدي و الزمخشري و البيضاوي‏ (130).

و في تدريب الراوي: و كان أبو داود النخعي أطول الناس قياما بليل و أكثرهم صياما بنهار و كان يضع.

قال ابن حبّان: و كان أبو بشر أحمد بن محمّد الفقيه المروزي من أصلب أهل زمانه في السنّة و أذبّهم عنها و أقمعهم لمن خالفها، و كان يضع الحديث.

و قال ابن عدي: كان وهب بن حفص من الصالحين مكث عشرين سنة لا يكلّم أحدا، و كان يكذب كذبا فاحشا (131).

هؤلاء المعروفون بالصلاح و العبادة و ترك الدنيا، وضعوا الأحاديث في فضائل‏ سور القرآن و فضائل بلاد الثغور، و اعترفوا ببعض ما وضعوا، و مع ذلك انتشرت في كتب التفسير و غيرها، و نرى أيضا أنّ الأحاديث التي وضعت تأييدا للخليفة عمر في نهيه عن المتعتين من هذا القبيل و خاصّة ما روي في نهي الرسول عن متعة النساء نراها وضعت بعد عهد ابن الزبير و قبل عصر التدوين أي في أخريات القرن الأوّل و أوائل القرن الثاني و تسابق في تبرير فعل الخليفة الثاني، الصلحاء:

فوضع أحدهم حديثا في أنّ الرسول نهى عن متعة النساء في غزوة خيبر و روى آخر أنّه أباحها و حرّمها في عمرة القضية، و روى ثالث أنّ ذلك كان في فتح مكّة، و رابع رواها في أوطاس، و خامس في تبوك، و سادس في حجة الوداع‏ (132).

وهكذا، كل واحد أراد أن يقول أنّ الإباحة و التحريم وقعا معا في مكان و زمان خاص و على عهد رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و لهذا حرّمها الخليفة. و هكذا تناقضت الأحاديث، فبحث العلماء عن مخرج لهذا التناقض فلم يروا عذرا إلّا في ما فيه انتقاص للشرع الإسلامي فتقوّلوه و تمسّكوا به و إن كان فيه افتراء على الشرع، فقالوا: إن هذا الحكم أبيح مرّتين، و نسخ مرّتين و قالوا أبيح و نسخ أكثر من ذلك إلى سبع مرّات، لم يكترثوا لتوهين الإسلام ما دام في ذلك المحافظة على القول بصحّة الأحاديث التي التزموا بصحّتها، و قد انتفع علماء مدرسة الخلفاء بتلكم الأحاديث في تأييد تحريم نكاح المتعة، مثل ما وقع ليحيى بن أكثم‏ (133) و المأمون في أوائل القرن الثالث الهجري كما رواه ابن خلكان عن محمّد بن منصور.

قال: كنا مع المأمون في طريق الشام. فأمر فنودي بتحليل المتعة، فقال يحيى ابن أكثم لي و لأبي العيناء: بكّرا غدا إليه، فإن رأيتما للقول وجها فقولا، و إلّا فاسكتا إلى أن أدخل، قال: فدخلنا عليه و هو يستاك و يقول و هو مغتاظ: متعتان كانتا على عهد رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و على عهد أبي بكر (رض) و أنا أنهى عنهما! و من أنت يا جعل‏ حتى تنهى عما فعله رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و أبو بكر (رض)؟ فأومأ أبو العيناء إلى محمّد بن منصور و قال: رجل يقول في عمر بن الخطاب ما يقول نكلمه نحن! فأمسكنا، فجاء يحيى بن أكثم فجلس و جلسنا، فقال المأمون ليحيى: ما لي أراك متغيرا؟ فقال: هو غمّ يا أمير المؤمنين لما حدث في الإسلام، قال: و ما حدث فيه؟ قال: النداء بتحليل الزنا، قال: الزنا؟ قال: نعم، المتعة زنا، قال: و من أين قلت هذا؟ قال: من كتاب اللّه عز و جل، و حديث رسول اللّه  ( صلى الله عليه واله ) ، قال اللّه تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } [المؤمنون: 1] إلى قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 5 - 7] يا أمير المؤمنين زوجة المتعة ملك يمين؟ قال:

لا، قال: فهي الزوجة التي عند اللّه ترث و تورث و تلحق الولد و لها شرائطها؟ قال: لا، قال: فقد صار متجاوز هذين من العادين.

و هذا الزهري يا أمير المؤمنين روى عن عبد اللّه و الحسن ابني محمّد بن الحنفية عن أبيهما عن علي بن أبي طالب (رض) قال: أمرني رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) أن أنادي بالنهي عن المتعة و تحريمها بعد أن كان قد أمر بها، فالتفت إلينا المأمون فقال: أ محفوظ هذا من حديث الزهري؟ فقلنا: نعم يا أمير المؤمنين، رواه جماعة منهم مالك (رض)، فقال:

أستغفر اللّه، نادوا بتحريم المتعة، فنادوا بها.

قال أبو إسحاق إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدي القاضي الفقيه المالكى البصري، و قد ذكر يحيى بن أكثم، فعظّم أمره و قال: كان له يوم في الإسلام لم يكن لأحد مثله، و ذكر هذا اليوم‏ (134).

كان علماء مدرسة الخلفاء يحتجّون بالأحاديث التي مرّت علينا إذا ما نوظروا، و إذا ما ثبت قول عمر «متعتان كانتا على عهد رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و أنا أنهى عنهما و أعاقب عليهما» قالوا اجتهد الخليفة، إذا فقد قال اللّه و قال رسوله و اجتهد الخليفة (135)!!!

خلاصة البحث:

تواتر عن الخليفة عمر قوله: متعتان كانتا على عهد رسول اللّه و أنا أنهى عنهما و أعاقب عليهما. و سبق البحث في متعة الحجّ أمّا متعة النساء فتعريفها في مدرسة الخلفاء أن يتزوج الرجل المرأة بشاهدين و إذن الوليّ إلى أجل مسمّى، و يعطيها ما اتفقا عليه فإذا انقضت المدّة فليس عليها سبيل، و تستبرئ رحمها لأنّ الولد لا حقّ فيه بلا شكّ، فإن لم تحمل حلّت لغيره، و عدّتها حيضة واحدة و لا يتوارثان، و إذا انقضى الأجل فبدا لهما أن يتعاودا فليمهرها مهرا آخر.

و تعريفها في مدرسة أهل البيت: أن تزوج المرأة نفسها أو يزوّجها وكيلها أو- وليها إن كانت صغيرة- لرجل تحلّ له و لا يكون هناك مانع شرعا من نسب أو سبب أو رضاع أو عدّة أو إحصان، بمهر معلوم إلى أجل مسمّى، و تبين عنه بانقضاء الأجل أو أن يهب الرجل ما بقى من المدّة، و تعتدّ المرأة بعد المباينة مع الدخول و عدم بلوغها سنّ اليأس بقر أين إذا كانت ممّن تحيض و إلّا فبخمسة و أربعين يوما، و إن لم يمسسها فهي كالمطلّقة قبل الدخول لا عدّة عليها، و شأن المولود في الزواج الموقّت شأن المولود من الزواج الدائم.

نكاح المتعة في كتاب اللّه:

قال اللّه سبحانه: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ...} النساء/ 24.

كانت في مصحف ابن عبّاس «فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمّى» و قرأها كذلك ابيّ بن كعب و ابن عباس و سعيد بن جبير و السدّي، و رواها قتادة و مجاهد.

نكاح المتعة في السنّة:

عن عبد اللّه بن مسعود، قال: رخّص رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل، ثمّ قرأ عبد اللّه: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَ لا تَعْتَدُوا ...} المائدة/ 87.

و عن جابر و سلمة بن الأكوع قالا: خرج علينا منادي رسول اللّه، فقال: إنّ رسول اللّه قد أذن لكم أن تستمتعوا، يعني متعة النساء.

و عن سبرة الجهني قال: أذن لنا رسول اللّه بالمتعة، فانطلقت أنا و رجل إلى امرأة من بني عامر فعرضنا عليها أنفسنا فقالت ما تعطي فقلت ردائي ... قالت أنت و رداؤك‏ يكفيني، فمكثت معها ثلاثا ثمّ إنّ رسول اللّه قال: من كان عنده شي‏ء من هذه النساء التي يتمتع بها فليخلّ سبيلها.

و عن أبي سعيد الخدري، قال: كنّا نتمتع على عهد رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) بالثوب.

و عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: فعلناها على عهد النبي  ( صلى الله عليه واله ) .

و عن جابر، قال: كنّا نستمتع بالقبضة من التمر و الدقيق الأيام، على عهد رسول اللّه و أبي بكر و عمر، حتى إذا كان في آخر خلافة عمر استمتع عمرو بن حريث بامرأة فحملت المرأة فبلغ ذلك عمر فنهى عنها.

و في رواية: استمتع عمرو بن حوشب بجارية بكر من بني عامر بن لؤي فحملت فقال عمر: ما بال رجال يعملون بالمتعة و لا يشهدون عدولا؟ ما تمتع رجل و لم يبيّنها إلّا حددته فتلقاه الناس منه.

و في رواية: تزوج ربيعة بن أميّة بن خلف مولدة بشهادة امرأتين فحملت فصعد عمر المنبر و قال لو كنت تقدمت في هذا لرجمت.

و في رواية: إن سلمة بن أميّة استمتع من مولاة حكيم بن أميّة فولدت فجحد الولد فنهى عمر عن المتعة و قال: لو اتيت برجل تمتّع بامرأة لرجمته إن كان أحصن، فإن لم يكن أحصن ضربته.

و بعد نهي عمر أصبح نكاح المتعة محرّما في المجتمع الإسلامي، و بقي الخليفة عمر مصرّا على تحريمه، روى عمران بن سوادة أنّه قال للخليفة: نصيحة، فقال: مرحبا بالناصح هات:

فقال عابت أمتك منك انّك حرّمت العمرة في أشهر الحج و لم يفعل ذلك رسول اللّه و لا أبو بكر و هي حلال.

فقال: إنّهم لو اعتمروا في أشهر الحجّ لرأوها مجزية و بقيت مكّة خالية منهم، و قد أصبت.

قال: ذكروا إنّك حرّمت متعة النساء و قد كانت رخصة من اللّه نستمتع بقبضة و نفارق عن ثلاث.

قال: إنّ رسول اللّه أحلّها في زمان ضرورة ثم رجع الناس إلى سعة، و الآن من شاء نكح بقبضة و فارق عن ثلاث بطلاق.

قال المؤلف: هل يسوغ تحريم ما أحلّ اللّه من متعة الحج بسبب أنّ ذلك يؤدي‏ إلى فراغ مكّة من المعتمرين بقيّة السنة؟! و في متعة النساء، هل كان السفر خاصّا بعصر الرسول حيث تمتعوا في السفر بإذن الرسول؟ و ما ذا يفعل المسافر الذي يطول سفره شهورا و سنين في سائر العصور؟

و كذلك الإنسان الّذي لا يستطيع الزواج الدائم في وطنه، هل يتنكر لغريزته، أم يخون المجتمع سرّا أو يسمح المجتمع له بالزنا علنا كما هو الحال في المجتمعات المعاصرة؟ أمّا ما ذكره الخليفة: أن ينكح بقبضة و يفارق عن ثلاث بطلاق، فإذا كان ذلك باتّفاق و نية مسبقة من الزوجين فهو نكاح المتعة بعينه، و إذا يخفى الزوج نيّة الفراق في نفسه فهو غدر و خيانة للمرأة و لا يقرهما الإسلام.

و هذه المحاورة من الخليفة و سائر أحاديثه في شأن المتعة و كذلك أحاديث الصحابة عن رسول اللّه و أخبارهم عن تمتعهم زمن النبي و أبي بكر و خلافة عمر، كل ذلك يثبت إن الروايات التي رويت عن رسول اللّه في تحريم المتعة قد وضعت بعد عصر عمر و إلّا لاستشهد بها هو و لما قال الصحابة أنّ التحريم صدر في آخر خلافته و من ثمّ قال عليّ و ابن عباس لو لا نهي عمر ما زنى إلّا شقيّ.

و قد بقي على تحليلها بعد رسول اللّه من الصحابة على و ابن مسعود، و ابن عباس و أسماء، و أبو سعيد الخدري و جابر، و سلمة و معبد ابنا أميّة، و معاوية بن أبي سفيان و عمران بن الحصين.

و من التابعين: طاوس و عطاء، و سعيد بن جبير و سائر فقهاء مكّة و أهل اليمن كلهم.

أمّا من تابع عمر في تحريمها فقد اعتمد قسم منهم على الروايات الموضوعة على رسول اللّه، و قال آخرون: إن الخليفة اجتهد في ذلك، و اتّخذوا اجتهاد الخليفة دينا.

أوردنا في ما سبق أمثلة من استناد الخلفاء إلى آرائهم في ما أفتوه في الأحكام الإسلامية و دانوا بها و وجدنا أتباعهم يسمّون ذلك منهم بالاجتهاد، و من تتبع سيرتهم و فقههم وجد ذلك طابعهم المميز لمدرستهم عن مدرسة أئمة أهل البيت فإن أئمة أهل البيت خالفوهم في ذلك، كما سنراه في البحوث الآتية، إن شاء اللّه تعالى.

و ندرس في ما يأتي ما استنبطوه من عمل الصحابة، و كيف أصبح الاجتهاد بعد ذلك من مصادر الشريعة الإسلامية.

كيف وجد التناقض في ما روي عن رسول اللّه  ( صلى الله عليه واله ) ؟

و أخيرا نقول: إنّا وجدنا تناقضا في ما روي عن رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) في عمرة التمتع فبينا نجد في روايات أنّ رسول اللّه أفرد الحجّ و نهى عن الجمع بين العمرة و الحجّ معا، نجد في روايات أخرى رويت عنه  ( صلى الله عليه واله ) ، أنّه أمر بالتّمتّع بالعمرة إلى الحجّ في حجّة الوداع، و فعل ذلك جميع من حضر حجّة الوداع، فكيف وقع هذا التناقض في حديث الرسول؟

و الجواب: إنّ الأحاديث التي رويت عن رسول اللّه أنّه أمر بإفراد الحجّ و نهى عن عمرة التّمتّع إنّما وضعت تأييدا لموقف الخلفاء و أمرهم بإفراد الحجّ و نهيهم عن عمرة التمتع.

و بناء على هذا فكلّما رأينا حديثين متناقضين تعيّن علينا أن نترك منهما ما وجدناه موافقا لرأي السلطة الحاكمة (136) .

____________________

(1) أوردنا في أول بحث متعة الحج بعض مصادر هذا الخبر و نضيف إليها هنا ما يلي:

تفسير القرطبي 2/ 388، و تفسير الفخر الرازي 2/ 167 و 3/ 201 و 202، و كنز العمال 8/ 293 و 294، و البيان و التبيين للجاحظ 2/ 223.

(2) تفسير القرطبي 5/ 132.

(3) صحيح البخاري 3/ 164 باب نهى رسول اللّه عن نكاح المتعة أخيرا.

(4) المصنف لعبد الرزاق 7/ 499 باب المتعة.

(5) تفسير القرطبي 5/ 132، و النيسابوري 5/ 17.

(6) تفسير الطبري 5/ 9 ..

(7) تفسير الكشاف 1/ 519.

(8) راجع أحكام نكاح المتعة في الفقه الإمامي مثل: شرح اللمعة الدمشقية و شرايع الإسلام و غيرهما.

(9) المصنف 7/ 497 و 498 باب المتعة، تأليف عبد الرزاق بن همام الصنعاني مولى حمير،( 126- 211 ه) ط. 1390- 1392 ه من منشورات المجمع العلمي ببيروت- أخرج حديثه أصحاب الصحاح الستة راجع ترجمته في الجمع بين رجال الصحيحين و تقريب التهذيب. و راجع بداية المجتهد لابن رشد 2/ 63.

(10) في تفسير الآية بتفسير الطبري 5/ 9.

(11) أحكام القرآن 2/ 147.

(12) سنن البيهقي 7/ 205.

(13) شرح النووي على صحيح مسلم 9/ 179.

(14) الكشاف للزمخشري 1/ 519.

(15) تفسير القرطبي 5/ 130.

(16) تفسير ابن كثير 1/ 474.

(17) الدر المنثور للسيوطي 2/ 140- 141، و ما ورد عن عطاء في المصنف لعبد الرزاق 7/ 497، و راجع بداية المجتهد لابن رشد 2/ 63.

(18) مثل القاضي أبي بكر الاندلسي( ت 542 ه) في أحكام القرآن 1/ 162 والبغوي الشافعي( ت 510 أو 516 ه) في تفسيره بهامش الخازن 1/ 423، والآلوسي ( ت 1270 ه) في 5/ 5 من تفسيره.

(19) صحيح مسلم، كتاب النكاح ح 1404 ص 1022 بأسانيد متعددة، و في صحيح البخاري 3/ 85 بتفسير سورة المائدة، باب قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} ، و في كتاب النكاح منه 3/ 159 باب ما يكره من التبتل، باختلاف يسير في اللفظ، و في مصنف عبد الرزاق 7/ 506 مع إضافة إلى آخر الحديث، و في مصنف ابن أبي شيبة 4/ 294، و في مسند أحمد 1/ 420، و قال بهامشه« و كان ابن مسعود يأخذ بهذا و يرى أنّ نكاح المتعة حلال، و في 432 منه باختصار، و في سنن البيهقي 7/ 200 و 201 و 201 و علق على الحديث، و في تفسير ابن كثير 2/ 87.

(20) صحيح مسلم ص 1022 ح 1405، و في البخاري 3/ 164 باب نهي رسول اللّه عن نكاح المتعة آخرا و لفظه: كنا في جيش فأتانا رسول رسول اللّه ...، و كذلك لفظ أحمد في مسنده ج 4/ 51 و في 47 منه باختصار، و في المصنف لعبد الرزاق 7/ 498 باختلاف يسير.

(21) صحيح مسلم، كتاب النكاح، ح 1406 ص 1024، و سنن البيهقي 7/ 202 و 203، و مسند أحمد 3/ 405 و بعده قال: ففارقتها. و البكرة الفتية من الإبل أي الشابة القوية، و العيطاء الطويلة العنق في اعتدال و حسن قوام.

( 22) الطيالسي، ح 1637.

( 23) مسند أحمد ج 3/ 22، و في مجمع الزوائد 4/ 264 رواه أحمد و البزار.

( 24) المصنف لعبد الرزاق 7/ 458.

( 25) صحيح مسلم، كتاب النكاح، ح 1405 ص 1023، و بشرح النووي 9/ 183، و مسند أحمد 3/ 380 و رجال أحمد رجال الصحيح، و أبو داود في باب الصداق: تمتعنا على عهد رسول اللّه و أبي بكر و نصفا من خلافة عمر ثم نهى عنها عمر، و راجع عمدة القاري للعيني 8/ 310.

( 26) بداية المجتهد لابن رشد 2/ 63.

( 27) صحيح مسلم، باب نكاح المتعة، ح 1405 ص 1023، و بشرح النووي 9/ 183. و المصنف لعبد الرزاق 7/ 500، و في لفظه« أيام عهد النبي»، و سنن البيهقي 7/ 237 باب ما يجوز أن يكون مهرا، و مسند أحمد 3/ 304، و في لفظه حتى نهانا عمر اخيرا ...، و أورده موجزا صاحب تهذيب التهذيب بترجمة موسى بن مسلم 10/ 371، و فتح الباري 11/ 76، و زاد المعاد لابن القيم 1/ 205، و راجع كنز العمال 8/ 293.

( 28) المصنف لعبد الرزاق 7/ 496- 497 باب المتعة.

( 29) المصنّف لعبد الرزاق 7/ 500، و فتح الباري 11/ 76 و في لفظه: فسأله فاعترف قال: فذلك حين.

( 30) المصنّف لعبد الرزاق 7/ 500- 501 و أرى عمرو بن حوشب تحريفا و الصواب عمرو بن حريث.

و كذلك سقط من الكلام بعد لا يشهدون: عدولا.

( 31) لعل الصواب« بتوا».

( 32) كنز العمال 8/ 294 ط. دائرة المعارف حيدرآباد دكن سنة 1312. و ط الثانية 22/ 95.

( 33) صنفة ردائه، صنفة الإزار بكسر النون: طرفه- نهاية اللغة.

( 34) المصنف لعبد الرزاق 7/ 503، و راجع مسند الشافعي ص 132، و ترجمة ربيعة بن اميّة من الإصابة 1/ 514.

( 35) موطأ مالك ص 542 ح 42 باب نكاح المتعة، و سنن البيهقي 7/ 206 و في لفظه: لرجمته، و راجع كتاب الأمّ للشافعي 7/ 219، و تفسير السيوطي 2/ 141.

( 36) ترجمة سلمى غير منسوبة من الإصابة ج 4/ 324 و ترجمة سلمة من الإصابة ج 2/ 61.

( 37) المصنف لعبد الرزاق 7/ 499.

( 38) المصنف لابن أبي شيبه 4/ 293.

( 39) الطبري ج 5/ 32 في باب شي‏ء من سيره مما لم يمض ذكرها من حوادث سنة 23 و القائبة: البيضة التي تنفلق عن فرخها و الفرخ قوب، ضرب هذا مثلا لخلو مكّة من المعتمرين في باقي السنة، و قرع حجهم، أي خلت أيام الحج من الناس. نهاية اللغة، مادة قوب.

( 40) المصنف لعبد الرزاق 7/ 496- 497 باب المتعة.

( 41) المصنف لعبد الرزاق 7/ 499 باب المتعة.

( 42) المصنف لعبد الرزاق 7/ 496 باب المتعة.

( 43) المصنف لعبد الرزاق 7/ 500. اللفظ في كتب التفسير و الحديث( إلّا شقيّ) و في مادة شقى من نهاية اللغة( إلّا شفىّ) أي إلّا قليل من الناس من قولهم: غابت الشمس إلّا شفي أي: إلّا قليلا من ضوئها عند غروبها).

( 44) تفسير الطبري 5/ 17 و النيشابوري 5/ 17، و الفخر الرازي في تفسير الآية بتفسيره الكبير 3/ 200، و تفسير ابي حيان 3/ 218، و الدر المنثور للسيوطي 2/ 40.

( 45) تفسير القرطبي 5/ 130.

( 46) أحكام القرآن للجصاص 2/ 147، و تفسير السيوطي للآية ج 2/ 141، و بداية المجتهد 2/ 63، و نهاية اللغة لابن الأثير 2/ 229، و لسان العرب 14/ 66، و تاج العروس 10/ 200، و راجع: الفائق للزمخشري 1/ 331، و راجع تفسير الطبري و الثعلبي و الرازي و أبي حيّان و النيسابوري و كنز العمال.

( 47) المحلى لابن حزم 9/ 519- 520 المسألة 1854، و يذكر رأي ابن مسعود النووي في شرح مسلم 11/ 186.

( 48) القرطبي 5/ 133.

( 49) المغني لابن قدامة 7/ 571.

( 50) مصنف ابن أبي شيبة 4/ 293 في نكاح المتعة و حرمتها.

( 51) صحيح مسلم، باب نكاح المتعة ص 1026 ح 27، و سنن البيهقي 7/ 205، و محاججة أبي عمرة الأنصاري وردت في مصنف عبد الرزاق 7/ 502.

وعن سعيد بن جبير قال: سمعت عبد اللّه بن الزبير يخطب و هو يعرّض بابن عباس يعتب عليه قوله في المتعة فقال ابن عباس يسأل أمه أن كان صادقا. فسألها فقالت: صدق ابن عباس قد كان ذلك، فقال ابن عباس لو شئت سميت رجالا من قريش ولدوا فيها، يعني المتعة. الطحاوي في باب نكاح المتعة من شرح معاني الآثار.

( 52) صحيح مسلم، باب نكاح المتعة ح 1405 ص 1023، و مسند احمد 1/ 52 باختلاف في اللفظ، و ج 3/ 325 و 356، و في 363 منه باختصار، و سنن البيهقي 7/ 206، و راجع كتاب مناسك الحج من شرح معاني الآثار ص 401، و كنز العمال 8/ 293 و 294.

( 53) صحيح مسلم، باب في المتعة بالحج ص 885 ح 145، و مسند الطيالسي ح 1792 ص 247 و اللفظ له، و احكام القرآن للجصاص 2/ 178، و تفسير السيوطي 1/ 216، و راجع الكنز 8/ 294، و تفسير الرازي 3/ 26.

( 54) سنن البيهقي 7/ 206.

( 55) المصنف لعبد الرزاق 7/ 498 باب المتعة، و رجل من جمح هو سلمة بن أمية، و في لفظه صفوان تحريف و الصواب ابن صفوان كما ورد في الرواية الثانية فان صفوان كان قد توفي بمكة و سوى عليه التراب فوردها نعي عثمان و ابن صفوان أراه عبد اللّه الأكبر الذي قتل مع ابن الزبير. راجع جمهرة أنساب ابن حزم ص 159- 160 و إنما قلنا: هو ابن صفوان و ليس بصفوان لأنّ مناقشات ابن عباس في شأن المتعتين كانت على عهد ابن الزبير و كان يوم ذاك قد توفي صفوان.

( 56) المصنف لعبد الرزاق 7/ 499.

( 57) المصنف لعبد الرزاق 7/ 499.

( 58) جمهرة أنساب العرب لابن حزم 2/ 159- 160. و في ط أخرى: ص 150.

( 59) مسند أحمد 2/ 95، الحديث 5694، و 2/ 104 الحديث 5808 و اخترت لفظ الأخير، و أورده في مجمع الزوائد 7/ 332- 333، و أيضا في مجمع الزوائد 4/ 265، و عن ابن عمر أنه سئل عن المتعة فقال: حرام. فقيل إن ابن عباس لا يرى بها بأسا فقال: و اللّه لقد علم ابن عباس أنّ رسول اللّه نهى عنها يوم خيبر و ما كنّا مسافحين.

قال: رواه الطبراني و فيه منصور بن دينار و هو ضعيف. قال المؤلف: يبدو أنه حرف حديث ابن عمر.

( 60) المصنف لعبد الرزاق 7/ 502.

( 61) مصنف ابن أبي شيبة 4/ 293، و تفسير السيوطي 2/ 140.

( 62) سنن البيهقي 7/ 206.

( 63) سنن البيهقي 7/ 205.

( 64) المصنف لعبد الرزاق 7/ 503.

( 65) سنن البيهقي 7/ 205.

( 66) المغني لابن قدامة 7/ 573.

( 67) مثل البيهقي في سننه 7/ 205.

( 68) المصنف لعبد الرزاق 7/ 496.

( 69) القرطبي 5/ 133.

( 70) المغني لابن قدامة 7/ 571.

( 71) مجمع الزوائد 4/ 265.

( 72) تهذيب التهذيب 2/ 196- 198.

( 73) الترمذي 5/ 50 باب نكاح المتعة، و سنن البيهقي 7/ 205- 206.

( 74) تهذيب التهذيب 10/ 356- 360.

( 75) مجمع الزوائد 4/ 264، و فتح الباري 11/ 34.

( 76) نقلنا قول أحمد و مسلم عن ترجمة صدقة من تهذيب التهذيب 4/ 416.

( 77) سنن البيهقي 7/ 207، و مجمع الزوائد 4/ 264، و فتح الباري 11/ 73.

( 78) تهذيب التهذيب 10/ 380- 381.

( 79) بمادة ثنية الوداع من معجم البلدان.

( 80) بمادة« ثنيّة الوداع من الروض المعطار للحميري».

( 81) سنن البيهقي 7/ 207.

( 82) بترجمة موسى بن أيوب من تهذيب التهذيب 1/ 336.

( 83) راجع ترجمة الحكم و ابن مسعود في تقريب التهذيب ج 1/ 192 و 459.

( 84) راجع فصل من بقي على القول بتحليل المتعة بعد تحريم عمر.

( 85) بمجمع الزوائد 4/ 266.

( 86) بمجمع الزوائد 4/ 266.

( 87) الحديث و تعريف الراوي بمجمع الزوائد 4/ 266.

( 88) بترجمة اسحاق من تهذيب التهذيب 1/ 240.

( 89) الحديث و اسم الراوي بمجمع الزوائد 4/ 266.

( 90) بترجمة يحيى من تهذيب التهذيب 11/ 183- 184.

( 91) سنن البيهقي 7/ 206.

( 92) ترجمة منصور بن دينار في الجرح و التعديل للرازي( 4/ ق 1/ 171) و ميزان الاعتدال 6/ 184، و لسان الميزان 4/ 95.

( 93) صحيح مسلم، باب نكاح المتعة من كتاب النكاح ص 1028، ح 31، 32 و سنن النسائي باب تحريم المتعة، و سنن البيهقي 7/ 201، و مصنف عبد الرزاق 7/ 501، و مجمع الزوائد 4/ 265.

( 94) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر 3/ 36، 3/ 164 باب، نهى رسول اللّه عن نكاح المتعة أخيرا و باب، لحوم الحمر الإنسية 3/ 208، و 4/ 153 باب الحيلة في النكاح. و سنن أبي داود 2/ 90 باب تحريم المتعة و فيه قال ابن المثنى:« يوم حنين»، و سنن ابن ماجة ص 63 ح 1961، و سنن الترمذي 5/ 48- 49 و الموطأ ص 542 ح 41 من باب نكاح المتعة. و مصنف ابن أبي شببة 4/ 292، و سنن الدارمي 2/ 140 باب النهي عن متعة النساء، و مسند الطيالسي ح 111، و مسند أحمد 1/ 79 و 130 و 142 و الأبواب المذكورة في فتح الباري.

( 95) سنن البيهقي 7/ 207.

( 96) سنن البيهقي 7/ 207.

( 97) صحيح مسلم، باب نكاح المتعة من كتاب النكاح ص 1024، و مجمع الزوائد 4/ 264، و سنن البيهقي 7/ 202، و العطنطنة كالعيطاء: الطويلة العنق في اعتدال و حسن قوام.

( 98) صحيح مسلم، كتاب نكاح المتعة ص 1025، و سنن الدارمي 2/ 140، و سنن ابن ماجة ص 631 ح 1962 مع اختلاف في لفظ الحديث في طبقات ابن سعد 4/ 348 نزل آخر عمره ذا المروة، و توفي في خلافة معاوية.

( 99) صحيح مسلم، كتاب النكاح باب المتعة ص 1025، و مصنف ابن أبي شيبة 4/ 292.

( 100) صحيح مسلم، كتاب النكاح باب المتعة ص 1025، و سنن البيهقي 7/ 202 و 204.

( 101) صحيح مسلم، كتاب النكاح باب المتعة ص 1027، و سنن البيهقي 7/ 205، و قريب منه في صحيح مسلم ص 1026.

( 102) صحيح مسلم، كتاب النكاح باب المتعة ص 1028، و مصنف ابن أبي شيبة 4/ 292.

( 103) صحيح مسلم، كتاب النكاح باب المتعة ص 2027 و أكثر تفصيلا منه في المصنف لعبد الرزاق 7/ 506، و سنن البيهقي 7/ 203.

( 104) سنن أبي داود 2/ 227 باب في نكاح المتعة و سنن البيهقي 7/ 204 و 205، و طبقات ابن سعد 4/ 348.

( 105) صحيح مسلم. كتاب النكاح باب المتعة ص 1023 ح 1405، و مصنف ابن أبي شيبة 4/ 292، و مسند أحمد 4/ 55، و سنن البيهقي 7/ 104، و فتح الباري 11/ 73.

( 106) زاد المعاد ج 2/ 158 فصل في بحث زمن تحريم المتعة.

( 107) فتح الباري 12/ 70 باب لحوم الخيل.

( 108) زاد المعاد 2/ 204 في فصل في إباحة متعة النساء ثم تحريمها.

( 109) فتح الباري 9/ 22.

( 110) فتح الباري 11/ 72 باب نهى رسول اللّه عن نكاح المتعة آخرا.

( 111) فتح الباري 11/ 74.

( 112) فتح الباري 12/ 70 باب لحوم الخيل.

( 113) البخاري، باب لحوم الخيل، شرح فتح الباري 9/ 22.

( 114) أبو نجيح عرباض بن سارية السلمي روى عن طريقه عن رسول اللّه( ص) 31 حديثا أخرجها أصحاب الصحاح غير البخاري و مسلم( ت: 75 ه) او في فتنة ابن الزبير، أسد الغابة 3/ 399، و جوامع السيرة ص 281، و تقريب التهذيب 2/ 17.

( 115) سنن أبي داود 2/ 64.

( 116) سنن أبي داود 3/ 66 باب في النهى عن النهبى.

( 117) صحيح مسلم، كتاب النكاح، ص 1032.

( 118) تفسير ابن كثير 1/ 474 بتفسير« فما استمتعتم ...».

( 119) الكشاف 1/ 519.

( 120) حسب إحصاء ابن رشد في بداية المجتهد 2/ 63 بلغت خمس مرات.

( 121) تفسير القرطبي 5/ 130- 131.

( 122) زاد المعاد 2/ 204.

( 123) شرح الترمذي 5/ 48- 51.

( 124) ... راجع زاد المعاد 2/ 205.

( 125) مر ذكر مصادره في سبب تحريم عمر متعة النساء من هذا البحث.

( 126) تقريب التقريب و التيسير لمعرفة سنن البشير النذير، للحافظ محي الدين النواوي 631- 616 هـ ، و شرحه السيوطي( ت 911 ه) و سماه تدريب الراوي في شرح النواوي ط. الثانية سنة 1392 منشورات المكتبة العلمية بالمدينة 1/ 281- 283.

( 127) تدريب الراوي 1/ 282، و البرهان في علوم القرآن للزركشي ص 432.

( 128) تهذيب التهذيب 10/ 480- 486.

( 129) كلما أوردناه عن ميسرة فمن تدريب الراوي 1/ 283 و 289، و من ترجمته بميزان الاعتدال و لسان الميزان 6/ 138- 140.

( 130) تدريب الراوي 1/ 288- 289.

( 131) تدريب الراوي 1/ 283.

( 132) هكذا سلسلها ابن حجر في فتح الباري 11/ 73.

( 133) أبو محمد يحيى بن أكثم المروزي من ولد أكثم بن صيفي التميمي الأسيدي، ولاه المتوكل على قضاء القضاة و تدبير أهل مملكته، كان يرمى بعمل قوم لوط.

و قال فيه الشاعر:

متى تصلح الدنيا و يصلح أهلها

 

و قاضي قضاة المسلمين يلوط

     
 

و قال غيره:

قاض يرى الحد في الزناء و لا

 

يرى على من يلوط من بأس‏

     
 

مات بالربذة عند رجوعه من الحج الى العراق سنة 142 ه. وفيات الأعيان 5/ 197- 213.

( 134) وفيات الأعيان، نشر مكتبة النهضة المصرية، ط. مطبعة السعادة سنة 1949 م، 5/ 199- 200.

( 135) راجع شرح نهج البلاغة للمعتزلي 3/ 363 في جواب الطعن الثامن.

( 136) راجع بحث:« اتجاه السلطة زهاء ثلاثة عشر قرنا» في آخر الجزء الأول من هذا الكتاب، ط 2 ص 501.

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.