أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-2-2017
3471
التاريخ: 3-2-2017
17386
التاريخ: 10-2-2017
2038
التاريخ: 10-2-2017
23543
|
قال تعالى : {فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً} [النساء : 41] .
لما ذكر اليوم الآخر ، وصف حال المنكرين له فقال ﴿فكيف﴾ : أي فكيف حال الأمم ، وكيف يصنعون ؟ ﴿إذا جئنا من كل أمة﴾ من الأمم ﴿بشهيد وجئنا بك﴾ يا محمد ﴿على هؤلاء﴾ يعني قومه ﴿شهيدا﴾ . وهذا كما تقول العرب للرجل في الأمر الهائل يتوقعه : كيف بك إذا كان كذا ، يريد بذلك تعظيم الأمر ، وتهويله ، وتحذيره ، وتحذير الرجل عنه ، وإنذاره به ، وحثه على الاستعداد له .
ومعنى الآية : إن الله يستشهد يوم القيامة كل نبي على أمته ، فيشهد لهم وعليهم ، ويستشهد نبينا على أمته ، وفي الآية مبالغة في الحث على الطاعة ، واجتناب المعصية ، والزجر عن كل ما يستحى منه على رؤوس الأشهاد ، لأنه يشهد للإنسان ، وعليه يوم القيامة شهود عدول ، لا يتوقف في الحكم بشهادتهم ، ولا يتوقع القدح فيهم ، وهم الأنبياء والمعصومون ، والكرام الكاتبون ، والجوارح ، والمكان ، والزمان ، كما قال تعالى ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس﴾ وقال : {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} ، وقال : {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا} ، و {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} . وفي بعض الأخبار : المكان والزمان يشهدان على الرجل بأعماله ، فليتذكر العاقل هذه الشهادة ، ليستعد بهذه الحالة ، فكأن قد وقعت ، وكأن الشهادة قد أقيمت . وروي أن عبد الله بن مسعود قرأ هذه الآية على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ففاضت عيناه ، فإذا كان الشاهد يفيض عيناه ، لهول هذه المقالة ، وعظم هذه الحالة ، فماذا لعمري ينبغي أن يصنع المشهود عليه ؟
___________________
1. تفسير مجمع البيان ، ج3 ، 88 – 89 .
{فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً} . يجمع اللَّه الناس غدا للحساب والعقاب ، وقبل كل شيء يشهد على كل قوم نبيهم بأنه قد بلغهم رسالة ربه ، وعلمهم الحلال والحرام مباشرة ، أو بواسطة أصحابه ، أو التابعين لهم ، أو العلماء والفقهاء ، فالمراد بالشهيد الأول كل نبي سابق على محمد ، وبالشهيد الثاني محمد (صلى الله عليه وآله) . وهؤلاء إشارة إلى أمة محمد (صلى الله عليه وآله) وأبعد من قال : ان هؤلاء إشارة إلى جميع الأنبياء السابقين ، وان محمدا يشهد عليهم ، وهم يشهدون على أممهم . . لقد أبعد هذا القائل ، لأن الشهادة إنما تجوز وتسمع على من يجوز في حقه الإهمال لواجبه ، وهذا محال في حق الأنبياء ، فالشهادة عليهم كذلك . . وعند تفسير الآية 143 من سورة البقرة ذكرنا ان محمدا (صلى الله عليه وآله) يشهد على علماء أمته بأنه بلغهم الإسلام وأحكامه ، وعلماء الأمة يشهدون عليها بأنهم قد بلغوها رسالة الإسلام على وجهها .
وقال الشيخ محمد عبده في تفسير هذه الآية ما يتلخص بأن اللَّه سبحانه سيقابل غدا ويقارن بين عقيدة كل أمة وأعمالها وأخلاقها ، وبين عقيدة نبيها ، فان كانت هي هي كانت الأمة من الأمم الناجية ، وإلا فهي من الهالكين . .
وهذا التفسير من وحي ثورة الشيخ على البدع والتقاليد البغيضة . . وهو غير بعيد عن الواقع ، فإن عملية هذه المقارنة إذا لم تقع بالذات في حضرة الخالق جل وعلا فان نتيجتها كائنة لا محالة .
___________________________
1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 327 – 328 .
قوله تعالى : { فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ } الآية . قد تقدم بعض الكلام في معنى الشهادة على الأعمال في تفسير قوله تعالى : { لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ } : [ البقرة : 143 ] من الجزء الأول من هذا الكتاب ، وسيجيء بعض آخر في محله المناسب له .
_____________________
1. تفسير الميزان ، ج4 ، ص 302 .
شهود يوم القيامة :
هذه الآية تشير إلى مسألة الشهود في يوم القيامة فتقول : {فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً} وهكذا يكون نبي كل أمّة شهيدا عليها ، مضافا إلى شهادة أعضاء الإنسان وجوارحه ، وشهادة الأرض التي عليها عاش ، وشهادة ملائكة الله على أعماله وتصرفاته ، ويكون نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم وهو آخر أنبياء الله ورسله وأعظمهم ، شاهدا على أمّته أيضا ، فكيف يستطيع العصاة مع هذه الشهود إنكار حقيقة من الحقائق ، وتخليص أنفسهم من نتائج أعمالهم.
ثمّ إنّ نظير هذا المضمون قد جاء أيضا في عدّة آيات قرآنية أخرى ، منها الآية (١٤٣) من سورة البقرة ، والآية (٨٩) من سورة النحل ، والآية (٧٨) من سورة الحج .
والآن يطرح هذا السؤال ، وهو : كيف تتمّ شهادة الأنبياء على أعمال أممهم ، وكيف تكون ؟
إذا كانت كلمة «هؤلاء» إشارة إلى المسلمين كما جاء في تفسير مجمع البيان ، فإن الجواب على هذا السؤال يكون واضحا ، لأنّ كل نبيّ ما دام موجودا بين ظهراني أمّته فهو شاهد على أعمالهم ، وبعده يكون أوصياؤه وخلفاؤه المعصومون هم الشهداء على أعمال تلك الأمّة ، ولهذا جاء في حق المسيح عليه السلام أنّه يقول في يوم القيامة في جواب سؤال الله سبحانه إيّاه : {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المائدة : 117] .
ولكن بعض المفسرين احتمل أن تكون لفظة «هؤلاء» إشارة إلى شهود الأمم السابقة ، يعني أنّنا نجعلك أيّها النّبي شهيدا على شهداء الأمم من الأنبياء ، وقد أشير في بعض الروايات إلى هذا التّفسير (٢) وعلى هذا يكون معنى الآية هكذا : إنّ كل نبيّ شاهد على أعمال أمّته جميعها في حياته وبعد مماته عن طريق المشاهدة الباطنية والروحانية ، وهكذا الحال بالنسبة إلى رسول الإسلام ، فإنّ روحه الطاهرة ناظرة ـ عن هذا الطريق أيضا ـ على أعمال أمّته وجميع الأمم السابقة ، وبهذا الطريق يمكنه أن تشهد على أفعالهم وأعمالهم ، بل وحتى الصلحاء من الأمّة والأبرار الأتقياء منها يمكنهم الاطلاع والحصول على مثل هذه المعرفة ، فيكون المفهوم من كل ذلك وجود روح النّبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم من بدء الخلق ، لأنّ معنى الشّهود هو العلم المقترن بالحضور ، ولكن هذا التّفسير لا ينسجم مع ما نقل عن السيد المسيح ، لأنّ الآية المذكورة تقول : إنّ المسيح لم يكن شاهدا على أمّته جمعاء ، بل كان شاهدا عليها ما دام في الحياة (فتأمل).
أمّا إذا أخذنا الشهادة بمعنى الشهادة العملية ، يعنى أن تكون أعمال «فرد نموذجي» مقياسا ومعيارا لأعمال الآخرين كان التّفسير حينئذ خاليا عن أي إشكال ، لأنّ كل نبيّ بما له من صفات متميزة وخصال ممتازة يعدّ خير معيار لأمّته ، إذ يمكن معرفة الصالحين والطالحين بمشابهتهم أو عدم مشابهتهم له ، وحيث إن النّبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم هو أعظم الأنبياء والرسل الإلهيين كانت صفاته وأعماله معيارا لشخصية كل الأنبياء والرسل.
نعم لا يبقى هنا إلّا سؤال واحد هو : هل جاءت الشهادة بهذا المعنى ، أم لا ؟ بيد أنّه مع الانتباه إلى أنّ أعمال الرجال النموذجيين وتصرفاتهم وأفكارهم تشهد عمليا على أنّه من الممكن أن يرقى إنسان ما إلى هذه الدرجة ، ويطوي هذه المقامات والمراحل المعنوية لم يبد مثل هذا المعنى بعيدا في النظر.
عندئذ يندم الكفار الذين عارضوا الرّسول وعصوه ، أي عند ما رأوا بأمّ أعينهم تلك المحكمة الإلهية العادلة ، وواجهوا الشهود الذين لا يمكن إنكار شهاداتهم ، إنهم يندمون ندما بالغا لدرجة أنّهم يتمنون لو أنّهم كانوا ترابا أو سووا بالأرض .
__________________
(١) تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 137-139 .
(٢) راجع تفسير نور الثقلين ، ج1 ، ص 481 و 482 ؛ وتفسير البرهان ، ج2 ، ص 79 ، ذيل الآية مورد البحث .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|