تتمتع القارة بسواحل بحرية عظيمة الامتداد:

حيث يبلغ طولها كما ذكرنا 49506 كيلو مترا (نحو30787 ميلا) رغم ان مساحة اوربا لم تتجاوز 10,5 مليون كم 2 (نحو أربعة ملايين ميلا مربعا) لذلك يخدم الميل الطولي الواحد من سواحل القارة مساحة 289 ميلا مربعا، لذا لا توجد بقعة في اوربا تبعد عن المسطحات البحرية بأكثر من ألف ميل تقريبا باستثناء نطاقها الشرقي.

ومرد هذه الظاهرة كثرة تعرجات خط الساحل وتداخل عدة اذرع بحرية في يابس القارة مكونة بحارا وخلجانا أهمها البحر الأبيض الروسي (34700 ميل مربع)، والبحر البلطي (يمتد بين دائرتي عرض 54،66 شمالا وخطي طول 9،30 شرقا، وتبلغ مساحته 163050 ميل مربع، واقصى عمق له 1539 قدم) وبحر الشمال (طوله 600 ميلا، وعرضه 350 ميلا، ومتوسط عمقه نحو 308 قدم)، والبحر المتوسط بامتداداته البحرية المتعددة والتي سنفرد لها دراسة خاصة، بالإضافة الى خلجان بوثنيا، فنلندا، ريجا، بسكاي (يبلغ عمق اخفض نقاطه 15,525قدم تحت مستوى سطح البحر)، سيتوبا (جنوب لشبونه)، قاديز، فالينسيا، ليون، جنوة، نابولي، ساليرنو، تارنتو.

ويعد البحر المتوسط الذي يحد القارة الاوربية من ناحية الجنوب اهم بحار القارة واوسعها مساحة وأكثرها امتدادا وتشعبا وابعدها تأثيرا من الناحية الحضارية لذلك ستتم دراسته بشيء من التفصيل.

تبلغ مساحة البحر المتوسط حوالي 2,5مليون كيلو مترا مربعا (969,100 ميل مربع)، وهو بحر داخلي شبه مغلق يحد اوربا من ناحية الجنوب ويحيط به اليابس من جميع الجهات تقريبا، ولا يوجد له سوى منفذين احدهما صناعي وهو قناة السويس التي تصله البحر الأحمر، والأخر طبيعي وهو مضيق جبل طارق البالغ طوله 57,6 كيلو مترا (36 ميل)، ويتراوح عرضه بين 12,8،36,8 كيلو مترا (23,8 ميلا) وهو يربط البحر المتوسط بالمحيط الأطلسي، ويقدر اقصى امتداد للبحر المتوسط بين الشرق والغرب نحو 3680 كيلو مترا (2300 ميل)، وبين الشمال والجنوب حوالي 1400 كيلو مترا، في حين يبلغ اقصى عمقا لمياهه حوالي 16896 قدم تحت منسوب سطح البحر، وتعرف اجزاء من البحر المتوسط بأسماء محلية خاصة منها البحر الالبوراني، البحر الليجوري، والبحر التيراني، البحر الادرياتي، البحر الايوني، بحر ايجة، البحر الأسود، وفيما يلي عرض سريع لاهم خصائص هذه البحار: (شكل رقم 2)

1- البحر الالبوراني:

يطلق هذا الاسم على المسطح المائي المحصور بين اقصى الساحل الجنوبي الشرقي لشبه جزيرة ايبيريا والساحل الشمالي الغربي لأفريقيا، ويمثل مضيف جبل طارق حده الغربي بينما يمتد بعد المضيق صوب الشرق لمسافة 400كيلو مترا تقريبا.

2- البحر الليجوري:

يطلق هذا الاسم على المسطحات المائية الواقعة بين خليج جنوة في الشمال وجزيرتي البا وكورسيكا في الجنوب، ويبلغ طوله بين الشرق والغرب نحو 230كيلو مترا، بينما لا يتعدى عرضه بين الشمال والجنوب 200كيلو مترا تقريبا.

3- البحر التيراني:

عبارة عن المسطحات المائية الممتدة بين الساحل الغربي لشبه جزيرة إيطاليا شرقا، وجزيرتي سردينيا غربا وصقلية جنوبا، ويبدو البحر التيراني في شكل مربع تقريبا حيث يتراوح امتداده بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب 500كيلو مترا تقريبا.

4- البحر الادرياتي:

يقع بين الساحل الشرقي لشبه جزيرة إيطاليا غربا والساحل الغربي لشبه جزيرة البلقان شرقا، ويبلغ طوله نحو 800 كيلو مترا (500 ميل)، بينما لا يتعدى عرضه 230 كيلو مترا وان بلغ متوسطه

 176 كيلو مترا، وهو يتصل بالبحر المتوسط عن طريق مضيق اوترانتو.

5- البحر الايوني:

بحر صغير يقع بين الساحل الجنوبي الشرقي لشبه جزيرة إيطاليا، والساحل الغربي لليونان، ويصل مضيق اوترانتو بينه وبين البحر الادرياني.

6- بحر ايجة:

يطلق هذا الاسم على المسطحات المائية المحصورة بين الساحل الشرقي لليونان والساحل الغربي لتركيا، هو يتصل بالبحر الأسود شمالا عن طريق بحر مرمرة ومضيقي البوسفور والدردنيل، بينما يتصل بالبحر المتوسط جنوبا عن طرق عدد من المضايق التي تفصل بين الجزر التي تحده من ناحية الجنوب، وأشهر هذه المضايف كاسوس الواقع الى الشرق من جزيرة كربت، كارباثوس الواقع الى الغرب من جزيرة رودس. ويضم بحر ايجة اعداد كبيرة من الجزر معظمها يتتبع اليونان من الناحية السياسية، والملاحظ ان بعضها متناثر وبعضها الاخر متجمع في شكل ارخبيلات أهمها أرخبيل اسبورادس الشمالي، وتحمل أجزاء من بحر ايجة أسماء خاصة بها مثل بحر كريت (شمال جزيرة كريت)، بحر مرتون شرق اقصى الساحل الجنوبي الشرقي لليونان.

7- البحر الأسود:

يقع بين قارتي اوربا واسيا، وهو يتصل بالبحر المتوسط عن طريق مسطحات بحرية طويلة تضم مضيق البوسفور، بحر مرمرة، مضيق الدردنيل، بحر ايجة، وعلى العكس من البحر الأخير –ايجة –يخلو البحر الأسود تماما من الجزر، كما يتصف بانخفاض نسبة الاملاح الذائبة في مياهه لكثرة المياه العذبة المنصرفة في حوضه اذ يصب في البحر الأسود عدد من الأنهار منها الدانوب، الدنيبر، الدن، بالإضافة الى الأنهار قصيرة المجاري التي تصب فيه عند الساحل الجنوبي.

ويعد البحر الأسود من اهم البحار المتصلة بالبحر المتوسط على الاطلاق وأكثرها اتساعا حيث تبلغ مساحته 288الف كيلو متر مربع (180الف ميل مربع)، في حين يبلغ اقصى عمق له 7250قدم تحت مستوى سطح البحر تقريبا.

ويمثل البحر المتوسط بامتداداته البحرية السابق دراستها البقية الباقية من بحر تثس القديم الذي كان يمتد منذ أواخر الزمن البجيولوجي الأول بين القارتين القديمتين لوراسيا (الشمالية)وجندوانا (الجنوبية).

واخذ هذا البحر القديم في الانكماش بفعل الرواسب التي كانت تلقي فيه وخاصة اثناء الزمن الجيولوجي الثاني وحثت حركة رفع (الحركة الهيروسينية) في أواخر العصر الفحمي واوائل العصر البرمي نتج عنها ارتفاع تلك الرواسب وتكوينها لما عرف بالمرتفعات الهيرسينية الممتدة بين الكتلة القديمة التي نمت حولها قارة اوربا في الشمال، والمرتفعات البي التي تكونت فيما بعد في الجنوب.

وازداد انكماش بحر تثس خلال الزمن الجيولوجي الثاني حتى اصبح عبارة عن مسطحات مائية محدودة المساحة يفصلها عن بعضها البعض اعداد كبيرة من الجزر بيضاوية الشكل الا ان الشكل العام للبحر تغير خلال عصر المايوسين حين حثت الحركة الالتوائية التي نتج عنها انثناء الرواسب الموجودة فوق قاع بحر تثيس وظهورها فوق سطح مياه البحر مكونة السلاسل الجبلية (المرتفعات الالبية) التي تحيط بالبحر المتوسط من جميع الجهات عدا الجهة الجنوبية الشرقية.

وحدثت حركات هبوط خلال الزمن الجيولوجي الرابع أدت الى اتخاذ البحر المتوسط شكله الحالي اذ نتج عن هذه الحركات الأرضية انغمار الجزر بيضاوية الشكل التي كانت تتخلل المسطحات البحرية مما أدى الى اتساع البحر، كما انغمرت أجزاء من المرتفعات الالبية وظهرت قممها عالية المنسوب في شكل جزر البليار القريبة من الساحل الشرقي لشبه جزيرة ايبيريا الى جانب جزر صقلية، كريت، كما تكون مضيق جبل طارق والعديد من الخلجان والبحار الفرعية السابق عرض اهم ملامحها الجغرافية.

وتتصف مياه البحر المتوسط بالعديد من الخصائص التي يأتي في مقدمتها ما يلي:

* صفائها ولونها الأزرق، ويرجع ذلك الى ارتفاع نسبة الاملاح الذائبة في بعض جهاتها والتي تساعد على ترسيب المفتتات الطينية والمواد العالقة التي تلقيها الأنهار فيه.

* ارتفاع نسبة الاملاح الذائبة فيها، ومرد ذلك الموقع الفلكي للبحر المتوسط في العروض الوسطى التي تتصف بالارتفاع النسبي لدرجة الحرارة مما يؤدي الى ارتفاع معدل التبخر فتزداد تبعا لذلك ملوحة مياه البحر.

* ضف حركة المد والجزر نتيجة لضعف صلة البحر المتوسط بالمحيط الأطلسي والتي تقتصر على مضيق جبل طارق، ويظهر اثر حركات المد والجزر بشكل واضح في المسطحات البحرية محدودة المساحة لمضايق او ترانتو، مسينا، كاسوس، وخلجان فينيسيا، جنوة، ليون، وكان ضعف حركات المد والجزر من اهم الأسباب التي أسهمت في تكوين دالات بعض الأنهار التي تصب في البحر المتوسط مثل نهر البوفي شمالي إيطاليا.

*تتحرك مياه البحر المتوسط في شكل تيارات بحرية نوجزها فيما يأتي:

أ- تيار بحري سطحي يتحرك من مضيق جبل طارق في عكس اتجاه عقاب الساعة، ويرجع تكون هذا التيار السطحي ونشاطه الى اندفاع مياه المحيط الأطلسي الى البحر المتوسط عبر مضيق جبل طارق لتعويض الفاقد من مياه البحر المتوسط بتأثير التبخر, ويوجد تيار بحري سفلي يتحرك عن منسوب يتراوح بين 300-50 مترا تحت مستوى سطح البحر من السواحل الشرقية للبحر المتوسط في اتجاه جبل طارق.

ب- تيار بحري سطحي يتحرك من البحر المتوسط صوب البحر الأحمر عبر قناة السويس، ويقابله تيار بحري سفلي يتحرك في عكس اتجاهه أي من البحر الأحمر الى البحر المتوسط.

ج- تيار بحري سطحي يتحرك من البحر الأسود الى بحر ايجة، ويقابله تيار بحري سفلي تندفع مياهه في عكس اتجاه التيار السطحي.