أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-8-2016
3006
التاريخ: 30-7-2016
3407
التاريخ: 30-7-2016
2958
التاريخ: 31-7-2016
2933
|
تعتبر هذه الخطبة من غرر خطب أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) و من روائع ما أثر عنهم في قضايا التوحيد و لو لم يكن للامام الرضا (عليه السّلام) من تراث إلّا هذه الخطبة لكفى بها للتدليل على امامته و بلوغه مرتبة سامية من العلم و الفضل لم يبلغها إلّا الأئمة المعصومون سلام اللّه عليهم و نظرا لأهميتها البالغة فقد تصدى سماحة المغفور له يحيى بن محمد علي إلى شرحها و قد جاء في مقدمتها:
إن الخطبة المعروفة الواردة في التوحيد إلى جناب الحضرة المقدسة و الساحة المطهرة ثامن أئمة الدين إمام الورى علي بن موسى الرضا عليه التحية و الثناء لما كانت بحرا عميقا محتويا على فوائد و معارف جامعة من فنون العلم و صنوف المعرفة ما لا يجمعه سواها الخ .
اما سبب إنشاء الامام لهذه الخطبة فهو ان المأمون لما اراد أن يولي الامام ولاية العهد حسده بنو هاشم- و هم بنو العباس- و قالوا له: أتولي رجلا جاهلا ليس له بصر بتدبير الخلافة؟ فابعث إليه رجلا يأتينا به فترى من جهله ما يستدل به عليه فبعث إليه فأتاه فقال له بنو هاشم: يا أبا الحسن اصعد المنبر و انصب لنا علما نعبد اللّه عليه فصعد المنبر فقعد مليا لا يتكلم ثم انتفض و استوى قائما فحمد اللّه و اثنى عليه و صل على النبي و أهل بيته ثم قال:
أول عبادة اللّه معرفته و أصل معرفة اللّه توحيده و نظام توحيد اللّه نفي الصفات عنه لشهادة العقول أن كل صفة و موصوف مخلوق و شهادة كل مخلوق أن له خالقا ليس بصفة و لا موصوف و شهادة كل صفة و موصوف بالاقتران و شهادة الاقتران بالحدث و شهادة الحدث بالامتناع من الأزل الممتنع من الحدث فليس اللّه عرف من عرف بالتشبيه ذاته و لا إياه وحد من اكتنهه و لا حقيقته أصاب من مثله و لا به صدق من نهاه و لا صمد صمده من أشار إليه و لا إياه عني من شبهه و لا له تذلل من بعضه و لا إياه أراد من توهمه.
كل معروف بنفسه مصنوع و كل قائم في سواه معلول بصنع اللّه يستدل عليه و بالعقول يعتقد معرفته و بالفطرة تثبت حجته خلق اللّه الخلق حجابا بينه و بينهم و مباينته إياهم مفارقته إنيتهم و ابتداؤه إياهم دليلهم على أن لا ابتداء له لعجز كل مبتدئ عن ابتداء غيره و ادوات اياهم دليل على ان لا اداة فيه لشهادة الأدوات بفاقة المتأدّين , و اسماؤه تعبير و افعاله تفهيم و ذاته حقيقة و كنهه تفريق بينه و بين خلقه و غبوره تحديد لما سواه فقد جهل اللّه من استوصفه و قد تعداه من اشتمله و قد أخطأه من اكتنهه و من قال: كيف فقد شبهه و من قال: لم؟ فقد علّله و من قال:
متى؟ فقد وقته و من قال: فيم؟ فقد ضمنه و من قال: إلام؟ فقد نهاه و من قال: حتّام فقد غياه و من غياه فقد غاياه و من غاياه فقد جزأه و من جزّأه وصفه و من وصفه فقد الحد فيه لا يتغير اللّه بانغيار المخلوق كما لا يتحدد بتحديد المحدود أحد لا بتأويل عدد ظاهر لا بتأويل المباشرة متجل لا باستهلال رؤية باطن لا بمزايلة مباين لا بمسافة قريب لا بمداناة لطيف لا بتجسم موجود لا بعد عدم فاعل لا باضطرار مقدر لا بحول فكرة مدبر لا بحركة مريد لا بهمامة شاء لا بهمة مدرك لا بمجسة سميع لا بآلة بصير لا بأداة , لا تصحبه الأوقات و لا تضمنه الأماكن و لا تأخذه السنات و لا تحده الصفات و لا تقيده الأدوات سبق الأوقات كونه و العدم وجوده و الابتداء أزله بتشعيره المشاعر عرف ان لا مشعر له و بتجهيره الجواهر عرف أن لا جوهر له و بمضادته بين الأشياء عرف ان لا ضد له و بمقارنته بين الأمور عرف ان لا قرين له ضاد النور بالظلمة و الجلاية بالبهم و الجسو بالبلل و الصرد بالحرور مؤلف بين متعادياتها مفرق بين متدانياتها دالة بتفريقها على مفرقها و بتأليفها على مؤلفها ذلك قوله عزّ و جلّ: وَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ففرق بها بين قبل و بعد ليعلم ان لا قبل له و لا بعد شاهدة بغرائزها أن لا غريزة لمغرزها دالة بتفاوتها ان لا تفاوت لمفاوتها مخبرة بتوقيتها أن لا وقت لموقتها حجب بعضها عن بعض ليعلم ان لا حجاب بينه و بينها غيرها.
له معنى الربوبية اذ لا مربوب و حقيقة الالهية إذ لا مألوه و معنى العالم و لا معلوم و معنى الخالق و لا مخلوق و تأويل السمع و لا مسموع ليس منذ خلق استحق معنى الخالق و لا باحداثه البرايا استفاد معنى البارئية كيف و لا تغيبه من و لا تدنيه قد و لا تحجبه لعل و لا توقته متى و لا تشمله حين و لا تقارنه مع انما تحد الأدوات أنفسها و تشير الآلة إلى نظائرها و في الاشياء يوجد افعالها منعتها قد الأزلية و جنبتها لو لا التكملة افترقت فدلت على مفرقها و تباينت فأعربت عن مباينها لما تجلى صانعها للعقول و بها احتجب عن الرؤية و إليها تحاكم الأوهام و فيها أثبتت غيره و منها أنيط الدليل و بها عرفها الأقرار و بالعقول يعتقد التصديق باللّه و بالاقرار يكمل الايمان به و لا ديانة إلّا بعد المعرفة و لا معرفة إلّا بالاخلاص و لا اخلاص مع التشبيه و لا نفي مع إثبات الصفات للتشبيه فكل ما في الخلق لا يوجد في خالقه و كل ما يمكن فيه يمتنع من صانعه لا تجري عليه الحركة و السكون و كيف يجري عليه ما هو أجراه أو يعود إليه ما هو ابتدأه إذا لتفاوتت ذاته و لتجزأ كنهه و لامتنع من الأزل معناه.
و لما كان للباري معنى غير المبروء و لو حدّ له وراء إذا حدّ له أمام و لو التمس له التمام إذا لزمه النقصان كيف يستحق الأزل من لا يمتنع من الحدث و كيف ينشىء الأشياء من لا يمتنع من الانشاء إذا لقامت فيه آية المصنوع و لتحول دليلا بعد ما كان مدلولا عليه ليس في محال القول حجة و لا في المسألة عنه جواب و لا في معناه له تعظيم و لا في إباءته عن الخلق ضيم إلّا بامتناع الأزلي أن يثنى و ما لا بدء له أن يبدأ لا إله إلّا اللّه العلي العظيم كذب العادلون باللّه و ضلوا ضلالا بعيدا و خسروا خسرانا مبينا و صلى اللّه على محمد النبي و آله الطيبين الطاهرين .
و حوت هذه الخطبة العظيمة غوامض البحوث الفلسفية و الكلامية و قد ظهرت فيها القدرات العلمية الهائلة للامام الرضا (عليه السّلام) و انكشف للعباسيين زيغ ما ذهبوا إليه من عجز الامام و عدم قدرته على الخوض في البحوث العلمية و من المؤكد ان معظم المستمعين لخطاب الامام لم يفقهوا هذه المسائل الفلسفية التي عرضها الامام (عليه السّلام) و التي تناولت أهم قضايا التوحيد.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|