أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-5-2016
2966
التاريخ: 29-4-2016
3150
التاريخ: 21-4-2016
4918
التاريخ: 7-01-2015
3512
|
إنّ الإمام (عليه السلام) حينما تسلّم السلطة بعد مقتل عثمان بن عفّان بادر إلى عزل جميع ولاته وعمّاله ؛ لأنّهم كانوا مصدر فتنة واضطراب في البلاد الإسلامية وبعضهم قد استأثر بفيء المسلمين واستحلّ الخراج ومن المؤكّد أنّ منحهم الوظائف المهمّة في الدولة لم تكن عن كفاءة واختيار وإنّما كانت محاباة واثرة ؛ وعلى أي حال فإنّا نعرض إلى ولاة مصر التي هي أمّ البلاد الإسلامية ومركز الثقل فيها وقد ولّى الإمام (عليه السلام) عليها خيرة الرجال كفاءة ووعيا وإحاطة بما تحتاج إليه الامّة في شؤونها الإدارية والاجتماعية والسياسية وكان أوّل من تقلّد منصب الامارة فيها هو قيس بن سعد فهو من أفذاذ القادة الإسلاميّين وعلم من أعلام الجهاد في الإسلام ومن ذخائر الرجال الذين أنجبتهم مدرسة الإسلام ؛ اوتي قيس بسطة في الجسم فهو أطول إنسان في عصره وكان إذا ركب الحمار تخطّ رجلاه في الأرض وقد بعث قيصر إلى معاوية أن ابعث لي سراويل أطول رجل من العرب فقال لقيس : ما أظنّ إلاّ قد احتجنا إلى سراويلك فقام وتنحّى وخلع سراويله وجاء بها إليه فقال له معاوية : ألاّ ذهبت إلى منزلك ثمّ بعثت بها فقال قيس :
أردت بها أن يعلم النّاس أنّها سراويل قيس والوفود شهود
و ألاّ يقولوا غاب قيس وهذه سراويل عاد خاطها لثمود
و أنّي من الحيّ اليماني لسيّد و ما النّاس إلاّ سيّد ومسود
فكدهم بمثلي إنّ مثلي عليهم شديد وخلقي في الرّجال مديد
وأمر معاوية أطول رجل في الجيش فوضعها على أنفه فوقفت بالأرض , وتميّز قيس بوفور العقل وحسن التدبير وروي عنه أنّه قال : لو لا أنّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول : المكر والخديعة في النّار لكنت من أمكر هذه الامّة ؛ وكان قيس ندي الكفّ جوادا لا يبارى فكان يستدين ويطعم الفقراء وقال أبو بكر وعمر : إن تركنا هذا الفتى أهلك مال أبيه فمشيا في الناس يمنعونهم من سؤاله وسار النبيّ (صلى الله عليه واله) يوما فقام سعد بن عبادة خلفه وقال : من يعذرني من ابن أبي قحافة وابن الخطّاب يبخلان على ابني .
قلّده الإمام (عليه السلام) ولاية مصر في سنة 37ه , وقال له الإمام (عليه السلام) : اخرج إلى رحلك واجمع إليك ثقاتك ومن أحببت أن يصحبك حتّى تأتيها ومعك جندك فإنّ ذلك أرعب لعدوّك وأعزّ لوليّك وأحسن إلى المحسن واشتدّ على المريب وارفق بالعامّة والخاصّة فإنّ الرّفق يمن .
فقال له قيس : اخرج إليها بجند فو الله! لئن لم أدخلها إلاّ بجند آتيها به من المدينة لا أدخلها أبدا فأنا ادع ذلك الجند فإن كنت احتجت إليهم كانوا منك قريبا وإن أردت أن تبعثهم إلى وجه من وجوهك كانوا عدّة لك ؛ وخرج قيس في سبعة من أصحابه حتى انتهى إلى مصر وفور انتهائه صعد المنبر وأمر بقراءة كتاب الإمام (عليه السلام) الذي فيه ولايته ثمّ خطب الناس قائلا : الحمد لله الذي جاء بالحقّ وأمات الباطل وكبت الظالمين , أيّها الناس إنّا قد بايعنا خير من نعلم بعد نبيّنا (صلى الله عليه واله) فقوموا أيّها الناس فبايعوه على كتاب الله وسنّة رسوله فإن نحن لم نعمل لكم بذلك فلا بيعة لنا.
وانبرت الجماهير فبايعت الإمام (عليه السلام) .
وورم أنف معاوية وانتفخ سحره حينما علم بتقلّد قيس ولاية مصر فراح يدبّر المؤامرات لجلبه إليه وقد كتب إليه الرسالة التالية : من معاوية بن أبي سفيان إلى قيس بن سعد بن عبادة سلام عليك أمّا بعد : فإنّكم إن كنتم نقمتم على عثمان في امور رأيتموها أو ضربة سوط ضربها أو شتمة شتمها أو في سير سيّره أو في استعماله الفيء فقد علمتم أنّ دمه لم يكن حلالا لكم فقد ركبتم عظيما من الأمر وجئتم شيئا ادّا فتب إلى الله يا قيس بن سعد فإنّك ممّن أعان على قتل عثمان إن كانت التوبة من قتل المؤمن تغني شيئا وأمّا صاحبك يعني الإمام أمير المؤمنين فقد تيقّنا أنّه الذي أغرى به وحملهم على قتله حتى قتلوه وأنّه لم يسلم من دمه عظم قومك فإن استطعت أن تكون ممّن يطلب بدم عثمان فافعل فإن بايعتنا على هذا الأمر فلك سلطان العراقين ولمن شئت من أهلك سلطان الحجاز ما دام لي سلطان وسلني غير هذا ممّا تحبّ فإنّك لا تسألني شيئا إلاّ اوتيته واكتب إليّ برأيك فيما كتبت به إليك والسلام.
وحفلت هذه الرسالة بالخداع والأكاذيب فليس قيس ولا الإمام لهما ضلع في إراقة دم عثمان وإنّما أجهز عليه عمله وسوء سياسته وقد بسطنا الكلام فيها.
وأجابه قيس بهذه الرسالة : أمّا بعد : فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت فيه , فأمّا ما ذكرت من أمر عثمان فذلك أمر لم أقاربه ولم انتطف فيه ؛ وأمّا قولك : إنّ صاحبي أغرى الناس بعثمان فهذا أمر لم أطّلع عليه , وذكرت انّ معظم عشيرتي لم يسلموا من دم عثمان فأوّل الناس فيه قياما عشيرتي ولهم اسوة غيرهم , وأمّا ما ذكرت من مبايعتي إيّاك وما عرضت عليّ فلي فيه نظر وفكرة وليس هذا ممّا يسارع إليه وأنا كاف عنك ولن يبدو لك من قبلي شيء ممّا تكره والسلام .
ولمّا قرأها معاوية لم يجد فيها ثغرة يسلك فيها لإفساد قيس فكتب إليه : رسالة اخرى من معاوية : أمّا بعد : فقد قرأت كتابك فلم أرك تدنو فأعدك سلما ولم أرك مباعدا فأعدك حربا وليس مثلي من يخدع وبيده أعنّة الخيل ومعه أعداد الرجال والسلام.
ورأى قيس أنّ معاوية لا يقبل المماطلة فأظهر له ما في نفسه وكتب له : أمّا بعد : فالعجب من اغترارك بي يا معاوية! وطمعك فيّ تسومني الخروج عن طاعة أولى الناس بالامرة وأقربهم بالخلافة وأقولهم بالحقّ وأهداهم سبيلا وأقربهم إلى رسوله وسيلة وأوفرهم فضيلة وتأمرني بالدخول في طاعتك طاعة أبعد الناس من هذا الأمر وأقولهم بالزور وأضلّهم سبيلا وأبعدهم من الله ورسوله وسيلة ولا ضالّين ولا مضلّين طاغوت من طواغيت إبليس وأمّا قولك معك أعنّة الخيل وأعداد الرجال لتشتغلنّ بنفسك حتى العدم .
وقطعت هذه الرسالة كلّ أمل في معاوية فراح يفتّش عن مكيدة اخرى لإقصاء قيس عن مصر فأذاع بين الشاميّين أنّ قيسا قد بايعه واختلق في ذلك كتابا ينعى فيه عثمان بن عفّان وأنّه لا يسعه مسالمة المتّهمين بقتله , وشاع بين أهل الشام أنّ قيسا قد بايع معاوية وأخلص له وبلغ ذلك الإمام (عليه السلام) فشقّ عليه ذلك وأشار عليه عبد الله بن جعفر بعزل قيس فامتنع الإمام وتكرّرت الأحداث وإشاعة معاوية أنّ قيسا قد بايع معاوية فاضطرّ الإمام إلى عزله وولّى الزعيم مالك الأشتر مكانه وقيل محمّد بن أبي بكر .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|