أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-4-2016
3113
التاريخ: 6-4-2016
3254
التاريخ: 7-4-2016
5300
التاريخ: 5-03-2015
3442
|
ختم معاوية حياته بأكبر إثم في الإسلام وأفظع جريمة في التاريخ ، فقد أقدم غير متحرّج على فرض خليعه يزيد خليفة على المسلمين يعيث في دينهم ودنياهم ويخلد لهم الويلات والخطوب وقد استخدم معاوية شتى الوسائل المنحطّة في جعل المُلْك وراثة في أبنائه , ويرى الجاحظ أنّه تشبّه بملوك الفرس البزنطيين فحوّل الخلافة إلى مُلْكٍ كسروي وعصبٍ قيصري , ولابد ان عرضاً موجزاً لسيرة يزيد وما يتّصف به مِن القابليات الشخصية التي عجّت بذمها كتب التاريخ مِنْ يومه حتّى يوم الناس هذا , ولد يزيد سنة 25 أو 26هـ وقد دهمت الأرض شعلة مِنْ نار جهنم وزفيرها تحوط به دائرةُ السَوءِ وغضبٌ مِن الله وهو أخبث إنسان وجِدَ في الأرض فقد خُلِقَ للجريمة والإساءة إلى الناس وأصبح علماً للانحطاط الخُلُقي والظلم الاجتماعي وعنواناً بغيضاً للاعتداء على الأُمّة وقهرَ إرادتها في جميع العصور.
يقول الشيخ محمّد جواد مغنية : أمّا كلمة يزيد فقد كانت مِنْ قبل اسماً لابن معاوية أمّا هي الآن عند الشيعة فإنّها رمز للفساد والاستبداد والتهتّك والخلاعة وعنوان للزندقة والإلحاد فحيث يكون الشرّ والفساد فثمَّ اسم يزيد وحيثما يكون الخير والحقّ والعدل فثمَّ اسم الحُسين , وقد أثر عن النّبي (صلّى الله عليه وآله) أنّه نظر إلى معاوية يتبختر في بردة حبرة وينظر إلى عطفَيه فقال (صلّى الله عليه وآله) : أي يوم لأُمّتي منك وأي يوم سُوء لذريتي منّك مِن جرو يخرج مِن صُلبك يتّخذ آيات الله هُزُوا ويستحلّ مِن حرمتي ما حرم الله عز وجل .
نشأ يزيد عند أخواله في البادية مِن بني كلاب الذين كانوا يعتنقون المسيحية قبل الإسلام وكان مُرسَل العِنان مع شبابهم الماجنين فتأثر بسلوكهم إلى حدٍّ بعيدٍ فكان يشرب معهم الخمر ويلعب معهم بالكلاب.
يقول العائلي : إذا كان يقيناً أو يشبه اليقين أنّ تربية يزيد لمْ تكن إسلامية خالصة أو بعبارة أخرى : كانت مسيحية خالصة فلمْ يبقَ ما يستغرب معه أنْ يكون متجاوزاً مستهتراً مستخفّاً بما عليه الجماعة الإسلامية لا يحسب لتقاليدها واعتقاداتها أي حساب ولا يقيم لها وزناً بل الذي نستغرب أنْ يكون على غير ذلك , والذي نراه أنّ نشأته كانت نشأة جاهلية بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة ولا تحمل أي طابعٍ مِن الدين مهما كان ؛ فإنّ استهتاره في الفحشاء وإمعانه في المنكر والإثم ممّا يوحي إلى الاعتقاد بذلك.
أمّا صفاته الجسمية : فقد كان شديد الأدمة بوجهه آثار الجدري كما كان ضخماً ذا سمنة كثير الشعر , وأمّا صفاته النفسية : فقد ورث صفات جدّه أبي سفيان وأبيه معاوية مِن الغدر والنفاق والطيش والاستهتار.
يقول السيد مير علي الهندي : وكان يزيد قاسياً غداراً كأبيه ولكنّه ليس داهية مثله ؛ كانت تنقصه القدرة على تغليف تصرفاته القاسية بستار مِن اللباقة الدبلوماسية الناعمة وكانت طبيعته المنحلّة وخلقه المنحطّ لا تتسرب إليهما شفقة ولا عدل.
كان يقتل ويعذّب نشداناً للمتعة واللذة التي يشعر بها وهو ينظر إلى آلام الآخرين وكان بؤرة لأبشع الرذائل وها هم ندماؤه مِن الجنسين خير شاهد على ذلك ؛ لقد كانوا مِن حُثالة المجتمع .
لقد كان جافي الخُلُق مستهتراً بعيداً عن جميع القيم الإنسانية ومِن أبرز ذاتياته ميله إلى إراقة الدماء والإساءة إلى الناس ؛ ففي السّنة الأولى مِن حكمه القصير أباد عترة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وفي السّنة الثانية أباح المدينة ثلاثة أيّام وقتل سبعمئة رجل مِن المهاجرين والأنصار وعشرة آلاف مِن الموالي والعرب والتابعين.
ومِن مظاهر صفات يزيد : ولعه بالصيد فكان يقضي أغلب أوقاته فيه , ويقول المؤرخون : كان يزيد بن معاوية كلفاً بالصيد لاهياً به وكان يُلبس كلاب الصيد الأساور مِن الذهب والجِلال المنسوجة منه ويُهب لكلّ كلب عبداً يخدمه .
وكان يزيد ـ فيما أجمع عليه المؤرخون ـ ولِعاً بالقرود فكان له قرد يجعله بين يديه ويكنيه بأبي قيس ويسقيه فضل كأسه ويقول : هذا شيخ مِن بني إسرائيل أصابته خطيئة فمُسخ وكان يحمله على أتان وحشية ويرسله مع الخيل في حلَبَة السّباق فحمله يوماً فسبق الخيل فسرّ بذلك وجعل يقول :
تمسّك أبا قيس بفضل زمامها فليس عليها إنْ سقطت ضمان
فقد سبقت خيل الجماعة كلّها وخيل أمير المؤمنين أتان
وأرسله مرّة في حلَبَةِ السباق فطرحته الريح فمات فحزن عليه حزناً شديداً وأمر بتكفينه ودفنه كما أمر أهل الشام أنْ يعزّوه بمصابه الأليم وأنشأ راثياً له :
كم مِن كرامٍ وقومٍ ذوو محافظه جاؤوا لنا ليعزّوا في أبي قيس
شيخِ العشيرة أمضاها وأجملها على الرؤوس وفي الأعناق والريس
لا يبعد الله قبراً أنت ساكنه فيه جمال وفيه لحية التيس
وذاع بين الناس هيامه وشغفه بالقرود حتى لقّبوه بها , ويقول رجل مِن تنوخ هاجياً له :
يزيد صديق القرد ملّ جوارنا فحنّ إلى أرض القرود يزيد
فتبّاً لِمَ أمسى علينا خليفةً صحابته الأدنون منه قرود
والظاهرة البارزة مِن صفات يزيد إدمانه على الخمر وقد أسرف في ذلك إلى حدٍّ كبيرٍ فلمْ يُرَ في وقت إلاّ وهو ثمِلٌ لا يعي مِن السكر.
ومِنْ شعره في الخمر :
أقولُ لصحبٍ ضمّتِ الكاسُ شملَهم وداعي صباباتِ الهوى يترنمُ
خذُوا بنصيبٍ مِنْ نعيمٍ ولذّةٍ فكلٌّ وإنْ طالَ المدى يتصرّمُ
وجلس يوماً على الشراب وعن يمينه ابن زياد بعد قتل الحُسين فقال :
اسقني شربةً تروّيَ شاشي ثمّ مِلْ فاسقِ مثلها ابن زيادِ
صاحبَ السرّ والأمانةِ عندي ولتسديدِ مغنمي وجهادي
وفي عهده طرّاً تحوّل كبير على شكل المجتمع الإسلامي ؛ فقد ضعف ارتباط المجتمع بالدين وانغمس الكثيرون مِن المسلمين في الدعارة والمجون ولمْ يكن ذلك التغيير إقليميّاً وإنّما شمل جميع الأقاليم الإسلامية فقد سادت فيها الشهوات والمتعة والشراب وقد تغيّرت الاتجاهات الفكرية التي ينشدها الإسلام عند أغلب المسلمين , وقد اندفع الأحرار مِنْ شعراء المسلمين في أغلب عصورهم إلى هجاء يزيد لإدمانه على الخمر , يقول الشاعر بن عرادة :
أبَني أُميّة إنّ آخر ملككم جسدٌ بحوارين ثمّ مقيمُ
طرقَتْ منيته وعند وساده كوبٌ وزِقٌ راعفٌ مرثومُ
ومرنةٌ تبكي على نشوانهة بالصنجِ تقعدُ تارةً وتقومُ
ويقول فيه أنور الجندي :
خُلقت نفسه الأثيمة بالمكر وهامت عيناه بالفحشاء
فهو والكاس في عناقٍ طويل وهو والعار والخناء في خباءِ
ويقول فيه بولس سلامة :
وترفّق بصاحبِ العرشِ مشغولا عن اللهِ بالقيانِ الملاحِ
ألف (الله أكبر) لا تساوي بين كفَي يزيد نهلةَ راحِ
تتلظّى في الدن بكراً فلمْ تدنّس بلثمٍ ولا بماءِ قراحِ
لقد عاقر يزيد الخمر وأسرف في الإدمان حتّى أنّ بعض المصادر تعزو سبب وفاته إلى أنّه شرب كمية كبيرة مِنه فأصابه انفجار فهلك منه .
اصطفى يزيد جماعة مِن الخُلعاء والماجنين فكان يقضي معهم لياليه الحمراء بين الشراب والغناء وفي طليعة ندمائه الأخطل الشاعر المسيحي الخليع فكانا يشربان ويسمعان الغناء وإذا أراد السفر صحبه معه ولمّا هلك يزيد وآلَ أمر الخلافة إلى عبد الملك بن مروان قرّبه فكان يدخل عليه بغير استئذان وعليه جبّة خزّ وفي عُنقه سلسلةٌ مِنْ ذهب والخمر يقطر مِنْ لحيته .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|