المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



مناظرة الامام الحسن لمعاوية  
  
5300   02:11 صباحاً   التاريخ: 7-4-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسن دراسة وتحليل
الجزء والصفحة : ج2 ، ص301-306
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي المجتبى / قضايا عامة /

ضاق معاوية ذرعا بالإمام حينما كان في دمشق فقد رأى من اقبال الناس واحتفائهم به ما ساءه فعقد عدة مجالس حشدها بالقوى المنحرفة عن أهل البيت والمعادية لهم كابن العاص والمغيرة بن شعبة ومروان بن الحكم والوليد بن عاقبة وزياد بن أبيه وعبد الله بن الزبير وأوعز لهم بالتطاول على ريحانة الرسول والنيل منه ليزهد الناس فيه ويشفي نفسه من ابن فاتح مكة ومحطم أوثان قريش وقد قابله هؤلاء الأوغاد بمرارة القول وبذاءة الكلام وبالغوا في الاستهتار والاعتداء عليه وكان (عليه السلام) يسدد لهم سهاما من منطقه الفياض فيرديهم صرعى يلاحقهم العار والخزي ويلمسهم مساوئهم وما عرفوا به من الزيغ والانحطاط كان يجيبهم وهو مكره ويرد على بذاءتهم وهو يقول : أما والله لو لا أن بني أميّة تنسبني الى العجز عن المقال لكففت تهاونا ولروعة كلامه وقوة حجته كان عبد الله بن عباس يقبل ما بين عينيه ويقول له : أفديك يا ابن العم والله ما زال بحرك يزخر وأنت تصول حتى شفيتني من أولاد ؛ لقد كان الإمام في جميع تلك المناظرات هو الظافر المنتصر وخصومه الضعفاء قد عرتهم الاستكانة والهزيمة والذهول وقد أوصاهم كبيرهم بعد ما شاهد أشلاءهم مضرجة بطعناته أن يجتنبوا محاوراته ؛وعلى أي حال فان نصوص هذه المشاجرات بصيغها البلاغية وقيمها الأدبية جديرة بالعرض كتراث عربي أصيل يدل بنفسه على صحة نسبه وتعطينا بأسلوبه وصياغته صورة عن أدب المشاجرات في عصره وقد تركت نوادي دمشق ومحافلها مشغولة بها ترددها مقرونة بالإكبار والتقدير للإمام وبالاستهانة والاحتقار لخصومه .

أقبل معاوية على الإمام (عليه السلام) فقال له : يا حسن أنا خير منك!!؛ فقال له : وكيف ذاك يا ابن هند؟!!

قال : لأن الناس قد أجمعوا عليّ ولم يجمعوا عليك.

وحيث أن الامرة لم تكن في الإسلام موجبة للتمايز وإنما توجبه التقوى وعمل الخير وقد انبرى (عليه السلام) مبطلا دعوى معاوية : هيهات!! لشر ما علوت به يا ابن آكلة الأكباد المجتمعون عليك رجلان بين مطيع ومكره فالطائع لك عاص لله والمكره معذور بكتاب الله وحاشا لله أن أقول أنا خير منك لأنك لا خير فيك فان الله قد برّ أني من الرذائل كما برّأك من الفضائل .

ان هذا هو منطق الثورة ومنطق الأحرار الذين يشجبون الظلم ويقاومون المنكر وليس هذا هو منطق من يريد العطاء والأموال.

ودخل الإمام على معاوية فلما رأى ابن العاص ما في الإمام من عظيم الهيبة والوقار ساءه ذلك وتميز من الغيظ والحسد فاندفع قائلا : قد جاءكم الفهه العي الذي كأن بين لحييه عقله .

وكان عبد الله بن جعفر حاضرا فلذعه قوله فصاح به : مه والله لقد رمت صخرة ململمة تنحط عنها السيول وتقصر دونها الوعول ولا تبلغها السهام فإياك والحسن إياك فانك لا تزل راتعا في لحم رجل من قريش ولقد رميت فما برح سهمك وقدحت فما أورى زندك .

وسمع الإمام الحديث فلما اكتظ مجلس معاوية بالناس انبرى (عليه السلام) فوجّه خطابه الى معاوية فألقى عليه ذنب وزيره ابن العاص وتهدده بإعلان الحرب عليه إن لم ينته عن مكره وغيه وذكر له الصفات الرفيعة الماثلة في شخصيته الكريمة قائلا : يا معاوية لا يزال عندك عبد راتعا في لحوم الناس أما والله لو شئت ليكونن بيننا ما تتفاقم فيه الامور وتحرّج منه الصدور ؛ ثم أنشأ يقول :

أتأمر يا معاوي عبد سهم            بشتمي والملا منّا شهود

إذا أخذت مجالسها قريش           فقد علمت قريش ما تريد

أأنت تظل تشتمني سفاها            لضغن ما يزول وما يبيد

فهل لك من أب كأبي تسامى         به من قد تسامى أو تكيد

لقد عرض (عليه السلام) بعض فضائله ومآثره ونشر مساوئ معاوية ومخازيه بهذا الكلام الرائع الذي تمثلت فيه بلاغة الإعجاز وروعة الإيجاز وسرعة البديهة وقوة الحجة فحط به من غلواء معاوية وأصاب أبرز مقوماته من حسبه المعروف ونسبه الموصوف فأين الفهاهة والعي يا ابن العاص؟.

وعظم أمر الإمام فى الشام فقد أقبلت الناس تترى لزيارته والى الاستماع لحديثه فملك (عليه السلام) القلوب والمشاعر والعواطف وتحدثت الأندية والمجالس بعظيم فضله ومواهبه ولما رأى ذلك أذناب معاوية وعملاؤه وهم : عمرو بن العاص والوليد بن عاقبة وعتبة بن أبي سفيان والمغيرة ابن شعبة فخافوا أن يحدث ما لا تحمد عقباه وينفلت الأمر من أيديهم وتندك عروش الدولة الأموية فعقدوا في البلاط الأموي اجتماعا وذكروا لمعاوية حفاوة الجماهير بالإمام وتكريمهم له وازدحامهم على زيارته وان وجوده فى دمشق خطر على الدولة الأموية وقد رأوا أن خير وسيلة للحط من كرامته ولإعراض الناس عنه أن يستدعوه فيتهمون أباه بقتل عثمان ويسبّونه على ذلك وهذا نص حديثهم : إن الحسن قد أحيا أباه وذكره وقال فصدّق وأمر فأطيع وخفقت له النعال وان ذلك لرافعه الى ما هو أعظم منه ولا يزال يبلغنا عنه ما يسوؤنا ؛ فقال لهم معاوية : ما تريدون؟ قالوا : ابعث عليه فليحضر لنسبه ونسب أباه ونعيّره ونوبخه ونخبره أن أباه قتل عثمان ونقرره بذلك ولا يستطيع أن يغير علينا شيئا من ذلك ؛ ولم يخف على معاوية سخافة رأيهم وبعد تفكيرهم عن الصواب وذلك لعلمه ان الإمام سوف يفلجهم ويخرج ظافرا بخزيهم فقال لهم : إني لا أرى ذلك ولا أفعله ؛فقالوا : عزمنا عليك يا أمير المؤمنين لتفعلن ؛ فقال : ويحكم لا تفعلوا فو الله ما رأيته قط جالسا عندي إلا خفت مقامه وعيبه لي ؛ فقالوا : ابعث إليه على كل حال ؛ فقال : إن بعثت إليه لأنصفنه منكم .

فقال ابن العاص : أتخشى أن يأتي باطله على حقنا أو يربى قوله على قولنا؟.

ولما رأى معاوية إصرارهم عليه قال لهم : أما إني إن بعثت إليه لآمرنه أن يتكلم بلسانه كله.

فقالوا له : مره بذلك ؛ وأجلبهم الى ما أرادوا وأمرهم أن يسلكوا خطة خاصة في حديثهم مع الإمام قائلا : أما إذا عصيتموني وبعثتم إليه وأبيتم إلا ذلك فلا تمرضوا له فى القول واعلموا أنهم أهل بيت لا يعيبهم العائب ولا يلصق بهم العار ولكن اقذفوه بحجره تقولون له : إن أباك قتل عثمان وكره خلافة الخلفاء من قبله ؛ ثم بعث خلف الإمام فقام (عليه السلام) واستدعى بثيابه فلبسها وعرف الغاية من هذه الدعوى فخرج وهو يدعو بهذا الدعاء : اللهم إني أعوذ بك من شرورهم وأدرأ بك في نحورهم وأستعين بك عليهم فاكفنيهم كيف شئت وأنّى شئت بحول منك وقوة يا أرحم ؛ ثم سار (عليه السلام) حتى انتهى الى معاوية فلما رآه مقبلا قابله بحفاوة وتكريم ثم التفت إليه معتذرا : يا أبا محمد إن هؤلاء بعثوا إليك وعصوني ؛ فانبرى إليه الإمام مبينا له عدم واقعية هذا الاعتذار قائلا : سبحان الله!! الدار دارك والإذن فيها إليك والله إن كنت أجبتهم الى ما أرادوا وما في أنفسهم إني لأستحي لك من الفحش وإن كانوا غلبوك على رأيك إني لأستحيي لك من الضعف فأيهما تقر وأيهما تنكر؟ أما أني لو علمت بمكانهم لجئت بمثلهم من بني عبد المطلب ومالي أن أكون مستوحشا منك ومنهم إن وليي الله وهو يتولى الصالحين.

فقال معاوية : إني كرهت أن أدعوك ولكن هؤلاء حملوني على ذلك مع كراهتي له وإن لك منهم النصف ومني وإنما دعوناك لنقررك أن عثمان قتل مظلوما وان أباك قتله فاستمع منهم ثم أجبهم ولا تمنعك وحدتك واجتماعهم أن تتكلم بكل لسانك .

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.