أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-12-2015
4728
التاريخ: 2023-11-15
1171
التاريخ: 6-12-2015
7799
التاريخ: 25-09-2014
5133
|
قال تعالى { قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (114) أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 112 - 115] .
تقول الآية الأُولى: (قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ) يخاطبهم سبحانه وتعالى يوم القيامة قائلا: كم سنة عشتم فوق الأرض؟
كلمة «الأرض» في هذه الآية وكذلك القرائن التي سوف تأتي لاحقاً تدلّ على أنّ السؤال هو عن مقدار عمرهم في الدنيا بالمقارنة مع أيّام الآخرة.
فما ذهب إليه بعض المفسّرين: من أنّ المراد من هذا الإستفسار هو عن السؤال مقدار إنتظارهم في عالم البرزخ، بعيد حسب الظاهر، رغم وجود شواهد قليلة على ذلك في آيات أُخرى (1).
إلاّ أنّهم يرون في هذه المقارنة أنّ الدنيا قصيرة جدّاً جدّاً (قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم).
والحقيقة أنّ الأعمار الطويلة في الدنيا كسحابة صيف لو قارناها بحياة الآخرة، حيث النعم الخالدة والعقاب غير المحدود.
وللتأكيد أو للردّ بدقّة قالوا (فاسأل العادين) أي: ربّاه اسأل الذين يعرفون أن يعدّوا الأعداد ويحسبوها بدقّة حين مقارنة بعضها مع بعض، ويمكن أن يكون القصد من كلمة «العادّين» الملائكة الذين يحسبون أعمار الناس وأعمالهم بدقّة، لأنّ هؤلاء يجيدون الحساب أفضل من غيرهم.
وهنا يؤنّبهم الله ويستهزىء بهم (قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ). فسوف يدركون يوم القيامة مدى قصر عمر الدنيا المحدود بالنسبة لعمر الآخرة الممدود، فالعمر الأوّل ما هو إلاّ كلمحة بصر. ولكنّهم كانوا يتصوّرونه خالداً، لأنّ حجب الغفلة وآثارها قد أسدلت على قلوبهم، فحجبتها عن رؤية الحقّ، فاستهانوا بالآخرة وحسبوها وعداً آجلا بعيداً، لهذا قال لهم الله عزّوجلّ: لو أنّكم كنتم تعلمون لأدركتم هذه الحقيقة التي توصّلتم إليها يوم القيامة في دنياكم (2).
وإستعملت الآية اُسلوباً مؤثّراً آخر لإيقاظ هذه الفئة وتعليمها (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ) هذه العبارة الموجزة والعميقة تبيّن واحداً من أقوى الأدلّة على البعث وحساب الأعمال والجزاء، وتعني أنّ الحياة الدنيا تصبح عبثاً إن لم تكن القيامة والمعاد. فالدنيا بما فيها من مشاكل وما وضع فيها الله من مناهج ومسؤوليات وبرامج، تكون عبثاً وبلا معنى إن كانت لأيّام معدودات فقط، كما سنشرح ذلك في المسائل الآتية.
وبما أنّ عدم عبثيّة الخلق أمر مهمّ يحتاج إلى دليل رصين، أضافت الآية { فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون: 116].
فإنّ الذي يقوم بعمل تافه ـ في الواقع ـ هو الجاهل غير الواعي أو الضعيف غير القادر، أو من هو بالذات تافه خاو.
أمّا «الله» الذي جمع الكمال في صفاته.
وهو «الملك» الذي يملك جميع الكائنات ويحكم عليها وهو «الحقّ» الذي لا يصدر منه غير الحقّ، فكيف يخلق الوجود عبثاً بلا غاية.
ولو توهّم أحد الأشخاص بأنّه يمكن أن يوجد من يمنعه من الوصول إلى هدفه، فإنّ عبارة (لا إله إلاّ هو ربّ العرش الكريم) تنفي ذلك وتؤكّد ربوبيّته ومفهومها أنّ هذا المالك مصلح وهادف في خلقه للعالم.
وبإختصار نقول: إنّه إضافة إلى ذكر كلمة «الله» التي هي إشارة إلى صفاته الكمالية في ذاته، ذكرت الآية أربع صفات بشكل صريح: مالكية وحاكمية الله، ثمّ حقّانيّة وجوده، وكذلك عدم وجود شريك له، وأخيراً مقام ربوبيّته. وهذا كلّه دليل على أنّه تعالى لا يقوم بعمل عبثاً، كما أنّه لم يخلق البشر عبثاً.
كلمة «العرش» كما أشرنا سابقاً، هي إشارة إلى أنّ عالم الوجود كلّه الخاضع لحكم الله (لأنّ العرش في اللغة يعني السرير ذي الأرجل العالية والخاصّ بالحكّام، وهذه كناية عن حكم الله المطلق). وللإطلاع أوسع على معنى العرش في القرآن المجيد يراجع التّفسير الأمثل تفسير الآية 54 من سورة الأعراف.
وسبب توصيف العرش بالكريم، هو أنّ كلمة «الكريم» تعني بالأصل الشريف والمفيد والجيّد، وبما أنّ عرش الله سبحانه وتعالى له هذه الصفات، فقد سمّي بالكريم.
ولابدّ من القول بأنّ صفة الكريم لا تخصّ العاقل فقط، بل تطلق على غيره في اللغة العربية. كما نشاهد ذلك في سورة الحجّ الآية 50 الخاصّة بالمؤمنين الصالحين (لهم مغفرة ورزق كريم) أي رزق ذو بركة. وكما يقول الراغب الاصفهاني في مفرداته: الكرم لا يقال إلاّ في المحاسن الكبيرة، كمن ينفق مالا في تجهيز جيش في سبيل الله، أو تحمّل حمالة ترقىء دماء قوم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ نقرأ في سورة الروم الآية (55) و56): (ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون، وقال الذين أتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث، وهذا يوم البعث ولكنّكم كنتم لا تعلمون) تبيّن هاتان الآيتان أنّ الإستفسار والردّ خاص بالتوقّف في البرزخ، وإذا جعلناه دليلا على الآيات موضع البحث، فمفهومها سيكون أيضاً التوقّف في البرزخ، إلاّ أنّه كما قلنا: إنّ الدلائل الموجودة ـ في الآيات موضع البحث ـ مقدّمة عليها، وإنّها تبيّن أنّ الإستفسار وجوابه يخصّ التوقّف في الدنيا.
2 ـ إن «لو» في الآية السابقة شرطية كما قلنا سابقاً. وهناك جملة تقديريّة محذوفة فتكون «لو أنّكم كنتم تعلمون» لعلمتم أنّكم ما لبثتم إلاّ قليلا، وقال بعض المفسّرين أن «لو» تعني هنا «ليت» وبهذا تكون الجملة بهذا الشكل «ليتكم علمتم بهذا الموضوع في دنياكم».
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
وفد كلية الزراعة في جامعة كربلاء يشيد بمشروع الحزام الأخضر
|
|
|