أصناف المستحقين للزكاة ثمانية‌ بإجماع العلماء ، وهم الذين ذكرهم الله تعالى في قوله {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ } [التوبة: 60].

وقد اختلف الفقهاء في الفقراء والمساكين أيّهما أسوأ حالا ، فقال الشيخ : الفقير : الذي لا شي‌ء له ، والمسكين هو : الذي له بلغة من العيش لا تكفيه (1). فجعل الفقير أسوأ حالا ، وبه قال الشافعي والأصمعي (2) ، لأنّه تعالى بدأ به ، والابتداء يدلّ على شدّة العناية والاهتمام في لغة العرب.

ولأنّ  النبي صلى الله عليه وآله استعاذ من الفقر (3) ، وقال : ( اللهم أحيني مسكينا ، وأمتني مسكينا ، واحشرني في زمرة المساكين ) (4).

ولقوله تعالى {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ } [الكهف: 79] وهي تساوي جملة من المال.

ولأنّ الفقر مشتق من كسر الفقار وذلك مهلك.

وقال آخرون : المسكين أسوأ حالا من الفقير (5). وبه قال أبو حنيفة والفراء وثعلب وابن قتيبة، واختاره أبو إسحاق (6) ، لقوله تعالى {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ } [البلد: 16] وهو المطروح على التراب ، لشدّة حاجته ، ولأنّه يؤكّد به ، ولقول الشاعر :

              أمّا الفقير الذي كانت حلوبته         وفق العيال فلم يترك له سبد (7)

والمروي عن أهل البيت : هذا ، قال  الصادق عليه السلام : « الفقير : الذي لا يسأل ، والمسكين أجهد منه ، والبائس أجهدهم » (8).

ولا فائدة للفرق بينهما في هذا الباب ، لأنّ الزكاة تدفع إلى كلّ منهما ، والعرب تستعمل كلّ واحد منهما في معنى الآخر.

نعم يحتاج إلى الفرق بينهما في باب الوصايا والنذور وغيرهما ، والضابط في الاستحقاق : عدم الغنى الشامل لهما.

__________________

(1) المبسوط للطوسي 1 : 246 ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : 206.

(2) المجموع 6 : 196 ـ 197 ، حلية العلماء 3 : 151 ـ 152 ، المغني 7 : 313.

(3) سنن النسائي 8 : 261 ، سنن البيهقي 7 : 12 ، المستدرك ـ للحاكم ـ 1 : 540 ـ 541 ، مسند أحمد 2 : 305 ، 325 ، 354.

(4) سنن الترمذي 4 : 577 ـ 2352 ، سنن ابن ماجة 2 : 1381 ـ 4126 ، سنن البيهقي 7 : 12 ، المستدرك ـ للحاكم ـ 4 : 322.

(5) منهم : الشيخ المفيد في المقنعة : 39 ، وسلاّر في المراسم : 132.

(6) المبسوط ـ للسرخسي ـ 3 : 8 ، اللباب 1 : 153 ـ 154 ، المجموع 6 : 196 ، حلية العلماء 3 : 152 ، المغني 7 : 313 ، تفسير غريب القرآن ـ لابن قتيبة ـ : 188 ، أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ 3 : 122.

(7) البيت للراعي ، كما في تهذيب اللغة ـ للأزهري ـ 9 : 114.

(8) الكافي 3 : 501 ـ 16 ، التهذيب 4 : 104 ـ 297.