أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-10-2014
1372
التاريخ: 10-10-2014
1277
التاريخ: 10-10-2014
1760
التاريخ: 4-1-2016
3334
|
لا يخفى أن بعض العلماء قد ادعى تواتر القراءات السبع - أعني قراءات :
ابن عامر الدمشقي ، وابن كثير المكي ، وعاصم الكوفي ، وأبو عمرو ابن العلاء البصري ، وحمزة الكوفي ، ونافع المدني ، والكسائي الكوفي - وبعضهم ادعى تواتر ثلاث اخر مع هذه السبع ، وهي قراءة خلف ويعقوب ويزيد بن القعقاع.
فممن ادعى ذلك :
١ - العلامة الحلي (قدس سره) حيث قال : يجوز أن يقرأ بأي قراءة شاء من السبع ، لتواترها أجمع (١).
٢ - الشهيد الأول (الشيخ محمد بن مكي العاملي أعلى الله مقامه) حيث قال : يجوز القراءة بالمتواتر ، ولا يجوز بالشواذ ، ومنع بعض الأصحاب من قراءة أبي جعفر ويعقوب وخلف وهي كمال العشر ، والأصح جوازها ، لثبوت تواترها كثبوت قراءة القراء السبعة (٢).
٣ - الحاجبي والعضدي في المنهاج ، استنادا إلى أنه لو لم تكن السبع متواترة للزم أن لا تكون بعض القراءات متواترة ، كمالك وملك ، ونحوهما. وهو باطل.
ثم ذكرا أوجه الملازمة المذكورة (٣).
٤ - المشهور عند علماء أهل السنة ، على ما نسب إليهم (4). قال أبو شامة (5) في مرشده : قد شاع على ألسنة جماعة من المقرئين المتأخرين وغيرهم من المقلدين أن القراءات السبع كلها متواترة ، أي فرد فرد ما روي عن هؤلاء الأئمة السبعة.
قالوا : والقطع بأنها منزلة من عند الله واجب ، ونحن بهذا نقول ، ولكن فيما اجتمعت على نقله عنهم الطرق (6).
٥ - أحمد بن محمد الشهير بالبناء ، حيث إنه - بعد أن نقل عن بعض : أن القراءات العشر متواترة ومعلومة من الدين بالضرورة ، وأنها منزلة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) - قال : والحاصل : أن السبع متواترة اتفاقا ، وكذا الثلاث على الأصح ، وهو الذي تلقيناه من عامة شيوخنا (7).
هذا ، ولكننا نجد في المقابل أن كثيرا من العلماء قد صرحوا بعدم تواتر القراءات ، ونذكر منهم :
١ - أبو شامة ، قال في كتابه المرشد الوجيز : لا ينبغي أن يغتر بكل قراءة تعزى إلى واحد من هؤلاء الأئمة السبعة ويطلق عليها لفظ الصحة ، وأنها كذلك أنزلت - إلى أن قال : - والقراءات المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ (8).
٢ - ابن الجزري ، قال : كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا وصح سندها فهي القراءة الصحيحة - إلى أن قال : - ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة اطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة ، سواء كانت عن السبعة أو عمن هو أكبر منهم. هذا هو المحقق من السلف والخلف ، صرح بذلك الإمام الحافظ أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (9).
٣ - الرافعي ، وقد قال : وقراءات هؤلاء السبعة هي المتفق عليها إجماعا ، ولكل منهم سند في روايته وطريق الرواية عنه ، وكل ذلك محفوظ ثبت في كتب هذا العلم (10).
ويستفاد من قوله : " هي المتفق عليها إجماعا " هو أن القراءات حجة بالإجماع ، لا أنها قراءات النبي (صلى الله عليه وآله) معلومة بالتواتر ، ويشهد لهذا قوله فيما بعد " والسبب في الاقتصار على السبعة هو أنهم مشهورون بالثقة والأمانة وطول العمر ". وواضح أن القراءات لو كانت متواترة لما عبر بهذه التعبيرات.
ومن الإمامية نذكر :
٤ - الشهيد الثاني (زين الدين بن علي الجبعي العاملي (رحمه الله)) حيث قال في شرح الألفية : واعلم أنه ليس المراد أن كل ما ورد من هذه القراءات متواتر ، بل المراد انحصار المتواتر الآن فيما نقل من هذه القراءات ، فإن بعض ما نقل من السبعة شاذ ، فضلا عن غيرهم ، كما حققه جماعة من أهل هذا الشأن (11).
٥ - السيد الجزائري (رحمه الله) ، فإنه بعد أن قال بعدم التواتر قال : نعم ، اتفق التواتر في الطبقات اللاحقة (12).
٦ - الميرزا القمي (رحمه الله) قال : إن كان المراد من تواتر القراءات تواترها عن النبي (صلى الله عليه وآله) فيشكل على ما ذكرنا في القانون السابق ، وإن كان المراد تواترها عن الأئمة - بمعنى تجويزهم قراءتها والعمل على مقتضاها - فهذا هو الذي يمكن أن يدعى معلوميته من الشارع ، لأمرهم بقراءة القرآن كما يقرأ الناس (13).
٧ - الشيخ الأنصاري في الفرائد ، والشيخ الخراساني في كفاية الأصول ، والشيخ الحائري اليزدي في كتاب الصلاة ، والإمام الخوئي في تفسير البيان ، وغيرهم ممن قارب هذا العصر ، ممن يقول بعدم تواتر القراءات ، مع القول بجواز القراءة بكل من القراءات السبع.
تلك هي الأقوال في تواتر القراءات وعدمها ، وهي توضح أنه لا إجماع على تواتر القراءات ولا على عدمه ، ومن هنا فلا مضايقة في أن يختار الباحث أيا من القولين ، إذا قام لديه الدليل على ضرورة أو رجحان الالتزام به ، ولا يكون بذلك مخالفا للإجماع ، ولا لما هو معلوم بالضرورة.
اختلاف القراءات على نحوين :
أحدهما : الاختلاف في المواد ، الناشئ عن الفهم الخاطئ لحديث " نزل القرآن على سبعة أحرف " حيث فهم منه عبد الله بن مسعود وغيره من القراء جواز قراءة القرآن على سبعة أنحاء ، بمعنى أنه يجوز تبديل الألفاظ القرآنية بمرادفاتها ، وقد نقل عن ابن مسعود أنه بدل قوله تعالى : * {كالعهن المنفوش} * بقوله " كالصوف المنفوش " وبدل أبي بن كعب قوله تعالى : * {كلما أضاء لهم مشوا فيه} * بقوله " مروا فيه " أو " سعوا فيه ". وقرأ أنس : * {هي أشد وطأ وأقوم قيلا} * : " وأصوب قيلا " معللا ذلك بأن أصوب وأقوم وأهيأ بمعنى واحد.
وبعد أن اشتد هذا التبديل وبلغ حدا أفزع حذيفة فقدم على عثمان ، وقال له :
أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى ، وفي رواية : أن عثمان قال له : وما ذلك ؟ قال حذيفة : إن أهل العراق يقرأون بقراءة ابن مسعود ، فيأتون بما لم يسمع أهل الشام فيكفر بعضهم بعضا.
وقد قدمنا في مقال سابق أن معنى حديث " نزل القرآن على سبعة أحرف " ليس هو على ما فهمه ابن مسعود ، بل المراد هو وجود المعاني فراجع (14).
وكيف كان ، فقد أمر عثمان عدة من الصحابة بكتابة مصحف مطابق للمصحف الذي كتب في عصر أبي بكر ، عن ذلك الذي كتب في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) وجمع الناس على قراءة واحدة مطابقة للألفاظ الواردة فيه وقضى على الألفاظ المترادفة ولم يبق منها شيئا.
ثانيهما : الاختلاف في صور الألفاظ القرآنية ، والظاهر أن منشأ هذا هو خلو المصاحف عن النقط والشكل ، حيث إن الكلمات الخالية عن ذلك يختلف الناس في قراءتها بحسب أذواقهم وأفهامهم.
وقد بدأ هذا الاختلاف بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) وصحابته الذين سمعوا القرآن منه فكانوا يقرأونه حسب سماعهم ، والقرآن في عهدهم مسموع لا مكتوب.
وأما البعيدون عن مركز الدعوة وعن النبي (صلى الله عليه وآله) وصحابته فلابد وأن يعتمدوا على القرآن المكتوب لا المسموع ، والمكتوب كان فاقدا للنقط والإعراب مما يوجب اختلافهم في كيفية قراءته ، ثم يزيد الاختلاف بازدياد القراء باستمرار.
وكمثال على ذلك نشير إلى الاختلاف الواقع في قوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة : 6].
ففي قوله " أأنذرتهم " قرأ عاصم وحمزة والكسائي بهمزتين ، وقرأ أهل الحجاز وأبو عمرو بالمد وتليين الهمزة الثانية ، وقرأ ابن عامر بألف بين همزتين ، نقل هذه القراءات الثلاث الطبرسي (رحمه الله) في مجمع البيان.
وقرأ ابن محيض بهمزة واحدة على لفظ الخبر ، وهمزة الاستفهام مرادة. وقرأ الأكثرون على لفظ الاستفهام ، إلا أن أكثر العرب لا يحقق الهمزتين ، لأن الهمزة تخرج بكلفة ، فالنطق بها يشبه التهوع. ومنهم من يحقق الأولى ويجعل الثانية بين بين ، أي بين الهمزة والألف. ومنهم من يجعل الثانية ألفا صحيحا ، كما فعل ذلك في آدم. ومنهم من يحقق الهمزتين ويفصل بينهما بألف. ومن العرب من يبدل الأولى
هاء ويحقق الثانية. هذا ما ذكره بعض وقال أيضا : أما " عليهم " ففيه عشر لغات ، وكلها قد قرئ به (15).
ويشهد لما قلنا - من أن المصاحف التي كتبت في زمن عثمان كانت خالية من النقط والإعراب وأن ذلك كان منشأ اختلاف في القراءة - ما ذكره ابن الجزري ، حيث قال في ضمن كلام له : إن المصاحف كتبت في خلافة عثمان من المصحف الذي كان عند حفصة ، فوجه بمصحف إلى البصرة ومصحف إلى الكوفة ومصحف إلى الشام ، وترك مصحفا بالمدينة ، وأمسك لنفسه مصحفا الذي يقال له الإمام ، ووجه بمصحف إلى مكة وبمصحف إلى اليمن وبمصحف إلى البحرين - إلى أن قال : - وجردت المصاحف جميعا من النقط والشكل ، ليحتملها ما صح نقله وثبت تلاوته عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، إذ كان الاعتماد على الحفظ لا مجرد الخط (16). ثم قال ما حاصله : ثم إن القراء كثروا ، وكثر بينهم الاختلاف ، وكاد الباطل يلتبس بالحق ، فقام جهابذة علماء الأمة ، فبالغوا في الاجتهاد ، وبينوا الحق المراد ، وميزوه بأصول أصلوها ، ونعول كما عولوا عليها ، فنقول : كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا وصح سندها فهي القراءة الصحيحة ، سواء كانت عن الأئمة السبعة أو العشرة أم عن غيرهم.
ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة اطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة ، سواء كانت عن السبعة أو عمن هو أكبر منهم (17).
ويستفاد من كلامه أنه لا يقول بتواتر القراءات كما سبق ، وإلا لما صح منه تأسيس أصل للصحة وعدمها. ويبدو أن هذا هو الحق ، وذلك لأمور :
أولا : ما ذكره أصحاب التراجم من أنه ليس لمشايخ القراءات أسانيد كثيرة جامعة لشروط التواتر ، الذي معناه امتناع اجتماع الرواة على الكذب عادة.
هذا ، ولو سلمنا التواتر فإنما هو عن المشايخ السبعة فقط كما عن الزركشي في البرهان الذي قال : إن القراءات السبع متواترة عند الجمهور ، وقيل : بل هي مشهورة ، والتحقيق أنها متواترة عن الأئمة السبعة ، أما تواترها عن النبي (صلى الله عليه وآله) ففيه نظر (18).
ثانيا : ما قيل من أننا ولو سلمنا التواتر في الطبقات السابقة واللاحقة بهم لكن التواتر منقطع بهؤلاء المشايخ أنفسهم ، لأنهم تفردوا برواية قراءاتهم لتلامذتهم.
ثالثا : أن طعن بعض العلماء على بعض القراء السبعة يكشف عن عدم التواتر ، إذ لا يجوز الطعن في المتواتر. فقد نقل عن أحمد إمام الحنابلة أنه يكره أن يصلي خلف من يصلي بقراءة حمزة. وعن ابن مهدي أنه قال : لو كان لي سلطان على من يقرأ قراءة حمزة لأوجعت ظهره وبطنه (19).
رابعا : أن المراد من " نزول القرآن على سبعة أحرف " الوارد في الحديث ليس هو القراءات السبع ، حتى تكون متواترة لتواتر حديث سبعة أحرف ، بمعنى أن الدال على القراءات متواتر فتكون القراءات نفسها ثابتة لثبوت ما يدل عليها.
إذ من الواضح ، أنه لا تلازم بينهما ، إذ يمكن أن يكون الحديث متواترا والقراءات نفسها غير متواترة. هذا عدا عن أن المقصود به هو وجوه المعاني لا القراءات حسب ما أوضحناه.
وعن أبي شامة وابن عمار ومكي : أن من ظن أن القراءات السبع هي المذكورة في حديث " نزل القرآن على سبعة أحرف " فقد غلط غلطا عظيما ، أو كان من الجهل ، أو خلاف الإجماع (20).
وخلاصة القول : إن تواتر القراءات سبع كانت أو أكثر لم يثبت ، ولا إجماع عليه لا عند الإمامية ولا عند غيرهم ، فللباحث إذا أن يطلب دليلا على جواز القراءة بالقراءات كلا أو بعضا نفيا أو إثباتا ، من دون أن يخاف من إجماع الأمة على التواتر.
______________________
(١) منتهى المطلب : ص ٢٧٤ كتاب الصلاة باب القراءة.
(٢) ذكرى الشيعة : كتاب الصلاة الواجب الرابع.
(٣) إيضاح الفرائد للتنكابني : ج ١ ص ١٩٣.
(4) تفسير البيان للإمام الخوئي : ص ٩٢ نقلا عن البعض.
(5) أبو شامة : هو شهاب الدين الشافعي المقري النحوي ، ولد بدمشق سنة ٥٩٦ ه. وأتقن الفقه ، ودرس وأفتى ، وبرع في العربية ، وصنف شرحا للشاطبية ، توفي بدمشق سنة ٦٦٥ ه. (راجع الكنى والألقاب للمحدث القمي (رحمه الله)).
(6) نقله عنه ابن الجزري في النشر في القراءات العشر : ج ١ ص ١٣.
(7) إتحاف فضلاء البشر : ص ٤.
(8) نقله عنه ابن الجزري في النشر في القراءات العشر : ج ١ ص ٩.
(9) النشر في القراءات العشر : ج ١ ص ٩.
(10) إعجاز القرآن : ص ٥١.
(11) نقله عنهما الآشتياني في بحر الفوائد في شرح الفرائد : ص ٩٤.
(12) نقله عنهما الآشتياني في بحر الفوائد في شرح الفرائد : ص ٩٤.
(13) القوانين : ج ١ ص ٣٩٠.
(14) راجع موضوع " حديث نزول القرآن على سبعة أحرف " من هذا الكتاب.
(15) إملاء ما من به الرحمن لأبي البقاء العكبري : ص ١٤.
(16) النشر في القراءات العشر : ج ١ ص ٧ و ٩.
(17) النشر في القراءات العشر : ج ١ ص ٧ و ٩.
(18) نقله عنه السيوطي في الإتقان : ج ١ ص ٨٢.
(19) تفسير البيان : ص ١٣٧.
(20) نقله عنهم السيوطي في الإتقان : ج ١ ص ٨٢.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|