خوصصة البنوك العامة (مـفهـوم خـوصصة البـنوك والأبـعاد المـختلفـة لـهـا) |
76
05:16 مساءً
التاريخ: 2024-12-25
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-12-15
163
التاريخ: 31-10-2016
2262
التاريخ: 2023-05-14
1112
التاريخ: 2024-12-15
145
|
المبحث الثالث
خوصصة البنوك العامة
إن تناول موضوع خوصصة البنوك يأتي ضمن الانعكاسات والتغيرات الأساسية التي أحدثتها العولمة على الجهاز المصرفي ، ومن ثم أصبح من الموضوعات الأساسية التي يجب التعامل معها في مجال اقتصاديات البنوك لما له من تأثير واضح على تلك الاقتصاديات في الوقت الحاضر وفي المستقبل مما فرض ضرورة التعاطي الجدي والحذر مع هذا الموضوع وتوضيح الجوانب المختلفة المتعلقة به، وهذا ما سنعمل على تتبعه من خلال النقاط التالية :
ـ خوصصة البنوك والأبعاد المختلفة لها.
ـ دوافع وأهداف خوصصة البنوك وضوابط نجاحها.
المطلب الأول - مفهوم خوصصة البنوك والأبعاد المختلفة لها
أولاً : مفهوم الخوصصة
تعتبر كلمة خوصصة * كلمة حديثة النشأة، فالعبارتين"privatize" و"privatization" ظهرتا لأول مرة في الطبعة التاسعة لـ Weboters New Collegate Dictionnary في سنة 1983 ، أول استعمال لهذه الكلمة كان في سنة 1948 في أمريكا حيث كانت أكبر المصطلحات ثورية في التاريخ الحديث للسياسة الاقتصادية.
لقد تعددت المفاهيم والتعاريف المقدمة لمصطلح الخوصصة أو الخصخصة كما تعددت رؤى الاقتصاديين لهذا المفهوم وبصفة عامة يمكن ذكر بعض من هذه التعاريف التي تعرضت لمفهوم الخوصصة.
فقد عرفت الخوصصة على أنها " العملية التي يتم بمقتضاها التنازل أو بيع أصول المؤسسة العمومية إلى مؤسسات أو أشخاص طبيعيين خواص"
وهناك من عرفها على أساس "أنها العملية التي يتم بمقتضاها إسناد الإشراف أو إدارة المؤسسة العمومية إلى أشخاص طبيعيين أو معنويين".
في حين عرفها الأستاذ الحسين بن سعد في كتابة الجزائر إعادة الهيكلة والإصلاحات الاقتصادية ( 1980 ـ1993) على أنها " الطريقة التي يتم من خلالها إدخال طرق الإدارة ورأس المال الخاص إلى المؤسسات العمومية"
فاختلاف هذه التعاريف ما هو إلا دلالة على شدة الجدل القائم حول هذا الموضوع، أما من وجهة نظر المؤسسات النقدية والمالية الدولية فإن مفهوم الخوصصة يعني "تخلي الدولة الجزئي أو الكلي عن المجال الاقتصادي".
كما عرفها أيضاً البنك الدولي بأنها الزيادة في مشاركة القطاع الخاص في إدارة ملكية الأنشطة والأصول التي تسيطر عليها الحكومة أو تمتلكها.
في حين يرى البعض أن مفهوم الخوصصة يتمثل في الاتجاهات التالية :
ــ الخوصصة تعني توسيع الملكية الخاصة، وهذا من خلال منح دور متزايد للقطاع الخاص داخل الاقتصاد، وهو المفهوم الذي عرف إتباعاً متزايداً من قبل العديد من الدول، ويتم من خلال التخفيض التدريجي لدور القطاع العام في النشاط الاقتصادي، وذلك بزيادة نصيب القطاع الخاص عن طريق عقود الإيجار ومنح الامتيازات.
ــ الخوصصة تعني التخلص من الوحدات الخاسرة في القطاع العام، وذلك من خلال تحويل هذه الوحدات إلى القطاع الخاص وتشجيعه لتحقيق إنتاجية وربحية أعلى، وبالتالي التخلص من الأنشطة الخاسرة للدولة وانتشال الاقتصاد من عثرته.
ـ الخوصصة تعنى الرغبة في التخلص من الاقتصاد الاشتراكي، فقد تبنت معظم النظم الاقتصادية في العالم نهج اقتصاد السوق وحتى الدول التي لا تزال تتمسك بالنموذج الاشتراكي بدأت بشكل بطيء وغير معلن تتبنى مفهوم الخوصصة.
ـ والخوصصة عكس التأميم ، فبعكس التأميم الذي يعني تحول الملكية الخاصة إلى العامة . يشير مصطلح "الخوصصة" إلى الاتجاه المعاكس مع الاختلاف الكبير من حيث الأوضاع الأساليب والإجراءات التي ترافق كلا منهما.
من خلال التعريفات السابقة التي تعرضنا لها يمكننا الخروج بتعريف شامل لمصطلح الخوصصة على " أنه العملية التي يتم فيها منح دور متزايد للقطاع الخاص في النشاط الاقتصادي من خلال طرق متعددة تتضمن نقل الملكية، المشاركة فيها أو تأجير هذه الممتلكات"، والهدف أننا لا نشير إلى الهدف في حد ذاته بل وسيلة الوصول إلى الأهداف التي لا يمكن تحقيقها بواسطة القطاع العام.
أما فيما يخص خوصصة البنوك أو المصارف، فهي قيام الدولة بتحويل ملكية المصارف جزئياً أو كلياً إلى القطاع الخاص ( المحلي أو الأجنبي) بهدف تطوير قطاع الأعمال ونموه وإدارته من خلال آليات السوق وفتح أسواق جديدة محلياً وخارجياً أمام الخدمات المقدمة.
بعد تعرضنا لمفهوم الخوصصة ولكي تتضح أبعادها سنحاول تسليط الضوء على مختلف الأبعاد المرتبطة بها.
ثانياً ــ الأبعاد المختلفة لخوصصة البنوك
إن خوصصة البنوك لها العديد من الأبعاد التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند تطبيق برنامج ناجح لخوصصة البنوك حيث توجد أبعاد مختلفة تحكم عملية خوصصة البنوك ولعل من أهمها ما يلي:
1- البعد الإداري:
يتيح هذا البعد إمكانية التخلص من النظم الإدارية والتنظيمية المطبقة في ظل الملكية العامة بالرغم من تمتع بحرية اتخاذ القرارات التي تتلاءم مع أهداف البنك وسياساته الحالية والمستقبلية، إلا أن هذه الحرية عادة ما تحد منها تعليمات حكومية لها تأثيرها على مجالات التوظيف واستثمار أموال البنوك، فضلاً عن عدم وجود استقلال تام لكل بنك في وضع سياسات العمالة وأنشطة الشراء والبيع والخدمات المصرفية المتنوعة.
2- البعد التنموي للبنوك العامة وضرورة مراعاته:
إن البنوك العامة ساهمت وتساهم بشكل كبير في دعم عمليات التنمية من خلال دورها الهام في جلب المدخرات المحلية ، تمويل المشاريع الإنتاجية ، المشروعات القومية العملاقة، وغيرها من الأدوار الهامة التي تعتبر هذه البنوك الأقدر على القيام بها، وعليه فهذا البعد يشير إلى أن خوصصة البنوك العامة يجب أن تتم بدون الإخلال بالدور الذي تلعبه هذه البنوك في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
3 ـ البعد الاجتماعي للبنوك العامة وكيفية التعامل معه :
تتحمل البنوك العامة ما يسمى بالمسؤولية الاجتماعية من حيث حجم العمالة الكبيرة الموجودة في هذه البنوك بينما تتجه البنوك الخاصة إلى تطبيق تكنولوجيا الخدمات المصرفية، وهذه الأخيرة تدفع بالبنوك العامة إلى وضع حلول علاجية لما يمكن أن تتركه الخوصصة من أثر في هذا المجال، حيث يمكن اللجوء إلى إتباع طرق وتقنيات وأساليب معروفة في مثل هذه الحالات.
4- البعد الخاص باختيار الطرق والأساليب المناسبة لخوصصة البنوك :
هناك عدة طرق لخوصصة البنوك نذكر منها :
أ ـ التنازل في السوق المالي:
تتم عملية الخوصصة بتقنيتين إما عن طريق البيع بالمناقصة بسعر افتتاحي قابل للارتفاع أو البيع عن طريق سعر محدد.
ـ البيع بالمناقصة :
تتم عملية البيع بالمناقصة بإيجابيات نظرية تتم على أساس السوق، كما أنها تتجنب تثبيت سعر إصدار أعلى أو أقل من القيم الحقيقية للمؤسسة في حين يتعين على الدولة تعظيم أرباح البيع، في المقابل تعتبر هذه العملية معقدة ولا تشجع صغار حاملي السندات.
ـ البيع عن طريق سعر محدد :
يكون السهم مسعراً مسبقاً ومن إيجابياته أنه يؤمن دخلاً معلوماً محدداً مسبقاً للدولة كما أنها توفر فرصاً لصغار حاملي السندات، في المقابل تشكل خطراً على النقابة وبالتالي يكون التسويق عال، وتتم خوصصة المصارف في السوق المالي ( البورصة)، هذا الأسلوب له مزايا كما له مخاطر ومن مزايا هذا الأسلوب نذكر ما يلي :
1 . توسيع عدد المساهمين عن طريق طرح الأسهم لمختلف المستثمرين.
2 . إشهار أرباح المؤسسة المصرفية المعنية بالخوصصة.
3 . تنشيط سوق الأوراق المالية.
ب ـ التنازل خارج السوق المالي
و تتم عملية الخوصصة عن طريق تحويل الملكية بالتراضي، أي بيع الأسهم بسعر محدد لجزء أو لكل رأس المال لأحد أو مجموعة من المستثمرين المختارين واللجوء إلى التنازل الودي أو بالتراضي.
إن استعمال هذه التقنية يستجيب لعدة أسباب منها :
- استحالة البت في العملية على مستوى البورصة.
- محاولة الحفاظ على رقابة نشاط المؤسسة المصرفية .
ـ ضرورة إعادة هيكلة المصرف.
ج ـ خوصصة الإدارة:
و هذا عن طريق الاحتفاظ بالملكية العامة لرأس المال، وتتمثل فوائد هذا الأسلوب في التغلب على مشاكل عدم مرونة العمالة الحكومية مع التغيرات في طبيعة العمل وظروفه، والتخلص أيضاً من أعباء التسيير اليومي للمصارف والنفقات الإضافية.
د ـ البيع لمستثمر رئيسي:
هذا الأسلوب يتميز بدرجة عالية من التكنولوجيا والإمكانيات الواسعة، وذلك من أجل تحسين أداء المصرف ورفع كفاءته، ويستخدم هذا الأسلوب طالما تمتع المصرف المركزي بالقوة والاستقلالية والفعالية في ضبط السوق النقدي والمالي، وحماية أموال المودعين والقيام بالرقابة الفعالة على المصارف.
5- البعد الزمني لخوصصة البنوك :
يشير هذا البعد إلى اتجاهين رئيسيين هما :
الاتجاه الأول: يرى أصحاب هذا الاتجاه أنه من الأفضل تأجيل خوصصة البنوك إلى غاية الانتهاء من خوصصة المشروعات الإنتاجية وغير الإنتاجية، وهذا لتسهيل العمليات المالية بين المشروعات والبنوك، هذا العمل سيعمل على تحسين وضعية البنوك.
الاتجاه الثاني: عكس الاتجاه الأول ؛ هذا الاتجاه يفضل أصحابه البدء بخوصصة البنوك في مرحلة مبكرة ودون تأجيل ، وهذا من خلال طريقة منظمة وتدريجية تضمن رواج أسهم البنوك على حساب أسهم القطاعات الأخرى مع إحداث توازن داخل سوق رأس المال.
6- البعد القانوني لخوصصة البنوك :
يتحقق هذا البعد من خلال وضع التشريعات والقوانين المناسبة لإيجاد قاعدة قانونية مثبتة تضمن التحول السليم للبنوك العامة إلى الملكية الخاصة وتوضح مختلف الجوانب النظامية المتعلقة بهذه العملية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* يمكن أن يحدها بمصطلحات مختلفة ولكن تدل على نفس المعنى كالخصخصة أو التمليك للخواص وهي ترجمة لكلمة privé.
|
|
لمكافحة الاكتئاب.. عليك بالمشي يوميا هذه المسافة
|
|
|
|
|
تحذيرات من ثوران بركاني هائل قد يفاجئ العالم قريبا
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تشارك في معرض النجف الأشرف الدولي للتسوق الشامل
|
|
|