ثالثاً : شروط وضوابط نجاح خوصصة البنوك

تعتبر الخوصصة وسيلة إعادة تشكيل المجتمع بأكمله، عن طريق تغير طبيعة المصالح الاقتصادية والسياسية وهي تعمل على : 

ـ تخفيض توقعات الشعب حول ما يمكن أن تقوم به الحكومة وما يمكن أن تكون مسؤولة عنه .

ـ التقليل من سيطرة القطاع العام وتخفيض بنيته التحتية .

ـ تغيير خريطة فئات المصالح بجعلها أقل تأييداً لتوسع القطاع العام .

لقد أصبحت الخوصصة اليوم عبارة عن اتجاه عالمي منذ أن قامت بريطانيا بتحويل ثلث القوى العاملة التي تعمل في المؤسسات العامة إلى المنتفعين بها ، حيث  أضافت هذه العملية إلى موارد الخزينة في بريطانيا 26 مليار جنيه إسترليني وخفضت نسبة مساهمة المؤسسات العامة من الناتج الوطني من 10% إلى 6 % إن خوصصة المؤسسات المصرفية تتطلب عناية كبيرة ورؤية واضحة ودقيقة على عكس المؤسسات الاقتصادية الأخرى، وبالتالي يشترط ضرورة التعامل الجدي مع مختلف الضوابط والشروط لإنجاح خوصصة هذه البنوك.

وتتلخص أهم ضوابط نجاح خوصصة البنوك فيما يلي :

1. لا خوصصة للبنوك بدون إعادة هيكلة شاملة للبنوك محل الخوصصة .

2. ضرورة تأكيد استقلالية البنك المركزي وزيادة قوته بفعالية، فالخوصصة يجب أن تتم بما لا يخل بضروريات الرقابة على المؤسسات المصرفية والمالية.

3. اختيار الأسلوب الأمثل لخوصصة البنوك وهذا بالنظر إلى مسائل نسب الملكية وجنسية الملاك .

4 . العمل على تطوير الجهاز المصرفي ليكون أكثر تكيفاً مع العولمة من خلال التوسع في استخدام أحدث أدوات التقنية المصرفية على مستوى تأدية الأنشطة الداخلية للبنك أو على مستوى تقديم الخدمات المصرفية وبالتالي لا بد من أن يسير برنامج خوصصة البنوك تدريجياً .

5. أن يحتفظ البنك المركزي باحتياطات مرتفعة من النقد الأجنبي لمواجهة أي صدمات أو أزمات سعر الصرف وتلبية احتياجات البنوك من النقد الأجنبي .

6. دعم  عملية الخوصصة بالقوانين اللازمة خصوصاً ما يتعلق بدعم المنافسة ومنع الاحتكار .

 7. تفعيل نظام التأمين على الودائع بما يزيد من قدرة البنوك على المنافسة وتحقيق الأرباح ومواجهة المخاطر، وكذا زيادة ثقة المودعين في الجهاز المصرفي ككل.

إن معالجة مختلف الجوانب المتعلقة بعملية خوصصة البنوك والأبعاد المرتبطة بها يوضح أن هذه العملية وحتى إن كانت خياراً مطروحاً أو بديلاً في سبيل خلق بيئة تنافسية في السوق المصرفية وتحقيق كفاءة أكبر لتلك البنوك في ظل متغيرات العولمة، فإنها أيضاً ضرورة أملتها الظروف الراهنة التي تعيشها البنوك والساحة المصرفية العالمية، وأحد الانعكاسات الأساسية التي أحدثتها العولمة على الأجهزة

وعن حالة خوصصة البنوك العمومية في بعض الدول العربية نوضحها في الجدول رقم 16 التالي :

والملاحظ أنه لم تخل أي دولة عربية من تجربة الخوصصة وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على التأثر الواضح للبنوك العربية بالعولمة الاقتصادية نتيجة التوقيع على اتفاقية تحرير تجارة الخدمات المالية والمصرفية في محاولة لمواكبة المصارف العالمية .