أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-11
287
التاريخ: 2024-01-29
1064
التاريخ: 2024-01-31
1041
التاريخ: 2024-03-19
1035
|
كانت المواقف الحربية الهامة التي وقعت بين الفرعون «مرنبتاح» واللوبيين خاتمة الحروب التي نشبت منذ أزمان سحيقة بين المصريين والغزاة واللوبيين، وقد دل عددهم الهائل الذي هاجم الديار المصرية مع أن غزوتهم هذه لم تكن كغزواتهم السابقة لمجرد السلب والنهب، بل إنهم زحفوا في هذه المرة بجيش له قيادته العليا، وكان غرضه الأول احتلال مصر واستيطانها، وعلى الرغم من الانتصار العظيم الذي أحرزه «مرنبتاح»، وخلَّدَ أخباره على جدران معبد مدينة هابو راجع مصر القديمة الجزء السابع)، فإن اللوبيين قد أخذوا بعد تلك الحرب الأخيرة يوطّدون أقدامهم في أرض الكنانة، والواقع أنهم كانوا حتى بعد ذلك الوقت في عهد « رمسيس الثالث» الذي حاربهم وأوقع بهم الهزيمة يتدفقون على البلاد بكثرة وينتشرون في أرجائها، وبعد موته لم يكن في مقدور مصر أن تقاوم أي غزو من جهة الغرب بصفة جدية؛ لضعف ملوكها.
على أن اللوبيين أنفسهم بما لهم من اتصال وثيق بالمصريين بحق الجوار لم يعتمدوا في استيطانهم أرض مصر على الحرب فحسب، بل أخذوا يَنْفُذُون إلى البلاد بالطرق السلمية، وبخاصة إذا علمنا أن مصر في أواخر الأسرة العشرين وطوال الأسرة الواحدة والعشرين كانت تتخبط في مجاهل الثورات والفتن التي قضت على كل مواردها وأفقدتها نفوذها وسلطانها على كل ممتلكاتها في آسيا وأفريقيا تقريبًا، هذا إلى أن جيش فرعون قد أصبح معظمه يتألف من الجنود المرتزقة الذين كانوا جُلّهم من اللوبيين وكان همهم السلب والنهب من أجل كل ذلك لم نشهد الفراعنة هذه الفترة مناظر انتصارات على
جدران المعابد ترتكز على حقائق تاريخية، كما يُثبت لنا ذلك الصورة التي تركها لنا «رمسيس السادس» وقد مُثَّلَ فيها منتصرًا على اللوبيين، وقد خلف لنا تمثالا صغيرًا محفوظا بمتحف «القاهرة»، وهو يأخذ بناصية أسير لوبي (راجع. Denkm Bissing B 55 .Ta ). وليس لدينا أية حقائق تاريخية تشير إلى وقوع حرب بين هذا الفرعون وأهالي «لوبيا»، بل على العكس، نجد أن تيار نزوح اللوبيين وقبائل «المشوش» بخاصة كان – على ما يظهر – لا ينقطع سيلهم عن البلاد، وإذا علمنا أن عدد الجنود المرتزقة من «المشوش» قد ارتفع بدرجة عظيمة، وأخذ هؤلاء الأجناد يستولون على زمام الأمور في البلاد لا بكثرة عددهم، بل بما أوتوا من شباب وروح وثَّابِ طَموح، أدركنا أنه لم يكن للمصريين قبل بمقاومتهم. ولم يمضِ طويل زمن على تسرب هؤلاء القوم في داخل البلاد حتى ألفوا لأنفسهم طائفة حربية كان معظم رجال الجيش من شبابها؛ لما كان جُلُّ الرتب الحربية وأعظمها خطرًا في قبضتهم، فكانوا يؤسسون لأنفسهم إقطاعات في أنحاء البلاد، وبخاصة في «أهناسية المدينة» التي كانت تعد مسقط رأسهم (1)، و«منف»، وغيرها من كبريات البلاد. وقد ظهر نفوذ هذه الطائفة الحربية في «مصر» وكان يطلق عليها أجناد «المشوش»، واختصر هذا الاسم إلى أجناد «مي»، ثم أخذ ينمو في خلال الأسرتين؛ العشرين، والواحدة والعشرين بدرجة مستمرة، وقد أدت جرأة هؤلاء القوم وشدة بطشهم إلى أن استولت طائفة من لصوص المشوش» وعصابات اللوبيين على «طيبة» نفسها (راجع مصر القديمة الجزء الثامن)، وبذلك أصبحوا أسياد البلاد، وانتهى الأمر بتولي واحد منهم «شيشنق الأول» - عرش الملك بعد موت آخر فرعون من فراعنة الأسرة الواحدة والعشرين عام 945 ق.م، وأسس الأسرة الثانية والعشرين التي اتخذت «بوبسطة» (الزقازيق الحالية) عاصمة للملك.
ولقد كان هؤلاء الغزاة الأجانب من وقت لآخر يَتَسَمَّوْنَ بالأسماء المصرية مثل: «عنخ - حور»، مع أن حامل الاسم لم يكن مصري المنبت. وبتعاقب الزمن أصبح اسم «مي» وهو اختصار «مشوش» - لا يطلق على أولئك اللوبيين وحسب، بل كان يطلق على طبقة الأشراف الذين كان بعضهم من أصل مصري، وبوجه عام نجد أنهم كانوا قد حافظوا على أسمائهم اللوبية كما حافظوا على لقبهم «مي» اللوبي، وهو اللقب الذي كانوا يُنعتون به، ومعناه: السيد أو الأمير. فكان يقال: «مي»؛ أي «المشوش»، كما كان يقال: الرئيس العظيم لقوم «مي» باختصار، وكذلك كان يقال رئيس «مشوش» بكتابة الاسم دون اختصار، وكذلك كان رؤسائهم يسمون الرئيس العظيم لقوم «ريبو»؛ أي «لوبيا».
......................................
1- لأن آخر ملوك الرعامسة في الأسرة العشرين طلب إليهم أن يحموا الحدود الغربية من غارات قبائل الصحراء الغربية المتزايدة، فكانت هذه المدينة — وهي عاصمة المقاطعة العشرين من مقاطعات الوجه القبلي — هي مركز قيادتهم، وبخاصة أنها قريبة من البلاد اللوبية الأصلية (موطنهم الأصلي).
|
|
لمكافحة الاكتئاب.. عليك بالمشي يوميا هذه المسافة
|
|
|
|
|
تحذيرات من ثوران بركاني هائل قد يفاجئ العالم قريبا
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تشارك في معرض النجف الأشرف الدولي للتسوق الشامل
|
|
|