أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-30
603
التاريخ: 2024-09-08
260
التاريخ: 2023-09-02
1216
التاريخ: 2024-10-02
304
|
النقطة الثانية: اعتماد علماء الرجال في التوثيق والتضعيف على آرائهم واجتهاداتهم الخاصة وهي تختلف من عالم الى آخر الأمر الذي يؤدي إلى تضارب أقوالهم في توثيق الراوي أو تضعيفه بل قد يختلف كلام الرجاليّ الواحد في راوٍ معيّن فيوثّقه في موضع ويضعّفه في موضع آخر فلا يتمكن الباحث أحيانًا حتّى من تحصيل العلم بوثاقة الراوي أو ضعفه ممّا يجعل الدارس في حيرة من أمر الأخذ بروايته أو ردّها. فلم تكن هناك مقاييس موضوعيّة متّفق عليها يقوم عليها توثيق الرواة وتضعيفهم بنحو يؤدّي الى وحدة الموقف من الأخذ برواياتهم أو ردّها بل كان تقييم الراوي يخضع أحيانًا للاختلاف في المسائل العقائديّة فيقوم الرجاليّ برمي من يروي ما يخالف اعتقاده بما يؤدّي الى جرحه وعدم الأخذ بمروياته.
قال الوحيد البهبهاني: (إنّ القدماء كانوا مختلفين في المسائل الأصوليّة كالفرعيّة، فربّما كانت بعض الاعتقادات عند بعضهم كفرا وغلوّا وتفويضا أو جبرا أو تشبيها أو نحو ذلك وعند آخرين ممّا يجب اعتقاده وربّما كان منشأ جرحهم للرجل ورميهم ايّاه بالأمور المذكورة راويته لما يتضمن ذلك أو نقل الرواية المتضمنة لذلك أو شيء من المناكير عنه أو دعوى بعض المحرفين منهم فينبغي التأمّل في جرحهم لأمثال هذه الأمور) (1).
وقال السيد العاملي: (إنّ أهل قم جعلوا نفي السهو عنهم (عليهم السلام) غلوا وربّما جعلوا نسبة مطلق التفويض إليهم أو المختلف فيه أو الإغراق في إعظامهم وروايته المعجزات وخوارق العادات عنهم أو المبالغة في تنزيههم عن النقائض... ارتفاعا موجبا للتهمة خصوصا والغلاة كانوا مخلوطين بهم يتدلّسون بهم فينبغي التأمّل في جرح القدماء بأمثال هذه الأمور) (2).
ومن أمثلة اختلافهم في تقييم الراوي ما ذكروه بشأن الرواة التالية أسماؤهم:
أولاً: داود بن كثير الرقّي.
قال النجاشي عنه: (ضعيف جدًّا والغلاة تروي عنه) (3).
وقال ابن الغضائري: (كان فاسد المذهب ضعيف الرواية لا يلتفت إليه) (4).
وقال الشيخ الطوسي في رجاله: (داود بن كثير الرقّي مولى بني أسد ثقة) (5). وذكر في (اختيار معرفة الرجال): (عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أنزلوا داود الرقّي منّي بمنزلة المقداد من رسول الله (صلى الله عليه وآله)) (6). وذكر فيه أيضا قول أبي عمرو: (لم أسمع أحدًا من مشايخ العصابة يطعن فيه) (7).
ثانيًا: سهل بن زياد الآدمي.
قال ابن الغاضري عنه: (كان ضعيفا جدّا فاسد الرواية والدين وكان أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري أخرجه من قم وأظهر البراءة منه ونهى النّاس عن السماع منه والرواية عنه يروي المراسيل ويعتمد المجاهيل) (8).
وذكره الشيخ الطوسي في رجاله تارة في أصحاب الجواد (عليه السلام) (9).
وأخرى في أصحاب الهادي (عليه السلام) وقال عنه: (سهل بن زياد الآدمي يكنّى أبا سعيد ثقة رازي) (10).
وذكره تارة ثالثة في أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) (11).
وذكره أيضًا في الفهرست فقال: (له كتب وقد طُعن عليه وضُعّف) (12).
وقال عنه النجاشي: (كان ضعيفًا في الحديث غير معتمد فيه وكان أحمد بن محمد بن عيسى يشهد عليه بالغلوّ والكذب وأخرجه من قم الى الري) (13).
ثالثًا: المعلّى بن خُنيس.
قال ابن الغضائري: (معلّى بن خنيس مولى أبي عبد الله (عليه السلام) كان أول الأمر مغيريًّا ثم دعا الى محمد بن عبد الله وفي هذه الظنّة أخذه داود فقتله والغلاة يضيفون اليه كثيرًا ولا أعتمد على شيء من حديثه) (14).
وقال النجاشي: (ضعيف جدًّا لا يعوّل عليه له كتاب يرويه جماعة) (15).
وعدّه الشيخ الطوسي في السفراء الممدوحين وقال: (ومنهم المعلّى بن خنيس وكان من قوّام أبي عبد الله (عليه السلام) وإنّما قتله داود بن علي بسببه وكان محمودًا عنده ومضى على منهاجه ... وأنّه (عليه السلام) قال لمّا بلغه قتله: أما والله لقد دخل الجنّة)(16).
وجاء في رجال الكشي: (عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: وقد جرى ذكر المعلى بن خنيس فقال: يا أبا محمد اكتم عليّ ما أقول لك في المعلّى. قلت: أفعل. فقال: أما إنّه ما كان ينال درجتنا إلا بما ينال منه داود بن علي قلت: وما الذي يصيبه من داود؟ قال: يدعو به فيأمر به فيضرب عنقه ويصلبه) (17).
رابعًا: المفضّل بن عمر.
قال الشيخ المفيد عنه: (إنه من شيوخ أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) وخاصّته وبطانته وثقاته الفقهاء الصالحين) (18).
وذكره الشيخ الطوسي في رجاله في أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) (19) وفي أصحاب الامام الكاظم (عليه السلام) (20).
وقال النجاشي في ترجمته: (فاسد المذهب مضطرب الرواية لا يعبأ به، وقيل: إنّه كان خطّابيا وقد ذكرت له مصنّفات لا يعوّل عليها) (21).
وقال الطوسي في كتاب (الغيبة): (عن هشام بن أحمر قال: حملت الى أبي إبراهيم (عليه السلام) الى المدينة أموالاً فقال (عليه السلام) ردّها فادفعها الى المفضل بن عمر فرددتها الى جُعفى فحططتها على باب المفضّل) (22).
خامسًا: محمد بن سنان.
قال الشيخ المفيد: (هو مطعون فيه لا تختلف العصابة في تهمته وضعفه) (23). وقال: (قد طعن عليه وهو متّهم بالغلو) (24).
وذكره في الإرشاد فيمَن روى النصَّ على إمامة أبي الحسن موسى الكاظم (عليه السلام) (25).
ونقل النجاشي عن أحمد بن محمد بن سعيد قوله في ابن سنان: (هو رجل ضعيف جدًّا لا يعوّل عليه ولا يلتفت الى ما تفرّد به)(26).
وقال الكشي: (قال حمدويه: كتبت أحاديث محمد بن سنان عن أيوب بن نوح وقال: لا أستحل أن اروي احاديث محمد بن سنان)(27).
وقال أيضًا: (عن علي بن داود القمي قال: سمعت أبا جعفر الثاني(عليه السلام) يذكر صفوان بن يحيى ومحمد بن سنان بخير وقال: رضي الله عنهما برضاي عنهما فما خالفاني قط) (28).
سادسًا: يونس بن عبد الرحمن.
ذكره الشيخ الطوسي في رجال الكاظم (عليه السلام) وقال: (مولى علي بن يقطين ضعّفه القميّون وهو ثقة) (29).
كما ذكره في أصحاب الرضا (عليه السلام) وقال: (طعن عليه القميّون وهو عندي ثقة) (30) .
وقال النجاشي في ترجمته: (كان الرضا (عليه السلام) يشير إليه في العلم والفتيا وكان ممّن بذل له على الوقف مال جزيل فامتنع من أخذه وثبت على الحق) (31).
ونقل الكشي عن الفضل بن شاذان قوله: (حدّثني عبد العزيز بن المهتدي وكان خير قمّي رأيته وكان وكيل الرضا (عليه السلام) وخاصّته قال: سألت الرضا (عليه السلام) فقلت: إنّي لا ألقاك في كل وقت فعمّن آخذ معالم ديني؟ قال: خذ من يونس بن عبد الرحمن) (32).
هذا، وإنَّ من أسوأ الآثار التي يتركها الاختلاف في توثيق الرواة وتضعيفهم اختلاف الفقهاء في الأخذ بالروايات أوردها وما ينشأ عن ذلك بالضرورة من اختلاف الفتاوى وتعدّد الأحكام بالنسبة لواقعة واحدة والحال أنّ المستفاد من الروايات: أنّ الواقعة لا تخلو من حكم، أي: من حكم واحد لا أحكام متعدّدة.
وهذا أيضًا هو مقتضى إناطة الاحكام بالملاكات الواقعيّة، أي: بالمصالح والمفاسد الثابتة واقعًا للأفعال وأنّ تعدّد الحكم ـ خاصّة إذا كان بنحو الوجوب والإباحة أو بنحو الحرمة والاباحة ـ يستلزم وجود المصلحة أو المفسدة الملزمة بالفعل والترك وعدم وجودهما في الوقت نفسه!
كما أنّ وحدة الحكم هي مقتضى الاعتقاد بالمعاد والحساب يوم القيامة الذي يقضي بضرورة تعلق حكم واحد بالواقعة يمثّله إنسان فيستحق الثواب ويعصيه آخر فيستحق العقاب وأمّا تعدّد حكم الواقعة فإنّه يقتضي ثبوت العقاب على ارتكاب فعل معيّن بحق بعض المكلّفين وانتفاء العقاب عن مكلّف آخر يرتكب الفعل نفسه وهذا غير معقول ومخالف للحكمة.
ومع أنّ تعدّد حكم الواقعة الواحدة باطل بما ذكرناه من مفاد الروايات وبالمقتضيين المذكورين، فإنّ البعض يرى: أنّ هذا التعدّد من مظاهر القوة في التشريع وأنّه يؤدّي الى عدم التضييق على المكلّف بإلزامه بحكم واحد لا يتعدّاه بل يوسّع عليه ويترك له حرية اختيار أحد الأحكام المتعدّدة تبعًا لما يلائم ذوقه وهواه!
_____________________
(1) نهاية الدراية، العاملي، حسن الصدر، ص435. وقد تصرّف العاملي (رحمه الله) في عبارة الوحيد قليلا بما يزيدها وضوحا ونصّ العبارة في الفائدة الثانية من مقدمة الوحيد على (منهج المقال) للإسترآبادي....
(2) المصدر نفسه، ص433-434.
(3) رجال النجاشي، ص156الترجمة 410.
(4) رجال ابن الغضائري الترجمة 46.
(5) رجال الطوسي، ص336.
(6) اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي)، الطوسي، ص465الترجمة 750.
(7) اختيار معرفة الرجال، الطوسي، ص471الترجمة 766.
(8) رجال ابن الغضائري، ص68الترجمة 65.
(9) رجال الطوسي ص375باب السين الترجمة 1.
(10) رجال الطوسي ص387 باب السين الترجمة 4.
(11) رجال الطوسي ص399باب السين الترجمة 2.
(12) فهرست كتب الشيعة وأصولهم، الطوسي ص406الترجمة 620.
(13) رجال النجاشي ص185الترجمة 490.
(14) رجال ابن الغضائري ص87الترجمة 116.
(15) رجال النجاشي، ص417الترجمة 1114.
(16) الغيبة، الطوسي، ص347.
(17) اختيار معرفة الرجال، الطوسي، ص445الترجمة 712.
(18) الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، 2/216.
(19) رجال الطوسي، ص314رقم 554.
(20) رجال الطوسي، ص360رقم 23.
(21) رجال النجاشي، ص416الترجمة 1112.
(22) الغيبة، الطوسي، ص347الترجمة 298.
(23) العدد والرؤية، المفيد، ص20.
(24) المسائل السرويّة، المفيد، ص38.
(25) الإرشاد، المفيد، 2/219.
(26) رجال النجاشي، ص328الترجمة 888.
(27) اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي)، الطوسي ص452-453الترجمة 729.
(28) اختيار معرفة الرجال، الطوسي، ص552الترجمة 963.
(29) رجال الطوسي، ص264.
(30) رجال الطوسي، ص394-395.
(31) رجال النجاشي، ص446-447الترجمة 1208.
(32) اختيار معرفة الرجال، الطوسي، ص538الترجمة 910رجال النجاشي، ص446-447الترجمة 1208.
|
|
"علاج بالدماغ" قد يخلص مرضى الشلل من الكرسي المتحرك
|
|
|
|
|
تقنية يابانية مبتكرة لإنتاج الهيدروجين
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يطلق مشروع (حفظة الذكر) في قضاء الهندية
|
|
|