إلى الجنوب من الكتل القديمة في الشمال ، وإلى الشمال من الصخور الملتوية الحديثة في النظام الألبي ، يرقد سهل ضخم يعرف بالسهل الأوربي الكبير. وليس هذا السهل ذو سطح منبسط تماماً كحال سهل الغانج والسند ، أوأراضي الأمازون المنخفضة ، وليس هو أيضاً منطقة تنحدر بتتابع انحداراً لطيفاً . إنه سهل بالمعنى الكبير، إلا أن سطحه مقطع بتتابع من التلال ، وحتى أحياناً بسلاسل من الجبال الصغيرة التي يزيد ارتفاعها عن 300  أو 600 متر فوق مستوى البحر. وفي الحقيقة ، فإن غالبية السهل الأوربي الكبير يتركب من أرض لها نفس الخصائص التي تتركب منها إنكلترا الجنوبية الشرقية ، ذلك أن إنكلترا الجنوبية الشرقية هي في الواقع جزء من السهل الأوربي الكبير. ويمتد السهل على الجانب الآخر من القنال الإنكليزي عبر فرنسا الغربية والشمالية ، ومحتلا كامل بلجيكا وهولندا وألمانيا الشمالية والدانمارك ، ومعظم بولندا ، وفي روسيا يلتحم بالسهل الروسي .

ويرئ فوق السهل في أمكنة متعددة جزرمن الصخور الأقدم مما حولها مرتفعة إلى علو ملحوظ فوق مستوى السهل العام ، والأمثلة كثيرة عن الجزر القديمة ، ففي بريطانيا، تتمثل في المرتفعات الجنوبية من اسكوتلندا ، ومنطقة البحيرات، وجبال البنينز، ومرتفعات ويلز، وشبه الجزيرة الجنوبية الغربية . وفي فرنسا تتمثل في منطقة بريتاني ، ويمثلها أيضاً هضبة الاردين في بلجيكا ، وجبال الهارتز وتلال أخرى في ألمانيا . ومعظم تلك الجزر القديمة تحتوي على كتل من الصخور البركانية والغرانيتيه ، وأحياناً تكون غنية بالفلزات المعدنية . وغالبية حقول الفحم الكبيرة في أوربا توجـد عنـد حواف تلك الجزرالقديمة ضمن الصخور الرسوبية الأحدث ، وحيث توجد حقول الفحم فإن الصخور القديمة تكون مغطاة بالصخورالرسوبية الأحدث . ويحيط بجزر الصخور القديمة امتدادات من طبقات رسوبية حديثة تعطي في العادة ترب خصبة جيدة للزراعة . ويوجد خطوط متكررة من التلال ، خاصة عند وجود الحجر الكلسي بما فيه من الحوار، والحجر الرملي ، بينما تتشكل الوديان في المناطق ذات الصخور اللينة القليلة المقاومة لعوامل التعرية ، كما في الصخور الطينية ، والرمال وصخور أخرى سهلة التفتيت أيضاً أمام قوى التعرية.

ولقد أصاب السهل الأوربي جليد عصر البلايوستوسين بتأثيراته ، خـاصـة ألسنة الغطاء الجليدي الذي كان متمركزاً فوق اسكندنافيا حيث امتدت منه ضخمة غطت أجزاء كبيرة من شمالي هذا السهل، وحينما تراجع الجليد ترك وراءه ركاماته المتمثلة بتلال الاسكرز والكام والدروملين ، وبحيرات عدة محتلة الأحواض المنخفضة . كما سبب الجليد أثناء تقدمه اضطراب في مجاري الأنهار الشمالية - الراين ، والإلب ، والفيزر. وتغيير لمجاريها تارة نحو الغرب أثناء طغيان الجليد ، وأخرى نحو الشمال عقب انحسار الجليد مخلفة أودية نهرية جافة . وأغلب سطح الأراضي المنخفضة تغطيه التوضعـات الجليدية من رمل وطين ولوس . وبعض من الرمال الجليدية تشكل تربة فقيرة جداً ، ومن ثم فهي غير ملائمة كثيراً للزراعة ، كما أن بعض الترب الطينية غير جيدة بسبب صعوبة التصريف المائي ، ومن ثم تغطيها المستنقعات . إلا أن توضعات اللوس الناعمة تشكل تربة جيدة جداً وذات أهمية كبرى في الزراعة .