أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-11-2020
1292
التاريخ: 2023-10-19
1143
التاريخ: 13-11-2020
1359
التاريخ: 2023-10-23
1036
|
ثمة شيء غريب قليلا في استخدام نسبية الحركة إلى إطار سكون مطلق، باعتبارها أساس علم الميكانيكا بدلًا من استخدام نسبية الحركة إلى أجسام مادية أخرى. فنحن نستطيع رؤية الأجسام المادية على الرغم من كل شيء؛ ومن ثم يمكننا أن نرى ما إن كان يوجد شيء يتحرَّك بالنسبة إليها أم لا. أما إطار السكون، فلا يمكننا أن نراه. (وفقًا لنيوتن، فإن نقاط المكان المطلق غير مرئية). فيبدو أن استخدام إطار مرجعي غير متحرك وغير مادي لـ «تعريف» الحركة؛ لا يجدي نفعا ما دمنا لا نستطيع «الكشف عن» الحركة. كان نيوتن نفسه مدركًا لهذه المشكلة؛ فقد ورد في كتابه «المبادئ الرياضية»، ما يلي:
إنه لأمر في غاية الصعوبة بالفعل أن يكتشف المرء الحركات الحقيقية لأجسام معينة، ويميّزها بفاعلية عن الحركات الظاهرة [أي الحركات النسبية]؛ لأن أجزاء ذلك الفضاء الثابت – الذي تجري فيه تلك الحركات – لا ترصدها حواسنا بأي حال من الأحوال. غير أنه ليس بالأمر المحال تماما ...
يواصل نيوتن طَرْحه ويقترح تجربةً فكريةً عبقرية كرتين ثقيلتين تربط بينهما سلسلة. لا تخبرنا الحركات النسبية بما إذا كان التركيب بأكمله في حالة سكون، أم في حالة دوران بسرعة عالية؛ ففي الحالتين كلتيهما، لا تتغير المسافة بين الكرتين. على الرغم من ذلك، فوفقًا لنظرية نيوتن نفسها، ستزداد درجة الشد في السلسلة إذا كانت الكرتان يدور كل منهما حول الأخرى. وبالفعل، إذا كانت السلسلة في حالة شد، يمكننا أن نرى ما إذا كان دَفْع الكرتين بطرق مختلفة يزيد من الشد أم يقلّل منه، وحينئذٍ سنتمكن من معرفة ما إذا كانت الكرتان في حالة دوران أم لا، ومعرفة سرعة الدوران، وسنتمكن علاوةً على ذلك من معرفة محور الدوران.
توضح هذه التجربة الفكرية إحدى الفكر العامة التي تقول أن الملاحظات الرصدية العلمية محملة بالنظرية؛ ومن ثم فإن تحديد ما يمكن رصده وقياسه في نظرية ما، أو ما لا يمكن رصده وقياسه، ليس بالأمر السهل، بل يتوقف على تفاصيل النظرية نفسها. ففي ميكانيكا نيوتن، يمكن رصد الدوران المطلق – كانت الحواس لا تدركه مباشرةً – عبر علاقته الديناميكية بالأشياء التي تُقاس بشكل مباشر بدرجة أكبر.
هل يمكن إذن الكشف عن كلٌّ الحركات؟ كلا؛ لنتناول الفقرة التالية الشهيرة المقتبسة من جاليليو:
احبس نفسَك مع صديق في المقصورة الرئيسية السفلية في سفينة كبيرة، وخُذ معك بعض الذباب والفراشات وغيرها من الحشرات الطائرة. وخُذ معك أيضًا دلو ماء كبيرًا به بعض الأسماك، وعلّق زجاجة تفرغ محتوياتها قطرة بقطرة في وعاء واسع أسفل منها. وحينما تكون السفينة ساكنة، لاحظ بعناية كيف أنَّ الحشرات الصغيرة تطير بسرعة متساوية نحو جميع جوانب المقصورة. لاحظ أيضًا أنَّ السمك يسبح في كل الاتجاهات سواء، وأنَّ القطرات تسقط في الوعاء من تحتها؛ وحينما ترمي شيئًا إلى صديقك، فإنك لا تحتاج إلى أن ترميه بقوة تزيد شدتها في أحد الاتجاهات دون الآخر؛ إذ المسافات متساوية؛ وحينما تقفز بكلتا قدميك، فإنك تقطع مسافات متساوية في كل اتجاه. بعد أن تكون لاحظت هذه الأشياء ورصدتها بعناية (لكن لا شكّ أنه في حالة سكون السفينة، سيحدث كل شيء على هذا النحو)، اجعل السفينة تتقدم بأي سرعة ترغب فيها على أن تكون حركتها ثابتة، ولا تتأرجح في هذا الطريق أو ذاك. وستكتشف حينذاك أنه لم يحدث أدنى تغيير في كل التأثيرات المذكورة، ولن تستطيع أن تعرف من أي منها ما إذا كانت السفينة تتحرك أم تقف ساكنة.
تتمثل وجهة نظر جاليليو في أنه لا يمكن الكشف عن السرعة المتَّجهة المطلقة لنظامٍ من الأجسام، بأي وسيلة متاحة لعالم يكون جزءًا من هذا النظام بعينه؛ لأن الحركات النسبية للأجسام لا تتأثر بسرعتها المتجهة الكلية. ولا يمكن الكشف عن الحركة إلا بربط الأجسام بنظام خارجي (ومن ثمَّ جاءت تعليمات جاليليو بأن يكون العالم تحت سطح السفينة وليس فوق السطح، حتى لا يرى البحر المتحرك).
هل هذا صحيح؟ من المؤكَّد أن الأمر يبدو بديهيا لا سيما في العصر الحديث: عصر السفر بالطائرات؛ أنا نفسي نسيتُ أكثر من مرة ما إذا كانت الطائرة التي أستقلها قد أقلعت أم لا؛ إذ إنَّ الفرق في السرعة المتجهة المطلقة يساوي 300 متر في الثانية)، ولكن ألا يمكن أن يوجد تأثير خفي يمكن الكشف عنه بالقياسات ذات الدقة الكافية؟
طبقًا لميكانيكا نيوتن نفسها، فإنه لا يوجد فحقيقة أنَّ الحركات النسبية بين مجموعة من الأجسام لا تتأثر، إذا أُعطيت جميع الأجسام السرعة المتجهة نفسها، هي نتيجة مشتقة من معادلات الميكانيكا يُسمى ذلك بلغة الفيزياء «التناظر الديناميكي»، وهي عبارة عن تحول في نظام ما يخلف الفيزياء التي تحكم ذلك النظام من دون تغيير؛ ومن ثم لا يمكن للعمليات الفيزيائية الموجودة داخل النظام الكشفُ عنه. ويتوقف ما إذا كان ثمة تحول معيَّن يُعد تناظرًا مع أحد الأنظمة على النظرية التي تصف ذلك النظام وصفًا صحيحًا؛ ومن ثم فإن المسألة في النهاية مرهونة بالتجربة، لكن حين يتعلق الأمر بنظرية محددة، فإنَّ حالات التناظر معها تكون من الحقائق الرياضية المعروفة. وفي حالة فيزياء نيوتن، فإن الزيادة في السرعة المتجهة – التحولات التي تزيد فيها سرعة كل الأجسام بالمقدار نفسه وفي الاتجاه نفسه – هي حالات تناظر يمكن إثباتها. يتضح من هذا إذن أنَّ جاليليو محق: لا يمكن اكتشاف الزيادة في السرعة المتَّجهة في ميكانيكا نيوتن. يُطلق على الافتراض القائل بأن حالات الزيادة في السرعة المتجهة تمثل حالات تناظر اسم «مبدأ النسبية». وصحيح أنَّ المصطلح يرتبط في الثقافة العامة بألبرت أينشتاين، لكن الفكرة الأساسية ولدت من قَبْله بمئات السنين. وربما يمثّل هذا المبدأ مشكلة كبيرة لفيزياء نيوتن؛ إذ ينصُّ المبدأ. على من المستحيل تمامًا، ووفقًا لقوانين الفيزياء نفسها، أن نكتشف إن كان أحد الأجسام يتحرّك أم لا بالنسبة إلى إطار السكون، ويأتي ذلك على خلاف ما طرحه نيوتن.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
جمعية العميد تعقد اجتماعًا لمناقشة المشاريع العلمية والبحثية
|
|
|