المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



الحقوق المتبادلة بين المسلمين  
  
73   06:50 مساءً   التاريخ: 2024-11-04
المؤلف : الشيخ خليل رزق
الكتاب أو المصدر : نظام العلاقات الاجتماعية في نهج البلاغة
الجزء والصفحة : ص84ــ90
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / آداب عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-6-2016 26210
التاريخ: 28-6-2016 5066
التاريخ: 2023-05-28 1227
التاريخ: 13-6-2017 3095

لكي تُبنى العلاقات الاجتماعية داخل الأمة الإسلامية على أساس متين من المحبة والتآلف، لا بد من أن تتماسك هذه الأمة وتترابط فيما بينهما بمشاعر وأحاسيس وحقوق ومسؤوليات، ومن وراء معرفة الإنسان لحقوقه على الغير وحقوق الناس عليه، وإنسجامه وقيامه بواجباته معهم تتأكد عناصر المحبة والتعاطف، ويُدرك الفرد مسؤوليته في المجتمع. وفيما يلي ننقل نصاً يرويه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يبين فيه الحقوق والمسؤوليات التي تربط أبناء هذه الأمة بعضها ببعض.

فعن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال:

((قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): للمسلم على أخيه ثلاثون حقاً لا براءة له منها إلا بالأداء والعفو:

1- يغفر زلته 2- ويرحم عبرته 3ـ ويستر عورته 4ـ ويقيل عثرته 5- ويقبل معذرته 6- ويرد غيبته 7ـ ويديم نصيحته 8ـ ويحفظ خلته 9- ويرعى ذمته 10ـويعود مرضته 11ـ ويشهد ميته. 12ـ ويجيب دعوته 13- ويقبل هديته 14-ويكافيء صلته 15- ويشكر نعمته 16- ويحسن نصرته 17- ويحفظ حليلته 18-ويقضي حاجته 19ـ ويشفع مسألته 20ـ ويسمت عطسته 21- ویرشد ضالته 22- ويرد سلامه 23- ويطيب كلامه 24- ويبر إنعامه 25- ويصدّق أقسامه 26- ويوالي وليه ولا يعاديه 27ـ وينصره ظالماً ومظلوماً، فأما نصرته ظالماً فيرده عن ظلمه، وأما نصرته مظلوماً فيعينه على أخذ حقه 28- ولا يسلمه ولا يخذله 29-ويحب له من الخير ما يحب لنفسه 30ـ ويكره له من الشر ما يكره لنفسه))(1).

فمع أداء هذه الحقوق التي ذكرها الإمام (عليه السلام) نقلاً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تتماسك الأمة الإسلامية، ويتضامن أفرادها ضمن هذه القوانين التي سُنّت لسعادتهم.

وقد وردت النصوص الكثيرة عن الإمام علي (عليه السلام) والتي تعبر بدقة عن هذه الحقوق والواجبات.

ففي كلام يقوله للخوارج يبين فيه أن المسلم الفاسق لا يفقد حقوقه كمسلم رغم فسقه، يقول (عليه السلام):

((وقد علمتم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، رجم الزاني المُحصن ثم صلى عليه، ثم ورثه أهله، وقتل القاتل، وورث ميراثه أهله. وقطع السارق وجلد الزاني غير المُحصن، ثم قسم عليهما من الفيء، ونكحا المسلمات. فأخذهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بذنوبهم، وأقام حق الله فيهم، ولم يمنعهم سهمهم من الإسلام، ولم يخرج أسماءهم من بين أهله))(2).

ومن الحقوق المفروضة على المسلمين تجاه بعضهم أن ينتزع كل واحد منهم من نفسه كلّ غلّ وحقد وكراهية. وهذا الأمر يأخذ بعداً خاصاً حيث تتعمق من خلاله الروابط العاطفية والنفسية، وللتأكيد على هذا الأمر أشار القرآن الكريم إلى أن من شروط الدخول إلى الجنة هي أن ينتزع الإنسان الغلّ من قلبه.

{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: 43].

ويتصف الإنسان المُبغِض في المجتمع الإسلامي بالإنسان الشرير. فقد روي عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال:

((ولقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: شرار الناس من يبغض المؤمنين وتبغضه قلوبهم))(3).

ومن الحقوق المفروضة على المسلمين هي أن يألف بعضهم بعضاً. وبعضهم يستريح إلى بعض ويركن إليه. وهذه الألفة هي ما منحه الله تبارك وتعالى للمجتمع الإيماني الرسالي.

{هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 62، 63].

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال:

((طوبى لمن يألف الناس ويألفونه على طاعة الله))(4).

ومن هذه الحقوق أن يشعر المسلم بالعاطفة والرحمة تجاه أخيه، وأن يكون قلبه وعقله. ليناً تجاه ما يصيب المؤمنين في إبتلاءٍ وعسرٍ وشدةٍ وضيق، وأن يعطف عليهم.

وقال تعالى في صفة المؤمنين أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله):

{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29].

ولعل أبلغ تعبير في ذلك هو ما أمر به الإمام علي (عليه السلام) مالك الأشتر في عهده إليه عندما ولّاه مصر حيث يقول فيه:

((أشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم، واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان: إما أخٌ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق...))(5).

((أشعر قلبك الرحمة لجميع الناس، والإحسان إليهم))(6).

ومن الحقوق التي يتبادلها المسلمون هي إنصاف بعضهم، وعدم ظلمهم: فقد ورد عن الإمام علي (عليه السلام) في عهده إلى الأشتر:

((أنصف الله وأنصف الناس من نفسك، ومن خاصة أهلك، ومن لك فيه هوىً من رعيتك، فإنَّك إلا تفعل تظلم! ومن ظلم عباد الله كان الله خَصْمَهُ دونَ عباده، ومن خاصمه الله أدحض(7) حجته، وكان الله حرباً حتى ينزع(8) أو يتوب. وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته في إقامة على ظلم، فإن الله سميعٌ دعوة المضطهدين، وهو للظالمين بالمرصاد...(9).

ومن خلال مراعاة هذه الحقوق وتأديتها يكتمل بناء الأمة المثالية التي أرادها الإسلام وجاهد من أجلها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لتكون خير أمةٍ أخرجت للناس على مر التاريخ والعصور.

ومن حقوق المسلم على أخيه الإرتباط به برابط الأخوة، فإنّ أوثق وأعمق رابطة جعلها الإسلام هي رابطة الأخوة بين أفراد المجتمع الإسلامي، ولم تكن هذه الأخوة فقط على مستوى الشعارات الزائفة. بل كانت حقيقة واقعة وتجربة تاريخية، وأصل

بارز من أصول الإسلام.

ولم تقم الأخوة الإسلامية على أساس قبلي أو جنسي أو أقليمي. حيث بلغت هذه الأخوة القمة في روعتها وعظمتها، ويظهر ذلك جلياً حينما نقرأ قول النبي (صلى الله عليه وآله).

((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه)).

وأراد الإسلام أن يجعل الأخوة الإسلامية كالأخوة النسبية في قوتها ومكانتها حيث قال تعالى.

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ} [الحجرات: 10].

فالأخوة تشكل أقصى درجات القرب والصلة المتقابلة بين الناس، والتعبير عن العلاقة بين المؤمنين بالأخوة يَرْسِمُ عُمق هذه الصلة وثباتها.

ووردت النصوص الكثيرة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) التي يتعرض فيها إلى جوانب متعددة من مسألة الأخوة حيث يبين حقوق الأخوة، وصفات الأخ وحقوقه وما شابه ذلك.

_______________________________

(1) بحار الأنوار: المجلسي ج 74 ص 236.

(2) نهج البلاغة: الخطبة 125.

(3) وسائل الشيعة: الحر العاملي ج 2 ص 204 الطبعة الحجرية.

(4) بحار الأنوار المجلسي: ج 78 ص 56.

(5) نهج البلاغة: الكتاب رقم 53.

(6) أمالي الصدوق ص 288.

(7) أدحض: أبطل.

(8) ينزع: أي يقلع عن ظلمه.

(9) نهج البلاغة: الكتاب 53. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.