المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 6251 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

Coulomb Blockade
18-10-2016
أنواع الخلايا Types of the cells
2023-11-08
المخصبات Fertilizers
27-4-2018
أخباره (عليه السلام) عن المختار
4-5-2016
وجوب اثابة المطيع
11-08-2015
Sigma Factor Controls Binding to DNA by Recognizing Specific Sequences in Promoters
4-5-2021


العبادات / أسرار شروط الصلاة وأركانها وأفعالها.  
  
721   10:23 صباحاً   التاريخ: 2024-03-18
المؤلف : محمد حسن بن معصوم القزويني.
الكتاب أو المصدر : كشف الغطاء عن وجوه مراسم الاهتداء.
الجزء والصفحة : ص 559 ــ 571.
القسم : الاخلاق و الادعية / آداب / آداب الصلاة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-9-2016 1338
التاريخ: 9-4-2019 1234
التاريخ: 21-9-2016 877
التاريخ: 21-9-2016 1054

في كلّ من الشروط والأركان والأفعال أسرار وإشارات ينبغي لسالك الآخرة ألّا يغفل عنها، فإذا سمعت الأذان تنبّه لنداء يوم القيامة وهوله وتشمّر للإجابة والمسارعة، فإنّ المسارعين إلى هذا النداء ينادون باللطف هناك، واعرض قلبك عليه، فإن وجدته فرحاً راغباً إلى المسارعة فأبشر بالنداء بالبشرى والفوز يوم الجزاء، كما قال سيّد الرسل صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله: «أرحنا يا بلال» (1) إذ كانت قرّة عينه وسروره فيها.

واعتبر بفصوله كيف افتتحت بالله واختتمت به، فإنّه الأوّل والآخر والظاهر والباطن، ووطّن قلبك بالتعظيم عند سماع التكبير واستحقر الدنيا بما فيها حتّى لا تكون كاذباً فيه، واسلب عن خاطرك كلّ معبود سواه بالتهليل، وأحضر النبيّ صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله وتأدّب بين يديه واشهد له بالرسالة مخلصاً وصلّ عليه وآله أداء لبعض حقوقهم وحرّك نفسك ووسّع قلبك وقالبك عند الدعاء إلى الصلاة وما يوجب الفلاح وما هو خير الأعمال وجدّد عهدك بالتكبير واختمه به كما بدأت واجعل بدأك منه وعودك إليه وقوامك به وحولك وقوتّك بحوله وقوتّه.

واعتبر من الوقت ميقاتاً وقّته ربّك لتقوم فيه بخدمته وتنال الفوز بحضرته، وأظهر على قلبك السرور ووجهك البهجة بدخوله لكونه سبباً لقربك وفوزك، واستعدّ له بالطهارة والنظافة، ولبس ما يصلح للمناجاة كما تتأهّب للقدوم على ملوك الدنيا، وتلقّاه (2) بالسكينة والوقار والخوف والرجاء واستحضر عظمته وجلاله وكمال قدرته ونقصانك عن القابليّة للقيام بخدمته وقصورك عن أداء وظائف الطاعة.

وإذا أتيت بالطهارة في مكانك وهو الظرف الأبعد، وثيابك وهو غلافك الأقرب، وبشرتك وهي قشرك وهي قشرك الأدنى فلا تغفل عن ذاتك ولبّك، أي نفسك وقلبك فطهّره بالتوبة والندم على ما فرّط والعزم على الترك في المستقبل، فإنّه موضع نظره، وإذا سترت مقابح بدنك عن أبصار الخلق فاستحضر قبائح باطنك التي لا يطّلع عليها الّا ربّك وطالب نفسك بسترها، فحيث أذعنت بأنّه لا يستتر عن الله شيء الا بتكفيره بالخوف والندامة والحياء انبعثت منها جنودها فتذّل وتستكين وتقوم بين يدي الملك الحقّ المبين كالعبد المسيء الآبق المسكين الذي ندم من تفريطه في جنب مولاه في فعله فجاءه خائفاً مستحيياً راجياً لعفوه وصفحه وفضله.

قال الصادق عليه‌السلام: «أزين اللباس للمؤمن لباس التقوى وأنعمه الإيمان» قال الله تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: 26].

وأمّا اللباس الظاهر فنعمة من الله يستر بها عورات بني آدم وهي كرامة أكرم الله بها عباده ذرّية آدم مالم يكرم بها غيرهم ـ إلى أن قال ـ: فإذا لبست ثوبك فاذكر ستر الله عليك ذنوبك برحمته وألبس باطنك بالصدق كما ألبست ظاهرك بثوبك، وليكن باطنك في ستر الرهبة وظاهرك في ستر الطاعة، واعتبر بفضل الله عزّ وجلّ حيث خلق أسباب اللباس ليستر العورات الظاهرة، وفتح أبواب التوبة والإنابة ليستر بها عورات الباطن من الذنوب وأخلاق السوء، ولا تفضح أحدأً حيث ستر الله عليك أعظم منه...الحديث» (3).

وإذا أتيت مصلّاك فاستحضر فيه أنّك كائن بين يدي الملك تريد مناجاته والتضرّع إليه والتماس رضاه فاختر موضعاً شريفاً يصلح له كالمساجد والمشاهد الشريفة مهما أمكن، إذ جعلها الله محلاً للإجابة ونزول الفيوض والرحمة، وادخلها على سكينة ووقار مراقباً للخشوع والانكسار.

قال الصادق عليه‌السلام: «إذا بلغت باب المسجد فاعلم أنّك قصدت ملكاً عظيماً لا يطأ بساطه الا المطهّرون ولا يؤذن لمجالسته الا الصدّيقون وهب القدوم على بساط خدمته هيبة الملك، فإنّك على خطر عظيم إن غفلت.

واعلم انّه قادر على ما يشاء من العدل والفضل معك وبك، فإن عطف عليك بفضله ورحمته قبل منك يسير الطاعة وأجزل لك عليها ثواباً كثيراً، وإن طالبك باستحقاقه الصدق والإخلاص عدلاً بك حجبك وردّ طاعتك وإن كثرت، وهو فعّال لما يريد» (4).

وأمّا الاستقبال فهو صرف لظاهر وجهك عن سائر الجهات إلى جهة بيت الله وهو إشارة إلى صرف وجه القلب عن كلّ الأشياء إلى الله، لكون الظواهر محرّكات إلى البواطن بما يناسبها، فضبط الجوارح وتسكينها إلى جهة واحدة لئلّا تطغى على القلب، فإنّها إذا توجّهت إلى جهات عديدة تبعها القلب كما عرفت فأمر الله بالتوجّه نحو بيته ليتذكّر القلب صاحب البيت ويثبت عليه حين الصلاة كما تثبت الأعضاء.

قال النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: «إنّ الله يقبل على المصلّي ما لم يلتفت» (5).

فكما يجب حراسة الرأس والعين عن الالتفات إلى غير القبلة فكذا يجب حراسة القلب عن الالتفات إلى غير الصلاة بتذكيره اطّلاع الله عليه، وقبح غفلة المناجي عمّن يناجيه، سيّما إذا كان ملك الملوك وألزم الخشوع، فإنّ الخلاص عن الالتفات لا يتمّ الا به، وخشوع الباطن يستلزم خشوع الظاهر كما قال النبي صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله للذي رآه في صلاته عابثاً بلحيته: «أمّا هذا لو خشع قلبه لخشعت جوارحه» (6) فإنّها بمنزلة الرعيّة له وهي تحت حكم راعيها.

وفي الدعاء: «اللّهم أصلح الراعي والرعيّة» (7) إشارة إلى القلب والجوارح، فكما لا يتمّ الاستقبال الظاهر الا بصرف الجوارح عن غير البيت فكذا لا يتمّ الاستقبال القلبيّ إلى الله الا بالتفرّغ عمّا سواه.

وفي الخبر: أما يخاف الذي يحوّل وجهه في الصلاة أن يحوّل الله وجهه وجه حمار؟ (8)

قيل: إنّه نهى عن الالتفات عن الله تعالى وملاحظة عظمته في حال الصلاة، فإنّ الملتفت يميناً وشمالاً غافل عن الله وعن مطالعة أنوار كبريائه، ومن كان كذلك فيوشك أن يدوم تلك الغفلة عليه فيحوّل وجه قلبه كوجه قلب الحمار في قلة عقله للأمور المعلومة وعدم فهمه للمعارف.

وأمّا القيام فهو وقوف بالشخص والقلب بين يديه تعالى، فليكن رأسك الذي هو أرفع أعضائك مطرقاً مطأطأ تنبيهاً للقلب على لزوم التواضع والانكسار والتبرّي عن العجب والاستكبار، وتذكّر خطر وقوفك في هول المطّلع عند التعرّض للسؤال وتذكّر في الحال قيامك بين يدي ذي الجلال واطّلاعه عليك في كلّ الأحوال، فليكن قيامك بين يديه تعالى على ما يليق بعظمته، وإن عجزت عن معرفته فلا تجعله أهون من ملوك الدنيا، بل عامله معاملتك معهم، بل أنزله منزلة من يشاهدك وينظر إليك في صلاتك ممّن يتوقع منك الصلاح، فإنك تخشع وتسكن فيها حتّى يكون لك موقع في نظره، فما أقصر عرفان من خشع لغير الله ولم يخشع لجلاله وعظمته واطّلاعه على ضميره لعدم تدبّره في قوله تعالى: { الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء: 218، 219].

وأمّا التوجّه بالتكبيرات فاستحضر عنده عظمته وجلاله وصغر نفسك في جنبهما وقصورك عن وظائف خدمته وإجلاله وتذكّر عظيم ملكه وعموم قدرته استيلائه على العالمين.

وإذا قلت: «لبّيك ... إلى آخره»، مثّل نفسك بين يديه، واعلم أنّه أقرب منك إليك يسمع نداءك ويستجيب دعاءك، وأنّ خير الدنيا والآخرة بيده لا بيد غيره وأنّه خير محض لا شرّ في فعله، وإذا قلت: «عبدك ... إلى آخره»، اعترفت له بالعبوديّة وأنّه ربّك وخالقك ومالكك وموجدك وبه قوامك، ومنه مبدؤك وإليه معادك وأنت صنيعه فلا يترك إحسانك والرحمة عليك، فتوكّل عليه في أمورك، ولا تعتمد الا عليه في مقاصدك فتفطّن لهذه الحقائق وترقّ منها إلى ما ينفتح عليك من الأسرار والدقائق.

وأمّا النيّة فقد عرفت معناها فاجتهد في خلوصها عن شوائب الأغراض فيفسد حقيقة إخلاصك، وتذكّر عظم لطفه وامتنانه عليك، حيث اذنك في المناجاة مع سوء أدبك وكثرة جنايتك، وعظّم في نفسك قدر مناجاته، وانظر مع من تناجي وماذا تناجي وكيف تناجي، وعنده ليغرق جبينك من عرق الخجالة ويرتعد فرائصك من الهيبة.

وإذا كبّرت التحريمة تذكّر لمعناها وأنّه أكبر من يوصف أو من كلّ شيء وأن يدرك بالحواسّ ويقاس بالناس، فانتقل منه أيضاً إلى جلاله وعظمته واستناد ما سواه إليه بالإيجاد، وكن موقناً بذلك حتّى لا يكذّب لسانك قلبك ويشهد الله تعالى بكذبك، وإن كنت صادقاً في كلامك كما شهد على المنافقين في إثبات الرسالة النبي صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله، وإن كان هواك أغلب عليك من أمر الله ونفسك أطوع له منه فهواك إلهك وهو الأكبر عندك، فقولك: «الله أكبر» مجرّد قول باللسان، وما أعظم خطره لولا التوبة والإذعان وحسن الظنّ بالله في الكرم والإحسان والجود الامتنان.

قال الصادق عليه‌السلام: «إذا كبّرت فاستصغر ما بين [السماوات] العلى والثرى دون كبريائه، فإنّ الله إذا اطّلع على القلب وهو يكبّر وفي قلبه عارض عن حقيقة تكبيره قال: يا كاذب أتخدعني؟ وعزّتي وجلالي لأحرمنّك حلاوة ذكري ولأحجبنّك عن قربي والمسارّة بمناجاتي» (9).

فاعتبر قلبك حين صلاتك، فإن وجدت لذّة المناجاة فاعلم أنّه قد صدّقك في تكبيرك والّا فقد كذّبك وطردك من بابه وأبعدك عن جنابه، فابكِ بكاء الثكلى على حرمانك عن الدرجات العلى، وعالج نفسك قبل أن يبدرك الحسرة العظمى.

وأمّا دعاء الاستفتاح فمعلوم أنّ المراد منه وجه القلب دون الظاهر لتنزّهه عن الجهات، فقد ادّعيت التوجّه القلبي إلى فاطر الأرضين والسماوات، فإيّاك أن يكون أوّل افتتاحك بالكذب في المناجاة فاجتهد في إقبالك عليه ولو في هذا الوقت خاصّة من بين سائر الأوقات.

وإذا قلت: «حنيفاً مسلماً»، فليخطر ببالك أنّ المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه، فإن لم تكن كذلك كذبت أيضاً، فلا أقلّ من الندم على سابق الأحوال والعزم على ذلك في الاستقبال.

وإذا قلت: «وما أنا من المشركين» فليخطر ببالك الشرك الخفّي وكونه داخلاً في الشرك، إذ يطلق على القليل والكثير، فلو قصدت بجزء من عبادتك غيره تعالى من مدح الناس وطلب المنزلة في قلوبهم كنت مشركاً كاذباً في كلامك فانفه عن نفسك واستشعر الخجالة في قلبك إن وصفت نفسك بما ليست متّصفة به في الواقع.

وإذا قلت: «محياي ومماتي لله ربّ العالمين»، فاعلم أنّه حال مفقود بنفسه، فان بذاته موجود بسيّده، باقٍ بربّه، فإن رأى لنفسه قدرة وأثراً وفعلاً من الرضا والغضب والقيام والقعود والرغبة في الحياة والخوف من الموت كان كاذباً.

فإذا قلت: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» فاعلم أنّ الشيطان أعدى عدوّك مترصّد لصرفك عن الله ويحسدك في مناجاتك وسجودك له لصيرورته طريداً لأجل ترك السجود، ولا ينفع في دفع شرّه مجرّد القول كما لا ينفع في دفع شرّ مجرّد القول كما لا ينفع في دفع شرّ السبع الذي يقصدك أن تقول: أعوذ منك بهذا الحصن الحصين وأنت ثابت على مكانك غير متحرّك إلى الحصن، بل لا بدّ في الاستعاذة من ترك ما يحبّه عدوّك من الشهوات، والإتيان بما يحبّه الله من الطاعات، فليقترن تعوّذك بالحصن الذي هو كلمة التوحيد، كما ورد في الخبر بالعزم الثابت واليقين الشهوديّ بأنّ كلّ شيء منه وله وبه وإليه وأن لا فاعل ولا مؤثّر الا هو بحيث يترتّب عليه أثر الشهود من الرضا والتوكّل وسائر المقامات اللازمة له، فإنّه الحصن حقيقة.

وأمّا من اتّخذ إلهه هواه فهو في ميدان الشيطان دون حصن الرحمن، وإن حدّث نفسه بذلك.

وإذا قلت: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] فانوِ به التبرّك لابتدائك بقراءة كلام الله، والمراد بالاسم هنا المسمّى، فمعناه كون كلّ الأمور بالله فيتفرّع عليه انحصار الحمد لله، إذ المراد منه الشكر والشكر على النعم، فإذا كانت كلّها من الله انحصر الشكر له، فمن يرى نعمة من غير الله أو يقصد غيره تعالى فشكره لا من حيث كونه مسخّراً لله ففي تسميته وتحميده نقصان بقدر التفاته إلى الغير.

وإذا قلت: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 3] فأخطر في قلبك أنواع لطفه وإحسانه ليتّضح لك رحمته، فينبعث به رجاؤك.

وإذا قلت: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] فاستشعر من قلبك التعظيم والخوف، إذ لا مالك الا هو، ويوم الجزاء هائل وحسابه أهول وأدهى.

ثم جدّد الإخلاص بقولك: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5]، والعجز والاحتياج بقولك: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]، وانّه ما تيسّرت طاعتك الا به، وأنّ له المنّة على ذلك حيث جعلك أهلاً للمناجاة، ولو حرمك عنها لكنت من المطرودين كالشيطان اللعين، وأنّه إذا كانت الإعانة منحصرة فيه فأخرج الوسائل والأسباب عن القلب الا من حيث إنّها مسخّرة منه تعالى.

وإذا قلت: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] فاعلم أنّه طلب للأهمّ، أي الهداية السائقة بك إلى جواره، والمفضية بك إلى مرضاته ومجاورة من أنعم عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين دون المغضوب عليهم من الكفّار والفجّار.

وإذا تلوت الفاتحة كذلك فيشبه أن تكون ممّن قال الله على لسان النبي صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله: «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين نصف لي ونصفها لعبدي، يقول العبد: الحمد لله ربّ العالمين فيقول الله: حمدني عبدي وأثنى عليّ وهو معنى قوله: سمع الله لمن حمده.. الحديث» (10).

وكذلك ينبغي أن تخرج الأسرار والدقائق من السورة، فلا تغفل عن أمره ونهيه ووعده ووعيده وقصصه ومواعظه والإخبار عن مننه وإحسانه، فإنّ لكلّ حقّاً، فحقّ الأمر والنهي العزم، وحقّ الوعد الرجاء، وحقّ الوعيد الخوف، والموعظة الاتّعاظ، والقصص العبرة، والمنّة الشكر، كلٌّ بحسب درجات الفهم، وهو بحسب العلم وصفاء القلب، ودرجات ذلك لا تنحصر، والصلاة مفتاح القلوب بها ينكشف الأسرار.

فهذا حقّ القراءة والأذكار والتسبيحات، والناس فيها على ثلاث مراتب:

حركة اللسان مع غفلة القلب، ثم متابعة القلب له كما يسمع من الغير إذا خاطب شيء وهو درجة أصحاب اليمين.

ثم متابعة اللسان للقلب فيسبق المعاني إلى القلب ثم يترجمه اللسان، وفرق بين كون اللسان ترجمان القلب أو معلّمه، وهو درجة المقرّبين.

ولا بدّ من مراعاة الترتيل وترك التعجيل والتفرقة بين آيات الوعد والوعيد والرحمة والعذاب.

ثم إذا ركعت فجدّد ذكر كبريائه وجلاله وارتفاعه من أن يصل إليه أيدي العقول مستجيراً بعفوه من عقابه، وبالهويّ ذلك وانكسارك فترققّ قلبك وتزيد في خشوعك وتستعين على تقريره في القلب باللسان وتكرّره على القلب لترسخ فيه عظمته وجلاله، وتذكر مؤاخذته لك عن أداء حقوق نعمائه وسؤاله عنك وعجزك عن الجواب فتهوي حياء، ثم بعد ذلك ترفع رأسك راجياً منه الرحمة والعفو مؤكّداً له في قلبك بقولك: سمع الله لمن حمده، وتتبعه بالشكر المستلزم للمزيد فتقول: الحمد لله ربّ العالمين.

وعن علي عليه‌السلام في مدّ العنق في الركوع: «آمنت بك ولو ضربت عنقي» (11).

وقال الصادق عليه‌السلام: «الركوع أدب، والسجود قرب، من لا يحسن الأدب لا يصلح للقرب، فاركع ركوع خاضع لله بقلب متذلّل وجل تحت سلطانه، خافض له بجوارحه خفض خائف حزن على ما يفوته من فائدة الراكعين» (12).

فإذا سجدت جدّد على قلبك غاية الذلّ والعجز والانكسار؛ لأنّه أعلى درجات الاستكانة فتمكّن الوجه الذي هو أعزّ عضو منك على أذلّ شيء أي التراب، ولا تجعل بينهما حاجزاً بل اسجد على الأرض؛ لأنّه أدلّ على الخضوع.

واعلم أنّك رددت الفرع إلى الأصل؛ لأنّك خلقت من التراب ورددت إليه وعنده تجدّد ذكر جلاله وعظمته وتقول: سبحان ربّي الأعلى وتؤكّده بالتكرار تحصيلاً للرسوخ والدوام، فإن رقّ قلبك فليصدق رجاؤك في رحمة ربّك؛ لأنّ رحمته تتسارع إلى محلّ الذلّ دون الكبر والعجب، فارفع رأسك مكبّراً مستغفراً وسائلاً حاجتك، ثم أكّد التواضع بالتكرار وعد إلى السجود ثانياً.

قال علي عليه‌السلام في معنى السجدة الاولى: «اللّهمّ إنّك منها خلقتنا» يعني من الأرض، ورفع الرأس عنها «ومنها أخرجتنا»، والسجدة الثانية «وإليها تعيدنا»، ورفع الرأس عنها «ومنها تخرجنا تارة أخرى» (13).

وقال الصادق عليه‌السلام: «فاسجد سجود متواضع لله ذليل علم أنّه خلق من تراب يطأه الخلق وأنّه ركّب من نطفة يستقذرها كلّ أحد، وقد جعل الله معنى السجود سبب التقرّب إليه بالقلب والسرّ والروح، فمن قرب منه بعد عن غيره ... الحديث» (14).

فإذا جلست للتشهّد بعد هذه الدقائق المشتملة على الأخطار فاستشعر الخوف التّام والوجل والحياء أن لا يكون جميع ما سلف منك واقعاً على وجهه حاصلاً بوظائفه مكتوباً في ديون القبول، فاجعل يدك صفراً من فوائدها وعد إلى مبدئ الأمر وأصل الدين أعني كلمة التوحيد الذي هو الحصن الحصين واستمسك به في كلّ حين، فاشهد لربّك بالوحدة على سبيل شهود اليقين واحضر ببالك رسوله الصادق الأمين، واشهد بأنّه عبد الله وسيّد المرسلين، وأدّ شيئاً من حقوق نبيّك وعترته الأطهرين بالصلاة عليه وعلى آله الطاهرين، فلو وصلت إليه فائدة أحدها فزت بالنجاة والفلاح في يوم الدين.

قال الصادق عليه‌السلام: «التشهّد ثناء على الله فكن عبداً له في السرّ خاضعاً له في الفعل كما أنّك عبد له في القول، وصل صدق لسانك بصفاء سرّك، فإنّه خلقك عبداً وأمرك [أن تعبده] بقلبك ولسانك وجوارحك، وأن تحقّق عبوديّتك له بربوبيّته لك وتعلم أنّ نواصي الخلق بيده فليس لهم نفس ولا لحظة الا بمشيّته وقدرته ـ إلى أن قال ـ: فاستعمل العبوديّة في الرضا بحكمته، وبالعبادة في أداء أوامره وقد أمرك بالصلاة على نبيّه محمد صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله، فأوصل صلاته بصلاته، وطاعته بطاعته، وشهادته بشهادته، وانظر أن لا يفوتك بركات معرفة حرمته، فتحرم عن فائدة صلاته.. الحديث» (15).

فإذا فرغت من التشهّد فأحضر قلبك بحضرة سيّد المرسلين وبقيّة الأنبياء والأئمّة الطاهرين والملائكة المقرّبين الحفظة المحصين لأعمالك وأحضرهم جميعاً في بالك فسلّم أوّلاً على نبيّك الذي هو أفضل الكلّ وواسطة هدايتك إلى خير الأديان والسبل، ثم توجّه إلى الجميع وسلم عليهم أجمعين، ولا تطلق لسانك بالخطاب من غير حضور المخاطب في ذهنك فتكون من اللاعبين، وكيف يسمع الخطاب لمن لا يقصد لولا فضل الله في الاجتزاء بذلك عن أصل الواجب، وإن كان بعيداً عن درجة الوصول والقرب، وإن كنت إماماً فاقصد المأمومين مع من تقدّم، وليقصدوا هم الرّد عليك أيضاً، فإذا فعلتم ذلك فقد أدّيتم الأمانة وصرتم مستحقّين من الله بمزيد الإكرام والرحمة.

قال الصادق عليه‌السلام: « معنى السلام الأمان، أي من أدّى أمر الله وسنّة نبيّه خالصاً خاشعاً قلبه فله الأمان من بلاء الدنيا وبراءة من عذاب الآخرة، ـ إلى أن قال ـ: وإن أردت أن تضع السلام موضعه وتؤدّي معناه فاتّقِ الله وليسلم دينك وعقلك وقلبك أن لا تدنّسها بظلمة المعاصي، وليسلم حفظتك أن لا تبرمهم وتوحشهم وتملّهم منك بسوء معاملتك معهم، ثم صديقك، ثم عدوّك، فإن لم يسلم من هو الأقرب إليه فالأبعد أولى، ومن لا يضع السلام موضعه فلا سلام ولا إسلام ولا تسليم وكان كاذباً في سلامه وإن أفشاه في الخلق» (16) والله المستعان.

 

تذنيب:

تخليص الصلاة عن الآفات وأداؤها بالشروط الباطنة المذكورة يوجب نوراً في القلب تنفتح به العلوم والحقائق من صفات الله وأفعاله ودقائق علوم المعاملة وغير ذلك ممّا يهمّه ويكون في طلبه، على قدر صفائه عن الكدورات المختلفة بالقلّة والكثرة والقوّة والضعف والجلاء والخفاء، فيختلف الانكشاف بسببه أيضاً.

قال النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: «إنّ العبد إذا قام في الصلاة رفع الله الحجاب بينه وبين عبده، وواجهه بوجهه، وقامت الملائكة من لدن منكبيه إلى الهواء يصلّون بصلاته ويؤمّنون على دعائه، وإنّ المصلّي لينثر عليه البرّ من أعنان السماء تفتح للمصلين، وإنّ الله يباهي ملائكته بصدق المصلّي» (17).

فرفع الحجاب وفتح أبواب السماء كناية عن إفاضة المعارف والأسرار عليه، فالعبد إذا جمع في عبادته بين هذه الأفعال بشروطها باهى الله به مائة ألف من ملائكته أو أكثر كما في الخبر، إذ ليس لأحد منهم هذا القسم من العبادة، بل لكلّ منهم فعل مخصوص أبداً، فمن قائم لا يركع أبداً، ومن راكع لا يسجد أبداً، ومن ساجد لا يقوم أبداً وهكذا. {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ} [الصافات: 164].

فمرتبة الترقّي من حال إلى حال ومن نقص إلى كمال مختص بالإنسان.

قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} [المؤمنون: 1 - 10] وصفهم بالفلاح أوّلاً ووراثة الفردوس الذي هو شهود نور الله والقرب من جواره أخيراً.

 

__________________

(1) المحجّة البيضاء: 1 / 377.

(2) كذا، والظاهر: تلقّه.

(3) مصباح الشريعة: الباب 7، في اللباس.

(4) مصباح الشريعة: الباب 12، في دخول المسجد.

(5) المحجّة البيضاء: 1 / 389، وفيه، مقبل.

(6) المحجّة البيضاء: 1 / 389.

(7) المحجّة البيضاء: 1 / 389.

(8) المحجّة البيضاء: 1 / 382.

(9) مصباح الشريعة: الباب 13، في افتتاح الصلاة، وما بين المعقوفتين في المصدر.

(10) المحجّة البيضاء: 1 / 388.

(11) الفقيه: 1 / 311، باب وصف الصلاة، ح 927، وفيه: أمنت بالله.

(12) مصباح الشريعة: الباب 15، في الركوع، مع اختلاف.

(13) الفقيه: 1 / 314، باب وصف الصلاة، ح 930، مع اختلاف.

(14) مصباح الشريعة: الباب 16، في السجود، مع اختلاف.

(15) مصباح الشريعة: الباب 17، في التشهّد.

(16) مصباح الشريعة: الباب 18، في السّلام، مع اختلاف.

(17) المحجّة البيضاء: 1 / 395 ـ 396.

 

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.