أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-9-2016
![]()
التاريخ: 2025-04-05
![]()
التاريخ: 21-9-2016
![]()
التاريخ: 2024-03-18
![]() |
أنّ المعاني الباطنة التي بها تتم حياة الصّلاة يجمعها ستّ جمل(1) , و هي حضور القلب ، و التفهم ، و التعظيم ، و الهيبة ، و الرّجاء و الحياء.
فالأول حضور القلب و نعني به أن يفرغ القلب عن غير ما هو ملابس له و متكلم به فيكون العلم بالفعل و القول مقرونا بهما و لا يكون الفكر جاريا في غيرهما و مهما انصرف الفكر عن غير ما هو فيه و كان في قلبه ذكر لما هو فيه و لم يكن فيه غفلة عنه فقد حصل حضور القلب.
ثمّ التفهم لمعنى الكلام ، و هو أمر وراء حضور القلب فربما يكون القلب حاضرا مع اللفظ و لا يكون حاضرا مع معنى اللفظ فاشتمال القلب على العلم بمعنى اللفظ هو الذي أردنا بالتفهم ، و هذا مقام يتفاوت فيه الناس ، إذ ليس يشترك الناس في تفهم المعاني للقرآن و التسبيحات ، و كم من معان لطيفة يفهمها المصلّي في أثناء الصّلاة و لم يكن قد خطر بقلبه قبل ذلك ، و من هذا الوجه كانت الصّلاة ناهية عن الفحشاء و المنكر ، فانها تفهم امورا تلك الامور تمنع عن الفحشاء و المنكر لا محالة.
ثمّ التعظيم و هو أمر وراء حضور القلب و التفهم، إذا الرّجل ربّما يخاطب غيره بكلام هو حاضر القلب فيه و هو متفهم لمعناه ، و لا يكون معظما له.
ثمّ الهيبة و هي زايدة على التعظيم إذ هي عبارة عن خوف منشؤه التعظيم لأن من لا يخاف لا يسمى هايبا ، ثمّ كلّ خوف لا يسمى مهابة بل الهيبة خوف مصدرها الاجلال.
ثمّ الرجاء فالعبد ينبغي أن يكون راجيا بصلاته ثواب اللّه كما أنّه خائف بتقصيره عقاب اللّه.
ثمّ الحياء و مستنده استشعار بتقصير و توهّم ذنب و لنذكر أسباب هذه المعاني الستة.
فاعلم أن حضور القلب سببه الهمّة فانّ قلبك تابع لهمّتك فلا يحضر القلب إلا فيما يهمّك ، و مهما أهمّك أمر حضر القلب شاء أم أبى ، فهو مجبول عليه و مسخّر فيه و القلب إذا لم يحضر في الصّلاة لم يكن متعطّلا بل كان حاضرا فيما الهمّة مصروفة اليه من امور الدّنيا ، فلا حيلة و لا علاج لاحضار القلب إلا بصرف الهمّة الى الصّلاة و الهمّة لا ينصرف إليها ما لم يتبيّن أن الغرض المطلوب منوط بها ، و ذلك هو الايمان و التصديق بأن الآخرة خير و أبقى و أنّ الصّلاة وسيلة إليه فاذا اضيف هذا إلى حقيقة العلم بحقارة الدّنيا و مهامتها حصل من مجموعهما حضور القلب في الصّلاة.
وأمّا التفهم فسببه بعد حضور القلب إدمان الفكر و صرف الذّهن الى ادراك المعنى و علاجه ما هو علاج إحضار القلب مع الاقبال على الفكر و التشمر لرفع الخواطر الشاغلة ، و علاج دفع الخواطر الشاغلة قطع موادّها أعني النزوع(2) , عن تلك الأسباب التي تنجذب الخواطر إليها ، و ما لم ينقطع تلك الموادّ لا ينصرف عنها الخواطر ، فمن أحبّ شيئا أكثر ذكره ، فذكر المحبوب يهجم على القلب بالضرورة ، و لذلك ترى من أحبّ غير اللّه لا يصفو له عن الخواطر.
وأما التعظيم فهي حالة للقلب تتولد من معرفتين : احداهما معرفة جلال اللّه و عظمته و هي من اصول الايمان ، فان من لا يعتقد عظمته لا تذعن النفس لتعظيمه الثانية معرفة حقارة النفس و خسّتها و كونها عبدا مسخرا مربوبا حتى يتولّد من المعرفتين الاستكانة و الانكسار و الخشوع للّه ، فيعبّر عنه بالتعظيم ، و ما لم تمتزج معرفة حقارة النّفس بمعرفة جلالة الرّب لا ينتظم حالة التعظيم و الخشوع ، فان المستغني عن غيره الآمن على نفسه يجوز أن يعرف من غيره صفات العظمة ، و لا يكون الخشوع و التعظيم حاله ، لأن قرينته الاخرى و هي معرفة حقارة النّفس و حاجتها لم تقترن إليه.
وأما الهيبة و الخوف فحالة للنفس يتولد من المعرفة بقدرة اللّه و سطوته و نفوذ مشيته فيه ، و مع قلة المبالاة به و أنه لو أهلك الأوّلين و الآخرين لم ينقص من ملكه ذرّة ، هذا مع مطالعة ما يجري على الأنبياء و الأولياء من المصايب و أنواع البلاء مع القدرة على الدفع ، و بالجملة كلما زاد العلم باللّه زادت الخشية و الهيبة.
وأما الرجاء فسببه معرفة لطف اللّه و كرمه و عميم إنعامه و لطايف صنعه و معرفة صدقه في وعده الجنّة بالصّلاة فاذا حصل اليقين بوعده و المعرفة بلطفه انبعث من مجموعهما الرجاء لا محالة.
و أمّا الحياء فباستشعار التقصير في العبادة و علمه بالعجز عن القيام بعظيم حق اللّه و يقوي ذلك بالمعرفة بعيوب النفس و آفاتها و قلة إخلاصها و خبث دخلتها (3), و ميلها إلى الحظ العاجل في جميع أفعاله مع العلم بعظيم ما يقتضيه جلال اللّه ، و العلم بأنه مطلع على السّريرة و خطرات القلب و إن دقت و خفيت ، و هذه المعارف إذا حصلت يقينا انبعث فيها بالضرورة حالة تسمى الحياء.
________________________
1- و في جامع السعادات جعلها سبعة بزيادة الاخلاص و القربة و خلوها عن شوائب الرياء و كان المصنف( قد) اكتفى هنا بما ذكره فيما سبق.
2- نزع الشيء من مكانه : قلعه ، نزع نزوعا عن كذا : كف و انتهى عنه.
3- الدخل بضم الدال فالسكون : ما يدخل على الانسان من عقاره و تجارته ؛ و في الكنز باطن جيزي ، و بالتحريك العيب و الفسق و الفساد. م.
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
وفد العتبة الكاظمية المقدسة يزور عائلة الشهيد البطل النقيب حارث السوداني
|
|
|