أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-04-20
819
التاريخ: 2024-03-12
703
التاريخ: 2023-05-18
1008
التاريخ: 26/9/2022
1470
|
(ومن هذه التضعيفات ما يستشم منها رائحة الحدس).
أقول: إذا كان ابن قولويه قد وثّق كل أولئك المضعّفين في كلمات غيره - وهو عندي أجلّ من ذلك - فإنّه ينبغي أن تستشم منه رائحة الحدس بدرجة أقوى، إذ كيف يمكن أن يكون توثيقه لكلّهم مستنداً إلى الحس عن طريق نقل كابر عن كابر، وكلمات من سبقه ومن لحقه مشحون بتضعيف الكثيرين منهم؟!
(فلو فتحنا كل هذه الأبواب التي أوصدها المستشكل لتضاءل هذا العدد وتلاشى، فلا محل للبعد والاستبعاد).
أقول: قد اتّضح ممّا مرّ بيانه أنّ المحقق الخبير لا يجد مناصاً من الإقرار بأنّ الأبواب المشار إليها كلها مؤصدة أمامه وأنّ الاستبعاد المتقدّم في محله تماماً، ولذلك لا محيص من البناء على أنّ ابن قولويه لم يقصد بما ذكره في المقدّمة توثيق جميع رواة كتابه.
(لا سيما مع ما بيّنه سماحة السيد (دام عمره الشريف) من أنّ الغرض من توثيق هؤلاء هو توثيق رواياتهم. ولا يقال: إنّ ادعاء كون التوثيق حال أداء الرواية خلاف الظاهر، ثم إنّ هذا مبني على كونهم مستقيمين زمناً ما وهذا فرض في فرض ولا شاهد عليه بوجه؛ لأنّنا نقول: أمّا ادعاء كون توثيق ابن قولويه لهؤلاء حال اداء الرواية خلاف الظاهر فغريب جداً؛ لأنّ ظاهر حال كل موثّق حكاية وثاقة الراوي حال أدائه للرواية لا مطلقاً، والتنبيه على حاله في غير هذه الحال ـ كما لو انحرف بعد ذلك وتركت الرواية عنه ـ خارج عن حيطة علم الرجال، بل هو من شؤون علم التراجم وما أشبه).
أقول: دعوى أنّ ابن قولويه أراد وثاقتهم حين تلقّي روايات الكتاب عنهم لا قبل ذلك ولا بعده؛ لأنّ غرضه من التوثيق إنّما كان بيان اعتبار وحجّية تلكم الروايات، وهو لا يقتضي أزيد من وثاقة كل راوٍ حين نقله الرواية لمن بعده، وهذا محتمل حتى في المشهورين بالغلو والكذب بأن كانت لهم حالة استقامة رووا فيها الأحاديث ويكون ما أورده ابن قولويه في كتابه إنّما هو من الأحاديث خاصة دون ما رووها قبل ذلك أو بعده مردودة بالآتي:
أولاً: إنّ كون غرض ابن قولويه هو التنبيه على اعتبار روايات كتابه لا يشكّل قرينة على أنّه قصد توثيق رواتها في زمان تلقّي تلكم الروايات عنهم فإنّ المنساق من قوله: (ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا (رحمهم الله برحمته) كونهم موصوفين بالوثاقة ومعدودين من أصحابنا ومستحقّين لطلب الرحمة لهم من الله تعالى بحيث ختمت حياتهم بذلك، ولا يستساغ التعبير المذكور إذا كان لبعضهم دور وثاقة واستقامة ثم خرجوا من المذهب أو أصبحوا يمارسون الكذب والوضع واشتهروا به واستحقوا بذلك اللعن والعذاب، وإن كانت الروايات المدرجة في الكتاب مأخوذة منهم قبل ذلك، بل في مثل هذه الحالة ينبغي التنبيه على المعنى المذكور بنحو قولهم كما في موضع من الكافي (1): (عن طاهر بن حاتم في حال استقامته، وفي موضع من كمال الدين (2) (عن أحمد هلال في حال استقامته)، وما حكاه ابن الغضائري (3) من قولهم: (حدّثنا أبو الخطّاب في حال استقامته)، وقول النجاشي (4): (حدّثنا الحسين بن عبيد الله سهل في حال استقامته).
وثانياً: أنّه لو سلّم ظهور كلام ابن قولويه في توثيق رواة الكامل في حين تلقّي الروايات المدرجة في الكتاب عنهم، إلا أنّ الجمع بين توثيقه وتضعيف غيره بحمل توثيقه على كونه ناظراً إلى حالة استقامة محتملة كانت للشخص ـ وقد تمّ النقل عنه في الكامل في تلك الحالة ـ وحمل التضعيف على كونه ناظراً إلى حالة الانحراف اللاحقة، جمع اقتراحي تبرّعي ولا عبرة به ولا أقل من جهة عدم قرينة على كون التضعيف ناظراً إلى خصوص تلك الحالة، ومن الواضح أنّ المقام ليس من موارد حمل المطلق على المقيّد، فإنّ ذلك يختص بما إذا كان المطلق والمقيّد صادرين من شخص واحد أو من شخصين هما بمنزلة الواحد كإمامين معصومين.
وثالثاً: أنّه لو غض النظر عما تقدّم فإنّ الجمع المذكور غير متّجه من جهة أخرى، وهي ما أشار إليه الأستاذ (دامت تأييداته) من أنّ مضامين جملة من روايات الكذّابين والوضّاعين المذكورة في الكامل تشهد بأنّها من مختلقاتهم (5) في دور الضعف لا من رواياتهم قبل ذلك في دور الاستقامة - إن كان لهم دور من هذا القبيل ـ مع أنّ الملاحظ عدم اختلاف الرواة عنهم فيها عن رواة سائر رواياتهم، فكيف اقتنع ابن قولويه أنّها رويت عنهم في حال الاستقامة؟!
وأيضا تقدّم أنّ عدداً من الروايات التي أوردها عن المنحرفين مروية عن أناس شاركوهم في الانحراف، كما في علي بن أبي حمزة الذي أخرج له عدة روايات عن القاسم بن محمد الجوهري وكان واقفياً مثله، وبعض الروايات عن الحسن بن علي الوشّاء الذي قضى شطراً من عمره على القول بالوقف، فبطبيعة الحال لم يكن لابن قولويه طريق لإحراز كون تلك الروايات مروية عن ابن أبي حمزة في حال استقامته، فكيف أوردها في كتابه إذا لم يكن يوثّق الرجل حتى بعد انحرافه؟!
ورابعاً: أنّ لازم كون ابن قولويه ناظراً في توثيقه المزعوم إلى زمان تلقّي الروايات المدرجة في الكامل عن الرواة المذكورين فيه هو ألّا يصح الاستناد إلى توثيقه في البناء على اعتبار سائر ما ورد في جوامع الحديث من روايات للمذكورين في أسانيد الكامل، ممّا يحتمل أنّه تمّ تلقّيها منهم قبل زمن تلقّي رواياتهم في الكامل مع عدم ثبوت وثاقتهم آنذاك.
مثلاً: عبد الرحمن بن سيابة له رواية واحدة في الكامل رواها عنه علي بن النعمان وله عشرات الروايات في الكتب الأربعة وغيرها رواها عنه آخرون، والرجل ممّن لم يوثّق في كتب الرجال، فإذا بني على كون التوثيق المزعوم لابن قولويه ناظراً إلى زمان تلقّي علي بن النعمان تلك الرواية عنه، فلا ينفع ذاك التوثيق في الاعتماد على سائر رواياته إلا مع إحراز تلقّيها عنه في زمن تلقّي تلك الرواية أو فيما بعده.
وأمّا مع احتمال تلقّيها قبل ذلك فحيث لا مثبت لوثاقته في حينه ـ لعدم حجيّة الاستصحاب القهقرى - لا سبيل إلى البناء على حجيّتها، وبذلك يقل جدوى الالتزام بوثاقة رواة كامل الزيارات، وهو أيضاً على خلاف ما سلكه بعض الأعلام المعاصرين (دام ظله) في مصباحه، فراجع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكافي: ج1، ص 86.
(2) كمال الدين: ص 204.
(3) رجال ابن الغضائري: ص 88.
(4) رجال النجاشي: ص 61.
(5) ولعلّ منها جملة من روايات عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، ولا سيما بعض ما روي في باب نوادر الزيارات، فراجعها إن شئت، والظاهر أنّها مقتبسة من كتابه في الزيارات الذي قال عنه ابن الغضائري: (يدل على خبث عظيم ومذهب متهافت).
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|