أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-13
1033
التاريخ: 12-11-2016
873
التاريخ: 2023-12-16
807
التاريخ: 2023-12-14
1868
|
كان أهل اليمن يتكلمون لغة سامية، ولكنها ليست اللغة العربية الشمالية التي نتكلمها الآن، وهي تمتُّ إلى الحبشية بصلة، ويعتبرها علماء اللغات من لغات القسم الجنوبي للمجموعة السامية، وقد تفرعت إلى لهجات بحسب عصور الحكم، منها اللهجة المعينية واللهجة السبئية واللهجة الحميرية. والكتابة اليمنية القديمة ليست لها حروف حركة تحدد النطق بالكلمات، فهي من هذه الناحية تشبه الكتابة المصرية القديمة. وضبط النطق بالألفاظ فيها ليست إلا مسألة تخمينية. وحروف الكتابة لا تتصل، إنما يفصل بين الكلمات فاصل، وأبجديتها مثل الأبجدية الفينيقية مقتطعة من الأبجدية السينائية التي كشفت في السنوات الأخيرة في سرابيط الخادم بسيناء، وكان كل من تجار العرب والفينيقيين قد نقلوها من سينا، وهذه مأخوذة من الخط المصري القديم. ويُعرف الخط اليمني القديم بالمسند، وهو اسم أطلقه علماء المسلمين عليه؛ لأن الحروف فيه تستند إلى أعمدة، وتتكون الأبجدية من تسعة وعشرين حرفًا، هي الحروف الثمانية والعشرون للأبجدية العربية، تضاف إليها السين الثانية العبرية، وكان اليمنيون يكتبون من اليمين إلى اليسار، وبعض النقوش القديمة يُقرأ منها سطر من اليمين إلى اليسار وسطر من اليسار إلى اليمين على التعاقب، وقد ظل الخط الحميري «المسند» يُقرأ إلى صدر الإسلام، حتى أدخل الإسلام في بلاد اليمن مع العقيدة الدينية لغة القرآن «العدنانية المضرية أو القرشية الفصحى» ومحا محوًا تامًّا كل اللهجات الجنوبية، التي كانت قد ضعفت لأسباب شتى، ونسي أهل اليمن مع نسيانهم للغتهم القومية أخبار أقوامهم السابقين (راجع تاريخ اللغات السامية، الدكتور إسرائيل ولفنسون، والجزء الأول من كتاب الأساس للدكتور العناني). هذا؛ ولا يزال المستشرقون يجدون صعوبة كبيرة في ترجمة النقوش العربية الجنوبية، وأن معاني شطر كبير منها لا يزال موضع خلاف بينهم. وقد ذكر الأستاذ فلبي في مقدمة كتابه الأخير عن عصر ما قبل الإسلام الذي أشرنا إليه آنفًا أنه يستطيع أن يدعي أنه قد قرأ بقدر الاستطاعة وهضم بالفعل كل النقوش العربية الجنوبية، وعدتها نحو 6000 نقش، هي كل التي كشفت أو على الأقل نشرت … وأنه عندما يعتزم تفصيل المختصر الذي كتبه عن تاريخ العرب قبل الإسلام بالتدريج وينتوي أن يؤيد آراءه بإضافة ملحق إلى الكتاب يتضمن ترجمة إنجليزية لكل النقوش العربية الجنوبية ذات الأهمية التاريخية. ولا شك أن اليمانيين الأقدمين كانت لهم آداب؛ لأنهم ضربوا في المدنية بسهم وافر، ولكن لم يصلنا من آدابهم شيء، أما النقوش التي وصلتنا فإنها لا تتضمن إلا أدعية واستغفارات أو مراسيم ملكية تتعلق بالري أو الضرائب أو ما شاكل ذلك، وقد قسمها العلماء إلى الأقسام الستة التالية:
(1) نقوش معمارية وجدت على جدران المعابد وغيرها من المباني العامة تخليدًا لذكرى بانيها أو من اشتركوا في إقامتها.
(2) نقوش تاريخية دونت عليها أخبار بعض المعارك، أو أعلن فيها ذكرى بعض الانتصارات.
(3) نقوش دينية محفورة على لوحات من البرونز أقيمت في المعابد قربانًا للآلهة.
(4) نقوش جنائزية أو قبريات.
(5) قوانين عسكرية محفورة على أعمدة في مداخل المباني العامة أو المعابد.
(6) نقوش تتضمن وثائق قانونية تنم عن نظام دستوري طويل العمر.
أما ما يُنسب إلى بعض ملوكهم من شعر أو غيره بالعربية الفصحى، فليس إلا بعضًا من خيال المؤرخين والمتأخرين. أما ديانتهم فقد نقلت إلينا النقوش أسماء معابد كثيرة، وأكثر من مائة إله، ولكن لا نعرف عن هذه الآلهة إلا أسماءها، ولا شك أن بعض الآلهة كان يعبد في كل البلاد، وأكبر آلهتهم الشمس، وكانت لها مظاهر متعددة في جهات مختلفة، ومن بين آلهتهم عطار الذي يدل على كوكب الزهرة، ولعل اسمه مشتق من أشتار البابلي أو عشتوريت الكنعاني، وكان القمر من بين آلهتهم الكبرى، ويرى بعض العلماء أنه كانت له الأفضلية على الشمس على اعتبار أنه المعبود الذكر، وأن الشمس الأنثى زوجته، وكان يُسمى عندهم ورح أو شهر أوسين، وكان لكل منطقة إلهها المحلي، فكانت معين تعبد الإله ود، وقتبان تعبد الإله عم، وسبأ تعبد الإله المقاه، وهمدان تعبد الإله تعلب ريام، ولعل هذه الآلهة المحلية أو القبلية كانت مظاهر لإله القمر، وهناك في النقوش ما يشير إلى أن القمر والشمس والزهرة كانت تكوِّن أسرة مقدسة، كما كان أوزوريس وإيزيس وحوريس يكونون ثالوثًا مقدسًا عند المصريين، وكان الثور وقرنا الثور والهلال تعتبر من رموز القمر كما كانت البقرة هاتور عند المصريين القدماء. وفي بعض الأوقات كان الملوك يعبدون بعد موتهم بوصف كونهم آلهة، وكان اليمنيون يعتقدون أن الشعب هو سليل الملك، وأن الملك هو الابن البكر للإله، وكثيرًا ما نرى عبارة «الإله والملك والشعب» على النقوش، ولم يكن للآلهة تماثيل كما كان عند المصريين القدماء، وكان الناس يتقدمون إلى الآلهة بتماثيل لأشخاصهم لكي تبارك أعمالهم، كما كانوا يقربون لهم قرابين من الضحايا والبخور، وكانوا يؤدون الحج في فصول معلومة من السنة، وكان شهر الحج يُسمى ذو الحجة أو ذو المحجة، وعرفنا أيضًا أسماء بعض شهورهم، ويمتُّ عدد منها بصلة إلى الزراعة، وكان اسم الكاهن في لغتهم «رشو» ولعل معناها المعطي. وزاد النفوذ اليهودي في أواخر أيام دولة الحميريين، وتهود بعض ملوكهم، وكان من آثار اليهودية أن شاع ذكر اسم «الرحمن» في النقوش دلالة على الله. ودخلت النصرانية بلاد اليمن قبل الغزو الحبشي، وانتشرت بعد ذلك الفتح، ولكنها لم تلقَ قبولًا؛ وذلك لأنها كانت تعتبر دليلًا على السيطرة الأجنبية، وأسس أبرهة كنيسة القليس المشهورة في صنعاء، ولكنها لم تلقَ ارتيادًا كبيرًا، أما الفتك بالنصارى في نجران فكانت له أسباب سياسية كما كانت له أسباب دينية.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|