أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-9-2016
1623
التاريخ: 21-8-2020
2215
التاريخ: 8-1-2017
3384
التاريخ: 19-8-2020
3653
|
وإذا كان الكتاب الذي بين أيدينا الآن يعالج حصاد سياسة التوسع على حساب شعوب جنوب شرقي آسيا والصراع الإمبريالي في المنطقة الذي انتهى بهزيمةٍ ساحقة ودشَّن سلاحًا رهيبًا جديدًا استُخدِم لأول مرة هو القنبلة الذرية؛ يجدر بنا أن نقف على أطراف قصة هذا السلاح ودوافع استخدامه. بدأ اكتشاف الذرة في معامل معهد القيصر ولهلم في برلين عام 1938م نتيجة دراسات قام بها العلماء الألمان لمتابعة تجارب في هذا المجال كان قد سبقهم إليها عالمٌ إيطالي هو إنريكو فيرمي في عام 1934م، ووصلَت أنباء هذا الاكتشاف الجديد إلى أمريكا مع بعض العلماء الألمان الذين فروا من الاضطهاد النازي في ألمانيا، وأبلغ أينشتاين العالم الأمريكي الشهير هذا النبأ إلى الرئيس روزفلت في 11 أكتوبر 1939م، فلم يُعِر الأمر اهتمامًا، ولكنه ما لبِث أن اقتنع بضرورة أخْذ المسألة مأخذ الجد حين علم بالقوة الهائلة التي تنجم عن الطاقة الذرية، وأن استخدامها كسلاح في الحرب قد يقلب موازين القوى في العالم، فحرص على توفير السبل التي تحقق لأمريكا التوصل إلى امتلاك هذا السلاح قبل ألمانيا. وشُكِّلَت على الفور لجنة من العلماء والعسكريين كانت تتبع الرئيس الأمريكي مباشرة، أُحِيط نشاطها بالسرية التامة، وحملَت اسم «مشروع مانهاتن». وخصص الرئيس الأمريكي جانبًا من المصروفات السرية الخاصة بالبيت الأبيض للإنفاق على هذا المشروع الذي اشترك فيه إنريكو فيرمي العالم الإيطالي سالف الذكر، فأُقيمَت ثلاثة معامل لأبحاث الذرة في ثلاث مناطق منعزلة بولايات نيومكسيكو وتينسي، وواشنجتون. وفي الثاني من ديسمبر عام 1942م توصلَت اللجنة إلى نتائج مؤكدة حول إمكانية استخدام هذه الطاقة الجديدة في صُنع قنبلةٍ ذرية، وبدأ الخبراء العسكريون وضْع تصميمات القنبلة بالتعاون مع العلماء، ووضعوا خطة لإنتاج نوعَين من هذه القنبلة أعطى أولهما اسمًا رمزيًّا هو «الولد الصغير» أما الآخر فأطلق عليه «الرجل السمين» وفي نفس الوقت أُعِيد النظر في تصميم الطائرة القاذفة (ب 29) بحيث تصبح مهيأة لحمل هذا السلاح واستخدامه، واختير فريقان من مهرة الطيارين المقاتلين للتدريب على هذه الطائرات في ظروف طبيعية مختلفة. وتم إنتاج القنبلة في مطلع عام 1945م، ووقع الاختيار على جزيرة تن يان لتصبح قاعدة لانطلاق أول عملية قصفٍ نووي في التاريخ، وتقع هذه الجزيرة على بُعد مائة ميل إلى الشمال من جزيرة جوام، وعلى بُعد نحو1500 ميل إلى الجنوب من جزيرة هنشو كبرى جزر اليابان التي تقع هيروشيما في جنوبها الغربي. وأُرِسلَت المجموعتان اللتان تدربتا على عملية القصف الذري إلى جزيرة تن يان مع سربَين من طائرات ب-29 وقنبلتان ذريتان في 21 يونيو 1945م، وأثناء وجودها بتلك القاعدة تمَّت تجربة أول تفجير نووي في التاريخ بصحراء نيومكسيكو في 16 يوليو، واطمأنَّت القيادة الأمريكية إلى فاعلية السلاح الجديد، وبدأ منذ ذلك التاريخ العد التنازلي لاستخدام القنبلة «الولد الصغير» في قصف مدينة هيروشيما، والقنبلة «الرجل السمين» في قصف مدينة نجازاكي. وأقلع السرب الأول الذي يحمل «الولد الصغير» في صبيحة السادس من أغسطس متجهًا صوب هيروشيما، وكان يتكون من ثلاث طائرات (ب 29) تحمل إحداها القنبلة، أما الثانية فتحمل بعض العلماء الذين اشتركوا في المشروع لتسجيل النتائج العلمية للقصف، وحملَت الطائرة الثالثة آلات التصوير وبعض الفنيين، وفي الساعة الثامنة والربع 17 ثانية ألقَت الطائرة الأولى القنبلة فوق هيروشيما المدينة التي كان يسكنها عندئذٍ نحو نصف مليون نسمة، وهبطَت القنبلة بمظلَّتَين ليُتاح لها فرصة الانفجار في الجو، وكان وزنها يبلغ خمسة أطنان وأُلقيَت على المدينة من ارتفاع 1870 قدمًا، وبلغَت قوة انفجارها ما يعادل 13500 طن من مادة اﻟ TNT شديدة الانفجار. وفي صباح التاسع من أغسطس أقلع السرب الثاني من قاعدة تن يان يحمل القنبلة «الرجل السمين» والعلماء والأجهزة الفنية وآلات التصوير قاصدًا نجازاكي التي تقع غرب جزيرة كيوشو، وكان يسكنها ما يربو على ربع مليون نسمة، وأُلقيَت القنبلة على المدينة في الساعة الثامنة والنصف صباحًا فانفجرَت على ارتفاع 1540 قدمًا لتُلحق بالمدينة دمارًا شاملًا. لقد مر بنا أن اليابان خسرَت معركة المحيط الهادي تمامًا مع نهاية عام 1944م، وحاولت أن توسط الاتحاد السوفياتي في عقد صلح مع الحلفاء في 13 يوليو 1945م، أي قبل قصف هيروشيما بنحو ثلاثة أسابيع، وأنَّ تصدُّع الحكم العسكري جعل الإمبراطور يفكر جديًّا في التسليم، هذا بالإضافة إلى أن الأمريكيين كانوا يملكون مفتاح الشفرة اليابانية ويعرفون حقيقية الأوضاع في اليابان، فلماذا إذن أقدموا على استخدام السلاح النووي الرهيب ضدها؟ لقد كانت الحرب توشك على الانتهاء ويشرف العالم بانتهائها على عصرٍ جديد، وأصبح من الواضح أن إنجلترا وفرنسا فقدَتا زعامتهما التقليدية للعالم الديمقراطي الغربي لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، التي أنقذَت الغرب من الاندحار أمام الفاشية، فكان من المتوقَّع أن ترث الولايات المتحدة المكانة التي تمتَّعَت بها إنجلترا وفرنسا من قبل، كما ترث قَدرًا من المصالح الإمبريالية فيما وراء البحار يتكافأ مع حجم الدور الذي لعبَته في تدعيم مركز الديمقراطيات الغربية في مواجهة الفاشية، كما أصبح واضحًا كذلك أن الاتحاد السوفياتي قد اكتسب قوة وفعالية على مسرح السياسة الدولية نتيجة الصراع مع الفاشية، وأنه سوف يصبح القطب المقابل للولايات المتحدة الأمريكية باعتباره — عندئذٍ — القوة الاشتراكية الكبرى الوحيدة في العالم التي تتزعم البلدان الاشتراكية الأخرى، والتي تختلف مبادئها ومصالحها مع الإمبريالية، فكان ثمة احتمال حدوث مواجهة بين الطرفَين المتناقضَين في عصر ما بعد الحرب؛ لذلك حرصَت الولايات المتحدة الأمريكية أن تلفت نظر الاتحاد السوفياتي بصورةٍ عملية إلى ما لديها من قوةٍ رادعة تجعله لا يفكر في تحدي أمريكا المتحدثة بلسان المصالح الإمبريالية في عالم ما بعد الحرب، فكان قصف هيروشيما ونجازاكي خطابًا موجهًا إلى حليف اليوم الذي قد يصبح عدو الغد. كما أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت بحاجة إلى ميدانٍ حي لتجربة السلاح الجديد، لمعرفة مدى فعاليته، والتأثيرات التي تنتج عن الإشعاع الذري في البيئة والإنسان، فكان استخدام المدن اليابانية حقل تجارب للتفجير النووي يحقق لأمريكا هذه الغاية، كما يوفر عنصر الردع الذي يترك أثرًا نفسيًّا بالغًا على شعبٍ تحدى الولايات المتحدة، وحطَّم هيبتها ذات يوم، وتربى على تقبُّل سياسة القوة وتشبع بالروح العنصرية المستمدة من تراثه التقليدي. ومهما كان الأمر، فإن استخدام القنبلة الذرية في ضرب هيروشيما ونجازاكي فتح الباب على مصراعيه لعصرٍ جديد، تسابقَت فيه القوى الكبرى على امتلاك الأسلحة النووية وتطويرها، حتى إن قوة قنبلة هيروشيما على ما سببَته من دمار تشبه عود الثقاب بالنسبة للأتون الملتهب، إذا ما قُورنَت بالتطور الذي أصبحَت عليه الأسلحة الذرية الآن، ولعبَت الذرة دورًا كبيرًا في الدبلوماسية الدولية وفي جانب الردع، وشجع العملاقان الذريان على انتهاج سياسة الوفاق. كما انضمَت لعضوية النادي الذرِّي في السنوات الأخيرة فرنسا والصين والهند وإسرائيل وباكستان، وتتطلع بعض الدول النامية الأخرى مثل إيران إلى الانضمام إليه.
|
|
دور في الحماية من السرطان.. يجب تناول لبن الزبادي يوميا
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|