أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-6-2020
3413
التاريخ: 15-11-2016
1165
التاريخ: 15-11-2016
1676
التاريخ: 3-8-2020
5012
|
وتُوُفي أبوك بكر بعد أجنادين، وتولى الخلافةَ عمر بن الخطاب، وكانت قبائل اليمن وما يليها من الجنوب قد بدأت تسمع بانتصارات خالد وغيره، فهَبَّتْ تلبي النداء بمجموعها رجالًا ونساءً وأطفالًا، فرأى الخليفةُ الكبير — بثاقب بصره — أَنْ لا بد من التنظيم، فوحَّد الجيوش، ووحَّد القيادة، وعقد لواءها إلى خالد بن الوليد، وجمع هرقلُ البقية الباقية من جُنُوده في دمشق، واستدعى أخاه ثيودوروس إلى القسطنطينية وأَمَّر على الجيش في سورية القائدَ بانس. ورأى هذا القائد أن يصمد في وجه العرب في فِحْل التي كانت تسيطر آنئذٍ على مجاز الأردن في جنوب بحيرة طبريا وتحمي الطريق المؤدية إلى دمشق، وهدم بانس سُدُود المياه ليعرقل سُبُل الفاتحين، ولكن هؤلاء استولوا على فِحْل بالقوة في الثالث والعشرين من كانون الثاني سنة 635 وتابعوا السير إلى دمشق. وفي الخامس والعشرين من شباط سجلوا نصرًا آخر على جيش الروم في مرج الصُّفر على بعد ثلاثين كيلومترًا من دمشق إلى جنوبيها، وفي ظرف أسبوعين من الزمن ظهروا أمام أسوار دمشق وضربوا الحصار عليها وشَدَّدُوه، فتضايق السكان، فتآمروا على الجند المدافع فاتصلوا بالعرب، فكتب إليهم خالد يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى خالد بن الوليد أهل دمشق إذا دخلها، أعطاهم أمانًا على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم، وسور مدينتهم لا يهدم، ولا يسكن شيئًا من دورهم، لهم بذلك عهدُ الله وذمة رسوله ﷺ والخلفاء والمؤمنين، لا يعرض لهم إلا بالخير إذا أعطوا الجزية (1). وفتح الباب الشرقي في آب أو أيلول من السنة 635 ودخل العرب المسلمون إلى دمشق واستولوا عليها وجعلوا الجزية دينارًا وجريبًا، وهو مكيال من الحنطة على الرجل الواحد، «ثم تساقطت بعد ذلك حمص وبعلبك وحماه وسواها من المدن كتساقُط أوراق الخريف (2) «، وذلك في أواخر السنة 635، وخرج أهل شيزر يكفِّرون ومعهم المُقَلِّسون فأذعنوا (3). وكان هرقل في أثناء هذا كله يسعى بنشاط بين أنطاكية والرها لتجييش قوة كبيرة، يتمكن بها مِنْ صَدِّ العرب، وإنقاذ سورية الجنوبية وفلسطين والعربية، وبرغم خسارته الكبيرة في الرجال إبان الحرب الفارسية، وبرغم قِلَّة المال في الخزينة؛ فإنه حشد في خريف السنة 635 من الروم والأرمن والعرب حوالي خمسين ألفًا، وأمَّر عليهم ثيودوروس تريثوريوس، وأنفذهم في ربيع السنة 636 إلى سورية، وكان خالدٌ آنئذٍ في حمص يتفقد الجبهة، فلما علم بقدوم هذا الجيش الكبير جلا عن حمص ودمشق وسائر المدن المجاورة، وجمع ما لديه من الرجال خمسة وعشرين ألفًا، وانتقى وادي اليرموق، أحد روافد الأردن الشرقية، فصمد فيه، وقام الروم من حمص عبر البقاع إلى جلِّين واتخذوها قاعدة لهم. وتناوش الفريقان وتناول بعضهم بعضًا في معارك صغيرة ردحًا من الزمن، وفيما خالد ينتظر وُصُولَ المدد، كان الروم يتخاصمون فيما بينهم بدافع الحسد وقلة الانضباط، فانهزم ثيودوروس في عدد من تلك المناوشات، فنادى الجُند ببانس فسيلفسًا، وامتنع حلفاء الروم من العرب عن القتال وانسحبوا من الميدان، فجاءت هذه الفوضى وجاء هذا الانسحابُ في مصلحة العرب المسلمين، واغتنم خالدٌ هذه الفرصة السانحة، فقام بحركةِ التفاف حول الروم من الشرق فقطع خط اتصالهم بدمشق، ثم احتل الجسر فوق وادي الرقاد فحرمهم إمكان التراجع غربًا. وفي الثاني والعشرين من آب سنة 636 انقضَّ عليهم بفرسانه المجربين فقتل مَن قتل وشرَّد من شرَّد، وبذلك انقطع كل إمكان للروم بأن يصمدوا في سورية. وفي خريف هذه السنة نفسها عاد العرب إلى دمشق فدخلوها آمنين، وكان الخليفة أَعْلَمَ الناس بخالد، يقدر مواهبه ويعرف مواضع ضعفه، وكانت الحرب قد تطورت تطورًا كبيرًا في مصلحة العرب الفاتحين ولكن إدارة البلدان المفتوحة كانت لا تزال ضعيفة تفتقر إلى التنظيم، وكانت ثمة مشاكلُ إداريةٌ وسياسية، ولم يكن خالدٌ رجل إدارة وسياسة، فرأى عمر أن لا بد من وجود والٍ أَعْلَى يمثل الخليفة في الشام ويدير سياستها بحكمة ولباقة، فانتقى لهذا المنصب أبا عبيدة وأرسله إلى الشام حاكمًا مفوضًا، ووصل أبو عبيدة قبيل موقعة اليرموق ولكنه أبقى القيادة بيد خالد؛ لأنه كان أَعْلَمَ منه بتفاصيل الحرب وأقدر عليها، فلما انتهت المعركة تسلم أبو عبيدة مقاليد الأمور فوزَّع السلطات العسكرية بحكمة ودراية واحتفظ بخالدٍ ملحقًا به، واتجه شمالًا ولم يَلْقَ مقاومة تُذكر قبل قنسرين «خلقيس»، فدخل بعلبك وحمص وحلب وأنطاكية بسهولة(4).
..........................................
1- البلاذري، ص121.
2- تاريخ العرب للدكتور فيليب حتي، ج،1، ص 204.
3- البلاذري، ص131.
4- الطبري، ج،1 ص2347 وما يليها.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|