أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-11-2016
2022
التاريخ: 25-8-2019
1909
التاريخ: 24-7-2020
5440
التاريخ: 15-11-2016
1235
|
صُنَّاع النصر معروفون، لكن إعلام السلطة عتَّمَ عليهم :
ففي كل معركة عادةً، أفرادٌ ضعاف الأبدان، أو أقوياء لكنهم خوافون، لا يطلبون مبارزة، ولا يستجيبون لمن يطلب مبارزتهم .
وإذا بدأت الحملة تأخروا إلى آخر الصفوف يلوذون بالمقاتلين ، وإذا أحسوا بخطر هربوا ، وسببوا الوهن في صفهم ، وأصيب الجيش بالهزيمة من جهتهم !
ويتفاقم خطر هؤلاء إذا كانت راية الميمنة أو الميسرة أو القلب بيد أحدهم ، لأن فرار صاحب الراية يعني فرار من تحتها . ولذا يؤكد المسلمون على صاحب الراية أن لا يفرّ : « كانت راية المهاجرين مع سالم مولى أبي حذيفة ، فقالوا : نخشى علينا من نفسك شيئاً . فقال : بئس حامل القرآن أنا إذاً » . ( الطبري : 2 / 509 ) .
ويوجد في الجيش عادةً رجالٌ شجعان ، يتقدمون إلى المبارزة ، ويكونون الخط الأول في الهجوم . فهم يَثْبُتُون إذا تراجع غيرهم ويشجعونهم ، فهؤلاء هم القوة الحقيقية للجيش ، وقادته الميدانيون ، وصُنَّاع النصر .
ويسميهم التاريخ أهل البلاء أو أهل الغَناء في الحرب ، أي يُغنون عن غيرهم . وكان المسلمون يخصونهم باحترام ، وخدمات وعطايا ، عند توزيع الغنائم ، أو بعد رجوع الجيش من الحرب ، أو يخصونهم برواتب كافية .
قال الطبري: ( 3 / 71 ) : « عن إبراهيم وعامر : إن أهل البلاء يوم القادسية فُضِّلوا عند العطاء بخمس مائة خمس مائة ، في أعطياتهم ، خمسة وعشرين رجلاً . منهم زهرة، وعصمة الضبي، والكلج . وأما أهل الأيام، فإنه فرض لهم على ثلاثة آلاف، فُضِّلوا على أهل القادسية».
وأهل الأيام هم مجموعة مقاتلين شجعان من قبيلة واحدة عادةً ، لهم رئيس ، وسموا بذلك ، لأنهم يتكفلون بيوم من أيام الحرب ، يكون لهم خاصة .
« وقسَّم حذيفة بن اليمان بين الناس غنائمهم ، فكان سهم الفارس يوم نهاوند ستة آلاف وسهم الراجل ألفين ، وقد نَفَل حذيفة من الأخماس من شاء من أهل البلاء يوم نهاوند ، ورفع ما بقي من الأخماس إلى السائب بن الأقرع ، فقبض السائب الأخماس فخرج بها إلى عمر ، وبذخيرة كسرى » . ( الطبري : 3 / 218 ) .
« وقدمت على عمر الفتوح من الشام وجمع المسلمين فقال : ما يحل للوالي من هذا المال ؟ فقالوا جميعاً : أما لخاصته فقوته وقوت عياله لا وكسٌ ولا شطط ، وكسوتهم وكسوته للشتاء والصيف ، ودابتان إلى جهاده وحوائجه وحملانه إلى حجه وعمرته . والقسم بالسوية وأن يعطى أهل البلاء على قدر بلائهم » ( الطبري : 3 / 210 ) .
وفي سنن البيهقي ( 6 / 339 ) : « إعطاء أهل البلاء في الإسلام نفلاً عند الحرب وغير الحرب ، إعداداً للزيادة في تعزيز الإسلام وأهله ، على ما صنع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) » .
إن معرفة هؤلاء الشجعان في أي معركة ، شرطٌ لفهم الأحداث على وجهها ، فإذا غفلنا عن ذلك أخطأنا ونسبنا النصر إلى غير صاحبه ، لأن صاحبه المقاتل الشجاع الذي يبارز وينتصر ، ويقتحم وينتصر ، ويدفع المهاجم وينتصر .
فلو لم يكن النبي ( صلى الله عليه وآله ) شجاعاً ، ولم يكن معه فرسان بني عبد المطلب : عليٌّ وحمزة وعبيدة ، لما انتصر المسلمون في بدر ، ولما غيروا المعادلة لمصلحة الإسلام .
ولو لم يثبت علي ( عليه السلام ) مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) في أحُد ، ويردَّ عنه هجمات قريش المستميتة لقتله ، لتغيَّر مسار المعركة ، ومسار التاريخ .
وعندما طالت محاصرة المسلمين لحصن خيبر نحو شهر ، وفشلوا في اقتحامه ، لو لم يأت النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعلي ( عليه السلام ) من مكان بعيد لاقتحامه لما تحقق النصر على اليهود .
وعندما انهزم المسلمون في حنين وتركوا النبي (صلى الله عليه وآله)، لو لم يهاجم عليٌّ (عليه السلام) جيش هوازن ، ويغوص في أوساطهم ويقتل أربعين من حملة راياتهم ، لما تحقق النصر .
وكذلك الحال في كل معركة ، فإن النصر فيها يتوقف على البطل أو الأبطال الذين يغيرون المعادلة .
ومعارك الفتوحات لا تخرج عن هذه القاعدة ، فكل نصر فيها يتوقف على وجود بطل أو عدة أبطال فرسان ، يقتحمون ويقاتلون ويصمدون حتى النصر .
وإذا طبقت هذه القاعدة ، انكشف لك حجم التزوير في معارك الفتوحات والردة ، وقد رأيت بعضه في حرب اليمامة .
صورة كلية لفتح العراق
إذا حسبنا بداية فتح العراق بمعركة ذي قار ، التي وقعت بعد معركة بدر ، وخاضها بنو شيبان وبنو عجل ضد الجيش الفارسي ، يكون فتحه استغرق نحو عشرين سنة ، لأن معركة ذي قار كانت بداية جرأة العرب على نظام كسرى ، حتى تم فتح العراق وفارس بمعركة نهاوند ، التي انكسر فيها جيش كسرى وانتهت محاولاته لاسترجاع ملكه ، وكانت في سنة إحدى وعشرين هجرية .
أما إذا اعتبرنا بداية فتح العراق بعمليات المثنى بعد وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) عندما تضعضع النظام الفارسي ، فيكون فتحه استغرق عشر سنين .
وفي هذا السنين العشر ، تم الفتح في مراحل ، بدأت بعمليات المثنى ضد الحاميات الفارسية ، ثم جاء خالد بن الوليد والياً على العراق من قبل أبي بكر ، وكان دوره عقود الصلح مع القرى والدساكر ، ولم يخض أي معركة مع الفرس بل شن غارات نهب وسبي على العرب ، وغيرهم من السكان .
ثم كانت مرحلة خوض المعارك مع الجيش الفارسي النظامي ، وقد بدأها المثنى وحده فخاض معهم معركة بابل ، قبيل وصول أبي عبيد .
ثم كانت معركتان في ولاية أبي عبيد الثقفي، وهما معركة النمارق مع الجيش الفارسي، ثم معركة الجسر التي استشهد فيها رضي الله عنه .
ثم كانت معركة البويب التي ثأر فيها المثنى لمعركة الجسر .
ثم كانت معركة القادسية الكبرى التي كانت حاسمة في فتح العراق .
ثم تلتها بعد نحو سنتين معركة المدائن الصغيرة.
ثم كانت المرحلة الأخيرة معركة جلولاء، وهي معركة كبرى، وكانت آخر معارك فتح العراق.
وقد بدأ المثنى رضي الله عنه وحلفاؤه عمليات تحرير العراق في حياة النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقد وفد على النبي ( صلى الله عليه وآله ) في سنة تسع للهجرة ، وبدأ بغاراته على مسالح الفرس عندما ملكت بوران بنت كسرى ، وكان ذلك سنة تسع أيضاً .
قال الدينوري في الأخبار الطوال / 111 : « فلما أفضى الملك إلى بوران بنت كسرى بن هرمز ، شاع في أطراف الأرضين أنه لا مَلِكَ لأرض فارس وإنما يلوذون بباب امرأة ، فخرج رجلان من بكر بن وائل يقال لأحدهما المثنى بن حارثة الشيباني والآخر سويد بن قطبة العجلي ، فأقبلا حتى نزلا فيمن جمعا بتخوم أرض العجم فكانا يغيران على الدهاقين فيأخذان ما قدرا عليه ، فإذا طُلبا أمعنا في البر فلا يتبعهما أحد . وكان المثنى يغير من ناحية الحيرة ، وسويد من ناحية الأبلة » .
ولم ينشأ هذا العمل من فراغ ، بل كان استمراراً لتوجيه النبي ( صلى الله عليه وآله ) لزعماء بني شيبان ، الذين خاضوا معركة ذي قار وكان شعارهم : يا محمد يا محمد ، ونصرهم الله تعالى ببركته , فجاؤوا إليه وفداً ، ومعهم خمس الغنائم . ( تاريخ اليعقوبي : 2 / 46 ) .
ثم وفد زعيم بني شيبان حريث بن حسان على النبي ( صلى الله عليه وآله ) وبايعه على الإسلام له ولقومه . ( الطبقات : 1 / 318 و : 7 / 58 ، والإصابة : 8 / 289 ، ومجمع الزوائد : 6 / 11 ) .
وفي سنة تسع وفد المثنى على النبي (صلى الله عليه وآله). قال في الإستيعاب: 4 / 1456: «المثنى بن حارثة الشيباني كان إسلامه وقدومه في وفد قومه على النبي (صلى الله عليه وآله)، سنة تسع » .
وفي تاريخ دمشق : 57 / 198 ، والإصابة : 6 / 51 : « كان المثنى ومذعور قد وفدا على النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وصحباه » .
وفي الإصابة : 2 / 117 ، قال بطل ذي قار حنظلة بن سيار ، افتخر بذلك فقال :
- - - - - - - - - - [ ابتداء شعر ]
ونحن بعثنا الوفد بالخيل ترتمي * بهم قُلَّصٌ نحو النبي محمد
بما لقي الهرموز والقوم إذ غزوا * وما لقي النعمان عند التورد » .
- - - - - - - - - - [ انتهاء شعر ]
ومعناه أنهم أسلموا وواصلوا صراعهم مع كسرى ، وإنما سكت كسرى على الهزيمة ولم يرسل لهم جيشاً بعد ذي قار ، لانشغاله عنهم بقتال الروم !
ثم قُتل كسرى واضطرب نظامه، وبقي مضطرباً حتى حكمت بنته بوران ، فنشطت في حرب العرب ، وكانت الوصية على العرش ، ولم تكن الملكة ، فاستغل المثنى هذه الفترة فوسع هجماته على حاميات الفرس .
« كانت بوران بنت كسرى كلما اختلف الناس بالمدائن ، عَدْلاً بين الناس حتى يصطلحوا ، فلما قتل الفرخزاذ بن البندوان وقدم رستم فقتل آزرميدخت ، كانت عدلاً إلى أن استخرجوا يزدجرد ، فقدم أبو عبيد والعدل بوران وصاحب الحرب رستم ، وكانت بوران أهدت للنبي ( صلى الله عليه وآله ) فقبل ، وكانت ضداً على شيرين سنة ، ثم إنها تابعته واجتمعا على أن ترأس وجعلها عدلاً » . (الطبري: 2 / 633» ثم، خاض المثنى معركة بابل مع جيش الفرس وكان عشرة آلاف مقاتل، ثم خاض مع أبي عبيد الثقفي معركة المارق بقيادة شهر براز بين الكوت والكوفة.
ففي تاريخ دمشق : 57 / 198 ، والإصابة : 6 / 51 : « كان المثنى ومذعور قد وَفَدَا على النبي ( صلى الله عليه وآله ) وصحباه ، وكان حرملة وسلمى من المهاجرين . . وقدم المثنى بن حارثة ومذعور بن عدي يوم القفل من اليمامة على أبي بكر ، وكانت لهما وفادة ونصيحة . . استأذناه في غزو أهل فارس وقتالهم ، وأن يتأمرا على من لحق بهما من قومهما وقالا : فإننا وإخواننا من بني تميم قد دُرِبنا بقتال أهل فارس ، وأخذنا النَّصَفَ منهم ، فولاهما على من تابعهما ، واستعملهما على ما غلبا عليه ، فسارا فجمعا جموعهما ثم سارا بهم حتى قدما بلاد أهل فارس ، وكان أول من قدم أرض فارس لقتال أهل فارس هما حرملة وسلمان .
فقدم المثنى ومذعور في أربعة آلاف من بكر وائل وعنزة وضبيعة ، فنزل أحدهما بخفان ونزل الآخر بالنمارق ، وعلى فرْج الفرس مما يليهما شهر براز بن نبدا ، فلقيا شهر برار وغلبا على فرات بادقلى إلى السيلحين ، واتصل ما غلبا عليه ، وما غلب عليه سلمى وحرملة ، وفي ذلك يقول مذعور بن عدي :
- - - - - - - - - - [ ابتداء شعر ]
غلبنا على خَفَّانَ بِيداً وشِيحةً * إلى النخلاتِ السُّمر فوق النمارق
وإنا لنرجو أن تجول خيولنا * بشاطي الفرات بالسيوف البوارق »
- - - - - - - - - - [ انتهاء شعر ]
وحرملة بن مريطة ، وسلمى بن القين حنظليان تميميان ، وقد شاركا في فتح العراق ، وفتح الأهواز . ( الإصابة : 2 / 46 ) .
قال الحموي في معجم البلدان : 5 / 372 : « أول من قدم أرض فارس لقتال الفرس حرملة بن مريطة وسلمى بن القين ، فكانا من المهاجرين ومن صالحي الصحابة فنزلا أطد ونعمان والجعرانة ، في أربعة آلاف من بني تميم والرباب ، وكان بإزائهما النوشجان والفيومان بالوركاء ( قرب الحلة ) فزحفوا إليهما فغلبوهما على الوركاء ، وغلبا على هرمزجرد إلى فرات بادقلى ، فقال في ذلك سلمى بن القين :
- - - - - - - - - - [ ابتداء شعر ]
ألم يأتيك والأنباء تسري * بما لاقى على الوركاء جانِ
وقد لاقى كما لاقى صتيتاً * قتيل الطف إذ يدعوه ماني
- - - - - - - - - - [ انتهاء شعر ]
وقال حرملة بن مريطة :
- - - - - - - - - - [ ابتداء شعر ]
شللنا ماه ميسان بن قاما * إلى الوركاء تنفيه الخيول
وجزنا ما جَلَوْا عنه جميعاً * غداةَ تغيَّمت منها الجبول » .
- - - - - - - - - - [ انتهاء شعر ]
أقول : اغتنم هذان الزعيمان القبليان ، والصحابيان القائدان ، الفراغ السياسي في العراق ، وضعف الدولة الفارسية ، فخرجا بقومهما وسيطرا على منطقة منه .
أما المثنى ومذعور فهما عراقيان ، لهما تاريخ في الصراع مع الفرس ، وقد أخذا تأييد الخليفة ، ووسعا الرقعة التي حرراها ، حتى اتصلت بما حرره الحنظليان .
حقيقة دور خالد بن الوليد في فتح العراق
في سنة ثلاث عشرة هجرية أرسل أبو بكر خالد بن الوليد إلى العراق، مدداً للمثنى، فبقي أقل من سنة قائداً رسمياً مبعوثاً من الخليفة، وكان عمله إبرام عقود الصلح مع أهل المدن والقرى والدساكر المفتوحة، فكان يوقع العهد ويأخذ المبلغ المقرر. ولم يقاتل خالد في العراق ولا شارك في معركة أبداً، لأنه لم يكن جيشٌ للفرس في العراق ، وكانوا مشغولين بوضعهم الداخلي .
قال الطبري : 2 / 605 : « واستقام أهل فارس على رأس سنة من مقدم خالد الحيرة بعد خروج خالد بقليل ، وذلك في سنة ثلاث عشرة على شهر براز بن أردشير » .
وقال الطبري : 2 / 573 : « أقام خالد في عمله سنة ومنزله الحيرة ، يُصَعِّد ويُصَوِّب قبل خروجه إلى الشام ، وأهل فارس يخلعون ويُمَلِّكُون ، ليس إلا الدفع عن بهرسير ( العاصمة ) وذلك أن شيرى بن كسرى قتل كل من كان يناسبه إلى كسرى بن قباذ ، ووثب أهل فارس بعده وبعد أردشير ابنه فقتلوا كل من بين كسرى بن قباذ وبين بهرام جوار ، فبقوا لا يقدرون على من يملكونه ممن يجتمعون عليه » .
أقول : هذا نصٌّ في انشغال الفرس بصراعهم الداخلي ، مدة وجود خالد في العراق ، وهو يردُّ ما اخترعوه من وقعات وحروب خاضها خالد ، وما كذبوه عن تحشيد الفرس لألوف مؤلفة لمواجهة خالد ، حتى أنه قتل منهم في أمغيشيا سبعين ألفاً !
فلم يكن في العراق شرقي دجلة إلا بقايا حاميات فارسية ، إلى أن أرسل الفرس جيشاً بعد ذهاب خالد مباشرة فكانت معركة بابل ، ثم جيشاً آخر فكانت معركة الجسر . وبعدها بأكثر من سنة معركة القادسية ، وبعدها بسنتين كان فتح المدائن !
ولم يقم خالد إلا بغارات ، وكان أكثرها على عاتق المثنى وقواته . وتلخص عمل خالد بعقد الصلح مع الدساكر المفتوحة على مبالغ ، فأبرم صلحاً مع القُرَيَّات ، وهي سكاكة وما حولها ، وهي اليوم في السعودية ، وكانت قديماً من العراق . ثم دخل إلى الحيرة ، ووقع مع حاكمها صلحاً وقبض المال . . وهكذا .
قال الطبري : 2 / 551 : « ثم كانت سنة اثنتي عشرة . . فمضى خالد يريد العراق حتى نزل بقريات من السواد يقال لها بانقيا وباروسما وألِّيس فصالحه أهلها . وكان الذي صالحه عليها ابن صلوبا ، وذلك في سنة اثنتي عشرة ، فقبل منهم خالد الجزية ، وكتب لهم كتاباً فيه : بسم الله الرحمن الرحيم من خالد بن الوليد لابن صلوبا السوادي ، ومنزله بشاطئ الفرات ، إنك آمن بأمان الله إذ حقن دمه بإعطاء الجزية ، وقد أعطيت عن نفسك وعن أهل خرجك وجزيرتك ، ومن كان في قريتيك بانقيا وباروسما ، ألف درهم فقبلها منك ورضى من معي من المسلمين بها منك ، ولك ذمة الله وذمة محمد ( صلى الله عليه وآله ) وذمة المسلمين على ذلك . .
ثم أقبل خالد بن الوليد بمن معه حتى نزل الحيرة ، فخرج إليه أشرافهم مع قبيصة بن إياس بن حية الطائي ، وكان أمَّره عليها كسرى بعد النعمان بن المنذر فقال له خالد ولأصحابه : أدعوكم إلى الله والى الإسلام فإن أجبتم إليه فأنتم من المسلمين لكم مالهم وعليكم ما عليهم ، فإن أبيتم فالجزية فإن أبيتم الجزية فقد أتيتكم بأقوام هم أحرص على الموت منكم على الحياة ، جاهدناكم حتى يحكم الله بيننا وبينكم . فقال له قبيصة بن إياس : ما لنا بحربك من حاجة ، بل نقيم على ديننا ونعطيك الجزية . فصالحهم على تسعين ألف درهم ، فكانت أول جزية وقعت بالعراق هي والقريات ، التي صالح عليها ابن صلوبا » .
وفي معجم البلدان (4 / 335): «القريات، جمع تصغير القرية: من منازل طئ، قال أبو عبيد الله السكوني: من وادي القرى إلى تيماء أربع ليال، ومن تيماء إلى القريات ثلاث أو أربع، قال: والقريات دومة وسكاكة والقارة» .
وذكر المؤرخون عقود خالد العديدة مع مدن وقرى بمبالغ كبيرة وصغيرة ، كان ينفق قسماً منها ويرسل قسماً إلى أبي بكر .
قال الطبري : 2 / 570 : « كان الدهاقين يتربصون بخالد وينظرون ما يصنع أهل الحيرة ، فلما استقام ما بين أهل الحيرة وبين خالد واستقاموا له ، أتته دهاقين الملطاطين ، وأتاه زاذ بن بهيش دهقان فرات سريا ، وصلوبا بن نسطونا بن بصبهرى . . فصالحوه على ما بين الفلاليج إلى هرمزجرد على ألفي ألف . . وأن للمسلمين ما كان لآل كسرى . . وكتب لهم كتاباً : بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من خالد بن الوليد لزاذ بن بهيش وصلوبا بن نسطونا إن لكم الذمة وعليكم الجزية . . . وكتب سنة اثنتي عشرة في صفر » .
فقد كان النظام الفارسي غائباً تماماً ، وقد شن خالد غارات مباغتة على قرى ودساكر وقبائل وأسَر وسبى ، وقتل صبراً ، لكن ليس من الفرس بل من العرب خاصة التغلبيين ، والمزارعين البابليين ! وسيأتي المزيد في ترجمة خالد .
لكن التاريخ الحكومي يغطي على سيئات خالد ، ويخترع له حسنات !
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
العتبة الحسينية تطلق فعاليات المخيم القرآني الثالث في جامعة البصرة
|
|
|