أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-12-2016
1785
التاريخ: 2023-08-17
1201
التاريخ: 23-12-2016
1823
التاريخ: 25-7-2016
1994
|
تعتبر الزراعة لدى كافة الأديان السماوية عملاً مقدساً . وقد كان الأنبياء والأوصياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين يعملون عن طيب خاطر ورغبة في الزراعة ويحثون الناس على هذا العمل الشريف، وقد أكدت الروايات الإسلامية على ضرورة عمارة الأرض وأهمية الزراعة التي جعلها الله سبحانه وتعالى معايش للخلق.
عمارة الأرض:
عن علي (عليه السلام) :... فقوله تعالى : هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها ، فأعلمنا سبحانه أنه قد أمرهم بالعمارة ليكون ذلك سبباً لمعايشهم بما يخرج من الارض من الحب والثمرات وما شاكل ذلك وما جعله الله تعالى معايش للخلق(1).
خير الأعمال:
وعن ابي جعفر الإمام الباقر (عليه السلام) : خير الاعمال زرع يزرعه فيأكل منه
البر والفاجر(2).
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) : كنوز الله في أرضه وما في الاعمال شيء احب إلى الله من الزراعة ، وما بعث الله نبياً الا زارعاً إلا إدريس (عليه السلام) فإنه كان خيّاطاً(3).
وعنه (عليه السلام) أيضاً : إزرعوا واغرسوا والله ما عمل الناس عملاً احل ولا اطيب منه، والله ليزرعن الزرع وليغرسن الغرس بعد خروج الدجال(4).
لم تكن مسألة الزراعة وادخار القوت السنوي عاملاً لراحة بال الإنسان وتقدمه نحو الرقي والتكامل في العهود الماضية فقط ، بل إن المدنية الحاضرة وحركات التطور العلمي والصناعي تقوم على أساس الزراعة وادخار المواد الغذائية.
إن العلماء والمفكرين لا يقدرون على تخصيص جل اهتمامهم للبحث والتحقيق والدراسة وهم قلقون إزاء مسألة المجاعة ، لا يعرفون إن كان لدى المجتمع فائض غذائي أم لا ؟، كذلك الأمر بالنسبة لكبار المخترعين والمبتكرين الذين لا يستطيعون الابداع في مجال عملهم وإفادة الناس باختراعاتهم وابتكاراتهم ومسألة الجوع وسبل تأمين المواد الغذائية تطغى على عقولهم وأفكارهم ، والأمر نفسه يتكرر لدى الأستاذ في مجال التدريس والطبيب في مجال معالجة المرضى والعامل في مجال تسيير عجلة المؤسسات الصناعية ، وبخلاصة فإن صاحب كل مهنة مؤثرة أو عمل مهم في عالمنا المتطور لا يمكنه ان يبدع في مهنته وعمله ويكون مرتاح البال ما لم يحرز قوته .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن النفس إذا احرزت قوتها استقرت(5).
إن الحاجة إلى الغذاء وإشباع المعدة تعتبر على رأس الاحتياجات الطبيعية التي ترافق الإنسان منذ ولادته مروراً بطفولته وشبابه وشيخوخته وكهولته وحتى مماته ، ولا بد من إشباع هذه الحاجة قبل غيرها.
عن أبي جعفر الإمام الباقر (عليه السلام): إن الله عز وجل خلق ابن آدم أجوف(7).
وعن أبي عبد الله الإمام الصادق (عليه السلام) : إنما بني الجسد على الخبز(8).
فكل القوى العقلية والمعنوية وسائر الميول الغريزية لدى الإنسان تكتسب قوتها ونشاطها من الغذاء، وهذه القوى والميول لا تبدأ نشاطها وفعاليتها الطبيعية إلا حينما ترفع الحاجة للغذاء وتشبع البطن.
الإنسان الجائع لا يفكر بالمسائل العقلية والعلمية، ولا يأبه للحسن والجمال ، ولا يميل للمنصب والجاه ، لا يعرف معنى للحب والشهوة ، ولا للإنتقام والغضب. والإنسان الجائع ينسى كل مبادئه المعنوية والدينية، ويتناسى العدل والإنصاف والرحمة والرأفة والود والصحبة وصلة الرحم وما إلى ذلك من احاسيس ومشاعر إنسانية ، وبخلاصة فإن الإنسان الجائع لا يجد شيئاً أجمل وأحب إليه من الغذاء، فهو لن يفكر سوى بإشباع معدته، وأمنيته الوحيدة الحصول على الغذاء.
في القرن الثالث الهجري ثار في البصرة رجل يدعى علي بن محمد عرف فيما بعد ب(صاحب الزنج) ، وجمع حوله العبيد الذين كان تعدادهم كبيراً في البصرة يومذاك رافعاً راية التمرد وداعياً إلى تحريرهم. فأشعل نار الفتنة وأشاع الفوضى والاضطراب في مدينة البصرة. واستمرت تلك الفتنة المرعبة والدامية حوالي خمسة عشر عاماً ساد خلالها الخوف وانعدم الأمن في تلك المنطقة ، وقتل عشرات الألوف من الناس صغاراً وكباراً ، وانتهكت أعراض الكثير من الناس وسلبت أموالهم ، وتوقفت الزراعة وشحت المواد الغذائية شيئاً فشيئاً ، وبلغت المجاعة بالناس حداً جعلتهم يتناولون لحم الكلاب والقطط ويتقاسمون لحم من يموت منهم ، ولم يسلم جنود صاحب الزنج من القحط والمجاعة ، فكانوا يسدون جوعهم بتناول لحوم أجساد قتلى جيش الخليفة الذي كانوا يخوضون حرباً ضده(9).
وقيل إنه وخلال الأيام العصيبة التي شهدتها مدينة البصرة قحطاً ومجاعة شوهدت امرأة تحمل بيدها رأس إنسان وهي تبكي ، فسئلت عن سبب بكائها ، فقالت : إن الناس تجمعوا حول أختي التي كانت تحتضر بانتظار أن تموت ليحصل كل منهم عنى قطعة من لحم جسدها، لكنهم قطعوها إرباً إرباً قبل ان تموت واقتسموا لحمها ولم يصلني من لحمها شيء سوى رأسها ، وهي قسمة ظالمة(10).
الأم الجائعة تلتهم ابنها:
إن عاطفة الأمومة وحنانها اهم بكثير من عاطفة الأخوة وحنانها ، لكن تلك العاطفة أيضاً تمحي من القلوب إذا ما ساد القحط وعمت المجاعة . وإليك عزيزي القارئ حادثة وقعت لقوم النبي دانيال (عليه السلام)، عندما نزل عليهم البلاء نتيجة كفرانهم بالنعم.
قالت امرأة لأخرى ولهما ولدان : يا فلانة تعالي حتى ناكل أنا وأنت اليوم ولدي وإذ كان غداً أكلنا ولدك ، قالت لها نعم . فأكلتاه ، فلما أن جاعت من بعد راودت الأخرى على أكل ولدها، فامتنعت عليها، فقالت لها : بيني وبينك نبي الله ، فاختصما إلى دانيال (عليه السلام) ، فقال لهما : وقد بلغ الأمر إلى ما أرى ؟ ، قالتا له : نعم يا نبي الله وأشد ، فرفع يده إلى السماء فقال : اللهم عد علينا بفضلك(11).
وفي الخبر : وأعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع(12).
_________________________
(1) مستدرك الوسائل 2، ص426.
(2) بحار الانوار 23 ، ص 20.
(3) وسائل الشيعة 4 ، ص 103.
(4) بحار الانوار23 ، ص 20.
(5) الكافي5، ص89.
(6) نفس المصدر5 ، ص 89.
(7و8) نفس المصدر6، ص 286 .
(9) موسوعة دهخدا، «صاحب الزنج» ، ص 31.
(10) تتمة المنتهى، ص 380 .
(11) الكافي 6 ، ص302.
(12) سفينة البحار، (جوع) ، ص 196.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|