المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



التربية السليمة والتربية السقيمة  
  
1196   03:46 مساءً   التاريخ: 2023-06-22
المؤلف : الشيخ محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة : ج2 ص75ــ79
القسم : الاسرة و المجتمع / معلومات عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-17 674
التاريخ: 10/10/2022 2456
التاريخ: 9/11/2022 1396
التاريخ: 2024-10-31 148

إن الإنسان الذي يتلقى منذ طفولته وحتى انتهاء فترة بلوغه تربية سليمة ، ويبرز استعداده الاجتماعي بشكل لائق ، ويترعرع في محيط الأسرة والمدرسة والزقاق والحي بشكل سليم ، ويكتسب من المحيطين به خير الصفات والأخلاق من حيث يشعر أو لا يشعر، فإنه حينما يصبح شابا تتوفر فيه كافة الشروط الازمة لحياة اجتماعية ، ويكون قادراً على التكيف مع الناس ومطابقة نفسه مع ظروف بيئته والانسجام مع المستجدات الاجتماعية ليكون بذلك عضوا فاعلاً ومفيداً في مجتمعه .

أما ذلك الإنسان الذي يتلقى في طفولته تربية سقيمة ، ويكسب ما هو غير طبيعي ومناسب من الطبائع الاجتماعية ، ويكتسب من المحيطين به شر الصفات والأخلاق من حيث يدري أو لا يدري ، فإنه حينما يرغب في دخول المجتمع ، سيكون ضعيفاً بل وعاجزاً احياناً عن التكيف مع المحيط ، وسيعيش في شبابه قلقاً مستمراً وعدم ارتياح على الدوام بسبب عجزه عن الانسجام مع محيطه ومجتمعه ، وسيكون الفشل حليفه دائماً ، وهذه الاضطرابات والانفعالات النفسية قد تدفع به إلى ارتكاب أعمال غير مباحة وإبراز ردود فعل سلبيه.

المحيط الاجتماعي :

بالرغم من أن محيط لأسرة والمدرسة والزقاق يشكل عاملاً قوياً في إرساء وتدعيم قواعد شخصية الإنسان وتكوين أخلاقه وطبائعه ، ويترك تأثيره عليه شاء م أبى ، إلا أن هناك عاملاً أكثر قوة وتأثيراً على الإنسان ، وهو المحيط الاجتماعي، الذي يعتبر آخر مدرسة يمر بها الإنسان ساعياً لبناء شخصيته وتكوين أخلاقه.

«يقال إن كل مجتمع يقيم أفراده على نظام معين ، أي أن هذا المجتمع هو الذي يجعل أفراده يكتسبون نوعاً خاصاً من الشخصية . ويقال إنه بالرغم من وجود تباين بين شخصية أفراد مجتمع ما ، هناك قواسم مشتركة تمتاز بها شخصية أفراد أي من المجتمعات ، ومن هنا بات الإنجليزي يعرف بهدوئه والفرنسي بحماسه والألماني بحبه للحرب والإيطالي بعطفه والياباني باحترامه للقانون والكوري بتمرده ، كما سمعنا كثيراً عن الطبيعة العدوانية لقبيلة «ماندان» والطبيعة الهادئة لقبيلة «زون»، وحرص وجشع قبيلة «مانو» وانطواء وتساهل قبيلة «بالي» ، وهذه القبائل كلها من قبائل الهنود الحمر ، ولكن علينا أن نبحث عن أسباب هذه الاختلافات»(1).

«إذن فالمحيط الاجتماعي هو الذي يتحكم بتحريك الفرد وبناء شخصيته وفق مقتضياته. فكل فرد يولد وتولد معه طاقة إدراكية وعاطفية واسعة ، لكن هذه الطاقة كما يفهم من كلمة - طاقة - هي ثروة كامنة بحد ذاتها ليس لها شكل فعلي ومنتظم ، لكنها تبرز تدريجياً وتأخذ مجرى معيناً حسب مقتضيات المحيط الاجتماعي. إذن فمجريات الحياة الاجتماعية هي التي تمنح الفرد إدراكات علمية ، وتجعل من الخرافات موضوع إدراكات الآخر، وهي التي تجعل من هذا أسير أحاسيس العداء ومن ذاك أسير عاطفة الحب ، وهي التي تصب عداء هذا على بني جنسه وتسوق عداء ذاك نحو الموانع الطبيعية والاجتماعية».

يتساوى الإنسان في كافة لمجتمعات وجميع العصور من ناحية الخصائص العضوية الرئيسية ، لكنه من ناحية الخصائص الاجتماعية يختلف باختلاف المجتمعات والعصور. المرأة مثلا تتساوى في كل المجتمعات من حيث التركيب الجسماني ، لكنها تختلف باختلاف المجتمعات من حيث الشخصية استنادا لأبحاث مكثفة أجرتها «مرغريت ميد» ويمكننا أن نلاحظ في صفوف النساء من يملكن شخصية مطيعة أو شخصية محبة للاستقلال والحرية أو شخصية مستبدة أو شخصية عدوانية.

«ونخلص إلى ما كتبه العالم «فريس» الذي قال إن التركيبة الإنسانية مهما كانت فإنها ستدار بواسطة المجتمع. وستتبلور وفق المقتضيات الاجتماعية. فالمجتمع من القوة بمكان يستطيع أن يأخذ بيد الضعيف ليجعله ذا شخصية قوية ، كما يستطيع أن يأخذ بيد القوي ويجعل منه إنساناً منزوياً مكتئباً ، يهدر كل إمكانياته العظيمة ، ويضع حداً لحياته بالإنتحار ربما"(2).

الإنسان والتبعية للمجتمع :

إن عناصر الجذب الاجتماعية من القدرة بمكان بحيث ينشد إليها عامة الناس باستثناء أصحاب الفكر والعلماء والنوابغ ، ويتكيفون معها ومع آدابها وسننها دون أدنى تفكير . فالمحيط الإجتماعي قادر على أن يجعل الشباب يذوبون فيه ويتكيفون معه وينسون الأخلاق والصفات التي اكتسبوها من محيط الأسرة والتي لا تنسجم والمحيط الإجتماعي.

قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : الناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم(3) .

«إن للإنسان غريزة إجتماعية ، وهذه الغريزة تفرض عليه أن يعيش داخل مجموعة أو بالأحرى مجتمع لا يخرج منه أبداً. ومن هنا كان الإنسان شديد الحساسية تجاه مجموعته ، يتبع أفكارها وعقائدها ، ويعتقد «تروتر» أن تأثير المجموعة أو المجتمع على الإنسان لا يمكن تلافيه أو مقاومته ، فالإنسان يتقبل كل ما هو صحيح بنظر المجموعة، ويكره كل ما هو قبيح ومرفوض من قبل المجموعة، لذا فإن احتمال حرية الفكر أو العقيدة هنا ضئيل جداً أو يكاد ينعدم ، فمخالفة مبادئ المجتمع وسننه تدفع بالإنسان إلى تأنيب الضمير ، لأنه سيشعر وكأنه ارتكب خطأ»(4) .

الميل الى البدع الحديثة:

(كلما ظهرت بدعة جديدة أفضل من عادات وتقاليد الأسلاف أو أنها تستهوي الأفراد لسبب ما ، يميل إليها عامة الناس ، لتتحول هذه البدعة تدريجياً إلى عادة من العادات بعد أن تفرض نفسها وترغم الأفراد على التكيف معها والاعتياد عليها، والإنسان في الحقيقة يعيش في الظروف العادية على الدوام تقريباً تحت ضغط العادات ، فيتصرف دون تفكير وينتهج عادات مجتمعه وتقاليده تلقائياً»(5) .

_______________________

(1) مبادئ علم الاجتماع، ص173.

(2) مبادئ علم الاجتماع، ص 195.

(3) ناسخ التواريخ ، ص 869 .

(4) علم الاجتماع، ص 403.

(5) نفس المصدر ، ص 88. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.