المصدر التعاقدي غير المباشر لالتزام المصرف بتقديم معلومات الائتمان المالي |
1086
02:12 صباحاً
التاريخ: 6-6-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-19
232
التاريخ: 2024-05-16
676
التاريخ: 2024-05-23
761
التاريخ: 4-6-2022
1943
|
قد يكون الالتزام بتقديم المعلومات التزام تعاقدي غير مباشر , يظهر في كل حالة يثق فيها أحد المتعاقدين في الاخر في مجال يعتبر غير متخصص فيهِ . ويرى الفقه أن القضاء الحديث يتجه الى القاء الالتزام بتقديم المعلومات على عاتق المصرف بصورة تبعية لعقود مصرفية عديدة (1).
أي أن الاتفاق على تقديم المعلومات هنا , يكون أتفاقاً غير مباشر , فكما يتم الاتفاق بين المصرف والعميل على تقديم المعلومات مباشرة , فقد يتم هذا الاتفاق بصورة غير مباشرة تبعاً لالتزامات المصرف التعاقدية . وفي أطار علاقات الاعمال المبرمة مع العميل . فقد يبرم العميل مع المصرف بعض العقود , وهذهِ العقود تشمل ضمنياً التزام المصرف بتقديم المعلومات . ومن أمثلة هذهِ العقود هي عقد الكفالة وعقد القرض المصرفي وعقد الحساب المصرفي . والتي سوف نتناولها في الفقرات التالية :-
اولاً :- عقــــــد الكفـــــالة
أن المصارف عادة ما تطلب من عملائها تقديم ضمانات مقابل الحصول على التسهيلات المصرفية . وهذهِ الضمانات قد تكون شخصية وقد تكون عينية . وتقوم فكرة الضمانات الشخصية على فكرة ضم ذمة او ذمم أخرى الى ذمة المدين حيث يكون في مكنة الدائن التنفيذ على كل هذهِ الذمم او على أي منها للحصول على حقهِ . ومن أمثلة الضمانات الشخصية " الكفالة " . ولا نقصد بالكفالة هنا هي الكفالة العينية أي ما يودعهُ الاشخاص من نقود أو اوراق مالية ضماناً لمسؤولياتهم المستقبلية في أداء واجباتهم المفروضة قانوناً أو اتفاقاً . ولكن نقصد هنا بالكفالة هي الكفالة الشخصية أي تعهد شخص للأخر بوفاء حقهِ لدى مدين اخر .وكثيراً ما تقدم للمصارف كفالة شخصية من شخص يضمن وفاء العميل بالتزاماتهِ . ويخضع عقد الكفالة هنا للقواعد العامة في الكفالة مع الاحكام الخاصة التي تقضيها كون الكفالة عملاً تجارياً والاحكام التي تفرضها بشكل صحيح الاعراف التجارية (2).
حيث يلتزم احد الاشخاص ( الكفيل ) أمام المصرف ( المكفول لهُ ) بأن يسدد ديون العميل ( المكفولة) في حالة أخفاقهِ في ذلك . وعند أبرام عقد الكفالة بين المصرف والكفيل , يستلزم ذلك اطلاع الكفيل على مقدار الدين المكفول او الحد الاقصى الذي ينتهي اليه هذا الدين , وذلك لكي يكون محل العقد محدداً لدى الطرفين . الا انهُ بعد ابرام عقد الكفالة قد تطرأ بعض التغيرات على الدين المكفول او ان العميل يبدأ يتلكأ في سداد أقساط الدين . فهل يجوز للمصرف أن يخبر الكفيل بهذهِ المعلومات التي طرأت بعد أبرام عقد الكفالة ؟
يذهب القضاء في فرنسا الى أن المصرف يتحمل بوجه عام التزاماً بإحاطة الكفيل علماً بالتغيرات التي تحصل على المبلغ المكفول وذلك طبقاً للالتزام بمبدأ حسن النية في تنفيذ العقود المفروض على المتعاقدين , وهذا ما أقرتهُ محكمة استئناف ليون . حيث أقرت هذا الالتزام وقضت بأن المصرف الذي تعهد لهُ الكفيل يعد مقصراً تجاه هذا الاخير في واجب تقديم المعلومات . أذ لم يحيطهُ علماً بالموقف الظاهر للمدين وبزيادة مبلغ الدين المكفول(3).
ومن التطبيقـات القضائيــة الانكليزية الاخــــرى التـي أجــازت تقـديم المعـلومات للكفيل هي قضية (Hamilton v. waston)عام 1845 وتتلخص وقائعها في أن شخصاً يدعى ( بيتز ألز ) حصل من مصرفهِ عام 1835 على قرض قدرهُ 750 جنيهاً وقدم سنداً موقعاً منهُ وضمانة والدهُ وضامنين أخرين , ولما توفي أحد الضامنين في نفس العام الح المصرف في طلب الوفاء او تقديم ضمان جديد . وبعد ضغط متوالي من جانب المصرف وقع المدين سنداً جديداً عام 1837 وانضم إليهِ فيهِ المدعي كضامن ولم يعلم المدعي شيئاً عن التاريخ السابق للقرض , وعندما توفي ( الز ) معسراً . وطالب المصرف الكفيل بدفع مبلغ القرض , أعترض الكفيل على هذهِ المطالبة بعدم مسؤوليتهِ لان الحقائق الكاملة لم تكشف لهُ عند توقيعهُ . وبذلك فأن مجلس اللوردات حكم لصالح الكفيل . وجاء في أسباب الحكم على لسان اللورد كامبل أنهُ يجب على المصرف أن يكشف كل شيء للكفيل . فأنهُ يكون من الضروري على المصارف التي يعطي لها الضمان أن تذكر كيف كانت تمسك حساب العميل . هل كان منتظماً في معاملاتهِ ؟ وهل كان يفي بتعهداتهِ بطريقة مشرفة ؟ فكل هذهِ الامور تصبح مهمة للغاية لدى الكفيل(4).
اما بالنسبة لموقف القانون المصري , فأن قانون التجارة المصري رقم (17) لسنة 1999, لم ينظم هذهِ الكفالة , فلا مناص من الرجوع الى احكام القانون المدني المصري . حيث توجب احاطة الكفيل علماً بمبلغ الدين المكفول وشروطهِ والمدة والفوائد لأنه لا تجوز الكفالة في مبلغ اكبر مما هو مستحق على المدين ولا بشروط اشد من شروط الدين المكفول وتشمل الكفالة ملحقات الدين ما لم يكن هناك اتفاق خاص (5).
ومن هنا , يمكن القول أن المشرع المصري , وان لم ينص صراحة في قانون التجارة على امكانية اعطاء معلومات للكفيل . الا انهُ بالرجوع للقواعد العامة يمكن ان نستنتج امكانية قيام المصرف بإعطاء المعلومات للكفيل اثناء حصول أي تغير في الدين المكفول , او أي تغير اخر يطرأ على الكفالة .
ومع ذلك فقد ذهب جانب من الفقه المصري بعدم امكانية اطلاع الكفيل على المعلومات الخاصة بالعميل . ولا يتقرر لهُ هذا الحق الا اذا كان الدين المكفول غير محدد المقدار . فيكون من حق الكفيل في هذهِ الحالة ان يطلب من المصرف ان يبين مقدار المبلغ المستحق على المدين المكفول , واذا استحق المكفول كان على المصرف الافصاح عنهُ وتبريرهُ بالمستندات (6).
اما بالنسبة لموقف القانون العراقي , فقد انتهج منهج المشرع المصري حيث انهُ لم ينظم الكفالة في قانون التجارة العراقي رقم (30) لسنة 1984 لذلك كان لابد من الرجوع الى القواعد العامة في القانون المدني التي نظمت احكام الكفالة في المواد ( 1008- 1047) , حيث يبين المشرع ان الكفالة تشمل ملحقات الدين ومصروفات المطالبة الاولى , وما يستجد من مصروفات بعد اخطار الكفيل . ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك (7).
ومن خلال ما سبق ذكرهُ , يمكن القول بإمكانية قيام المصرف بإعطاء المعلومات للكفيل عند حدوث أي تغيير ويتطلب ذلك اخطار الكفيل بهِ .
وكذا فأن موقف المشرع لدينا في قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004 لم يتضمن نصاً صريحاً حول امكانية اعطاء المعلومات للكفيل الا انهُ يمكن الرجوع في ذلك الى المادة (51) منهُ والمتعلقة بالاستثناءات الواردة على السرية المصرفية حيث تضمنت انهٌ " لا تنطبق احكام المادة (49) والمادة (50) من هذا القانون على افشاء المعلومات في الحالات التالية :
أ- اداء الواجبات المسندة قانونا الى مراجعي الحسابات الذين يعينون من قبل المصرف او من قبل البنك المركزي العراقي وفقاً لأحكام هذا القانون .
ب- المعلومات والمستندات التي يطلبها البنك المركزي العراقي بخصوص اداءه لواجباتهِ بمقتضى احكام هذا القانون او بمقتضى احكام قانون البنك المركزي العراقي .
ج- الاجراءات المتخذة بحسن نية في سياق اداء الواجبات او المسؤوليات التي يفرضها هذا القانون او تنفيذ اجراءات لمكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب بموجب انظمة البنك المركزي العراقي .
د- اصدار شهادة أو بيان بأسباب رفض صرف شيك بناء على طلب صاحب الحق .
هـ – تزويد معلومات حول (1) مديونية العملاء لتوفير البيانات اللازمة للبت في سلامة منح الائتمان (2) الشيكات المرتجعة دون تسديد (3) أي معاملة اخرى يراها البنك المركزي العراقي ضرورية بسبب اهميتها لسلامة النشاط المصرفي بين المصارف وذلك مع البنك المركزي العراقي او أي جهات اخرى يوافق عليها البنك المركزي العراقي لتسهيل تبادل هذهِ المعلومات بموجب القواعد والاجراءات المحددة في انظمة البنك المركزي العراقي .
و – افشاء مصرف لكل او بعض المعلومات الخاصة بمعاملات العميل لأثبات مطالبتهِ في نزاع قضائي بينهُ وبين عميلهِ بشأن هذهِ المعلومات .
ز- المعلومات التي يقدمها البنك المركزي العراقي الى سلطات رقابية في بلدان اخرى بمقتضى المادة (54) من هذا القانون ".
وبالقياس على هذهِ المادة يمكن القول بإمكانية قيام المصرف بإعطاء المعلومات بصورة تبعية لكفيل العميل من اجل ضمان سلامة منح الائتمان , ومنعاً لأثارة النزاع في المستقبل بين الاطراف المتعاقدة .
وبذلك فأن قيام المصرف بتزويد كفيل العميل عند التعاقد معهُ او بعد ذلك بمعلومات عن الدين المكفول لا يشكل انتهاكاً لمبدأ السرية المصرفية . ذلك ان هذهِ الحالة يمكن ان تنضوي تحت الاستثناء العام المتعلق بموافقة العميل على افشاء المعلومات الخاصة بهِ للغير , لان العميل عندما قدم للمصرف احد الاشخاص لكفالتهِ مقابل الحصول على القرض من المصرف مثلاً يكون قد وافق ضمناً على اطلاع الكفيل على المعلومات المتعلقة بالدين المكفول (8).
ثانياً :- عقـــد القـرض المصرفــــــــي
يلتزم المصرف عند ابرام عقد القرض , بتقديم المعلومات المتعلقة بشأن سلامة القرض المراد عقدهِ , وامكان اتمام العملية بسلام . فاذا تبين للمصرف ان هذا غير ممكن , وجب عليهِ ان ينصح العميل بالعدول عن هذهِ العملية . وهذا ما اقرتهُ محكمة استئناف موبيلية , والتي قضت ان المصرف المقرض كان يجب عليهِ احاطة عميلهِ المقترض علماً بالضعف الشديد في ايرادات المحل التجاري المراد شراءهُ وان هذا الايراد لا يكفي لسداد مبلغ القرض الذي قدمهُ المصرف لعميلهِ لإتمام هذا الشراء . وانتهت المحكمة الى ان المصرف اذا أهمل في تقديم هذهِ المعلومة يسأل مدنياً (9).
وايضاً من التطبيقات القضائية الانكليزية التي أجازت للمصرف تقديم المعلومات تبعاً لابرام عقد القرض المصرفي هي قضية (Grany Development crop.v.Taksen) عام 1978 في الولايات المتحدة وذلك عندما قام المصرف المدعى عليه بأخبار مصرف أخر فضلاً عن احد الاشخاص الذي كان ينوي بيع ممتلكاتهِ بالآجل الى المدعي بأن الاخير كان قد اقترض منهُ نقوداً وتقاعس عن سداد الدين إليهِ في الموعد المحدد . ونتيجة لذلك رفض المصرف الثاني ان يوسع مدة الائتمان للمدعي , كما رفض مالك الاشياء من بيعها للمدعي بالآجل , فأقام المدعي دعوى ضد المصرف الاول لانتهاكهِ مبدأ السرية المصرفية , فذكرت المحكمة أنهُ في عقد القرض المصرفي لا يوجد ثمة التزام ضمني بالسرية , وانما مجرد علاقة بين دائن ومدين , والمعلومات التي أفشاها المصرف عن حالة القرض لم تكن معلومات سلمت اليهِ بصفتهِ وكيلاً للائتمان أو أهلاً للثقة , وإنما كانت معلومات قد حصل عليها بصفتهِ طرفاً في عقد القرض , أي إن إخلال المصرف كان متعلقاً بعقد القرض وليس من قبيل المعلومات التي يتوقع المقترض عادة من المصرف المحافظة على سريتها (10).
ومن جانب آخر , فإذا كانت لدى المصرف معلومات تتعلق بتأمين سداد القرض ولم يقدمها للعميل المقترض فأنهُ يعد مقصراً في واجب تقديم المعلومات تجاه العميل . وهذا ما أقرتهُ الدائرة المدنية لمحكمة النقض الفرنسية , حيث كان القرض مقترناً بعملية تأمين جماعي ضد البطلان والوفاة , وكان المصرف وسيطاً في إتمام عملية التامين , غير ان احد المقترضين استبعد طلبهُ من الانضمام الى هذا التأمين الجماعي ووقف المصرف موقفاً سلبياً ولم يخبر عميلهِ باستبعاد طلبهِ . لذا فالمحكمة انتهت الى ان المصرف عليه واجب تقديم المعلومات تجاه العميل , وان عدم قيامهِ بهذا الواجب يترتب عليهِ عدم أمكان مطالبتهِ باسترداد مبلغ القرض (11).
ويؤيد البعض من الفقه هذا التوجه ويراهُ صحيحاً ودقيقاً . ذلك ان المصرف يجب ان يبادر الى تقديم المعلومات والنصائح لعميلهِ, وان يقوم بهذا الواجب على نحو فعال بالنسبة للعميل , بمعنى ان المصرف يلتزم بأن يشدد على كل المخاطر التي قد تسببها العملية المنفذة لعملائهِ (12).
وبناء على ما سبق ذكرهُ من التطبيقات القضائية , يمكن القول ان القضاء الفرنسي أجاز للمصرف عند ابرام عقد القرض تقديم المعلومات الى العميل والا كان مسؤولاً عن الاضرار التي قد تلحق بالعميل نتيجة أهمالهِ في تقديم تلك المعلومات .
اما عن موقف التشريعات العربية من امكانية قيام المصرف بتقديم المعلومات في حالة ابرام عقد القرض المصرفي . فلا بد من الاشارة الى ان عقد القرض المصرفي لم ينظمهُ قانون التجارة المصري رقم (17) لسنة 1999 ضمن الباب الثالث الخاص بعمليات البنوك باعتبار ان مثل هذا العقد غير قاصر على المصارف وحدها كقاعدة عامة (13).
كذلك هو الحال بالنسبة لقانون التجارة العراقي رقم (30) لسنة 1984 فأنهُ لم ينظم احكام عقد القرض المصرفي في الفصل الثاني من الباب الرابع والخاص بالعمليات المصرفية . لهذا يمكن القول بأنهُ ينطبق على عقد القرض المصرفي ذات القواعد المطبقة على القرض المدني , على انهُ يراعى ان عقد القرض الذي يبرمهُ المصرف لا يفترض فيهِ التبرع على خلاف القرض المدني . ذلك لان المصرف يقرض دائماً مقابل عائد يتفق عليهِ نظير أقرضه مبالغ لعميلهِ , وبذلك يخضع عقد القرض مع المصرف للقواعد العامة (14).
ومن ذلك يمكن ان نستنتج وبصورة ضمنية من المادة (51) من قانون المصارف العراقي رقم 94 لسنة 2004 امكانية قيام المصرف بإعطاء المعلومات في حالة ابرام عقد القرض المصرفي حيث تنص الفقرة (هـ ) من هذهِ المادة على " تزويد معلومات حول 1- مديونية العملاء لتوفير البيانات اللازمة للبت في سلامة منح الائتمان 2- الشيكات المرتجعة دون تسديد 3- أي معاملة اخرى يراها البنك المركزي العراقي ضرورية بسب اهميتها لسلامة النشاط المصرفي بين المصارف وذلك مع البنك المركزي العراقي او أي جهات اخرى يوافق عليها البنك المركزي العراقي لتسهيل تبادل هذهِ المعلومات بموجب القواعد والاجراءات المحددة في انظمة البنك المركزي العراقي .....".
فمن خلال نص الفقرة (هـ) من هذهِ المادة يمكن ان يستفاد ضمنياً أمكانية قيام المصرف بإعطاء المعلومات بصورة تبعية عند ابرام عقد القرض المصرفي وذلك لضمان سلامة منح الائتمان .
ثالثاً :- عقـــد الحســــاب المصرفـــي
يتم فتح الحساب المصرفي بعقد يبرم بين المصرف والعميل , ويتم بمقتضاهُ أيداع النقود عند انعقاد العقد . وان هذا العقد ينشئ صلة جديدة بين المصرف وعميلهِ (15).
ويعرف الحساب المصرفي بانهُ :- التمثيل العددي لمركز قانوني معين لعملية او لعدة عمليات قانونية معينة . فهو في مظهرهِ المادي عبارة عن كشف او بيان تثبت فيهِ عددياً وبالأرقام مفردات العملية القانونية , وعن طريق هذا البيان يتم تحديد مجمل هذهِ العمليات بأتباع نظام محاسبي معين يكشف عن مدى تنامي هذهِ العمليات (16).
هذا وان التعامل مع المصارف يستلزم في كثير من الاحيان ان يقوم العميل بفتح حساب لدى المصرف , واذا ما فتح المصرف الحساب للعميل فأنهُ يجب عليهِ ان يحيط العميل علماً بشروط تشغيل هذا الحساب . فاذا كانت المدفوعات في هذا الحساب نقداً محولاً من دولة أجنبية كان على المصرف التزام أحاطه العميل علماً بأنهُ لا يجوز أتمام نقل مصرفي من هذا الحساب الا بموافقة مكتب الرقابة على النقد الاجنبي فاذا لم يفعل , كان مقصراً في واجب تقديم المعلومات للعميل . فقد حدث ان زوجاً وزوجتهِ يحملان الجنسية البلجيكية ارادا شراء ملكية زراعية في فرنسا , ففتحا حساباً لدى مصرف فرنسي معتمد لدى مكتب الرقابة على النقد الاجنبي , واودعا فيهِ مبلغ خمسة مليون فرنك فرنسي حولت من بلجيكا . وفي اليوم التالي للإيداع تلقى المصرف امراً بتحويل المبلغ لحساب الموثق محرر عقد بيع الملكية الزراعية , وبعد مدة زمنية فرضت ادارة الكمارك على الزوجين غرامتين . الاولى بمبلغ (200) الف فرنك عقوبة على شراء ملكية عقارية بواسطة أجنبي غير مقيم دون ترخيص من مكتب الرقابة على النقد الاجنبي , والثانية بمبلغ (800) الف فرنك عقوبة على اتمام تسوية غير قانونية لاموال قادمة من بلجيكا ( تسوية خارج غرف المقاصة وذلك عن طريق شراء الارض)
الزوجان رجعا على المصرف لدفع تلك الغرامات محكمة اول درجة , قضت بأن المصرف يدفع للزوجين الغرامة الاولى كاملة , ويدفع لهما نصف الغرامة الثانية على اساس ان العميل – بدورهِ – أخطأ وساهم في احداث الضرر بإهماله , اذا كان عليهِ ان يلتزم بنظام النقد في بلد أجنبي , ونسبت المحكمة الى المصرف أنهُ خالف تشريع النقد الاجنبي , كما خالف التزاماتهِ بتقديم المعلومات والرقابة على تشغيل الحساب(17)
ومن الجدير بالذكر , ان طلب فتح الحساب المصرفي يتضمن شروطاً عامة في مجملها تمكن المصرف من اخذ الحيطة ضد أساءه استعمال الحساب او التحايل في استرداد المبالغ المودعة فيهِ . كما تتضمن الشروط التي يوقع عليها العميل ومنها عدم السحب على المكشوف , وكذلك عدم استخدام اوراق او صكوك غير صادرة عن المصرف(18). فكل هذهِ المعلومات لابد ان يطلع عليها صاحب الحساب , هذا من جهة , ومن جهة اخرى , بالنسبة للمصرف فهو يرى بدورهِ ان من حقهِ ان يرفض فتح حساب مصرفي لكل شخص يلمس فيهِ عدم توفرهِ على الشروط التي وضعها حسب تقديرهِ الخاص , على اعتبار أنهُ تاجر يحق لهُ طبقاً لمبدأ حرية التجارة , اختيار عملائهِ . وان العمليات المصرفية تقوم على الاعتبار الشخصي الذي يفترض نشأة العلاقة فيما بين طرفي هذهِ العمليات على ثقة واطمئنان من الجانبين معاً وإعطاء كل واحد منهما حرية اختيار الطرف الاخر . كما ان المصرف يرى اضافةً الى ذلك ان قواعد العدالة والانصاف تقتضي السماح لهُ برفض الدخول في علاقة من شأنها ان ترتب مسؤوليتهِ المدنية على بعض العمليات التي تعتبر الحساب المصرفي بدايةً لهــا (19).
وكذا فأن من ضمن المعلومات التي يلتزم المصرف بتقديمها للعميل عند فتح الحساب المصرفي هي , المعلومات المتعلقة بالمدفوع . حيث يشترط في المدفوع الذي يقيد في الحساب ان يكون ديناً محققاً . فلا يجوز قيد دين معلق على شرط واقف , الا بعد ان يتحقق الشرط . أما الديون المتعلقة على شرط فاسخ فيجوز قيدها في الحساب على ان يلغى القيد أذا تحقق الشرط . ويشترط في المدفوع ايضاً ان يكون خالياً أيضاً من النزاع بمعنى اذا كان الدين متنازع عليهِ او غير معين المقدار فلا يجوز قيدهِ في الحساب(20).
وفي حالة فتح فرع جديد للمصرف , ومن اجل الحفاظ على حقوق صاحب الحساب يستلزم من المصرف , في الحالة التي يكون فيها تحويل الحساب الى فرع جديد , نتيجة أغلاق الفرع الاصلي او نقلهِ , او أعطاء معلومات بهذا الشأن لصاحب الحساب مع إعطائه أمكانية الاختيار بين الموافقة على هذا التحويل او الاذن للمصرف بمباشرة عملية قفل الحساب في حالة عدم الموافقة (21).
وبناء على ذلك , يمكن القول بأنهُ يجوز للمصرف أعطاء معلومات للعميل بصورة تبعية عند فتح حساب مصرفي وهذهِ الحالة لا تعد خرقاً للسرية المصرفية , حيث ان أعطاء مثل هذهِ المعلومات تساعد على ضمان سلامة منح الائتمان للعميل . وتحقيق الانجاز الافضل لمجمل العملية المصرفية وبالتالي تعزيز الثقة بين الاطراف .
____________
1- أنظر د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , دور البنك في خدمة تقديم المعلومات , دار النهضة العربية , القاهرة , 2008,, ص 30.
2- أنظر د. صلاح ابراهيم شحاته , ضوابط منح الائتمان المصرفي في منظور قانوني ومصرفي , الطبعة الاولى , دار النهضة العربية , القاهرة , 2009, ص 327.
3- انظر
C.A. Lyon , 3 December 1982 ,R.T.C 1983 ,P. 263
نقلاً عن د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , دور البنك في خدمة تقديم المعلومات , دار النهضة العربية , القاهرة , 2008, , ص 53. .
4- أنظر تفاصيل هذهِ القضية د. محي الدين اسماعيل علم الدين , مصدر سابق , ص 288.
5- أنظر المادة (780) اولاً من القانون المدني المصري حيث تنص على " 1- لا تجوز الكفالة في مبلغ اكبر مما هو مستحق على المدين , ولا بشرط اشد من شروط الدين المكفول. 2- ولكن تجوز الكفالة في مبلغ اقل وبشروط اهون "
وانظر كذلك المادة (778) من القانون اعلاه التي تنص على " اذا لم يكن هناك اتفاق خاص , فأن الكفالة تشمل ملحقات الدين , ومصروفات المطالبة الاولى , ومما يستجد من مصروفات بعد اخطار الكفيل "
6- أنظر د. علي جمال الدين عوض , عمليات البنوك من الوجهة القانونية ,الطبعة الرابعة, دار النهضة العربية, 2008 , ص 1188.
7- أنظر المادة ( 1015) من القانون المدني العراقي
8- للمزيد من التفصيل أنظر فتاح محمد حسين الجيلاوي , النظام القانوني للسرية المصرفية (دراسة مقارنة) , أطروحة دكتوراه, كلية الحقوق- جامعة النهرين, 2009 , ص 171.
9- أنظر تفاصيل هذهِ القضية
Clement ( jean francois), le banquier vecteur din,formation , 1997 , p. 211.
10- للمزيد من التفصيل أنظر
Charies D.peet and Thomas p- Dickson , Banking secrecy ( The united states) , London ,1980 ,p.66.
11- أنظر
Cass .civ ,22 Fevier 1984 , j.c.p , 1985
اشار اليها د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 32.
12- أنظر Clement , op .cit , p .216.
13- أنظر د. سميحة القليوبي , الوسيط في شرح قانون التجارة المصري- الالتزامات والعقود التجارية وعمليات البنوك ,ج2 , الطبعة الخامسة, دار النهضة العربية ,القاهرة, 2007 , ص 726.
14- أنظر المواد (684- 693) من القانون المدني العراقي التي نظمت أحكام عقد القرض , وتقابلها المواد ( 538- 544) من القانون المدني المصري .
15- أنظر المحامي فتح الله محمد هلال , الوجيز في سرية الحسابات بالبنوك , دار الفكر الكتب للطباعة , 2003 , ص 52.
16- أنظر د. فائق الشماع , الحساب المصرفي ( دراسة قانونية ) , الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع ودار الثقافة للنشر , عمان , 2003 , ص 6.
17- أنظر
Trib –civ , montauban ,16 november 1955 ,j.c.p 1957
نقلاً عن د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , مصدر سابق , ص 34.
18- أنظر د. محمود الكيلاني , الموسوعة التجارية والمصرفية – عمليات البنوك –( دراسة مقارنة ) , المجلد الرابع , الطبعة الاولى, دار الثقافة , عمان , 2008 , ص 69.
19- أنظر د. محمد الفروجي , العقود البنكية بين مدونة التجارة والقانون البنكي , الطبعة الثانية , مطبعة النجاح الجديدة – دار البيضاء , الرباط , 2001, ص22.
20- أنظر المحامي عزت عبد القادر , القانون التجاري , بدون مكان طبع ,1997, ص 25.
21- أنظر د. محمد الفروجي , مصدر سابق , ص 33.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|