أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-10-09
2194
التاريخ: 12-10-2014
2082
التاريخ: 12-10-2014
2343
التاريخ: 6-1-2023
1590
|
إذا وقع أفراد طائفة من أهل الكتاب أو التي يُحتمل كونها كذلك معاهدة لجوء مع الحكومة الإسلامية ورضوا تماماً بشروط الذمة وعملوا بها، فإن أمرهم سيخضع للمناقشة من زاويتين: الأولى من الزاوية الفقهية والثانية من الزاوية الكلامية؛ أما من الناحية الفقهية فما داموا عاملين بشروط الذمة وملتزمين بها فهم يتمتعون بـ «الأمن الوطني» الكامل وينعمون بحياة سلمية حالهم حال سائر المواطنين، أما أحكامهم الخاصة فتلاحظ في منطقة الجزية ونطاقها.
وأما من الناحية الكلامية فطالما أنهم من بعد ما تبين لهم الرشد والحق من الغي والباطل - لم يتخلّوا عن المنهاج المنسوخ والشريعة السابقة ولم يعتقدوا بالوحي ونبوة ورسالة النبي الخاتم (صلى الله عليه واله وسلم) ولم يعملوا وفقاً لآداب وسنن الإسلام الأصيل، فإنّهم من الأجر الإلهي محرومون ومن الخوف والحزن في المعاد ليسوا آمنين؛ وذلك لأنه بعد تجلّي المعجزة وإثبات أن القرآن الكريم هو من عند الله فلن يعود ثمة مجال لإنكار ذلك؛ فكيف يتيسر للمؤمن بالله أن ينكر رسالته وفعله وحكمه بشكل صريح؟ وبناء على ذلك لا يمكن القول بأن اليهودي مؤمن بالله واقعاً مع الاحتفاظ بيهوديته وإنكار نبوة ورسالة حضرة النبي الخاتم (صلى الله عليه واله وسلم) ونفي حجية القرآن الكريم بعدما علم إعجازه وهو ما من شأنه أن يثبت الأمرين معاً (كونه كلام الله ورسالة حامله). فطالما لم يحرز هذا الإيمان فلا يمكن كلامياً اعتباره من المتنعمين بـ «الأمن الإلهي» في المعاد، والأمر كذلك بالنسبة للمسيحي والصابئي؟ إذن فلابد من الفصل الكامل بين المسألتين الفقهية والكلامية واعتبار أن الرسالة المحورية للآية مورد البحث ـ الناظرة إلى المبحث الكلامي - تخص أهل الكتاب الذين كانوا قبل نزول القرآن كما وتشمل أهل الكتاب المعاصرين لنزول القرآن ممن آمنوا به وبالرسول الاكرم (صلى الله عليه واله وسلم) .
يرى القرآن الكريم أن فريقاً من أهل الكتاب يتمتعون بعلم صائب وعمل صالح وإن له ـ كما قد سبقت الإشارة إليه ـ رأياً إيجابياً فيهم حيث يقول: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 162]؛ أي إن الراسخين في العلم النافع والمؤمنين الحقيقيين يؤمنون بكل ما أنزل من قبل الله عز وجل ويعملون طبقاً لأحكامه الفقهيّة. فأمثال هؤلاء الذين يتنعمون بفكر صائب ودافع سليم هم على مستوى المؤمنين الإسلاميين الذين يؤمنون بكل ما أتى به الرسول الخاتم (صلى الله عليه واله وسلم) فهم من هذا المنطلق سيشملون بالآية الكريمة: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 137]؛ لأن أهل الكتاب هؤلاء يشبهون المؤمنين من حيث إن لهم إيماناً كاملاً بالحجة الحاضرة وإيماناً جامعاً بالنسبة للحجة الغابرة. وهذا الإيمان الجامع من الممكن استظهاره من الآية: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ } [المائدة: 66]؛ وذلك لأن ظاهر عبارة: ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِم مِّنْ رَّبِّهِمْ) يشير إلى الأحكام والقوانين التي أنزلها الله تعالى بعد التوراة والإنجيل وهذا الشيء هو القرآن الكريم بعينه؛ إذن فالإيمان بالقرآن ـ كما هو الاعتقاد بحقانية سائر الكتب السماوية - يسهم في تأمين السعادة أيضاً.
من هنا يمكن فهم مدلول الآية مورد البحث على نحو أوضح وأدق؛ لأن هذا المضمون ذكر مع فارق بسيط في الآية المرقمة 69 من سورة «المائدة» التي سبقت بآية اعتبرت - مضافاً إلى إقامة التوراة والإنجيل – أن إقامة الشيء الذي نزل من الله جل وعلا على أهل الكتاب أمراً ضرورياً وقد بات من المعلوم أن ذلك الشيء لا يعدو كونه القرآن الكريم والأحكام الإسلامية. إذن فبالنظر إلى هذه القرينة وهذا السياق فإنه لابد وأن تكون آية سورة المائدة» ناظرة إلى الإيمان الجامع والكامل، وليس الإيمان بكتابهم السماوي خاصة؛ أي ناهيك عن الإيمان بالتوراة فإنّه يتعين على طائفة اليهود الاعتقاد بالإنجيل والقرآن أيضاً؛ كما أن الآية 68 من سورة المائدة» قد ذكرت إقامة ﴿مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ) بعد ذكرها لإقامة التوراة والإنجيل؛ ومن هذا المنطلق فإنه من الممكن اعتبار الآية 69 من سورة المائدة - التي تنسجم مع الآية مدار البحث ـ سنداً جيّداً لإبطال التعددية الدينية؛ أي إنّ الآية المذكورة هي دليل على نفي التعددية الدينية وليست دليلاً على إثباتها.
إيضاح الحوار بين الأديان والمذاهب والثقافات والحضارات هو أمر قابل للمناقشة من جهتين فالجهة الأولى ناظرة إلى أصل الحوار وتبادل القول والثانية إلى صحة وسقم الأقوال. فأما أصل الحوار وتبادل الأقوال فمادام مقترناً بحسن النية وطالما ألمّ طرفا البحث بأصول فن الحوار والمناظرة والمباحثة فهو صحيح وينطوي على فوائد، وأما ما يتعلق بصحة وسقم الأقوال والآراء فمن الممكن أن يكون أحدهما حقاً والآخر على النقيض منه، أي إنه باطل؛ لأن الجمع بين النقيضين أو رفع الاثنين معاً محال؛ ومن أجل ذلك فلابد أن يكون أحدهما حقاً والآخر باطلاً، ومن الممكن أن يكون كلاهما صحيحاً لكنهما يختلفان في درجة الصحة والإتقان كما أنه الممكن أن يكون كلاهما باطلاً لكنهما يفترقان في دركة البطلان. وبطبيعة الحال فإنّه في الحالتين الأخيرتين لن يكون أي من الآراء المطروحة نقيضاً للآخر، وإلا فإنّه من غير الممكن في حالة تناقض الآراء أن يكون كلاهما صحيحاً أو كلاهما باطلاً.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
استمرار توافد مختلف الشخصيات والوفود لتهنئة الأمين العام للعتبة العباسية بمناسبة إعادة تعيينه
|
|
|