المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
زكاة الفطرة
2024-11-05
زكاة الغنم
2024-11-05
زكاة الغلات
2024-11-05
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05



جمع المختلفة والمؤتلفة  
  
1702   03:41 مساءاً   التاريخ: 26-09-2015
المؤلف : إبن أبي الإصبع
الكتاب أو المصدر : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر
الجزء والصفحة : ص66-67
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البديع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-03-2015 23178
التاريخ: 25-09-2015 1878
التاريخ: 25-03-2015 5353
التاريخ: 25-03-2015 5021

رأيت من المؤلفين من فسّر هذه التسمية بما لا يليق بها، وقد استشهد عليها بشواهد من جنس ما فسر به، فاطرحت ذلك وفسرتها بما يليق واستشهدت عليها بشواهد مطابقة لتفسيري، وكذلك فعلت في أكثر الأبواب، ومن وقف على كتابي وكتب الناس في هذا الشأن علم صدق دعواي.
والذي أقول في هذه التسمية: إنها عبارة عن أن يريد الشاعر التسوية بين ممدوحين، فيأتي بمعان مؤتلفة في مدحهما، ويروم بعد ذلك ترجيح بمعان تخالف معاني التسوية، كقول الخنساء في أخيها، وقد أرادت مساواته بأبيها مع مراعاة حق الوالد بزيادة فضل لا ينقص بها حق الولد [كامل]:
جاري أباه فأقبلا وهما ... يتعاوران ملاءة الحضر
وهما وقد برزا كأنهما ... صقران قد حطا إلى وكر
حتى إذا نزلت القلوب وقد ... لزت هناك العذر بالعذر
وعلا هتاف الناس أيهما ... قال المجيب هناك: لا أدري
برقت صفيحة وجه والده ... ومضى على غلوائه يجري
أول فأولى أن يساويه ... لولا جلال السن والكبر
وأول من فتح باب هذا المعنى فيما أظن زهير حيث قال [بسيط]
هو الجواد فإن يلحق بشأوهما ... على تكاليفه فمثله لحقا
أو يسبقاه على ما كان من مهل ... فمثل ما قدما من صالح سبقا
لكن لشعر الخنساء من الفضل في هذا المعنى ما ليس لغيره، وتداول الناس هذا المعنى بعدها، وابتذله الشعراء، فكان فيه أول تابع من المولدين أبو نواس حيث يقول [منسرح]:
ثم جرى الفضل فانثنى قدماً ... دون مداه بغير ترهيق
فقيل راشا سهماً تراد به الـ ... ـغاية والنصل سابق الفوق
وقال البحتري لابن أبي سعيد الثغري [كامل]:
جد كجد أبي سعيد إنه ... ترك السماك كأنه لم يشرف
قاسمته أخلاقه وهي الردى ... للمعتدي وهي الندى للمعتفي
فإذا جرى من غاية وجريت من ... أخرى التقى شأواكما في المنصف
ومعنى البحتري هذا خالف فيه معاني من تقدمه من أبي نواس والخنساء وزهير، فإنهم رجحوا الأول في الفضل على الثاني ترجيحاً لا ينقص من فضل الثاني ولا يغض منه، والبحتري ساوى بين الثاني والأول من غير ترجيح، وكذلك قوله أيضاً [كامل]:
وإذا رأيت شمائل ابني صاعد ... أدت إليك شمائل ابني مخلد
كالفرقدين إذا تأمل ناظر ... لم تعل رتبة فرقد عن فرقد
ومقطوعتا البحتري ليستا من شواهد هذا الباب لما فيهما من المساواة دون الترجيح، وإنما ساق ذكرهما ذكر المعنى الذي ألم به البحتري من المعنى الأول، والله أعلم.
ومن جمع المختلفة والمؤتلفة ضرب يأتي الشاعر فيه بأسماء مؤتلفة ثم يصفها بصفات مختلفة، كقول الشاعر [بسيط]:
لله ليلتنا إذ صاحباي بها ... بدر وبدر سماوي وأرضي
إن الهوى والهواء الطلق معتدلا ... هذا وهذا ربيع طبيعي
بتنا جميعاً وكل في السماع وفي ... شرب المدام حجازي عراقي
أسقى وأسقي نديماً غاب ثالثنا ... فالدور منا يميني شمالي
ومن جمع المختلفة والمؤتلفة قو العباس بن الأحنف [طويل]:
وصالكم صرم وحبكم قلى ... وعطفكم صد وسلمكم حرب
فإن الوصل والحب، والعطف والسلم من المؤتلفة، والصرم والقلى والصد والحرب من المختلفة.
وقد جاء الكتاب العزيز من باب المختلفة والمؤتلفة بمعجز لا يلحق سبقاً وهو قوله تعالى: { وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا } فإن القرآن ساوى بين داود وسليمان في المنصب إذ أخبر أن كلاً منهما مرشح للحكم وأهل له، ثم رجح سلميان إذ أخبر عنه بأنه سبحانه فهمه القضية القاطعة للحكم بالعدل، ثم عاد إلى المساواة مراعاة لحرمة الوالد وفضله على الولد بقضية صرح فيها بالمساواة، إذ جعل فهم سليمان وجه المعدلة في الحكم فناله فضل الأبوة، فكان بمعنى الخنساء الذي أخرجته مع فصاحتها وشدة بلاغتها في عدة أبيات مسوقاً في آية وبعض أخرى، هذا إلى ما تضمن القرآن من الزيادة التي لم تقع للخنساء، وهي النكتة في قوله تعالى: { وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} إذ جمع الضمير الذي أضيف إليه الحكم، ومن حقه أن يكون مثنى لعلمه سبحانه أن الحكم من نوادر الأحكام المعادلة، ومثله يتبع ويعمل به، فأخبر أنه سبحانه شهد عليهما في هذا الحكم، وعلى كل من يحكم به تشريفاً لحكم العدل، وإن كان شهيداً على العدل والجور، ولكنه سبحانه يخص العدل بشهادته تشريفاً للعدل، كما قال تعالى: { تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا} نظراً لمن يعمل بحكم الله تعالى في الوصايا، ومن يتبعه، وأن حكم العدل يقتدي به، والخطأ ليس بقدوة، ولهذا قال: { وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا} والله أعلم.




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.