المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01
المختلعة كيف يكون خلعها ؟
2024-11-01
المحكم والمتشابه
2024-11-01

تمثيل الكميات المتجهة
13-7-2019
الإنحلال الحقيقي
10-9-2016
مناظرة الامام الحسن لمعاوية
7-4-2016
العوامل المساعدة لتوليد أيون الاوكسونيوم- المركبات العضوية الفلزية
13-11-2017
الأهمية الطبية البيولوجية للاكسدة الحيوية
9-7-2021
Euploidy
2-4-2018


مفهوم إثبات الدعوى الإدارية  
  
2509   01:33 صباحاً   التاريخ: 31-1-2023
المؤلف : بلند احمد رسول اغا
الكتاب أو المصدر : خصوصية قواعد الاجراءات في دعوى الادارية وضمان تنفيذ احكامها
الجزء والصفحة : ص 160-168
القسم : القانون / القانون العام / القانون الاداري و القضاء الاداري / القضاء الاداري /

من أجل تحديد مفهوم الإثبات سوف نعرفه، ونحدد أهميته ونظامه القانوني إضافة الى المذهب المتبع أمام القضاء الإداري.

أولاً تعريف الإثبات وتقصد به إقامة الدليل أمام القضاء على حقيقة واقعة معينة متنازع عليها يؤكدها أحد الاطراف وينكرها الآخر، وقد يطلق عليه بمعناه العام البيئة (1) ، وعرفه الفقيه الإداري ( Alain Plantey) بأنه " يتمثل الإثبات في تبيين واقعة ما أو صحة خبر ما ، وكذا في تقديم العناصر الإقناعية التي من شأنها أن تؤدي الى اتخاذ سلوك معين، من قبل صديق أو خصم، أو صدور قرار من سلطة سياسية أو إدارية، أو إتخاذ موقف معين من قبل الرأي العام"(2).

ويعرفه السنهوري بوسيلة لإقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على وجود واقعة قانونية ترتب آثاراً (3)، ويعرف أيضاً بأنه إقامة دليل أمام القضاء بالطرق المحددة قانوناً على وجود واقعة قانونية، ترتب في مواجهة من ينكرها أثراً قانونياً لمن يدعيها . (4) ومن خلال التعريفات السابقة نلاحظ أن جميع التعريفات تجمعها فكرة واحدة تتمثل في تقديم ما يدل على صحة ما يدعيه أحد أطراف الدعوى ليحصل على قناعة القضاء حتى يصدر الحكم لصالحه، وذلك بالإستناد الى الوسائل التي يعتمدها القانون. وتنطبق هذه التعريفات على جميع فروع القانون (5) ، وذلك لعدم وجود اختلاف فكرة الإثبات والغاية من تنظيمها في نظام قانوني، لذلك لم نجد تعريفاً خاصاً بالإثبات في الدعوى الإدارية يميزه عن الإثبات أمام القضاء المدني، إلا ما يتعلق بإعتماد طرق الإثبات والنظام المتبع أمام هذين القضائين ، ويتبين لنا أن الإثبات بمعناه القانوني، يتميز بخصائص منها:

1 - تنظمه قواعد قانونية، ومن ثم لا يجوز اللجوء الى وسائل لم يقررها القانون.

2- الإثبات قضائي، أي أنه لا يكون إلا أمام القضاء (6)، وذلك أن تستخدم تلك الوسائل أمام القضاء الإداري.

3- إن محل الاثبات هو الواقعة القانونية التي يرتب القانون أثراً فيها، ولذلك لا يعد محلاً للإثبات الأثر القانوني لهذه الواقعة، ولا الحق المدعى به (7) ، وتكون الواقعة القانونية المتنازع عليها، والتي تكون محل الإثبات تصرفاً قانونياً صادراً من الإدارة في صورة قرار إداري، إيجابياً كان أم سلبياً.

4- متى استقام الاثبات القضائي للقاضي، فإنه يكون ملزماً له، و يتعين عليه أن يقضي بما يؤدي اليه الإثبات وإلا كان في إمتناعه نكول عن أداء العدالة، لأن ما يثبت عن طرق القضاء حقيقة قضائية يجب إلتزامها . (8) يصبح .

ثانيا أهمية الإثبات: إن قواعد الإثبات تحتل أهمية خاصة، فالإثبات جوهري بالنسبة للحق وإن لم يكن جزءاً منه أو ركناً من أركانه (9) ، إذ إن الحق هو موضوع التقاضي، ويتجرد من كل قيمة إذا لم يقم الدليل على الحادث الذي يستند اليه، فالدليل هو قوام حياته ومعقد النفع فيه، وأن الحق مجرداً من دليله يصبح . عند المنازعة فيه والعدم سواء (10) ، لتعذر فرض إحترامه قضاء على من ينكره أو ينازع فيه لذلك بعد الإثبات الأداة الضرورية التي يعول عليها القاضي في التحقيق من الوقائع القانونية والوسيلة العملية التي يعتمد عليها الأفراد في صيانة حقوقهم المترتبة على تلك الوقائع(11) لذلك فإن بعض الأفراد الذين لديهم حقوق حينما يبادرون الى إقامة الدعوى لاقتضاء حقوقهم لا يحصلون عليها إلا لسبب لأنهم لا يملكون الدليل المثبت لحقهم على الرغم من كونهم أصحاب حق.(12) ولا تقتصر أهمية الإثبات على تحقيق مصلحة خاصة لأطراف الدعوى، إنما يهدف الى تحقيق الصالح العام، فهو يهدف الى تحقيق غايات عملية تتمثل في الفصل في المنازعات وحماية الحقوق وإرساء مبادئ العدالة وحصول كل ذي حق على حقه (13)

في القانون الإداري تتم صياغة نظرية الإثبات على أساس ظروف هذا القانون وطبيعة الدعوى الإدارية التي تطبق بشأنها نظرية الإثبات الخاصة به، حيث تتعلق بروابط إدارية وتقوم على الصالح العام ويسودها مبدأ المشروعية (14)، إضافة الى الاختلال في التوازن بين أطرافها من إدارة تتمتع بامتيازات في مواجهة المنازع لها تشكل في مجملها تفوق عليه في مجال إثبات ما يدعيه(15)، الأمر الذي يستلزم من القاضي الإداري عدم ترك الدعوى للخصوم، وإنما عليه التدخل بشكل إيجابي لحماية المصلحة العامة ومن ثم فإن وسائل إثبات الدعوى الإدارية تختلف عن وسائل الإثبات الأخرى المعروفة في المنازعات المدنية، حيث يوجه القاضي الإداري الخصومة ويعمل على تضمين الدعوى كافة الأوراق والمذكرات المتعلقة بها ويعدها الأساس في الإثبات، لأن المذكرات والقرارات والأوراق هي لدى الإدارة العامة حيث يتعذر على الأفراد الحصول عليها، ومثل هذه المهمة تكون عادة على عاتق القاضي الإداري (16)

 ثالثاً النظام القانوني للإثبات: إن الإثبات الإداري يقوم على نصوص ووقائع متناثرة وعلى أحكام ومبادئ قضائية، وتطبيقات عملية، الأمر الذي يؤدي الى صعوبة الإثبات في مجال الخصومات التي تدخل الإدارة طرفاً فيها، ويختص بها القضاء الإداري. (17) ويشكل الإثبات الفيصل الحاسم في تحديد اتجاه الخصومة، والفصل فيها على أساس العدالة وعلى الرغم من أن قواعد الإثبات لا تتعلق بفرع من فروع القانون، إلا أنها توصل إيصالاً وثيقاً بين القواعد الموضوعية ( المدنية والإدارية والتجارية وبين قانون المرافعات (18).

فقد قسم الفقهاء قواعد الإثبات الى نوعين من القواعد القواعد الموضوعية، أي القواعد التي تحدد عبء الإثبات و محله وأدلة الاثبات وقوة كل دليل والأحوال التي يجوز فيها تقديم كل منها، مثل القاعدة التي تقرر أن عبء الإثبات يقع على المدعي والقواعد الإجرائية، التي تنظم تقديم أدلة الإثبات أمام المحكمة ، وتحدد الإجراءات الواجب إتباعها عند تقديم هذه الأدلة، مثل القاعدة التي توجب سماع كل شاهد منفرداً (19).

لقد كانت التشريعات المقارنة تدرج قواعد الإثبات الموضوعية في نطاق القانون المدني، وذلك لارتباط بعض قواعده بالقواعد الموضوعية، ومنها القانون المدني الفرنسي الصادر في 21 مارس 1804 المعدل النافذ، الذي خصص الباب الرابع من الفصل الثالث منه للإثبات في مواده/ 1353 الى .1386

وكذلك القانون المدني المصري القديم في الباب السادس من الكتاب الأول الخاص بالإلتزامات، في حين كان يضع القواعد الإجرائية في الباب السابع من القسم الأول في قانون المرافعات الملغى (20)، وكذلك الأمر في العراق وذلك بتنظيم القواعد الموضوعية في نطاق القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 في المواد / 444 الى 505، والقواعد الإجرائية منها في قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 في المواد / 98 الى 140.

 

في حين هناك أنظمة قانونية أدخلت قواعد الإثبات في قانون الإجراءات المدنية، وعدها جزءاً منه، ومنها النظام الألماني واللبناني (21).

إلا أننا نرى توجه بعض الأنظمة القانونية المقارنة الى إستقلالية قواعد الاثبات وجمعها في قانون موحد مستقل تحت عنوان قانون الإثبات شاملاً قواعده الموضوعية والإجرائية، ومنها قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية المصري رقم 25 لسنة 1968 ، وقانون الإثبات العراقي رقم 107 لسنة 1979 المعدل والملغي للمواد / 444 الى 50 من القانون المدني، والمواد / 98 الی 140 من قانون المرافعات المذكور أعلاه.

وهذا ما نؤيده نحن، ونرى ضرورة تنظيم القواعد المنظمة للإثبات في نطاق قانون واحد حتى وإن كانت قواعده مختلطة ما بين القواعد الموضوعية والإجرائية، وعلى رأسها قواعد إثبات الدعوى الإدارية، لأسباب تتعلق بطبيعة الدعوى الإدارية، والعوامل التي تؤثر في إجراءات الإثبات أمام المحاكم الإدارية.

وتبرر هذه الأنظمة أخذها بقانون مستقل فيما يأتي:

1-تعذر الفصل بين قواعد الإثبات وإجراءاته.

2- يسهل على القاضي الرجوع اليه لتطبيقه على النزاع المعروض عليه، وكذلك الأمر بالنسبة الأطراف الدعوى عند لجوئهم الى هذا القانون لإثبات ما يدعونه أمام القضاء (22).

رابعاً مذهب القضاء الإداري في الإثبات :حيث تنقسم مذاهب الإثبات في القوانين المختلفة الى ثلاثة مذاهب؛ أولها مذهب إثبات الحر (23) ، وثانيها مذهب الإثبات المقيد (24) ، وثالثها مذهب الإثبات المختلط (25).

وبالنسبة للقضاء الإداري، نظراً للطبيعة الخاصة للدعوى الإدارية المتعلقة بأطرافها والتي تظهر في الإختلال في التوازن ما بين طرفيها المتثملة بالإدارة التي تتمتع بسلطات وإمتيازات تجعلها في مركز أكثر قوة من خصمها المتمثل في الأفراد، وهذا ما يجعل من الضرورة إعطاء دور إيجابي للقاضي الإداري وسلطة إستيفائية حتى يتدخل ويعمل على إعادة التوازن المفروض عند التقاضي، كما سبق وبينا عند بحثنا عن خصائص الدعوى الإدارية، وعن أنواع الدعوى الإدارية من حيث سلطة القاضي (26).

ولكون القوانين المقارنة لم تحدد طرقاً معينة للإثبات امام هذا القضاء تتفق مع الطبيعة الخاصـــــــة للدعاوى المقامة أمامها، إلا ما يتعلق بإجراءات محددة في تحضير الدعوى في بعض منها، إذ لا يوجد حتى الأن تقنين خاص ينظم طرق الإثبات ووسائله أمام القضاء الإداري ويحدد قوة كل منها في الإثبات، وترتبها من حيث القوة كما هو عليه الحال عند الإثبات أمام القضاء المدني، بما يتلاءم مع طبيعة الدعوى الإدارية. وهذا ما يجعل القاض ، الإداري ألا يتقيد بوسائل الإثبات المحددة في القانون الخاص في حالة تعارضها مع طبيعة الدعوى الإدارية ودوره الإيجابي لإعادة التوازن بين طرفي الدعوى من ناحية الإثبات (27).

وبناء على ما تقدم، يتمتع القاضي الإداري بحرية تكاد تكون مطلقة في إعتماد الأدلة وتقدير قيمتها حيث يراها مناسبة لطبيعة الدعوى المنظورة أمامه دون أن يكون مقيداً بأدلة القانون الخاص وقيمتها نظراً لسلطته في تقدير مدى الأثر الذي يتركه الدليل في الدعوى وفقاً لمبدأ حرية الإقتناع بالدليل (28)، فلا فرق أمامه بين الوقائع المادية أو التصرفات القانونية في مجال الإثبات في الدعوى الإدارية. (29) فالقضاء الإداري يميل أحياناً الى تفسير النصوص تفسيراً موسعاً على أساس أنه ذو صفة إرشادية توجيهية ليس إلا، ولا يجرد القاضـ لطته في تقدير أدلة الإثبات، وفي تكوين إقتناعه على أساسها  (30).

وفي القانون الفرنسي أشارت نصوص الأمر الصادر 1945/7/31 بشأن مجلس الدولة الفرنسي وقانونه لسنة 1889 بشأن المحاكم الإدارية الفرنسية الى بعض إجراءات الإثبات أو وسائل التحضير، وهذه النصوص لم تحدد طرقاً للإثبات أمام القضاء الإداري بالمعنى القانوني ولم تضع قواعد موضوعية للإثبات بما تعنيه من تحديد طرق الإثبات والأحوال التي يجوز فيها سلوك كل طريق منها، والشروط اللازمة لقبول الاثبات به وقوة الدليل المستفاد منه (31) ، ويبقى المجلس في هذا الشأن حراً، خلافاً للمحاكم الإدارية إذ تكفل القانون المذكور، بالنص على تلك الوسائل التي التحقيق والخبرة وإستجواب الأشخاص والمعاينة، ومضاهاة الخطوط (32)، ويلاحظ أن هذه الإجراءات أو الوسائل هي التي تطبق بالنسبة لطرق الإثبات التي لا يمكن مباشرتها إلا عن طريق القاضي وبأمر منه، في حين أن طرق الإثبات تشمل جميع الطرق التي يمكن الالتجاء اليها والاستعانة بها (33) وبهذا يكون مجلس الدولة قد أخذ بنظام الإثبات الحر لكونه متمتعاً بسلطة تقديرية في الاخذ بالوسائل المنصوص عليها في القانون المتعلق بالمحاكم الإدارية وفق ما يتلاءم مع طبيعة الدعوى الإدارية، ويكون أكثر ملاءمة لإيصاله الى الحقيقة.

وبالرجوع الى قانون مجلس الدولة المصري رقم 47 لسنة 1972 نجد أنه قد نظم بعض مسائل متعلقة بوسائل تحضير الدعوى أمام المحاكم الإدارية وإجراءات الإثبات، وذلك من خلال المواد / 24 الى 54 منها، دون أن يتطرق الى وسائل الإثبات أمامها، وأن يحدد قيمة كل منها.

وبذلك فإن مجلس الدولة المصري على غرار نظيره الفرنسي غير مقيد بوسائل إثبات محددة يلتزم بها بحيث لا يجوز تطبيق ما عداها و إنما له الحرية الكاملة في تطبيق وسائل القانون الخاص بما يتلاءم مع قناعة القاضي بإعتبار أن طرقاً للإثبات تنسجم مع الخصوصية التي تتمتع بها الدعوى الإدارية.(34) أما بالنسبة للعراق فقد حددت الفقرة / 11 من المادة / من قانون مجلس الدولة رقم 65 لسنة 1979المعدل، قانون الإثبات العراقي كمصدر لوسائل الإثبات أمام القضاء الإداري للإعتماد عليه، وبهذا تكون جميع هذه الوسائل متاحة أمام القاضي الإداري ليستعين بها من أجل الوصول الى حقيقة الدعوى والحكم فيها، وذلك دون أن يلتزم بجميع هذه الوسائل سواء من حيث النوع أو من حيث قوتها الإلزامية، كما هو عليه القضاء المدني، وإنما يكون لجوءه وفق ما يتلاءم مع طبيعة الدعوى، ويبني قناعته مستعيناً بالوسيلة التي يرى أنها توصلها الى الحقيقة. وهذا ما أكده مجلس الدولة العراقي عند قراره أن " مادة القضاء الإداري عامة يجوز التجاؤها الى طرق الإثبات دون التقييد بأحكام مواد قانون المرافعات المدنية أو قانون الإثبات... وحيث أن عملية الهدم المذكور هو بخلاف العقود من الوقائع المادية التي يجوز إثباتها بجميع الوسائل...(35)، والقرار التمييزي "... وحيث أن محكمة القضاء الإداري أخطأت لما امتنعت عن سماع بينة للمدعي بعلة أن هذا الإجراء يعد من باب تكوين حجة للمدعي، ذلك أنه مادة الخصام الإداري ومن الجائز أن يقع الإلتجاء الى جميع طرق الاثبات دون التقييد بأحكام مواد قانون المرافعات المدنية أو قانون الإثبات".(36) أما بالنسبة لقانون مجلس الشورى لإقليم كوردستان رقم 14 لسنة ،2008، فعلى الرغم من خلوه من أي قاعدة قانونية تتعلق بوسائل الإثبات وإجراءاته أمام المحاكم المدنية، فانه لم يحيل بنص صريح مثل قانون مجلس الدولة العراقي، الى قانون الاثبات العراقي المطبق أمام المحاكم المدنية في الإقليم، ولم يعالج بأي شكل ألية الإثبات أمام المحاكم التي أنشأها هذا القانون، ونرى نقصاً في هذا القانون، وكان على المشرع الكوردستاني معالجة هذا الأمر، كما نرى أنه لا يمكن تفسير هذا الموقف من المشرع بإعطاء حرية للقضاء الإداري في الإثبات الإداري وتقدير أدلة الإثبات الى درجة يترك الأمر برمته دون تنظيم قانوني. وعلى الرغم مما يتمتع به القاضي الإداري من الحرية في مجال الإثبات، إلا أن هذه الحرية ليست على إطلاقه، وإنما على القاضي الإداري أن يتقيد ببعض القيود التي منها:

1 - الإلتزام بالوقائع التي يحددها القانون في إثبات بعض الدعاوى كالشهادات الرسمية الصادرة من السلطات المختصة، إضافة الى الوقائع الثابتة بواسطة أحكام حازت قوة الشيء المقضي به (37).

2- على القاضي الإداري شأنه شأن القاضي الجنائي، والقاضي المدني، مراعاة المبادئ العامة التي تتصل بأصول التقاضي وضماناته وحقوق الدفاع، وعلى ذلك فإنه يتعين عليه أن يؤسس إقتناعه ويستمده من أدلة تمكن أصحاب الشأن من مناقشتها إعمالاً لمبدأ الصفة الحضورية للإجراءات الإدارية، وتطبيقاً لذلك ليس له أن ينبني حكمه على المعلومات الشــــخـــــــية، أي المعلومات المتولدة لديه خارج إطار التقاضي، وان كان ذلك لا يمنعه من الإستناد الى المعلومات العامة سواء أكانت علمية أم متصلة بالشؤون العامة (38).

- لا يمكن للقاضي الإداري اللجوء الى بعض طرق الإثبات التي لا تنسجم مع طبيعة الدعوى الإدارية، ومنها اليمين الحاسمة، حيث تتعلق دعوى الإلغاء بالنظام العام وجاء في قانون الإثبات المصري (39) والعراقي (40) بأنه لا يمكن توجيه اليمين الحاسمة في واقعة مخالفة النظام العام، كما قضت محكمة النقض المصري بأن " اليمين الحاسمة وسيلة مستبعدة تماماً أمام القضاء الإداري لاعتبارات تتعلق بالنظام العام وبطبيعة الدعوى الإدارية التي تقوم بين طرفين أحدهما الإدارة التي تتصرف بغرض تحقيق المصلحة العامة بمعرفة موظفيها وهو ما يمنع توجيه اليمين الحاسمة الى موظفيها أمام القضاء الإداري (41).

______________

1- والمقصود بالبيئة هنا هو كل دليل معتبر شرعاً لإثبات الحق، فالبيئة اسم جامع لكل ما يظهر الحق ويبينه، وعلى هذا فهناك أمور كثيرة يصدق عليها هذا المعنى ومنها : الشهود، والكتابة وعموم القرائن التي يستند اليها القاضي، د الدين الجيلالي بوزيد، القضاء الاداري وتطبيقاتها في المملكة العربية السعودية ج1 ط1 دار الكتاب الجامعي ، الرياض 2017، ص 235.

 2-Alain Plaintey; La prevue devant le juge admenestratif.no3245-1

نقلاً عن د. ألياس جوادي، الإثبات في المنازعات الإداري، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2018، ص29.

3- د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، ج 2، 3، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2000، ص13.

4-  د. محمد شكري سرور ، موجز أصول الإثبات في المواد المدنية والتجارية، دار الفكر العربي، القاهرة، بدون سنة النشر، ص 5.

5- د.خالد خلف القطارنة، إثبات دعوى الإلغاء، ط1، دار قنديل للنشر والتوزيع، عمان، 2006، ص20.

6- د. عايدة الشامي، خصوصية الأثبات في الخصومة الإدارية المكتب الجامعي الحديث، الأسكندرية، 2008، ص 7.

7- د.أشرف جابر سيد موجز صول الإثبات دار النهضة العربية، القاهرة، 2003، ص 6.

8- د.محسن عبدالحميد إبراهيم البيه الإثبات في المواد المدنية والتجارية وفقاً لقانون الإثبات وقانون توقيع الألكتروني، بدون دار ومكان النشر، 2007، ص11.

9-  أحمد نشأت رسالة الإثبات، ج 1، ط7، دار الفكر الجامعي، القاهرة، 1972، ص29.

10- د.نبيل إبراهيم سعد، الإثبات في المواد المدنية والتجارية دار النهضة العربية، القاهرة، بدون سنة النشر، ص10.

11-  مصطفى مجدي هرجة، الموسوعة القضائية الحديثة، الإثبات الجنائي والمدني في ضوء الفقه والقضاء، ، ج1، دار الفكر العربي، القاهرة، 1996، ص 389.

12-  ماهر عباس ذيبان الشمري وسائل الإثبات في الدعوى الإدارية، دار السنهوري، بيروت، 2018، ص51.

13- د.شريف أحمد بعلوشة، إجراءات التقاضي أمام القضاء الإداري، ط1، مركز الدراسات العربية، الجيزة، 2016 ، ص 480.

14-  د. أحمد كمال الدين موسى، نظرية الإثبات في القانون الإداري، دار الفكر العربي، القاهرة، 2012، ص10.

15- د. عبد العزيز عبدالمنعم خليفة أصول الإثبات وإجراءاته في الخصومة الإدارية، ط1، المكتب الجامعي الحديث، الأسكندرية، 2013، ص 16.

16-  د. زكريا محمود رسلان إجراءات دعوى الإلغاء أمام مجلس الدولة، ط1، دار أبو المجد القاهرة، 2013 ، ص 362.

17- هشام حامد سلمان الكساسبة، وسائل الإثبات أمام القضاء الإداري، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 2013، ص10.

18-  د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، ج 2، 3، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2000 ، ص 16.

19- د. أشرف جابر سيد موجز صول الإثبات دار النهضة العربية، القاهرة، 2003 ، ص7.

20- د. عايدة الشامي، خصوصية الأثبات في الخصومة الإدارية المكتب الجامعي الحديث، الأسكندرية، 2008،  ص9

21- ضياء شيت خطاب بحوث ودراسات في قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 ، معهد بحوث ودراسات عربية جامعة الدول العربية، 1970 ص 206.

22- د. ألياس جوادي، الإثبات في المنازعات الإداري، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2018 ص 35.

23- يعتمد هذا النظام على مبدأ العدالة المطلقة فهو يربط بين الحقيقة القضائية والواقعة، ويعطي للقاضي حرية في تقدير الأدلة وقوتها وإستكمال النواقص في أدلة الخصوم، كما للقاضي اللجوء الى جميع الوسائل لإستكمال قناعته بما يساعده على إصدار الحكم في الدعوى، فلا يحدد القانون طرقاً معينة للإثبات يلتزم بها الخصوم، وإنما يكونون أحراراً في إختيار الأدلة التي يرون أنها تؤدي الى إقتناع القاضي. د.الدين الجيلالي بوزيد، مصدر سابق، ص237و د. خالد خلف القطارنة، إثبات دعوى الإلغاء، ط1، دار قنديل للنشر والتوزيع، عمان، 2006 ، ص 20.

24- يقوم هذا المذهب على أساس وضع القيود التي تحد من حرية القاضي في تكوين قناعته والخصوم في تقديم الأدلة مستهدفاً منع التعسف وقاصداً توحيد الأحكام القضائية في القضايا المتشابهة، بحيث لا يجوز للقاضي أن يسمح بغير تلك الطرق ولا يملك أن يعدل من قيمة الدليل حسبما نص عليه، وإنما يجعل دور القاضي في تسيير الدعوى وإستجماع الأدلة دوراً سلبياً تقتصر مهمته على الحكم بما يرتبه القانون وعلى ما يقدمه الخصوم من الأدلة القانونية بما يجعل وظيفة القاضي آلية ويمنعه من الحكم بالحقيقة الواقعية إذا كان ظهورها له من غير طرق الإثبات التي عينها القانون، ويقوم هذا المذهب على أساس تقييد الإثبات بتحديد أدلة الإثبات والحالات التي يجوز فيها الإثبات وتحديد حجية أدلة الإثبات. د. عصمت عبدالمجيد بكر ، شرح قانون الإثبات المكتبة القانونية، بغداد، 1997، ص 16 وقد أخذ المشرع العراقي بهذا المذهب وذلك من خلال تحديد وسائل الإثبات بتسلسل إلزامي للقاضي المدني وتحديد قيمة كل من هذه الوسائل.

25- وهو يقف وسطاً بين المذهين السابقين فهو إذ يأخذ بحسب الأصل مبدأ حياد القاضي كما يحدد الأدلة المقبولة وقوة كل منها في الإثبات، فأنه . مع ذلك يعطي للقاضي الحرية الواسعة في تقدير الأدلة التي لم يحدد لها القانون قوة معينة، مع سلطة إستخلاص القرائن القانونية، فضلاً عن السلطة الواسعة في مجال إجراءات الإثبات وتحضير الدعوى . د . طعيمة الجرف، رقابة القضاء لأعمال الإدارة قضاء الإلغاء ، مصدر سابق، ص317. وهو يعد أفضل المذاهب من بين المذاهب السابقة لما يعالج ما يوجه اليهما من نقد، وأخذ به كل من التشريعات الفرنسية والمصرية. إلياس جوادي، الإثبات القضائي في المنازعات الإدارية، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية ، جامعة محمد خيضر بسكرة، 2013-2014، ص38.

26- من ص 10 الى 14 من هذه الأطروحة.

27- د.حنان محمد القيسي و صفاء حسين الشمري، وسائل الإثبات لدى القاضي الإداري، مكتبة صباح، بغداد، 2012، ص 98.

28- ماهر عباس ذيبان الشمري وسائل الإثبات في الدعوى الإدارية، دار السنهوري، بيروت، 2018 ص 60.

29- د طعيمة الجرف، رقابة القضاء لأعمال الإدارة قضاء الإلغاء، دار النهضة العربية القاهرة ، بدون سنة النشر  ، ص318.

30- د.برهان خلیل زريق، نظام الإثبات في القانون الإداري، ط1، مطبعة الداودي، دمشق، 2009، ص77.

31- د. أحمد كمال الدين موسى، نظرية الإثبات في القانون الإداري، دار الفكر العربي، القاهرة، 2012 ص 50

32- د وسام صبار العاني القضاء الإداري، ط 1 ، مكتبة السنهوري، بغداد، 2013 ، ص 265.

33- د. أحمد كمال الدين موسى، نظرية الإثبات في القانون الإداري، دار الفكر العربي، القاهرة، 2012 ص 50

34-  -  ماهر عباس ذيبان الشمري وسائل الإثبات في الدعوى الإدارية، دار السنهوري، بيروت، 2018 ص 60.

35- القرار رقم 43 بتأريخ 1994/7/7 نقلاً عن د. حنان محمد القيسي و صفاء حسين الشمري، وسائل الإثبات لدى القاضي الإداري، مكتبة صباح، بغداد، 2012 ، ص 106.

36- القرار رقم 96/س/ 86 بتاريخ 1987/1/24 غير منشور ، نقلاً. عن د. حنان محمد القيسي و صفاء حسين الشمري، وسائل الإثبات لدى القاضي الإداري، مكتبة صباح، بغداد، 2012 ، ص 106.

37-  د. عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة، الموسوعة الإدارية الشاملة في الدعاوى والمرافعات، ج 2، أصول إجراءات التقاضي والإثبات في الدعواى الإدارية،  ص 259.

38-  د. أحمد كمال الدين موسى، نظرية الإثبات في القانون الإداري، دار الفكر العربي، القاهرة، 2012 ، ص 56 وما بعدها و د برهان خلیل زريق، نظام الإثبات في القانون الإداري، ط1، مطبعة الداودي، دمشق، 2009، ص78

39- المادة / 115 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية المصري.

40- المادة / 116 من قانون الإثبات العراقي.

41- الطعن رقم 23 لسنة 25 ق – جلسة 1981/5/3 نقلاً عن د. حمدي ياسين عكاشة ، موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات في قضاء مجلس الدولة، ج6، الإثبات في الدعوى الإدارية ، منشأة المعارف الإسكندرية، 2010، ص313.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .