التمييز بين توزيع الاختصاصات المالية في النظام الفيدرالي ونظام اللامركزية الإدارية |
1409
01:12 صباحاً
التاريخ: 10-1-2023
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-17
998
التاريخ: 27-9-2018
30208
التاريخ: 26-10-2015
2679
التاريخ: 2023-09-26
1006
|
تعد اللامركزية الإدارية طريقةً من طرائق الإدارة تقضي بتوزيع الوظيفة الإدارية بين الحكومة المركزية في العاصمة الوزارات"، وهيئات عامة منتخبة محلية أو مصلحية، مستقلة عنها قانونا، حيث تقوم بتقديم بعض الخدمات للجمهور مع خضوعها لإشراف ورقابة الحكومة المركزية، وهو ما يُسَمَّى اصطلاحًا بالوصاية الإدارية (1).
ويرى جانب من الفقه العراقي أنها أسلوب من أساليب العمل الإداري الذي ينصب على توزيع اختصاصات الوظيفة الإدارية بين السلطة المركزية وبين هيئات أو مجالس منتخبةٍ مستقلة عن السلطة المركزية، ولكن في الوقت نفسه تُمارس اختصاصها تحت رقابة وإشراف الدولة المركزية "الاتحادية (2) ، ولكن لا بدَّ من أن نشير إلى عدم خضوعها فيما يتعلق بنظام السلّم الوظيفي، حيث إِنَّ السلطة المركزية هي من ترعى المصالح العليا التي تعلو كل مصلحةٍ محليَّةٍ أخرى والتي تتعلق بمجموع الشعب (3)
وتجدر الإشارة إلى أنَّ اللامركزية الإدارية ،صورتان هما اللامركزية الإقليمية واللامركزية المصلحية (4).
إذ تتحقق اللامركزية الإقليمية والتي تُعرف بالإدارة المحلية، بمنح جزء من إقليم الدولة الشخصية المعنوية وسلطة الرقابة على المرافق المحلية، فتمثل التجسيد العلمي لمبادئ الديمقراطية، إذ تنقل سلطة التقرير النهائي في الشؤون المحلية إلى هيئات محلية منتخبة "مجالس المحافظات" تكون تطبيقا عمليًا لمساهمة الشعب في تحمل مسؤولياته، في الوقت الذي تتفرغ فيه السلطة المركزية لإدارة الأمور التي تهم الدولة بكاملها(5)، وتقوم هذه اللامركزية الإدارية على ثلاثة أركان، وهي(6):
1. أن تقوم بإدارة هذه المصالح هيئات محلية مستقلة.
2. الإقرار بوجود مصالح محلية متميزة عن المصالح القومية.
3. خضوع هذه الهيئات المحلية في مباشرة اختصاصها لرقابة وإشراف الحكومة المركزية "الاتحادية".
ويرى بعض الفقهاء عدم وجود اختلاف بين النظام الفيدرالي ونظام اللامركزية الإدارية إلا من حيث المدى والدرجة، فالاستقلال الذي تتمتع به (الدويلات الأقاليم، المحافظات غير المنتظمة في الإقليم) الأعضاء من دولة الاتحاد المركزي "الفيدرالي" هو من طبيعة الاستقلال نفسه الذي تتمتّع به الوحدات الإقليمية في نظام اللامركزية الإدارية، فكلاهما يرتكز على فكرة توزيع الاختصاصات بين الحكومة المركزية وبين الوحدات الإدارية الإقليميَّة، ولكنَّ الفارق يكمن في مدى توزيع السلطات، فهو في نظام اللامركزية الإدارية ينصب على الوظيفة الإدارية فحسب، في حين يمتدُّ في النظام الفيدرالي ليشمل إلى جانب الوظيفية الإدارية وظيفتي التشريع والقضاء؛ أي إِنَّ سلطة المناطق المحلية في دولة الاتحاد المركزي "الفيدرالي" هي أوسع من سلطة المنطقة المحلية في الدولة التي تتبع اللامركزية الإدارية (7).
ومن جانب آخر يرى غالبية الفقه رأيًا مغايرا لذلك، حيث ترى أنَّ النظام الفيدرالي كنظام سياسي يختلف في طبيعته وجوهره عن نظام اللامركزية الإدارية ، وحجتهم في ذلك ما يأتي:
1. تتميز اللامركزية الإدارية بوحدة التشريع على إقليمها كله نظراً لوحدة السلطة التشريعية، في حين تتميز دولة الاتحاد المركزي "الفيدرالي" بتعدد التشريعات ومنها التشريعات المالية تبعًا لتعدد السلطات التشريعية فيها، فيكون لكلِّ دويلة دستورها الخاص الذي يهتم بالنواحي الماليَّة للسلطة الدولية من حيث تنظيم وسائل زيادة الأموال وإنفاقها بواسطة سلطة الدويلة والقيود المفروضة على هذه السلطة في فرض الضرائب وفي استخدام إيراداتها وحالات الاقتراض وسلطات حكم كاملة تشريعية وتنفيذية وقضائية (8).
2. إِنَّ الهيئات الإقليمية في نظام اللامركزية الإدارية - عند ممارستها لاختصاصاتها المالية - تخضع لرقابة وإشراف الحكومة المركزية التي تكفل بدورها وحدة الدولة، ووحدة السياسة العامة التي تحكم جميع أوجه النشاط في الدولة تحقيقًا لمتطلبات المشروعيَّة وسيادة القانون، في حين رقابة السلطة الاتحادية في دولة الاتحاد المركزي "الفيدرالي" على الدويلات الأعضاء تأخذ شكلاً أقل، وتظهر بأسلوب يسود عليه طابع التنسيق والتعاون، وهذا الأمر
ينبع من استقلال الدويلات الأعضاء وحريتهما في مباشرة اختصاصاتها الدستورية ومنها المالية، طالما أنها تُباشرها طبقًا للدستور الاتحادي، والرقابة الوحيدة الممكنة لا تمارسها السلطة الاتحادية وإنما تباشرها هيئات قضائية مستقلة محايدة إذا ما خرجت إحدى الدويلات الأعضاء عن حدود اختصاصاتها الدستورية وتجاوزت على اختصاص السلطة الاتحادية أو اختصاص دويلة أخرى (9).
3.إنَّ الاختصاصات الدستورية – ومنها الاختصاصات المالية في نظام اللامركزية الإدارية يتمُّ تحديدها من خلال تشريع قانون يبحثها بشكل مفصل. ويمكن لهذه الاختصاصات أن تتوسع أو تضيق بحسب الصلاحيات التي يمنحها القانون إلى الهيئات المحلية تبعًا للظروف وأوضاع الدولة من دون أن تقوم هذه الهيئات بالاعتراض، في حين أنَّ الاختصاصات الدستورية – ومنها الاختصاصات المالية - في دولة الاتحاد المركزي "الفيدرالي" لا تحدد بواسطة البرلمان الفيدرالي، وإنما من خلال الدستور الاتحادي. وبالتالي لا يمكن المساس بتلك الاختصاصات بالزيادة أو النقصان إلا بتعديل الدستور الاتحادي الذي لا يتمُّ إِلَّا من خلال إشراك الدويلات الأعضاء عن طريق ممثلها، كما يقتضي التعديل أغلبيَّةً خاصةً تختلف عن الأغلبية التي تعدل بها القوانين (10).
وبالنسبة للتجربة الإماراتية فقد تبنى الدستور الطريقة الثالثة من طرق توزيع الاختصاصات بين دولة الاتحاد والإمارات الأعضاء، والمتضمنة حصر اختصاصات دولة الاتحاد على سبيل الحصر(11)، فقد بين الباب السابع من الدستور الإماراتي كيفية توزيع الاختصاصات التشريعية والتنفيذية والدولية بين الاتحاد والإمارات (12)، وباستقراء نصوص هذا الباب يتضح لنا أنه تبنى فـــي هذا الخصوص الطريقة الثالثة السابق بيانها، أي الطريقة الحصرية لاختصاصات الحكومة الاتحادية. ومع ذلك فقد نص على بعض الاختصاصات المشتركة ؛ أي التي يجوز لكلِّ من الاتحاد أو الإمارات مباشرتها (13).
فبموجب المادة (117) من الدستور مُنحت الإمارات سلطات واسعةً تتمثل في الإدارة الحسنة، بمعنى حفظ الأمن والنظام وتوفير المرافق ورفع المستوى الاجتماعي والاقتصادي. وبممارسة تلك الاختصاصات في مجالات الشؤون المالية وتشكيل المجالس والرقابة استطاعت هذه البلديات وبدرجات متفاوتة - تحقيق الخدمات.
وعليه؛ فإنَّ الحديث حول الكفاءة والفاعلية في دولة الإمارات العربية المتحدة كقيم أساسية من قيم اللامركزية يقودنا إلى معرفة أهداف البلديات، العلاقة المالية والقانونية مع الحكومة المركزية، القدرة على اتخاذ القرارات، القبول بأهمية المساءلة في الإنفاق، التمتع بالدور المتجدد للبلديات والقدرة على إيصال الخدمات بشكل اقتصادي وعادل وحصول البلدية على القيمة الملائمة؛ لما تقدمه من خدمات للمواطنين. وكذلك بالنسبة لتشكيل المجالس وتحديد الحجم الأمثل للوحدة الإدارية ودرجة القبول لقرارات هذه البلديات، وقياس أثر هذه القرارات وفقا للمعايير المتفق عليها.
وتأسيسا على ما سبق من أسئلة؛ فإنَّ الواقع يشير إلى أن دور الحكومة الاتحادية وبحكم مواد الدستور المؤقت يؤكّد على تقليص حجم الدولة من خلال تخويل مزيد من الصلاحيات إلى الإمارات، وقد اكتسبت الإمارات هذا الدور لكونها سبقت نشوء الدولة الاتحادية(14).
____________
1- د. سليمان محمد الطماوي، مبادئ القانون الإداري دراسة مقارنة، دار الفكر العربي، القاهرة، سنة 2007، ص 82
2- د. محمد علي بدير ود. عصام عبد الوهاب البرزنجي ود. معمدي السلامي، مبادئ وأحكام القانون الإداري، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر، بغداد، 1993، ص121.
3- د. ماهر صالح علاوي الجبوري، الوسيط في القانون الإداري، دار ابن الأثير للطباعة والنشر، جامعة الموصل، 2009، ص 84.
4- د. محمد صلاح عبد البديع السيد، نظام الإدارة المحلية في مصر بين النظرية والتطبيق، دار النهضة العربية، القاهرة، 1996، ص8.
5- القاضي نبيل عبد الرحمن حياوي، اللامركزية والفدرالية، المكتبة القانونية، بغداد، ط 3 ، 2007 ،ص 50.
6- د. عبد الرحمن عبد الرحيم عبد الله، تميز اللامركزية الإقليمية عن اللامركزية الفيدرالية، بحث منشور في كتابه: مجموعة بحوث قانونية، منشورات أبحاث القانون المقارن، أربيل، سنة 2009، ص 25 وما بعدها.
7- د. منذر الشاوي، القانون الدستوري (نظرية الدولة)، مركز البحوث القانونية، بغداد، سنة 1981، ص 250 وما بعدها.
8- د. محمد كامل ليلة النظم السياسية - الدولة والحكومة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1974، ص 146.
9- د. عبد الغني بسيوني عبد الله، النظم السياسية، أسس التنظيم السياسي، الدولة والحكومة . والحريات العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت، سنة ، 1984ص 125.
10- د. ثروت بدوي، المبادئ العامة في النظم السياسية، ج 1، دار النهضة العربية، القاهرة، 1964، ص 81.
11- حصر اختصاصات دولة الاتحاد على سبيل الحصر : تعني هذه الطريقة - وهي عكس الطريقة السابقة – أن يتولى الدستور الاتحادي تحديد اختصاصات الدولة الاتحادية على سبيل الحصر، ومن ثم تختص الولايات بكلِّ ما لم يرد به ذلك الحصر، ومفاد ذلك أن تصبح هذه الولايات صاحبة الاختصاص الأصيل في هذا الصدد، بينما تكون السلطات الفيدرالية صاحبة اختصاص استثنائي ومحدد.
12- مجلس الوزراء في دولة الإمارات هو الهيئة التنفيذية للاتحاد، ويكون تحت الرقابة العليا لرئيس الاتحاد، وللمجلس الأعلى تصريف جميع الشؤون الداخلية والخارجية التي يختص بها الاتحاد بموجب دستوره والقوانين الاتحادية. ويمارس مجلس الوزراء جملة من المهام، وفي مقدمتها اقتراح مشروعات القوانين الاتحادية وإحالتها إلى المجلس الوطني الاتحادي قبل رفعها إلى رئيس الاتحاد لعرضها على المجلس الأعلى للتصديق عليها، ولعلَّ أهمها هو إعداد مشروع الميزانية السنوية العامة للاتحاد، والحساب الختامي. ينظر: ميثاق خير الله جلود، مستقبل النظام الاتحادي في دولة الإمارات العربية المتحدة، بحث منشور في مجلة التربية والعلم – المجلد (17)، (العدد (2)، 2010، ص 43.
13- صالح صغير العامري، الإصلاح السياسي في دولة الإمارات العربية المتحدة ودوره في التغيير السياسي من 1991-2010 ، رسالة ماجستير– جامعة الشرق الأوسط، 2011 - ، ص79.
14- يوسف عيسى الصابري، المركزية واللامركزية في إدارة الشؤون المحلية وأثرها على زيادة الكفاءة والفاعلية الإدارية، بحث منشور على موقع المنتدى العربي للموارد البشرية:
https://hrdiscussion.com/hr30580.html.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|