دفع شبهة أن ايمان علي عليه السلام لم يقع على وجه المعرفة واليقين |
1212
10:45 صباحاً
التاريخ: 6-1-2023
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-09-2014
10006
التاريخ: 29-09-2015
8699
التاريخ: 24-09-2014
10275
التاريخ: 24-09-2014
30894
|
{ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا }[مريم / ۱۲]
... وروى سلمة بن كهيل عن أبيه ، عن حبة بن جوين ، قال: أسلم علي(عليه السلام) وكان له ذؤابة يختلف إلى الكتاب.
على أنا لو سلمنا لخصومنا ما ادعوه من أنه (عليه السلام) كان له عند المبعث سبع سنين ، لم يدل ذلك على صحة ما ذهبوا إليه من أن إيمانه كان على وجه التلقين دون المعرفة واليقين. وذلك أن صغر السن لا ينافي كمال العقل ، وليس دليل وجوب التكليف بلوغ الحلم فيراعي ذلك.
هذا باتفاق أهل النظر والعقول ، وإنما يراعى بلوغ الحلم في الأحكام الشرعية دون العقلية ، وقد قال الله سبحانه في قصة يحيى(عليه السلام): { وآتيناه الحكم صبيا} ، وقال في قصة عيسى (عليه السلام): {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا } [مريم: 29 - 31].
فلم ينف (يناف ـ خ ل) صغر هذين النبيين كمال عقلهما ، والحكمة التي أتاهما الله تعالى ، ولو كانت العقول تحيل ذلك لإحالته في كل أحد وعلى كل حال.
وقد أجمع أهل التفسير ـ إلا من شذ منهم ـ في قوله تعالى: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [يوسف: 26 ، 27]) ، أنه كان طفلاً صغيراً في المهد أنطقه الله تعالى حتى برأ يوسف من الفحشاء وأزال عنه التهمة.
والناصبة إذا سمعت هذا الاحتجاج ، قالت: إن الذي ذكرتموه فيمن عددتموه كان معجزاً بخرقه العادة ، ودلالة لنبي من أنبياء الله (عليهم السلام) ، فلو كان أمير المؤمنين (عليه السلام) مشـاركاً لمن وصفتموه في خرق العادة ، لكان معجزاً له (عليه السلام) أو للنبي (صلى الله عليه واله وسلم) ، وليس يجوز أن يكون المعجز له ، ولو كان للنبي (صلى الله عليه واله وسلم) ، لجعله معجزاته ، واحتج به في جملة بيناته ولجعله المسلمون من آياته ، فلما لم يجعله رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لنفسه علماً ، ولا عده المسلمون في معجزاته ، علمنا أنه لم يجز الأمر على ما ذكرتموه.
فيقال لهم: ليس كلما خرق الله به العادات ، وجب أن يكون علماً ، ولا لزم أن يكون معجزاً ، ولا شاع علمه في العام ، ولا عرف من جهة الاضطرار ، وإنما المعجز العلم هو خرق العادة عند دعوة داع أو براءة مقذوف ، وتجري براءته مجرى التصديق له في تصديق في المعنى و إن لم يكن تصديقاً بنفس اللفظ والقول.
وكلام عيسى (عليه السلام) إنما كان معجزاً لتصديقه له في قوله: " أنى عبدالله آتاني الكـتاب وجعلني نبياً" ، مع كونه خرقا للعادة وشاهداً لبراءة أمه من الفاحشة ، ولصدقها فيما ادعته من الطهارة.
وكانت حكمة يحيى (عليه السلام) في حال صغره تصديقاً له في دعوته في الحال ، ولدعوة أبيه زکریا (عليه السلام) ، فصارت مع كونها خرقاً للعادة ، دليلاً ومعجزاً.
وكلام الطفل في براءة يوسف (عليه السلام) ، إنما كان معجزاً بخرق العادة ، لشهادته ليوسف (عليه السلام) بالصدق في براءة ساحته ويوسف(عليه السلام) نبي مرسل.
فثبت أن الأمر على ما ذكرناه ، ولم يك كمال عقل أمير المؤمنين (عليه السلام) شاهداً في شيء مما ادعاه ، ولا استشهد هو (عليه السلام) به ، فيكون مع كونه خرقاً للعادة معجزاً ، ولو استشهد (عليه السلام) به ، أو شهد على حد ما شهد الطفل ليوسف ، وكلام عـيسى له ولأمه ، وكلام يحيى لأبيه بما يكون في المستقبل والحال ، لكان لخصومنا وجه في المطالبة بذكر ذلك في المعجزات ، ولكن لاوجه له على ما بيناه.
على أن كـمال عقل أمير المؤمنين لم يكن ظاهـراً للحواس ، ولا معلوماً بالاضطرار ، فيجري مجرى كلام المسيح (عليه السلام) وحكـمة يحيى (عليه السلام) وكـلام شـاهـد يوسف ، فيمكن الاعتماد عليه في المعجزات ، و إنما كان طريق العلـم بـه قـول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، أو الاستدلال الشاق بالنظر الثاقب والسير بحاله (عليه السلام) على مرور الأوقات ، لسماع كلامه والتأمل لاستدلالاته ، والنظر إلى ما يؤدى إلى معرفته وفطنته.
ثم لا يحصل ذلك إلا لخلص الناس ، ومن عرف وجه الاستنباطات وما جرى هذا المجرى ، فارق حكمه حكم ما سلف للأنبياء من المعجزات ، وما كان لنبينا (صلى الله عليه واله وسلم) مـن الأعلام ، إذ تلك بظواهرها تقدح في القلوب أسباب اليقين ، ويشترك الجميع في علم الحال الظاهرة منها ، المنبثة عن خرق العادات ، دون أن تكون مقصورة على ما ذكرناه من البحث الطويل والاستبراء للأحوال على مرور الأوقات ، والرجوع فيه إلى نفس قول الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) الذي يحتاج في العلم به إلى النظر في معجز غيره ، والاعتماد على ما سواه من البينات ، فلا ينكر أن يكون الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) إنما عدل عن ذكر ذلك واحتجاجه به في جملة آياته لما وصفناه(1).
[انظر: نفس السورة ، آية ٢٩ - ٣٠ ، من الفصول المختارة : ٢٥٦. حول إمامة الأطفال.]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ الفصول المختارة من العيون والمحاسن: ۲۲۲ ، والمصنفات ٢: ٢٧٥.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|