أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-09-2014
8366
التاريخ: 24-09-2014
7860
التاريخ: 30-11-2015
8224
التاريخ: 24-09-2014
7942
|
قال تعالى : { ومِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ } . الإنسان ، أي انسان ، لا يخلو أن يكون واحدا من اثنين : إما جاهلا ، وإما عالما ، والعالم لا يخلو اما أن يكون منصفا ، واما منحرفا ، والعالم المنصف هو الذي يقول ما يعلم ، ويسكت عما لا يعلم ، وقد حدد اللَّه سبحانه وظيفة الجاهل بقوله : { فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ } - 7 الأنبياء » . فان تجاوز وظيفته هذه صدق عليه قول الإمام علي ( عليه السلام ) : جاهل خبّاط جهالات . . لا يحسب العلم في شيء مما أنكره ، ولا يرى ان وراء ما بلغ مذهبا لغيره .
وهذا الجاهل هو المقصود بقوله تعالى : { ومِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ } . وبقوله في الآية 8 من هذه السورة : { ومِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ولا هُدىً ولا كِتابٍ مُنِيرٍ } .
انه يجهل الطريق إلى العلم باللَّه ، ومع ذلك يجادل فيه ، ويقول فيما يقول : لو كان اللَّه موجودا لرأيناه . . انه يريد بمنطقه هذا أن يفسر غير المادة بالمادة ، وان يرى بالعين والبصر من لا يدرك الا بالعقل والبصيرة ، وان يلمس باليد خالق السماوات والأرض . . ولا فرق بين هذا ، وبين من حاول أن يمتحن في المعمل والمختبر نظرية « البينة على من ادعى واليمين على من أنكر » أو أراد أن يختبر موهبته الشعرية في قيادة السيارة .
تذكرت ، وأنا أكتب هذه الكلمات ساعة من ساعات الدراسة في النجف ، وقد مضى عليها حوالي أربعين عاما ، كنا في هذه الساعة نتحلق حول الأستاذ ، نستمع إلى محاضرته ، وفي أثنائها اعترض عليه أحد التلاميذ ، واستشهد بحادثة لا تمت إلى موضوع الدرس بسبب قريب أو بعيد . . فأعرض الأستاذ عنه ، ونظر إلى بقية التلاميذ ، وقال : كان فيما مضى رجل معتوه يقال له « » . وفي ذات يوم مر بأحد الشوارع ، فرأى جمهورا من الناس مجتمعين ، وهم يموجون في حيرة ، ولما سألهم قال له البعض : ان فلانا سقط عن السطح ، وتحطمت أعضاؤه وقد أوشك على الهلاك ، ولا يدري أهله ما ذا يصنعون ؟ فقال « » : عندي دواؤه ، وعليّ شفاؤه ، اربطوه بالحبل وشدوه إلى السطح ، وأجلسوه عليه كما كان فإنه يشفى لا محالة . . ولما ضحكوا منه احتج عليهم ، وقال : لما ذا تضحكون ؟ في العام الماضي سقط فلان بالبئر ، فربطوه بالحبل وأخرجوه منه سليما . .
وهذا هو بالذات منطق من أنكر وجود اللَّه لأنه ما رآه . . أما الكون العجيب بنظامه وجلاله فقد رآه ، ولكنه لا يدل بزعمه على وجود المكوّن والمنظم . . ونحن نؤمن بالمشاهدة والتجربة ، ولكن نؤمن أيضا بأن هذه التجربة لا تجري على كل نوع من الوجود ، بل تقتصر على النوع المادي منه ، أما النوع الروحي فان لمعرفته سبيلا آخر . . نقول هذا ، ونحن على يقين بأن كلا من الوجود الإنساني والمادي متفاعلان متكاملان ، وانه لا غنى للإنسانية عن المادة ، وان القيم كالحق والخير لا بد ان يكون لها أثر ملموس محسوس ، وإلا كانت ألفاظا بلا معنى . . ولكن هذا لا يستدعي أن يكون سبيل المعرفة واحدا في كل شيء ، بل يختلف باختلاف الأشياء
التي يراد معرفتها ، فالمشاهدة والتجربة سبب لمعرفة المادة ، والعقل سبب لمعرفة غيرها . وتكلمنا عن المعرفة وأسبابها في ج 1 ص 43 .
والخلاصة ان من قال : لا أومن باللَّه حتى أراه فقد اعترف بأنه لا يريد ان يؤمن باللَّه ، ولو شهد بوجوده ألف دليل ودليل ، ومعنى هذا انه يقر على نفسه بالجهل والمكابرة ، لأن المفروض ان اللَّه لا يرى بالعين ، وان الطريق إلى معرفة الحقائق لا تنحصر بهذه الرؤية . ان اللَّه يريد من الإنسان ان يبحث ويدقق ويجادل ويناقش ولكن عن علم ووعي ، لا عن جهل وعمى .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|