أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-8-2020
![]()
التاريخ: 21-8-2020
![]()
التاريخ: 18-2-2021
![]()
التاريخ: 2024-10-28
![]() |
قد اختلفت الأقوال والأخبار في تعيين الكبائر، والأشهر أنّها ما توعد الله عليه النار. فعن الصادق عليه السلام في قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} [النساء: 31]. قال: الكبائر التي أوجب الله عليها النار (1).
وفي الصحيح (2) عن أبي جعفر الثاني (3) قال: سمعت أبي (4) يقول: سمعت أبي موسى بن جعفر(عليهم السلام) يقول: دخل عمرو بن عبيد (5) على أبي عبد الله (عليه السلام)، فلمّا سلم وجلس تلا هذه الآية: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ} [النجم: 32]. ثم أمسك، فقال له (عليه السلام) ما أسكتك؟ قال: أحب أن أعرف الكبائر من كتاب الله فقال: نعم يا عمرو، أكبر الكبائر الإشراك بالله يقول الله: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} [المائدة: 72]. وبعده اليأس من روح الله؛ لأنّ الله يقول: {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87]. ثم الأمن من مكر الله؛ لأنّ الله تعالى يقول: {فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99]. ومنها عقوق الوالدين؛ لأنّ الله جعل العاق جباراً شقيّاً وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق؛ لأنّ الله تعالى يقول: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 93] الآية. وقذف المحصنة؛ لأنّ الله تعالى يقول: {لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 23]. وأكل مال اليتيم؛ لأنّ الله يقول: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10]. والفرار من الزحف؛ لأنّ الله يقول: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: 16]. وأكل الربا؛ لأنّ الله يقول: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: 275]. والسحر؛ لأنّ الله يقول: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة: 102]. والزنا؛ لأنّ الله يقول: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} [الفرقان: 68، 69]. واليمين الغموس الفاجرة؛ لأنّ الله يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ} [آل عمران: 77]. والغلول؛ لأنّ الله يقول: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] (6). ومنع الزكاة المفروضة؛ لأنّ الله يقول: {فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ} [التوبة: 35]. وشهادة الزور، وكتمان الشهادة؛ لأنّ الله يقول: {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283]. وشرب الخمر لأنّ الله تعالى نهى عنها كما نهى عن عبادة الأوثان، وترك الصلاة متعمداً أو شيئاً ممّا فرض الله لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من ترك الصلاة متعمداً فقد برئ من ذمة الله وذمة رسوله ونقض العهد وقطيعة الرحم؛ لأنّ الله يقول: {لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [الرعد: 25].
قال: فخرج عمرو وله صراخ من بكائه، وهو يقول: هلك من قال برأيه ونازعكم في الفضل والعلم (7).
فإن قيل: كيف ورد الشرع بما لم يبين حده، والكبائر مبهمة قد اختلفت في الأخبار؟
فالجواب: إنّ كل ما لا يتعلق به حكم في الدنيا جاز أن يتطرق إليه الإبهام، والكبيرة على الخصوص لا حكم لها في الدنيا من حيث إنها كبيرة، فإن موجبات الحدود معلومة بأساميها، وإنما حكم الكبيرة أنّ اجتنابها يكفّر الصغائر (8) وأنّ الصلوات الخمس لا تكفّرها، كما في الحديث النبوي: ((الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة تكفّر ما بينهنّ إن اجتنب الكبائر)) (9).
وهذا أمر يتعلق بالآخرة والإبهام به أليق حتى يكون الناس على حذر ووجل، فلا يتجرأون على الصغائر اعتماداً على الصلوات الخمس واجتناب الكبائر، ثم اجتناب الكبيرة إنما يكفر الصغيرة (10).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: الكافي، الكليني: 2/ 276، كتاب الإيمان والكفر، باب الكبائر/ ح1.
(2) تم بيان معنى الصحيح فيما تقدم.
(3) قال الطبرسي في ذكر الإمام التقي أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام: (لقبه التقي والمنتجب والجواد والمرتضى، ويقال له: أبو جعفر الثاني).
إعلام الورى، الطبرسي: 345، الركن الثالث في ذكر الأئمة من أبناء أمير المؤمنين (عليهم السلام)، الباب الثامن في ذكر الإمام التقي أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، الفصل الأول في تاريخ مولده ومبلغ سنه ووقت وفاته.
(4) أي: "الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)".
(5) هو: عمرو بن عبيد البصري كما ذكره: من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق: 3/563، باب معرفة الكبائر/ ح2؛ علل الشرائع، الشيخ الصدوق: 2/ 391، باب 131 العلة التي من أجلها حرم الله تعالى الكبائر/ح1؛ عيون أخبار الرضا عليه السلام، الشيخ الصدوق: 1/285 ــ 286، باب 28 فيما جاء عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) / ح33. عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام).
رجال الطوسي، الشيخ الطوسي: 250، باب العين/ الرقم 412.
قال القمّي: كان من أصحاب أبي الحسن البصري وتلاميذه. قيل: كان أبوه شرطيا، وكان عمرو متزهدا فكانا إذا اجتازا معا على الناس قالوا: هذا شر الناس أبو خير الناس. مات عمرو في سنة 144، وهو ابن أربع وستين سنة. واحتجاج هشام بن الحكم عليه في مسجد البصرة في سؤاله: ألك عين؟ الخ مشهور.
الكنى والألقاب، الشيخ عباس القمي: 1/ 155 ــ 156، أبو مروان
(6) نصّ الآية: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [آل عمران: 161].
(7) انظر: الكافي، الكليني: 2/ 285 ــ 287، كتاب الإيمان والكفر، باب الكبائر/ح24.
(8) قال الشيخ الطوسي: فعلى مذهب المعتزلة: من اجتنب الكبائر، وواقع الصغائر، فان الله يكفر الصغائر عنه، ولا يحسن مع اجتناب الكبائر عندهم المؤاخذة بالصغائر، ومتى آخذه بها كان ظالما.
وعندنا: أنّه يحسن من الله تعالى أن يؤاخذ العاصي بأي معصية فعلها، ولا يجب عليه إسقاط عقاب معصية لمكان اجتناب ما هو أكبر منها.
التبيان، الشيخ الطوسي: 3/183، تفسير سورة النساء.
(9) المغني عن حمل الأسفار، أبو الفضل العراقي: 2/ 987، كتاب التوبة/ ح3602. أورد الحديث باختلاف يسير علماء العامة في كتبهم، منهم: أحمد بن حنبل في المسند: 2 / 400؛ مسلم بن الحجاج النيسابوري في الصحيح: 1/ 144، كتاب الطهارة؛ ابن ماجه في سننه: 1/196؛ الترمذي في سننه: 1/ 138. ولم يذكره الخاصة في كتبهم، وهو عائد إلى ما قبله، انظر الهامش السابق. وهذا إنما أورده المؤلف (قدس سره) عن الفيض الكاشاني، والذي أخذه بدوره عن الغزالي، وقد أوضحنا ذلك دون تفصيل لبيان وجه الإشكال، وعدم الخلط بين عقائد المدرستين حين مراجعة كتابنا هذا وعدم رؤية تعليق يوضح ذلك.
(10) انظر: المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني: 7 / 28 ــ 32، كتاب التوبة، الركن الثاني فيما عنه وهي الذنوب صغائرها وكبائرها؛ إحياء علوم الدين، الغزالي: 4/ 15 ــ 18، كتاب التوبة، الركن الثاني فيما عنه التوبة وهي الذنوب صغائرها وكبائرها، بيان أقسام الذنوب بالإضافة إلى صفات العبد.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تقدم دعوة إلى كلية مزايا الجامعة للمشاركة في حفل التخرج المركزي الخامس
|
|
|