ما المقصود من قول لوط (عليه السلام) : (هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم) ؟ |
6864
01:46 صباحاً
التاريخ: 10-10-2014
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-30
404
التاريخ: 18-11-2014
1308
التاريخ: 2024-05-19
754
التاريخ: 2024-07-09
402
|
قال تعالى : { وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77) وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78) قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79) قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود : 77 - 80] .
العبارة التي قالها لوط عند هجوم القوم على داره وأضيافه ـ (هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم) فتزوجوهنّ إِنّ شئتم فهنّ حلال لكم ولا ترتكبوا الإثم و الذنب وقد ـ أثارت هذه العبارة بين المفسّرين عدّة أسئلة :
أوّلا : هل المراد من (هؤلاء بناتي) بنات لوط على وجه الحقيقة والنسب ؟! في حين أنّ عددهن ـ وطبقاً لما ينقل التاريخ ـ ثلاث أو أثنتان فحسب ، فكيف يعرض تزويجهن على هذه الجماعة الكثيرة ؟!
أم أنّ المراد من قوله (هؤلاء بناتي) بنات «القبيلة» والمدينة ، وعادة ينسب كبير القوم ورئيسهم بنات القبيلة اليه ويطلق عليهنّ «بناتي».
الإِحتمال الثّاني يبدو ضعيفاً لأنّه خلاف الظاهر.
والصحيح هو الإِحتمال الأوّل ، لأنّ الذين هجموا على داره وأضيافه كانوا ثلّة من أهل القرية لا جميعهم فاقترح عليهم لوط ذلك الاقتراح ، أضف إِلى ذلك أنّ لوطاً كان يريد أن يبدي مُنتهى إِيثاره وتضحيته لحفظ ماء وجهه وليقول لهم : إِنّي مستعد لتزويجكم من بناتي لتُقِلعوا عن آثامكم وتتركوا أضيافي فلعل هذا الإِيثار المنقطع النظير يردعهم ويوقظ ضمائرهم الذي غطته السيئات.
ثانياً : هل يجوز تزويج النبات المؤمنات أمثال بنات لوط من الكفار حتى يقترح عليهم لوط ذلك؟!
وقد أجيب على هذا السؤال من طريقين.
الأوّل : إِنّ مثل هذا الزواج في مذهب لوط ـ كما كان في بداية الإِسلام ـ لم يكن محرماً ، ولذلك فإنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) زوّجَ ابنته زينب من أبي العاص (1) قبل أن يسلم ، ولكن هذا الحكم نسخ بعدئذ (2).
الثّاني : إِنّ المراد من قول لوط(عليه السلام) كان زواجاً مشروطاً بالإِيمان ، أي هؤلاء بناتي فتعالوا وآمنوا لأزوجهن إِيّاكم.
ويتّضح أنّ الإِشكال على النّبي لوط ـ من أنّه كيف يزوج بناته المطهرات من جماعة أوباش ـ غير صحيح ، لإنّ عرضه عليهم ذلك الزواج كان مشروطاً بالإيمان وليثبت منتهى علاقته بهدايتهم.
2 ـ ينبغي الإِلتفات إِلى أنّ كلمة «أطهر» لا تعني بمفهومها أنّ عملهم المخزي والسيء كان «طاهراً» ولكن الزواج من البنات «أطهر» ، بل هو تعبير شائع في لسان العرب ـ ولغات أُخرى ـ في المفاضلة والمقايسة بين أمرين ، مثلا يقال لمن يسوق بسرعة رعناء «الوصول المتأخّر خير من عدم الوصول أبداً» أو «الاعراض من الطعام المشكوك أفضل من إِلقاء الإِنسان بيده إِلى التهلكة» ونقرأ في بعض الرّوايات مثلا أنّ الإِمام الصادق(عليه السلام) حين يشعر بالخطر الشديد و «التقيّة» من خلفاء بني العباس يقول «والله لئن أفطر يوماً من شهر رمضان أحبّ إِليّ من أن تضرب عنقي» (3).
مع أنّه لا القتل محبوب ولا هو أمر حسن بنفسه ، ولا عدم الوصول أبداً ، ولا أمثالهما.
3 ـ تعبير لوط (أليس منكم رجل رشيد) في آخر كلامه مع قومه المنحرفين يكشف عن هذه الحقيقة ، وهي أنّ وجود رجل ـ ولو رجل واحد رشيد ـ بين قوم ما وقبيلة ما يكفي لردعهم من أعمالهم المخزية ، أي لو كان فيكم رجل عاقل ذو لبّ ورشد لمّا قصدتم بيتي ابتغاء الإِعتداء على ضيفي !
هذا التعبير يوضح بجلاء أثر «الرّجل الرّشيد» في قيادة المجتمعات الإِنسانية ، وهو الواقع الذي وجدنا نماذج كثيرة منه على امتداد التاريخ.
4 ـ من العجيب أنّ هؤلاء القوم المنحرفين الضالين قالوا للوط : (ما لنا في بناتك من حق) وهذا التعبير كاشف عن غاية الإِنحراف في هذه الجماعة ، أي أنّ مجتمعاً منحرفاً ملوثاً بلغ حدّاً من العمى بحيث يرى الباطل حقّاً والحقّ باطلا !!
فالزواج من البنات المؤمنات الطاهرات لا يعدّ حقاً عندهم ، وعلى العكس من ذلك يعدّ الإِنحراف الجنسي عندهم حقّاً.
إِنّ الإِعتياد والتطبع على الإِثم والذنب يكون في مراحله النهائية والخطرة عندما يُتصور أنّ أسوأ الأعمال وأخزاها هي «حق عند صاحبها» وأنّ أنقى الإِستمتاع الجنسي وأطهره أمرٌ غير مشروع.
5 ـ ونقرأ في حديث للإِمام الصّادق(عليه السلام) في تفسير الآيات المتقدمة أنّ المقصود بالقوّة هو القائم من آل محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) وأنّ «الركن الشديد» هم أصحابه الذين عددهم (313) شخصاً (4).
وقد تبدو هذه الرّواية عجيبة وغريبة إِذ كيف يمكن الإِعتقاد أنّ لوطاً كان يتمنّى ظهور مثل هذا الشخص مع أصحابه المشار إِليهم آنفاً.
ولكن التعرف على الرّوايات الواردة في تفسير آيات القرآن حتى الآن يعطينا مثل هذا الدرس ، وهو أنّ قانوناً كلياً يتجلى غالباً في مصداقه البارز ، ففي
الواقع إِنّ لوطاً كان يتمنّى أن يجد قوماً ورجالا لديهم تلك القدرة والقوّة الروحيّة والجسمية الكافية لإِقامة حكومة العدل الإِلهية ... كما هي موجودة في أصحاب المهدي «عجّل الله فرجه الشّريف» الذين يشكلون حكومة عالمية حال ظهور الإمام المهدي «عجّل الله فرجه الشّريف» وقيامه ، لينهض بهم ويواجه الإِنحراف والفساد فيزيله عن بكرة أبيه ويبير هؤلاء القوم الذين لا حياء لهم.
_____________________
1. بحار الانوار ، ج19 ، ص348 ، (والملفت ان ابي العاص كان ابن اخت خديجة وابن خالة زينب ).
2. التفسير الكبير ، وسائل الشيعة ، ج21 ، ص110 ، ح26652.
3. وسائل الشيعة ، ج7 ، ص95 . كتاب الصوم باب 57.
4. تفسير البرهان ، ج2 ، ص228 : بحار الانوار ، ج12 ، ص170 ، ح30 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|