أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-6-2022
6780
التاريخ: 18-6-2022
1808
التاريخ: 6-7-2022
5003
التاريخ: 12-8-2022
2405
|
لعلم العقاب طبيعة ذاتية تجعله مستقلا عن فروع القانون الجنائي الأخرى. هذه الذاتية تنشأ من اختلاف موضوعه وأغراضه عن موضوع وأغراض العلوم الأخرى ، مما يؤكد من جديد الطابع العلمي الخاص لهذا العلم. ورغم تلك الذاتية إلا أنه تظل لهذا العلم صلة وثيقة بغيره من العلوم الجنائية ، كقانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية وعلم الإجرام وعلم السياسة الجنائية. وهو ما سنتناوله على النحو التالي :
أولا : علاقة علم العقاب بقانون العقوبات :
من المعلوم أن قانون العقوبات هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم التجريم والعقاب. بمعنى أن المشرع من خلال هذا القانون يحدد أنماط السلوك ( السلبي أو الإيجابي) التي توصف بأنها جريمة ، ويحدد لهذه الأنماط العقوبات أو التدابير المناسبة وبهذا المعنى فإن قانون العقوبات هو علم معياري أو قاعدي يهدف إلى دراسة القواعد التي تحكم التجريم والعقاب بقصد تفسيرها وبيان مضمونها ثم استخلاص النظريات التي تحكم الأشكال القانونية لنماذج السلوك محل التجريم والجزاءات المنصوص عليها كأثر لوقوع الجريمة وثبوت مسئولية مرتكبيها.
أما علم العقاب ، ورغم أنه هو أيضا علم معياري أو قاعدي يهتم بتنظيم الجزاءات الجنائية المختلفة وأساليب المعاملة العقابية بهدف الوصول إلى الغاية من التنفيذ العقابي ، إلا أنه علم مستقل عن قانون العقوبات. إذ أن هذا العلم - علم العقاب - كما قلنا لا يعتمد في دراساته على تشريع وضعي معين أو على ما هو مطبق بالفعل في دولة ما من الدول ، ولكنه يهتم بدراسة الأصول والقواعد الكلية التي تحكم التنفيذ العقابي.
وعليه فإن دراسات قانون العقوبات تعتمد على تحليل ما هو كائن بالفعل من تجريم وعقاب، أما دراسات علم العقاب فهي تبحث فيما يجب أن يكون عليه الحال في مرحلة التنفيذ العقابي
ورغم هذه الاستقلالية إلا أنه يظل بين الفرعين صلة وثيقة تنشأ لعدة أسباب منها :
1- أن دراسات علم العقاب هي التي تقدم للمشرع الجزاء الجنائي المناسب عند محاولة المشرع الجنائي التدخل لتجريم سلوك ما. وعند إفراغ هذا الجزاء في قاعدة قانونية مضافة إلى شق التجريم تبدأ قواعد قانون العقوبات في التشكيل والتكوين.
2- أن لكل من قواعد قانون العقوبات وعلم العقاب طابع معياري مشترك. فالأولى تبين ما ينبغي أن يكون عليه نشاط الأفراد حتى لا يقعوا تحت طائلته ، أما الثانية فتبين ما ينبغي أن يكون عليه نشاط الإدارة العقابية حتى تتحقق الأهداف المرجوة من توقيع الجزاء الجنائي.
ثانيا : علاقة علم العقاب بقانون الإجراءات الجنائية :
قانون الإجراءات الجنائية هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم السبيل الإجرائي لاقتضاء الدولة حقها في العقاب. فهو جملة قواعد إجرائية تنظم إثبات الواقعة الجنائية قبل متهم معين ، بدءا من التحري والاتهام والتحقيق والمحاكمة ، انتهاء بتنفيذ الجزاء المقضي به. فلا يكفي أن ينشأ للدولة حق في العقاب كحق موضوعي ينظمه قانون العقوبات ، بل يجب أن يتوافر أيضا حق أخر يكفل وضع الحق الأول موضع التنفيذ. هذا الحق هو حق إجرائي يرسم كيفية ممارسة الدولة لسلطتها في العقاب وتحديد السلطة المنوط بها هذا الأمر. وكلها أمور يعالجها قانون الإجراءات الجنائية من هنا يظهر أن قانون الإجراءات الجنائية هو الأداة القانونية لتوقيع الجزاء الجنائي فبعد المراحل المختلفة للدعوى الجنائية وبمجرد صدور الحكم النهائي تنتهي مرحلة الإجراءات الجنائية لتبدأ مرحلة التنفيذ العقابي كما يحددها علم العقاب. ومن هنا تبدو الصلة بين كلا الفرعين ، فمن ناحية ساهم علم العقاب بتطوير قواعد الإجراءات الجنائية من أجل كفالة أفضل الضمانات للمتهم ، ومن قبيل ذلك استحداث نظام قاضي تنفيذ العقوبات في بعض الدول. ومن ناحية أخرى تأثر قانون الإجراءات الجنائية بما وصل إليه علم العقاب من نتائج في مجال شخصية المتهم ووجوب فحصه طبيعية ونفسية واجتماعية ووجوب إعداد ما يسمى بملف الشخصية الذي ينتقل مع المتهم خلال كافة مراحل الدعوى الجنائية كذلك تكشف دراسات وبحوث علم العقاب عن ضرورة تقسيم مراحل الدعوى الجنائية إلى مرحلتين : الأولى هي مرحلة الإدانة ، وفيها تبحث المحكمة حول ثبوت وقوع الجريمة و إسنادها إلى المتهم ، والثانية هي مرحلة الحكم وفيها تبحث المحكمة في شخصية المتهم ووضعه الاجتماعي والعائلي والمادي من أجل تحديد الجزاء الجنائي الذي يلاءم ظروفه وحالته.
ثالثا : علاقة علم العقاب بعلم الإجرام :
أن علم الإجرام هو فرع من العلوم الجنائية يهتم ببحث كافة العوامل الدافعة للسلوك الإجرامي. ومن هنا يبدو الفارق بين العلمين ، فبينما تهتم دراسات علم العقاب بدراسة الإجراءات التي يمكن اتخاذها بعد وقوع الجريمة ، فإننا نجد أن أبحاث علم الإجرام تهتم بدراسة الأسباب المختلفة للظاهرة الإجرامية قبل وقوع الجريمة ذاتها. علاوة على ذلك فإن علم العقاب كما سبق القول هو علم معياري أو قاعدي يتناول دراسة الجزاء الجنائي -
عقوبة أم تدبير - من أجل استخلاص أغراضه وبيان مجموعة القواعد والمبادئ العامة التي يجب أن تحكم تنفيذه. أما علم الإجرام فهو علم من العلوم السببية التفسيرية ، التي تعنى بتفسير الظاهرة الإجرامية بهدف الوصول إلى قوانين عامة تحكم السلوك الإجرامي من حيث دوافعه وأسبابه الفردية والاجتماعية .
وعلى الرغم من هذا الاختلاف ، إلا أن كلا الفرعين يلتقيان عند هدف واحد هو العمل على مكافحة الجريمة ، وأن كلا منهما يكمل الأخر ، فلا يمكن دراسة الجزاء الجنائي - كمحور اهتمام علم العقاب - إلا بعد التعرف على أسباب الإجرام ذاته
فبناء على ما تسفر عنه أبحاث علم الإجرام من نتائج حول أسباب الظاهرة الإجرامية والعوامل الدافعة إليها يمكن تحديد أفضل الأساليب في مجال المعاملة العقابية ، كي يؤتي الجزاء الجنائي ثماره ويحدث أثره في نفس الجاني وبقية أفراد المجتمع.
رابعا : علم العقاب والسياسية الجنائية :
إن علم السياسية الجنائية يهدف إلى اقتراح الوسائل الفعالة لمحاربة الظاهرة الإجرامية. لذا فإن هدف السياسية الجنائية لا يقتصر على الحصول على أفضل صياغة القواعد قانون العقوبات ، وإنما يمتد إلى إعطاء الإرشادات والتوجيهات إلى كل من المشرع في مرحلة صياغة النصوص العقابية ، وإلى القاضي حال تطبيق تلك النصوص ، وإلى الإدارة العقابية حال تطبيق ما قضى به القضاء في حكمه.
على هذا فإن للسياسية الجنائية تشمل دراسة القاعدة القانونية في مرحلة التجريم ، فتبحث في الأفعال المجرمة بالفعل والأفعال التي يجب تجريمها والأفعال التي يجب أن يرفع عنها وصف التجريم.
كما تشمل دراسة القاعدة القانونية في مرحلة اختيار الجزاء الجنائي ، فتبحث فيما إذا كان الجزاء الجنائي القائم يحقق أغراضه أم يلزم استبداله بجزاء أخر أكثر ردعا ، وما هي أفضل النظم والوسائل التي يجب أن تتبع في تنفيذ الجزاء الجنائي
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يصدر العدد 112 من مجلة حيدرة للفتيان
|
|
|