المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



محنة الشورى والمؤاخذات عليها  
  
1267   08:40 مساءً   التاريخ: 27-4-2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 2 ص153-157
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله / حياته في عهد الخلفاء الثلاثة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-4-2016 3449
التاريخ: 12-4-2016 3461
التاريخ: 7-2-2019 2654
التاريخ: 12-4-2016 3767

إذا كانت السقيفة وبيعة أبي بكر فلتة وقى اللّه المسلمين شرها - كما قال عمر - ؛ فإنّ الشورى أشدّ فتنة وأكبر انحرافا عن مسير الرسالة الإسلامية ، فقد امتحن المسلمون فيها امتحانا عسيرا ، وزرعت لهم الفتن والمصاعب وجلبت لهم الويلات والخطوب ، وألقتهم في شرّ عظيم ، إذ تبيّن التآمر علنا لإقصاء الإمام عليّ عن الحكم وتسليم زمام الامّة الإسلامية بيد المنحرفين من دون واعز من الضمير أو حرص على المصير .

فلمّا يئس عمر من حياته وأيقن برحيله عن الدنيا أثر الطعنات التي أصابته قيل له : استخلف علينا ، قال : واللّه لا أحملكم حيّا وميّتا ، ثمّ قال : إن أستخلف فقد استخلف من هو خير منّي - يعني أبا بكر - وإن ادع فقد ودع من هو خير منّي - يعني النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) - [1]، ثمّ أبدى أسفه وحسرته على بعض من شاركه مسيرته للخلافة فقال : لو كان أبو عبيدة حيّا لاستخلفته لأنّه أمين هذه الامّة ، ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيّا لاستخلفته لأنّه شديد الحبّ للّه ، فقيل له : يا أمير المؤمنين لو عهدت عهدا .

قال : قد كنت أجمعت بعد مقالتي لكم أن أنظر فاولّي رجلا أمركم هو أحراكم أن يحملكم على الحقّ - وأشار إلى الإمام عليّ ( عليه السّلام ) - ورهقتني غشية فرأيت رجلا دخل جنّة قد غرسها ، فجعل يقطف كلّ غضّة ويانعة فيضمّه إليه ويصير تحته ، فعلمت أنّ اللّه غالب أمره ، ومتوفّ عمر ، فما أريد أن أتحمّلها حيّا وميّتا عليكم هؤلاء الرهط الذين قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) عنهم : إنّهم من أهل الجنّة ، وهم : عليّ وعثمان وعبد الرحمن وسعد والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد اللّه ، فليختاروا منهم رجلا ، فإذا ولّوا واليا فأحسنوا مؤازرته وأعينوه[2] ، وأمرهم أن يحبس هؤلاء الستّة حتى يولّوا أحدهم خلال أيام ثلاثة وأن يضرب عنق المخالف لاتّفاق الأغلبية أو الجناح المخالف للذي فيه عبد الرحمن بن عوف ، وأن يصلّي صهيب بالناس ثلاثة أيام حتى تجتمع الامّة على خليفة ، وطلب أن يحضر شيوخ الأنصار وليس لهم من الأمر شيء[3].

وحين اجتمع أعضاء الشورى لدى عمر ، وجّه إليهم انتقادات لاذعة لا تدلّ على وضوح توجّه صحيح أو ارشاد إلى انتخاب يعين الامّة في أزمتها ، فقال : واللّه ما يمنعني أن استخلفك يا سعد إلّا شدّتك وغلظتك مع أنّك رجل حرب ، وما يمنعني منك يا عبد الرحمن إلّا أنّك فرعون هذه الامّة ، وما يمنعني منك يا زبير إلّا أنّك مؤمن الرضا كافر الغضب . وما يمنعني من طلحة إلّا نخوته وكبره[4] ، ولو وليها وضع خاتمه في إصبع امرأته . وما يمنعني منك يا عثمان إلّا عصبيتك وحبّك قومك وأهلك . وما يمنعني منك يا عليّ إلّا حرصك عليها ، وإنّك أحرى القوم إن وليتها أن تقيم على الحقّ المبين والصراط المستقيم[5].

مؤاخذات على الشورى :

نظام الشورى الذي وضعه عمر كان عاريا عن الصحّة والصواب يحمل التناقض بين خطواته ، فإنّنا نلاحظ فيه أمورا يبعده عن الدقّة والموضوعية :

1 - إنّ الأعضاء المقترحين للشورى لم يحصلوا على هذا الامتياز بالأفضلية وفق ضوابط الانتخاب حيث لم تشترك القواعد الشعبية في الترشيح والانتخاب ، وإطلاق كلمة الشورى على هذا النظام جزاف ، لأنّه لم يكن إلّا ترشيح فرد لجماعة وفرضهم على الامّة ومن ثمّ أمر باجتماعهم تحت التهديد بالقتل والسلاح حتى يختاروا أحدهم .

2 - عناصر الشورى متنافرة في تركيب شخصياتها وأفكارها ، ولا يمثّل كلّ فرد فيهم إلّا رأيه الشخصي ، فكيف يمكن أن يعبّر عن رأي الامّة ؟ وقد نشب الخلاف فيما بينهم من بعد الشورى ممّا فرّق شمل المسلمين[6].

3 - الاستهانة بالأنصار ودورهم ، فقد طلب عمر حضورهم ولا شيء لهم بل ولا رأي ، فالأمر منحصر في الستّة فما معنى حضور الأنصار ؟ بل إنّ عمر استهان بالامّة كلّها حين تمنّى حياة سالم وأبي عبيدة .

4 - إنّ عمر ناقض نفسه في عمليّة اختيار العناصر ، ففي السقيفة كان يدّعي ويصرّ على أنّ الخلافة في قريش ، بينما نجده في هذا الموقف يتمنّى حياة سالم مولى أبي حذيفة ليوليه الأمر ، كما أنّه استدعى أصحاب الشورى دون غيرهم من الصحابة بدعوى أنّ الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله ) مات وهو راض عنهم أو أنّهم من أهل الجنّة ، ولكنّه نسب إليهم عيوبا لا تجتمع مع الرضا عنهم ويتنزّه عنها أهل الجنة . ثم إنّه أمر صهيبا أن يصلّي بالناس ثلاثة أيام ، لأنّ إمامة المصّلين لا ترتبط بالخلافة ولا تستلزمها ، وقد كان يناضل يوم السقيفة من أجل استخلاف أبي بكر ، وكانت صلاته المزعومة دليله الأول على أهليّة أبي بكر للخلافة .

5 - إنّه أراد أن يستخلف عليّا ( عليه السّلام ) لأنّه سيحمل الامّة على النهج القويم والمحجّة البيضاء ، ولكنّه رأى في المنام ما رأى ، فأعرض عن الإمام ( عليه السّلام ) وكأنّه أراد بذلك التشويش على مكانة الإمام وأهليّته .

6 - إنّ عمر قال : أكره أن أتحمّلها - يقصد الخلافة - حيّا وميّتا ، ولكنّه عاد فحدّد ستّة أشخاص من امّة كبيرة ، فأكّد بذلك نزعته في الاستعلاء على الامّة وقدراتها .

7 - اختيار العناصر الستّة يبدو مبيّتا بحيث يصل الأمر إلى عثمان باحتمالية أكبر من وصولها إلى الإمام عليّ ( عليه السّلام ) وهو العنصر المؤهّل من اللّه ورسوله لخلافة الامّة ، فترشيح طلحة هو إثارة وتأكيد لأحقاد تيم ، لأنّ الإمام نافس وعارض أبا بكر في خلافته وها هو الآن ينافس مرشّحها الجديد طلحة ، وترشيحه لعثمان تأكيد منه على أحقاد اميّة وإثارة نزعة السلطان والوجاهة لديها ، وأمّا ترشيحه لعبد الرحمن وسعد فهو فتح جبهة سياسية جديدة منافسة للإمام عليّ ( عليه السّلام ) فهما من بني زهرة ولهما نسب أيضا مع بني اميّة ، فسوف يكون ميلهما لصالح عثمان لو تنافس مع الإمام ( عليه السّلام ) .

8 - إنّه أمر بقتل أعضاء الشورى في حالة عدم التوصّل إلى اتّفاق أو إبداء معارضة وإصرار ، وكيف يمكن التوفيق بين هذا وبين قوله : إنّ النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) مات وهو راض عنهم ؟ وهل تكون مخالفة رأي عمر موجبة لقتل الصحابة[7] ؟

 

[1] الإمامة والسياسة : 41 . قد عرفت سابقا أنّ النبي ( صلّى اللّه عليه وآله ) لم يدع . . . وقد عيّن خليفته مرارا كيوم الإنذار لعشيرته الأقربين وغدير خم وغيرهما .

[2] تأريخ الطبري : 3 / 293 ط مؤسسة الأعلمي ، الكامل في التأريخ : 3 / 66 .

[3] تاريخ الطبري : 3 / 294 ط مؤسسة الأعلمي ، طبقات ابن سعد : 3 / 261 ، والإمامة والسياسة : 42 ، والكامل في التأريخ : 3 / 68 .

[4] كيف هم يدخلون الجنة - حسب نقل عمر عن النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) - مع أنّ عبد الرحمن فرعون هذه الامّة وطلحة صاحب الكبر والنخوة والزبير مؤمن الرضا كافر الغضب ؟ !

[5] الإمامة والسياسة : 43 .

[6] أنساب الأشراف : 5 / 57 ، وتذكرة الخواص : 57 ، والنص والاجتهاد : 168 .

[7] تاريخ الطبري : 3 / 293 ط مؤسسة الأعلمي .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.