أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
1550
التاريخ: 1-07-2015
1834
التاريخ: 1-07-2015
1612
التاريخ: 11-08-2015
1854
|
قال : ( ويساوق الشيئيّة ، فلا تتحقّق بدونه ، فالمنازع مكابر مقتضى عقله ).
أقول
: اختلف الناس في هذا المقام.
والمحقّقون كافّة ـ من الحكماء والمتكلّمين (1) ـ اتّفقوا على مساوقة الوجوديّة والشيئيّة وتلازمهما
وتساويهما في الصدق وإن لم تتّحدا في المفهوم ، حتّى أنّ كلّ شيء على الإطلاق فهو
موجود على الإطلاق ، وكلّ ما ليس بموجود فهو معدوم وليس بشيء.
وبالجملة ، لم يثبتوا للمعدوم ذاتا متحقّقة ، فالمعدوم
الخارجي لا ذات له في الخارج ، والذهنيّ لا ذات له ذهنا.
وقال المعتزلة : إنّ للمعدوم الخارجي ذاتا ثابتة في الأعيان
متحقّقة في نفسها ليست ذهنيّة ، بمعنى أنّ له ثبوتا في حدّ ذاته بحيث لا يترتّب
عليه الأثر ؛ من جهة أنّا نحكم حكما إيجابيّا على المعدوم ، والحكم بثبوت أمر لأمر
باعتبار نفس الأمر من غير خصوصيّة المدرك فرع ثبوت المثبت له ، فالثبوت أعمّ من
الوجود الذي هو عبارة عن الثبوت الذي يترتّب عليه الأثر (2).
ويرد عليه : القول بثبوت اجتماع النقيضين ، والقول بثبوت
شريك البارئ ؛ لأنّا نحكم بأنّ الأوّل محال ، والثاني ممتنع ، وهو حكم صادق خبريّ
يقتضي أن يكون لنسبته خارج يطابقه مع أنّ الوجود الذهنيّ كاف في الحكم.
مضافا إلى أنّ هؤلاء يكابرون في الضرورة ؛ فإنّ العقل قاض
بأنّه لا واسطة بين المعدوم والموجود ؛ فإنّ الثبوت هو الوجود.
قال
: ( وكيف تتحقّق ) الشيئيّة (
بدونه مع إثبات القدرة وانتفاء الاتّصاف!؟ ).
أقول
: لمّا استبعد مقالة هؤلاء القوم ونسبهم إلى
المكابرة شرع في الاستدلال على بطلان قولهم، وأنّ هؤلاء يذهبون إلى أنّ القدرة لا
تأثير لها في الذوات أنفسها ؛ لأنّها ثابتة في العدم ، مستغنية عن المؤثّر في
جعلها ذوات ، بل غير مقدورة ؛ لامتناع تحصيل الحاصل ، ولا في الوجود ؛ لأنّه عندهم
حال والحال غير مقدورة ، وقد ثبت في نفس الأمر أنّ اتّصاف الماهيّة بالصفة غير
ثابت في الأعيان ، بل هو أمر اعتباريّ ، وإلاّ لزم التسلسل ؛ لأنّ ذلك الاتّصاف لو
كان ثابتا ، لكان متّصفا بالثبوت ، واتّصافه بالثبوت أيضا يكون ثابتا وهكذا ،
فيلزم التسلسل.
والحاصل أنّ الماهيّات لو كانت ثابتة في العدم لاستغنت
الممكنات في وجودها عن المؤثّر ، فانتفت القدرة أصلا ورأسا ، والتالي باطل ،
فالمقدّم مثله.
بيان الشرطيّة : أنّ القدرة حينئذ لا تأثير لها في الذوات
ولا في الوجود على مذهبهم ، ولا في اتّصاف الماهيّة بالوجود على ما ثبت في نفس
الأمر ، وذلك يستلزم نفي التأثير أصلا.
وأمّا بطلان التالي فبالاتّفاق ، والبرهان دلّ عليه ، على
ما يأتي.
فلهذا استبعد المصنّف ; هذه المقالة مع إثبات القدرة والمؤثّريّة ، والقول بكون
الاتّصاف أمرا ذهنيّا وأنّه منتف في الخارج.
قال
: ( وانحصار الموجود مع عدم تعقّل الزائد ).
أقول
: هذا برهان آخر دالّ على انتفاء الماهيّات في
العدم.
وتقريره : أنّ مذهبهم أنّ كلّ ماهيّة نوعيّة فإنّه ثبت من
أشخاصها في العدم ما لا يتناهى ، كالسواد والبياض والجواهر وغيرها من الحقائق ،
فألزمهم المصنّف المحال ، وهو القول بعدم انحصار الموجودات ؛ لأنّ تلك الماهيّات
ثابتة ، وهي غير محصورة في عدد متناه ، والثبوت هو الوجود ؛ لانتفاء تعقّل أمر
زائد على الكون في الأعيان ، فلزمهم القول بوجود ما لا يتناهى من الماهيّات ، وهو
عندهم باطل ، فإن جعلوا الوجود أمرا مغايرا للكون في الأعيان ، كان نزاعا في
العبارة وقولا بإثبات ما لا يعقل ، مع أنّ البراهين الدالّة على استحالة ما لا
يتناهى كما تدلّ على استحالته في الوجود تدلّ على استحالته في الثبوت ؛ إذ دلالتها
إنّما هي على انحصار الكائن في الأعيان.
وقول المصنّف ; : « وانحصار الموجود » عطف على « إثبات القدرة » أي وكيف
تتحقّق الشيئيّة بدون الوجود مع إثبات القدرة وانتفاء الاتّصاف وانحصار الموجود مع
عدم تعقّل الزائد هكذا ، ينبغي أن يفهم كلامه هنا.
قال
: ( ولو اقتضى التميّز الثبوت عينا ، لزم منه محالات ).
أقول
: لمّا أبطل مذهب القائلين بثبوت المعدوم شرع في
إبطال حججهم.
ولهم حجّتان رديئتان ذكرهما المصنّف وأبطلهما :
أمّا
الحجّة الأولى فتقريرها : أنّ كل معدوم متميّز ، وكلّ متميّز
ثابت.
أمّا
المقدّمة الأولى : فدلّ عليها أمور ثلاثة :
أحدها
: أنّ المعدوم معلوم ، والمعلوم متميّز.
الثاني
: أنّ المعدوم مراد ؛ فإنّا نريد اللذّات ونكره
الآلام ، فلا بدّ أن يتميّز المراد من المكروه.
الثالث
: أنّ المعدوم مقدور ، وكلّ مقدور متميّز ؛ فإنّا
نميّز (3) بين الحركة يمنة ويسرة
وبين الحركة إلى السماء، ونحكم بقدرتنا على إحدى الحركتين دون الأخرى ، فلولا
نميّز كلّ واحدة منهما عن الأخرى لاستحال هذا الحكم.
وأما
المقدّمة الثانية : فلأنّ التميّز صفة ثابتة
للمتميّز ، وثبوت الصفة يستدعي الثبوت عينا.
فأجاب المصنّف بأنّ التميّز لا يقتضي الثبوت عينا ، وإلاّ
لزم محالات :
أحدها
: أنّ المعلوم قد يكون مستحيل الوجود لذاته ،
كشريك البارئ ، واجتماع الضدّين وغيرهما ، ويتميّز أحدهما عن الآخر ، فلو اقتضى
التميّز الثبوت العيني ، لزم ثبوت المستحيلات مع أنّهم وافقونا على انتفاء
المستحيل.
الثاني
: أنّ المعلوم قد يكون مركّبا خياليّا ، وليس
ثابتا في العدم اتّفاقا.
الثالث
: أنّ المقدوريّة لو استدعت الثبوت لانتفت ؛ إذ لا
قدرة على الثابت ، وكذا المراديّة.
هذا على طريق النقض ، وأمّا الحلّ فبأن يقال : إن أريد
التميّز الخارجي فالصغرى ممنوعة.
وإن أريد التميّز الذهني أو الأعمّ مع إرادة الثبوت الخارجي
، فالكبرى ممنوعة.
وإن أريد الذهنيّان ، فالنتيجة غير مثمرة.
قال
: ( والإمكان اعتباريّ يعرض لما وافقونا على انتفائه ).
أقول
: هذه إشارة إلى الحجّة الثانية لهم على ثبوت
المعدوم ، وهي أنّهم قالوا : إنّ المعدوم ممكن، وإمكانه ليس أمرا عدميّا ، وإلاّ
لم يبق فرق بينه وبين الإمكان المنفيّ ، فيكون أمرا ثبوتيّا، وليس جوهرا قائما
بذاته، فلا بدّ له من محلّ ثبوتيّ ، وهو الممكن ؛ لاستحالة قيام الصفة بغير
موصوفها ، فيكون الممكن العدميّ ثابتا، وهو المطلوب (4).
وأجاب المصنّف ; عنها : بأنّ الإمكان أمر اعتباريّ ليس شيئا خارجيّا ،
وإلاّ لزم التسلسل ، وأن يكون الثبوتيّ حالاّ في محلّ عدميّ ، وهو باطل قطعا.
وأيضا فإنّ الإمكان يعرض للممكنات العدميّة ، كالمركّبات
الخياليّة ، وهم وافقونا على انتفائها خارجا ، فيبطل قولهم : « كلّ ممكن ثابت ».
وقد نظمت هذا المطلب أيضا بقولي :
تساوق الوجود والشيئيّة بمقتضى القدرة والعلّيّة
كذا انحصار ما هو الموجود ودرك أمر زائد مفقود
لو اقتضى التمييز والإمكان في ماهيّة كونا لكان ما نفي
__________________
(1)
انظر : « شوارق الإلهام » الفصل الأوّل ، المسألة التاسعة.
(2)
« المباحث المشرقيّة » 1 : 134 ؛ « المحصّل » : 149 ؛ « نهاية المرام في علم
الكلام» 1 : 53 ؛ « كشف المراد » : 32.
(3)
في الأصل و « أ » : « تتميّز ».
(4)
انظر : « شوارق الإلهام » الفصل الأوّل ، المسألة العشرون ، في اعتباريّة الموادّ
الثلاث.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|