أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-4-2016
![]()
التاريخ: 21/10/2022
![]()
التاريخ: 2023-10-19
![]()
التاريخ: 6-4-2016
![]() |
تختلف الجهة الاتحادية المختصة بالتفاوض والتوقيع من دولة لأخرى ، باختلاف طبيعة النظام السياسي الذي يتبناه البلد من جهة ، والعلاقات الدستورية بين هيأت سلطة الدولة من جهة أخرى ، إلا إن الاتجاه العام هو إسناد تلك المهمة إلى السلطة التنفيذية في الدولة وبحسب ما يحدده دستور الدولة .
ففي النظام الدستوري في الولايات المتحدة الأمريكية ، نجد إن الدستور منح الرئيس صلاحيات واسعة في النطاق الخارجي (1) ، إذ أسند إليه مهمة التفاوض بشأن الاتفاقيات الدولية (تكون له السلطة، بمشورة مجلس الشيوخ وموافقته، لعقد المعاهدات، شرط أن يوافق عليها ثلثا عدد أعضاء المجلس الحاضرين، ......) (2) ، ويتضح من هذا النص ، إن إدارة الشؤون الخارجية في الولايات المتحدة الأمريكية ، أسندت إلى رئاسة الجمهورية ومجلس الشيوخ، ولعل السبب وراء ذلك هو امتلاكهم المؤهلات لإدارة ملف العلاقات الخارجية ، بوصفهم الصفوة المختارة من الشعب، فضلاً عن امتلاكهم الخبرة القانونية في ميدان العلاقات الخارجية بسبب السن القانوني للترشيح في تلك المناصب (3).
وقد اختلف الفقه في تفسيرهم لهذا النص الدستوري، هل ان مفردة العقد تدخل في مضمونها التفاوض والتوقيع ومن ثم يجب اشراك مجلس الشيوخ في المفاوضات الدولية ، إذ ذهب رأي من الفقه إلى القول ب أن: مهمة إجراء المفاوضات الدولية بشأن عقد الاتفاقيات الدولية ، هي من اختصاص الرئيس الأمريكي بمفرده ولا يلازمه مجلس الشيوخ الأمريكي في القيام بهذه المهمة، ولكن العرف جرى على إشراك الرئيس الأمريكي معه أعضاء من مجلس الشيوخ في أثناء إجراء المفاوضات الدولية ، والسبب وراء ذلك لغرض تجنب اعتراضات أعضاء مجلس الشيوخ ، أو لمنع تدخله المبالغ فيه أثناء إجراء المفاوضات الدولية ، الأمر الذي كان السبب وراء عدم إقرار العديد من الاتفاقيات التي عقدها الرئيس الامريكي بمفرده (4) منها عدم اقراره لمعاهدة فرساي لسنة 1919 بالرغم من مساهمة الرئيس الأمريكي ولسن في التفاوض والتوقيع عليها وكذلك رفض مجلس الشيوخ الدخول في عصبة الامم المتحدة بالرغم من توقيع الولايات المتحدة على العهد الذي انشأها (5). في حين ذهب رأي ثانٍ من الفقه عند تفسيره لهذا النص، إلى أنَّ الرئيس الأمريكي ملزم في إشراك أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي عند إجراء التفاوض، خاصة والنص أشار إلى جميع مراحل الإبرام ، أي لابد من إشراك أعضاء مجلس الشيوخ من وقت التفاوض لحين إقرار الاتفاقيات الدولية (6) .
ويشير الواقع العلمي ، إلى أنَّ الرؤساء الأمريكيين قد دأبوا على إشراك مجلس الشيوخ الأمريكي في المفاوضات الدولية ، فالرئيس الأمريكي (ماديسون) عند إبرامه معاهدة سلام مع بريطانيا عام ( 1814) أشرك معه عضوين في المفاوضات التي عقدت آنذاك ، وكذلك الرؤساء اللاحقون قد ساروا على الاتجاه ذاته ، إذ نجد الرئيس الأمريكي (تيو دور روزفلت ) قد أشرك معه عضوين من مجلس الشيوخ عند إجرائه مفاوضات الأسكا (7)، وسار الرئيس الأمريكي جيمي كارتر) على الاتجاه نفسه، إذ عَيَّن احد الشيوخ في سنة 1977 ممثلاً للولايات المتحدة في منظمة حلف شمال الأطلسي، أما بصدد المفاوضات التي أجراها الرئيس الأمريكي (كارتر) مع رئيس بنما والمتعلقة بتسليم قناة بنما بصورة تدريجية إلى حكومة بنما حتى عام 2000، فقد أشرك الرئيس معه لإجراء التفاوض أحد الشيوخ في أثناء الوفد التي تشكل لغرض التفاوض في هذا الشأن (8).
وقد وجه الفقه الامريكي جملة من الانتقادات إلى مسلك الرؤساء الأمريكي ي في إشراك أعضاء مجلس الشيوخ في المفاوضات الدولية ، والانتقاد الأول ، قيل إن اشراك أعضاء مجلس الشيوخ في المفاوضات التي يجريها الرئيس الأمريكي يجعلهم يفقدون مظاهر الحيادية عند مناقشتهم للاتفاقيات الدولية، أما الانتقاد الثاني ، إن هذا الاشتراك يؤدي إلى تداخل السلطات ، وهذا يعد منافياً لروح الدستور، إذ إن الأخير يحظر الجمع بين عضوية السلطة التشريعية ومنصب رئيس الجمهورية (9).
ويمكن الرد على هذه الانتقادات بأن اشتراك أعضاء مجلس الشيوخ في المفاوضات لا تترتب عليه قيود، إذ لهم مطلق الحرية في الاستمرار في المفاوضات الدولية من عدمه، ومن ثم لا محذور لافتقادهم مظاهر الحيادية ، ويمكن الرد على الانتقاد الثاني المتعلق بتداخل السلطات، إذ إنّ إشراك الهيأة التشريعية مع الهيأة التنفيذية في عملية إبرام الاتفاقيات الدولية لا يعد من قبيل الخرق لمبدأ الفصل بين السلطات ، لان عملية عقد الاتفاقيات الدولية هي عمل قائم بذاته لا ينتمي إلى عمل الهيأة التشريعية أو التنفيذية بصورة مطلقة ، لكونها تستند إلى مبدأ حسن النية ، لأنها تعد من العقود التي لها قوة القانون، لذا فإن رئيس الدولة ه و اقدر الهيئات التي تستطيع إن تضطلع بهذه المهمة فضلاً عن الهيأة التشريعية ، إذ تعد الأخيرة الهيأة الناطقة بلسم الشعب (10)، كذلك كذلك إشراك أعضاء مجلس الشيوخ في المفاوضات لا يمكن أن نطلق عليه وصف التعيين الذي يوجب تداخل السلطات ، لأن دورهم هو دور رقابي على سلطة رئيس الدولة في إبرام الاتفاقيات الدولية (11).
جدير بنا أن نذكر بهذا الصدد، أن المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية أقرت للرئيس الأمريكي بحق الانفراد بالمفاوضات الدولية وليس للكونغرس الأمريكي أية سلطة في إجراء هذه المهمة (12).
ويمكن القول: إن اشتراك أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي في عقد الاتفاقيات الدولية التي لا تأخذ طابعاً تنفيذياً ، هو لغرض اطلاع مجلس الشيوخ الأمريكي على كل التفاصيل المتعلقة ببنود الاتفاقية ، الأمر الذي يسهل من موافقته عند إجراء المصادقة على الاتفاقية، لذا ليس هناك محذور من اشتراك أعضاء مجلس الشيوخ في مراحل الإبرام ، والنص الدستوري يشير إلى أن للرئيس عقد المعاهدات بمشورة مجلس الشيوخ ، ومفردة العقد ، تأخذ حسب مفهوم القانون الدولي الإجراءات الشكلية المنظمة لإبرام الاتفاقيات الدولية.
أما بشأن التوقيع على الاتفاقيات الدولية في الولايات المتحدة الأمريكية ، فإنها انيطت برئيس الدولة لكونه الممثل لدولته في المجال الدولي ، وهذا ما يتفق مع اتفاقية فينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 التي عُدَّت في الفقرة الثانية من المادة السابعة رؤساء الدول ممثلين لدولهم بحكم الوظائف المنوطة بهم من دون حاجة إلى تقديم وثائق التفويض، والواقع العملي يشير إلى ذلك، إذ إن الرئيس الأمريكي ( جيمي كارتر ) قد وقع مشروع اتفاقية مع رئيس بنما في 17 أيلول سنة 1977، بعد أن توصلت المفاوضات إلى عقد هذه الاتفاقية (13) .
أما بشأن الاتفاقيات التنفيذية، أو الاتفاقيات الدولية المبسطة، التي تعقد بمجرد التفاوض والتوقيع عليها من دون الحاجة إلى إجراء التصديق (14) ، وتُعد تلك الاتفاقيات ممارسة أمريكية لغرض تنظيم العلاقات بين الدول الأخرى، وتمتاز بسرعة عقدها ، لأنها لا تتطلب جميع المراحل الإجرائية المنظمة لعملية إبرام الاتفاقيات الدولية وإنما تقتصر على التفاوض والتوقيع ، فضلاً عن ذلك تمتاز بتعدد وثائقها ، فقد تكون في شكل تبادل كتب ، أو مذكرات ، أو تأخذ شكل تصريحات لتسجيل ما تم الاتفاق عليه مسبقاً، (15)، وتكون هذه الاتفاقيات على نوعين
النوع الأول ، الاتفاقيات التنفيذية المبرمة بناءً على تفويض مسبق من الكونغرس ، كالاتفاق المتمثل بالتنظيم الدولي للبريد عام 1792 ، ومن بين الاتفاقات من هذا النوع ايضاً الاتفاق الذي وقع من الرئيس الأمريكي جيمي كارتر مع كوبا عام 1977 استناداً إلى قانون حماية الثروة السمكية (16) ، وأما النوع الثاني من الاتفاقات المبسطة التي يعقدها الرئيس الأمريكي هي الاتفاقات التي تعقد من دون تفويض سابق من الكونغرس الأمريكي، وسلطة الرئيس في هذا النوع من الاتفاقات تستند إلى صفته الدستورية كوكيل للأمة في إدارة الشؤون الخارجية (17) ، ويقع ضمن هذا النوع من الاتفاقات ذات الشكل المبسط (18) ، الاتفاقيات المتعلقة بالهدنة والاتفاقيات العسكرية ، وقد يكون الاتفاق التنفيذي مستنداً إلى اتفاقية مسبقة أقرها مجلس الشيوخ الأمريكي كما في اتفاقية الأسلحة البحرية المعقودة سنة 1817 الخاصة بتحديد الأسلحة البحرية في البحيرات العظمى (19) وأحيانا يلجأ الرئيس الأمريكي لعقد الاتفاقيات التنفيذية لغرض التخلص من معارضة مجلس الشيوخ الأمريكي، فمثلا تم ضم تكساس وهاو اي بموجب اتفاقيات تنفيذية بعد أن رفض مجلس الشيوخ الأمريكي المصادقة على معاهدة الانضمام (20).
ومن الجدير بالذكر، إن الاتفاق التنفيذي المبرم قد لا يحمل الوصف ذاته بالنسبة للأطراف المتعاقدة ، فقد يأخذ وصف الاتفاق التنفيذي لأحد الأطراف ، في حين يعد الطرف الآخر اتفاقية تستوجب الشروط الشكلية كافة لإبرام ها ، كما هو الحال في اتفاقية المساعدة المتبادلة بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا سنة 1950، الذي عُدت اتفاقاً تنفيذيا بالنسبة للولايات المتحدة في حين لا تعدّه الثانية اتفاقاً مبسطاً (21) ، وكذا الحال بالاتفاق المعقود بين جمهورية العراق و الولايات المتحدة الأمريكية المتعلق بالانسحاب الأمريكي من العراق وتنظيم أنشطتها لسنة 2008، إذ عده العراق اتفاقية دولية تستوجب استيفاء جميع الشروط الشكلية المنظمة لعملية إبرام الاتفاقيات الدولية من تفاوض وتوقيع وتصديق، في حين عده الطرف الآخر اتفاقا مبسطا لا يستوجب المصادقة عليه (22)
أما بشأن السلطة الاتحادية المختصة بالتفاوض والتوقيع في جمهورية ألمانيا الاتحادية، فقد عهد القانون الأساسي لجمهورية ألمانيا الاتحادية لسنة 1949 المعدل الى رئيس الجمهورية بتمثيل الاتحاد في الشؤون الخاصة بالقانون الدولي ، إذْ نص على ان يمثل رئيس الجمهورية الاتحادية الاتحاد ضمن مفهوم القانون الدولي، وهو الذي يعقد الاتفاقيات باسم الاتحاد مع الدول الأجنبية ، وهو الذي يعتمد ويستقبل المبعوثين الدبلوماسيين) (23) .
وبموجب هذا النص ، نجد أن ممارسة العلاقات الخارجية في جمهورية ألمانيا الاتحادية انيطت كأصل عام إلى السلطة الاتحادية، ويعد رئيس الجمهورية (24) ممثلا للاتحاد في الشأن الدولي ، وقد أسند اليه القانون الأساسي لجمهورية ألمانيا الاتحادية مهمة التفاوض والتوقيع، وهذا ما يتضح من نص الفقرة الأولى من المادة (59) التي أعطيت لرئيس الاتحاد صلاحية عقد الاتفاقيات الدولية ، وعبارة عقد الاتفاقيات الدولية ، تستوعب جميع المراحل الإجرائية المنظمة للاتفاقيات الدولية، ومنها التفاوض والتوقيع ، وهذا ما ينسجم مع مفهوم اتفاقية فينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 في مادتها السابعة .
إلا إن الواقع العملي يشير ، إلى أن رئيس الجمهورية لا يمارس هذا الاختصاص إلا من الناحية النظرية فقط ، أما من الناحية العملية فيختص بمراحل الإبرام وزير خارجية ألمانيا الاتحادية ، ومنها التفاوض والتوقيع، ويمارس الأخير هذا الاختصاص بناءً على تفويض مسبق من وزارة الخارجية (25).
ونتساءل هنا ، هل يحق لرئيس الاتحاد في جمهورية ألمانيا الاتحادية أن يبرم الاتفاقيات التنفيذية التي تنعقد بمجرد التفاوض والتوقيع ؟ .
بالرجوع إلى نص المادة ) (59) نجدها أشارت بصفة مطلقة إلى عقد الاتفاقيات الدولية ، لذلك يمكن القول بأن المطلق يجري على إطلاقه، ولا يمكن تقييد هذا النص وحصره على الاتفاقيات الدولية التي تستوجب القواعد الدولية الإجرائية كاملة ، وقد أشارت المحكمة الدستورية الاتحادية في 27 تموز 1952 إلى إن اتفاقاً ألمانيا فرنسياً اقتصاديا أصبح قابلاً للتنفيذ المباشر بالاستناد الى قوانين سابقة ولا يحتاج إلى الموافقة البرلمانية (26).
وبشأن السلطة المختصة بالتفاوض والتوقيع في الاتحاد السويسري (27) ، إذ جعل الدستور السويسري النافذ إدارة العلاقات الخارجية بيد الاتحاد (28) ، واسندت تلك المهمة إلى المجلس الاتحادي، إذ نص الدستور في المادة (184) (1- يدير المجلس الاتحادي الشؤون الخارجية مع احترام حق الجمعية الاتحادية في المشاركة في ذلك ، كما يمثل سويسرا في الخارج 2- يوقع المجلس ويصدق على المعاهدات ويقدمها للجمعية الاتحادية لاعتمادها ، ولعل السبب في ذلك ، ان المجلس الاتحادي يمثل أعلى سلطة قيادية وتنفيذية في الاتحاد (29) فمن الطبيعي أن تناط به مهمة تصريف الأمور الخارجية للاتحاد السويسري .
ويتضح من هذا النص ما يأتي :-
1 - إن إدارة الشؤون الخارجية جعلها الدستور بيد الاتحاد واسندت إلى المجلس الاتحادي السويسري
2 - لم يشر الدستور السويسري بشكل صريح إلى الجهة الاتحادية المختصة بالتفاوض في شان الاتفاقيات الدولية ، بل اشار فقط الى الجهة المختصة بالتوقيع واسندها الى المجلس الاتحادي ، و إن من يمارس صلاحية التفاوض هو المجلس الاتحادي بوصفه الجهة المسؤولة عن مباشرة الشؤون الخارجية ، الا إن صلاحية المجلس الاتحادي في مباشرته للشؤون الخارجية ومنها التفاوض والتوقيع على الاتفاقيات الدولية هو حق مقيد ، ويتمثل هذا القيد باحترام حق الجمعية الاتحادية في المشاركة في إدارة الشؤون الخارجية، وهذا ما يتضح من نص المادة (166) من الدستور السويسري التي نصت على أن ( تشارك الجمعية الاتحادية في وضع السياسة الخارجية وتشرف على العلاقات مع الخارج ) ، وكذلك أكدت المادة ( (184) في فقرتها الأولى احترام حق الجمعية الاتحادية في المشاركة في إدارة الشؤون الخارجية ، وبذلك يمكن القول : إن إدارة مهمة الشؤون الخارجية في الاتحاد السويسري ، ومنها عملية التفاوض والتوقيع هي عملية مشتركة بين الجمعية الاتحادية والمجلس الاتحادي، إذ لابد من وجود تخويل من الجمعية الاتحادية إلى المجلس الاتحادي السويسري بالقيام بمهمة التفاوض والتوقيع على الاتفاقيات الدولية .
أما عن الجهة المختصة بالتفاوض والتوقيع في دولة الإمارات العربية المتحدة ، فالأصل أن عملية إبرام الاتفاقيات الدولية في دولة الإمارات العربية المتحدة تتمسك بها الدولة الاتحادية ، إذ بين الدستور في الباب السابع منه الخاص بتوزيع الاختصاصات التشريعية والتنفيذية والدولية بين الاتحاد والإمارات في المادة ( 120) من الدستور بان ينفرد الاتحاد بالتشريع والتنفيذ في الشؤون التالية -1 الشؤون الخارجية ......) ، ولم نجد نصاً دستوريا ينص بشكل صريح على تحديد الجهة المختصة بالتفاوض والتوقيع، بل أشار الدستور بصورة إجمالية في المادة (60) من الدستور الإماراتي على أن يتولى مجلس الوزراء بوصفه الهيئة التنفيذية للاتحاد، وتحت الرقابة العليا لرئيس الاتحاد و المجلس الأعلى ، تصريف جميع الشؤون الداخلية والخارجية التي يختص بها الاتحاد ، وبموجب هذا الدستور والقوانين الاتحادية ).
ومن خلال تحليل نص المادتين (120 و 60) يتضح ما يأتي :-
1 - إن مسألة إدارة الشؤون الخارجية بوصفها أصلاً عام أ انيطت بالسلطة الاتحادية ، وقد اسند الدستور الإماراتي مهمة مباشرة الشؤون الخارجية في دولة الإمارات العربية إلى مجلس الوزراء (30) ، ويمكن القول: إن عملية التفاوض والتوقيع بشأن إبرام الاتفاقيات الدولية تدخل تحت مضمون عبارة الشؤون الخارجية في المادة (60) من الدستور، لذا فأن الجهة الاتحادية المختصة بالتفاوض والتوقيع هو مجلس الوزراء الاماراتي .
2 - إن اختصاص مجلس الوزراء الإماراتي في مباشرته في الشؤون الخارجية يخضع لقيود، أولها ، خضوعه للرقابة العليا لرئيس الاتحاد ، ولعل السبب في ذلك ، كون رئيس الاتحاد يعد ممثلا للاتحاد في الداخل واتجاه الدول الأخرى وفي جميع العلاقات الدولية (31) ، أما القيد الثاني ، يتمثل في خضوع مجلس الوزراء في مباشرته للشؤون الدولية ، ومنها عقد الاتفاقيات الدولية لرقابة المجلس الأعلى للاتحاد ايضاً (32)، والقيد الثالث الذي يرد على اختصاص مجلس الوزراء خلال مباشرته عقد الاتفاقيات الدولية ، خضوعه لرقابة المجلس الاتحادي الوطني وهذا ما يمكن إن نستشفه من نص المادة ( (91) من الدستور الإماراتي، التي نصت على أن ( تتولى الحكومة إبلاغ المجلس الوطني الاتحادي بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تجريها مع الدول الأخرى والمنظمات الدولية المختلفة ، مشفوعة بما يناسب من بيان ، ويحدد بقرار من رئيس الاتحاد المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي يتوجب على المجلس الوطني الاتحادي مناقشتها قبل التصديق عليها ) (33) ، وكذلك بينت اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي، في الفصل الثاني من اللائحة الخاصة بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية ، إذ نصت على أن ( يخطر الرئيس المجلس بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تبرم وفقا لنص المادة (91) من الدستور، مشفوعة بالبيان الحكومي المرافق لها ، ويتلى هذا البيان في أول جلسة تالية مع إيداع المعاهدة ومرفقاتها أمانة المجلس وللمجلس إبداء ما يراه من ملاحظات بصدد هذه المعاهدات، دون اتخاذ قرار في شران المعاهدة ذاتها) (34)
مما تقدم يتضح أن مجلس الوزراء الاتحادي في الامارات، هو المختص بإدارة الشؤون الخارجية ومنها عملية التفاوض والتوقيع، ولكن مع خضوعه لرقابة رئيس الاتحاد ، والمجلس الاعلى للاتحاد مع ابلاغ المجلس الاتحادي الوطني بذلك.
________________
1- اثيرت عدة نقاشات في مؤتمر فلاديفيا لغرض تحديد الجهة المختصة بإدارة العلاقات الخارجية وطرحت عدة اراء بصدد هذا الموضوع ، إذ ذهب رأي الى اعطاء ملف العلاقات الخارجية الى رئاسة الجمهورية وذلك لأن الرئيس ممثل لدولته في النطاق الدولي ، اما الرأي الثاني اتجه الى اسناد مهمة ادارة الملف الخارجي الى مجلس الشيوخ الأمريكي فقط دون رئاسة الجمهورية ، وذهب اتجاه آخر إلى إسناد تلك المهمة الى مجلس النواب باعتباره الممثل للولايات في الكونكرس الامريكي د . علي يوسف الشكري، رئيس الدولة في الاتحاد الفدرالي، ط1، المكتبة الحيدرية ، النجف الاشرف ، 2009، ص 173 الهامش رقم (1) .
2- الفقرة (2) من المادة (2) من دستور الولايات المتحدة الامريكية لسنة 1787 المعدل.
3 - ان السن المطلوب لمن يرشح لرئاسة الجمهورية هو بلوغ سن الخامسة والثلاثين من العمر في حين ان السن المطلوب لترشيح مجلس الشيوخ هو بلوغ سن الثلاثين من العمر .
4- نقلا عن د. علي يوسف الشكري، مرجع سابق، ص 177.
5- د. وليد البيطار القانون الدولي العام ، ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 2008 ، ص 187.
6- د. سعد عصفور، (رئيس الجمهورية الأمريكية) بحث منشور في مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية ، مطبعة دار النشر للثقافة ، الإسكندرية، العددان الأول والثاني ، السنة الرابعة، 1950، ص 271 وايضا د. سعد عصفور ، المبادئ الاساسية في القانون الدستوري والنظم السياسية ، منشأة المعارف، الاسكندرية، من دون سنة طبع ، ص 234
7- د. علي يوسف الشكري، مرجع سابق ، ص 177.
8- د. داود مراد حسين ، سلطات الرئيس الأمريكي بين النص الدستوري والواقع العملي ، ط 1 مركز الكتاب الأكاديمي ، 2006، ص 167 ود. يوسف الشكري، الوسيط في الأنظمة السياسية المقارنة ، ط1، مؤسسة دار الثقافة ، عمان ، 2012، ص 422-426
9- نقلا عن د داود مراد ،حسين مرجع سابق ، ص 167
10- هاملتن ومادسن وجاي، الدولة الاتحادية أسسها ودستورها، ترجمة جمال محمد احمد ، مؤسسة فرنكلين للطباعة والنشر بيروت 1959، ص578. و كامل وزنه ، الفيدرالية نشأتها ونظامها السياسي، ط 1 معهد الدراسات الاستراتيجية ، بغداد، 2007، ص45.
11- د سعد عصفور، (رئيس الجمهورية الأمريكية) بحث منشور في مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية ، مطبعة دار النشر للثقافة ، الإسكندرية، العددان الأول والثاني ، السنة الرابعة، 1950 ، ص 273 و د. داود مراد حسين ، مرجع سابق ،ص168.
12- د. محمد عبد المطلب الخشن الوضع القانوني لرئيس الدولة في القانون الدولي العام، دار الجامعة الجريدة، الإسكندرية ، 2005، ص 144.
13- ينظر ، د داود مراد حسين مرجع سابق ،ص 168.
14- لم تعرف اتفاقية فينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 الاتفاقيات التنفيذية، الا إن مشروع قانون المعاهدات الذي وضع عن طريق لجنة القانون الدولي عرفها بأن اصطلاح اتفاق في صورة مبسطة يقصد به معاهدة أبرمت بواسطة تبادل المذكرات أو بالموافقة على محضر الجلسة او مذكرة اتفاق أو إعلان مشترك أو أي وسيلة أخرى تتم بإجراء متشابه .د. محمد عبد المطلب الخشن الوضع القانوني لرئيس الدولة في القانون الدولي العام، دار الجامعة الجريدة، الإسكندرية ، 2005 ، ص 151.
15- د .عصام العطية ، القانون الدولي العام، مكتبة السنهوري، بغداد ، 2009 ، ص 109
16- د داود مراد حسين ، سلطات الرئيس الأمريكي بين النص الدستوري والواقع العملي ، ط 1 مركز الكتاب الأكاديمي ، 2006 ، ص 180.
17- روبرت بوي وكارل فريدريك، دراسات في الدولة الاتحادية ، الجزء الثالث ، ترجمة وليد الخالدي وبرهان دجاني ، بيروت، 1966 ، ص 496.
18- من الجدير بالذكر ان عدد الاتفاقيات التنفيذية المعقودة يفوق عدد المعاهدات الدولية المبرمة ففي المدة 1789 ولغاية 1945 تم عقد (845) معاهدة دولية مستوفية للشروط الشكلية، في حين عدد الاتفاقيات التنفيذية وصل الى (1492). د. داود مراد حسين ، مرجع سابق ،ص 181.
19- د. علي يوسف الشكري، الدبلوماسية في عالم متغير ، ط1، ايتراك للنشر والتوزيع ، القاهرة، 2004، ص 41
20- د. سعد عصفور ، ( رئيس الجمهورية الامريكية)، مرجع سابق، ص274.
21- حسن عزبه العبيدي، تنظيم المعاهدات في دساتير الدول، أطروحة دكتوراه مقدمة الى كلية القانون، جامعة بغداد ، 1988، ص 96-97.
22- ينظر، استاذنا د. علي هادي حميدي الشكراوي : (اتفاقي العراق والولايات المتحدة الأمريكية) ، بحث منشور في مجلة شؤون عراقية ، مركز العراق للدراسات ، العدد الثاني ، 2009، ص 146
23- الفقرة (1) من المادة (59) من القانون الأساسي لجمهورية ألمانيا الاتحادية لسنة 1949 المعدل.
24- ينتخب رئيس الاتحاد من قبل الجمعية العمومية دون مداولات ومن الترشيح للرئيس هو بلوغ سن الأربعين من العمر وتكون مدة الرئاسة خمسة سنوات. تنظر الفقرة الأولى والثانية من المادة (54) من القانون الأساسي لجمهورية المانيا الاتحادية لسنة 1949 المعدل.
25- د. علي يوسف الشكري، رئيس الدولة في الاتحاد الفدرالي، مرجع سابق، ص 266.
26- روبرت بوي وكارل فريدريك، دراسات في الدولة الاتحادية ، الجزء الثالث ، ترجمة وليد الخالدي وبرهان دجاني ، بيروت، 1966 ، ص 485.
27- يقوم النظام السويسري في سويسرا منذ عام 1848 على أساس الاتحاد الفدرالي حيث يضم الاتحاد السويسري (26) وحدة تأسيسية سميت بالكانتونات ، ويطلق على خمسة منها انصاف الكانتونات ينظر. رونالد ل واتس، مرجع سابق، ص 29.
28- الفقرة (1) من المادة (54) من الدستور السويسري الصادر سنة 1999.
29- المادة (174) من الدستور السويسري الصادر سنة 1999.
30- نصت المادة (55) من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة لسنة 1971 المعدل ( يتكون مجلس الوزراء الاتحادي من رئيس مجلس الوزراء ونائبه وعدد من الوزراء).
31- ننظر الفقرة (9) من المادة (54) من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة لسنة 1971 المعدل.
32- المجلس الأعلى للاتحاد هو السلطة العليا فيه ويشكل من حكام جميع الإمارات المكونة للاتحاد أو من يقوم مقامهم في إمارتهم في غيابهم أو تعذر حضورهم، ولكل إمارة صوت واحد في مداولات المجلس . تنظر المادة (46) من دستور دولة الإمارات العربية لسنة 1971.
33- التعديل الدستوري رقم (1) في 2009/2/10
34- المادة (96) من المرسوم الاتحادي للائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي رقم (97) لسنة 1971.
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|