المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

Size of Dataset
11-3-2021
DNA Adductome
6-2-2018
محمد بن عبد الملك
13-08-2015
مقومات القوة المورفولوجية- الموقع البحري
28-11-2021
حقوق الصداقة
19-1-2016
الشيـكات السياحـية (Traveler Cheques) ومعالجتـها المحاسبيـة
5/9/2022


خواصّ الواجب ولوازمه التي يستلزم انتفاء كلّ منها الإمكان وعدم الوجوب الذاتي  
  
2791   08:21 صباحاً   التاريخ: 1-07-2015
المؤلف : محمد جعفر الاسترآبادي المعروف بــ(شريعتمدار)
الكتاب أو المصدر : البراهين القاطعة في شرح تجريد العقائد الساطعة
الجزء والصفحة : ص148-141/ج1
القسم : العقائد الاسلامية / مقالات عقائدية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015 2181
التاريخ: 12-08-2015 2167
التاريخ: 5-2-2018 1620
التاريخ: 1-07-2015 1592

  قال : ( ويستحيل صدق الذاتي على المركّب ).

أقول : هذه خاصّيّة للواجب الذاتي ، وهي أنّه يستحيل أن يكون مركّبا ، فلا يجوز صدق الواجب الذاتي على المركّب ؛ لأنّ كلّ مركّب مفتقر إلى أجزائه على ما يأتي ، وكلّ مفتقر ممكن ، فالواجب لذاته ممكن لذاته. هذا خلف.

قال بعض المتأخّرين : هذه المسألة تتوقّف على الوحدانيّة ؛ فإنّه لو قال قائل :

يجوز أن يكون كلّ واحد من أجزاء المركّب واجبا لذاته ويكون المجموع مستغنيا عن الغير ، أجبنا بأنّ الواجب لذاته يستحيل أن يكون متعدّدا (1).

والحقّ أنّه لا افتقار في هذه المسألة إلى الوحدانيّة ؛ لأنّ هذا المركّب يستحيل أن يكون واجبا لذاته ؛ لافتقاره إلى أجزائه الواجبة ، وكلّ مفتقر ممكن ، فيكون المركّب ممكنا ، فلا يكون واجبا ، وهذا لا يتوقّف على الوحدانيّة.

وقد يقال : إنّ الممكن ما يحتاج في وجوده الخارجي إلى غيره ، فلو فرض تركّب الواجب من أجزاء عقليّة ، لم يلزم احتياجه إلاّ في التحقّق الذهني إلى جزئه الذهني ، وهو لا يستلزم إمكانه.

وأيضا يجوز أن يكون له جنس منحصر في نوعه بحسب الخارج وإن كان له أنواع كثيرة بحسب العقل ، أو يكون مركّبا من أمرين متساويين (2).

وفيه نظر ؛ لأنّ تعدّد الجزء إمّا واجب بالذات أو ممكن بالذات أو ممتنع بالذات.

لا سبيل إلى الأوّل (3) ، وإلاّ يلزم عدم الجزء رأسا وانتفاء الكلّ وعدم كون الواجب بالذات واجبا بالذات ؛ لأنّ كلّ جزء لا بدّ أن يكون بلا تعدّد ، فإذا كان التعدّد لازما لذات الواجب حيث لم يكن في مقام الذات إلاّ الذات ، يلزم من انتفائه انتفاء الملزوم ، وهو أصل الجزء ، فيلزم انتفاء الكلّ وعدمه ، فيلزم عدم كون الواجب واجبا.

وكذا لا سبيل إلى الثاني (4) ؛ لاستلزام إمكان الجزء إمكان الكلّ ، وعدم كون الواجب بالذات واجبا بالذات ، كما لا يخفى ، فتعيّن الثالث ، وهو كون التعدّد ممتنعا ، وهو المطلوب ؛ فإنّ المراد أنّ الواجب بالذات يستحيل أن يكون مركّبا من الأجزاء العقليّة والخارجيّة التي هي بإزاء الأجزاء العقليّة ـ أعني المادّة والصورة ـ والخارجيّة العنصريّة من الرئيسيّة ، كالرأس والعنق والكبد ، وغيرها ، كاليد والرّجل ونحوهما ممّا لا ينتفي الكلّ بانتفائه.

وهذا مستفاد ممّا ذكرنا ، وهو خاصّة أولى ، مضافا إلى أنّ التركّب الحقيقي موجب للافتقار المنافي لوجوب الوجود بالبديهة ولو كان من الأجزاء العقليّة ، والاعتباري غير قادح ، كفرض شريك البارئ.

قال : ( ولا يكون الذاتي جزءا من غيره ).

أقول : هذه خاصّيّة ثانية للواجب ظاهرة ، وهي أنّ الواجب لذاته لا يتركّب عنه غيره ، وهو ظاهر ؛ لأنّ التركّب إمّا أن يكون حسّيّا ،

وهو إنّما يكون بانفعال كالمزاج ، أو يكون عقليّا بحيث يحصل من المركّب حقيقة واحدة ، كتركيب الشخص من المادّة والصورة ، وتركيب الماهيّة من الأجناس والفصول.

والكلّ ظاهر الاستحالة ؛ لاستلزام الأوّل التغيّر المستلزم للحدوث والإمكان ، والثاني الافتقار المنافي لوجوب الوجود ، كالأوّل.

قال : ( ولا يزيد وجوده عليه ، وإلاّ لكان ممكنا ).

أقول : هذه خاصّيّة ثالثة ، وهي أنّ وجود واجب الوجود لذاته نفس حقيقته.


وتقريره أن نقول : لو كان وجود واجب الوجود لذاته زائدا على حقيقته لكان صفة لها مفتقرة إليها ، فيكون ممكنا ، فيفتقر إلى علّة ، فتلك العلّة إمّا أن تكون نفس حقيقته أو شيئا خارجا عن حقيقته. والقسمان باطلان.

أمّا الأوّل ؛ فلأنّ تلك الحقيقة إمّا أن تؤثّر فيه وهي موجودة ، أو تؤثّر فيه وهي معدومة.

فإن أثّرت فيه وهي موجودة ، فإن كانت موجودة بهذا الوجود لزم تقدّم الشيء على نفسه ، وهو محال. وإن كان بغير هذا الوجود عاد البحث إليه ، ويلزم التسلسل ، مع لزوم وجود الماهيّة مرّتين ، والجميع باطل.

وإن أثّرت فيه وهي معدومة كان المعدوم مؤثّرا في الوجود ، وهو باطل بالضرورة.

وأمّا الثاني ؛ فيلزم منه افتقار واجب الوجود في وجوده إلى غيره ، فيكون ممكنا ، وهو محال. وهذا دليل قاطع على هذا المطلوب.

بيان ذلك : أنّ معنى واجب الوجود ثابت الكون على الوجه الكامل ، بمعنى أنّ الموصوف بالوجود في أيّ مرتبة لوحظ كان الكون ثابتا له ، فلا يمكن أن يكون معلولا لغيره ، وإلاّ لزم عدم ثبوت الكون له في مرتبة علّته ، ومن لوازم الكمال ضروريّة ذلك الكون وامتناع العدم.

ومعنى موجوديّة الأشياء محموليّة الموجود عليها باعتبار اتّصافها بمبدإ اشتقاقه ، وهو الوجود.

واتّصاف الشيء به إن كان بذاته لا بغيره ، بمعنى أنّ العقل إذا لاحظ ذاته يحكم ـ بمقتضى الدليل والبرهان ـ أنّ ذلك الشيء في الخارج متّصف بالكون بذاته لا من غيره ، فهو الواجب الوجود لذاته.

وإن كان اتّصاف الشيء بالوجود بالغير ـ لتساوي الوجود والعدم بالنسبة إلى ذاته وعدم إمكان حصول أحدهما بلا سبب أو من ترجيح ذلك الشيء له ؛ لامتناع الترجّح بلا مرجّح والترجيح بلا مرجّح ـ فإن كان له وجود يكون بسبب غيره ، فما لم يعتبره العقل مع ذلك الشيء لم يحكم بوجوده ، وهو ممكن الوجود.

والحاصل : أنّ حكم العقل بموجوديّة شيء وانتزاع الوجود منه محتاج إلى المنشأ.

وذلك المنشأ إن كان ذات ذلك الشيء يسمّى واجب الوجود. وإن كان غيره يسمّى ممكن الوجود. فلا بدّ في حكم العقل بوجود الممكن من ملاحظة العلّة المعيّنة كما في البرهان اللمّيّ ، أو غير المعيّنة كما في الإنّيّ. فمعنى كون الوجود في الواجب عين ذاته أنّ ذاته منشأ لانتزاع الوجود لا أمر زائد عليها ، وأنّها عينه وعين سائر الصفات الحقيقيّة لا نائبها ، بمعنى أنّه يصدر منها بنفسها ما يصدر من الموصوف بالصفات بواسطتها ؛ لأنّه معطيها كمالا ، ومعطي الشيء لا يمكن أن يكون فاقدا له.

ومعنى عينيّتها أنّه يصدر عن ذاته ما يصدر عن صفات الممكن ، فكما أنّ علم الممكن منشأ لانكشاف الأشياء ، فكذا ذاته منشأ له ، وهكذا سائر الصفات.

ومعنى زيادة الوجود في الممكن أنّ ذاته ليس منشأ لانتزاعه ، بل هو أمر زائد عليه ، فالوجود العامّ ـ الذي هو مفهوم ذهني ـ زائد في جميع الأشياء حتّى الواجب ، ولكن قد يطلق الوجود على ما هو منشأ لانتزاعه ، وهو بهذا المعنى في الواجب عين ذاته ؛ لاستغنائه في انتزاع الوجود عمّا هو خارج عن ذاته ؛ مضافا إلى أنّ وجود الواجب لو كان غير حقيقته ، لكان جزءا منها أو خارجا عنها ، والأوّل يستلزم التركّب المنافي لوجوب الوجود ، والثاني يستلزم الاحتياج إلى المؤثّر المنافي له ؛ لامتناع تأثير المعدوم وتحصيل الحاصل ، فحقيقة الواجب هو الوجود المجهول بالكنه ، المعقول بالوجه من الآثار.

ومن هنا يظهر امتناع القوّة في الواجب ؛ لكونها عبارة عن العدم في الشيء القابل للوجود ، وقد بيّنّا أنّ الواجب عين الوجود ، وهو مناف للعدم.

ويظهر أيضا أنّه ليس محلاّ للحوادث ؛ لكونها مسبوقة بالعدم ، بل هو كامل من جميع الجهات ؛ إذ النقص مستلزم للعدم.

قال : ( والوجود المعلوم هو المقول بالتشكيك ، أمّا الخاصّ به فلا ).

أقول : هذا جواب عن الاستدلال على زيادة الوجود في حقّ واجب الوجود.

وتقرير الدليل أن نقول : ماهيّة الله تعالى غير معلومة للبشر ... والوجود معلوم ، فينتج من الشكل الثاني أنّ الماهيّة غير الوجود.

وتقرير الجواب عنه أن نقول : إنّا قد بيّنّا أنّ الوجود مقول بالتشكيك على ما تحته ، والمقول على الأشياء بالتشكيك يمتنع أن يكون نفس الحقيقة أو جزءا منها ، بل يكون دائما خارجا عنها لازما لها ، كالبياض المقول على بياض الثلج وبياض العاج ، لا على السواء ، فهو ليس بماهيّة ولا جزء ماهيّة لهما بل هو لازم من خارج ؛ وذلك لأنّ بين طرفي التضادّ الواقع في الألوان أنواعا من الألوان لا نهاية لها بالقوّة ولا أسامي لها بالتفصيل يقع على كلّ جملة منها اسم واحد بمعنى واحد كالبياض أو الحمرة أو السواد بالتشكيك ، ويكون ذلك المعنى لازما لتلك الجملة غير مقوّم ، فكذلك الوجود في وقوعه على وجود الواجب وعلى وجود الممكنات المختلفة بالهويّات التي لا أسماء لها بالتفصيل ، فإنّه يقع عليها وقوع لازم خارجيّ غير مقوّم ، فالوجود يقع على ما تحته بمعنى واحد ، ولا يلزم من ذلك تساوي ملزوماته التي هي وجود الواجب ووجود الممكنات في الحقيقة ؛ لأنّ مختلفات الحقيقة قد تشترك في لازم واحد ، كالشمس والنار والحركة في الحرارة ، فالحقيقة التي لا تدركها العقول هي الوجود الخاصّ المخالف لسائر الوجودات بالهويّة ، الذي هو المبدأ الأوّل ، والوجود المعقول هو الوجود العامّ اللازم لذلك الوجود ولسائر الوجودات ، وهو أوّليّ التصوّر. وإدراك اللازم لا يقتضي إدراك الملزوم بالحقيقة ، وإلاّ لوجب من إدراك الوجود إدراك جميع الوجودات الخاصّة. وكون حقيقته تعالى غير مدركة وكون الوجود مدركا يقتضي المغايرة بين حقيقته تعالى والوجود المطلق لا الوجود الخاصّ به تعالى.

وهذا التحقيق ـ على ما حكي (5) ممّا نبّه عليه بهمنيار في التحصيل (6) ، وقرّره المصنّف في شرح الإشارات (7).

قال : ( وليس طبيعة نوعيّة على ما سلف ، فجاز اختلاف جزئيّاته في العروض وعدمه ).

أقول : هذا جواب عن استدلال ثان استدلّ به الذاهبون إلى أنّ وجوده تعالى زائد على حقيقته.

وتقرير الدليل : أنّ الوجود طبيعة واحدة نوعيّة ؛ لما بيّنّا من اشتراكه ، والطبائع النوعيّة تتّفق في لوازمها.

وقد بنى الحكماء على هذه القاعدة مطالب كثيرة ، كامتناع الخلاء ووجود الهيولى للأفلاك وغير ذلك من مباحثهم.

فنقول : طبيعة الوجود إن اقتضت العروض وجب أن يكون وجود واجب الوجود عارضا لماهيّة مغايرة له ، وكون ذاته محلّ العرض. وإن اقتضت عدمه ، كانت وجودات الممكنات غير عارضة لماهيّاتها ، فإمّا أن لا تكون موجودة ، أو يكون وجودها نفس حقائقها ، والقسمان باطلان ، فإن لم يقتض واحدا منهما ، لم يتّصف بأحدهما إلاّ بأمر خارج عن طبيعة الوجود ، فيكون تجرّد واجب الوجود محتاجا إلى المؤثّر. هذا خلف.

وتقرير الجواب : أنّ الوجود ليس طبيعة نوعيّة على ما حقّقناه ، بل هو مقول بالتشكيك لا يتساوى اقتضاؤه ؛ فإنّ النور يقتضي بعض جزئيّاته ـ كنور الشمس ـ إبصار الأعشى ، بخلاف سائر الأنوار ، والحرارة كذلك فإنّ الحرارة الغريزية تقتضي استعداد الحياة ، بخلاف سائر الحرارات ، فكذلك الوجود.

قال : ( وتأثير الماهيّة ـ من حيث هي ـ في الوجود غير معقول ).

أقول : لمّا أبطل استدلالاتهم شرع في إبطال الاعتراض الوارد على دليله ، وقد ذكر هنا أمرين:

أحدهما : أنّهم قالوا : لا نسلّم انحصار أحوال الماهيّة حالة التأثير في الوجود والعدم ، بل جاز أن تكون الماهيّة من حيث هي مؤثّرة في الوجود ، فلا يلزم التسلسل ولا تأثير المعدوم في الوجود.

والجواب : أنّ الماهيّة من حيث هي هي يجوز أن تقتضي صفات لها على سبيل العلّيّة والمعلوليّة إلاّ الوجود ؛ فإنّه يمتنع أنّ تؤثّر فيه من حيث هي هي ؛ لأنّ الوجود لا يكون معلولا لغير الموجود بالضرورة ، فتلزم المحاذير المذكورة ، والضرورة فرّقت بين الوجود وسائر الصفات.

قال : ( والنقض بالقابل ظاهر البطلان ).

أقول : هذا جواب عن السؤال الثاني.

وتقريره : أنّ ما ذكر في إثبات عينيّة وجود الواجب منقوض بقابل الوجود وهو الممكن ؛ فإنّ الممكن المعدوم لو لم يقبل الوجود إلاّ بشرط الوجود ، لزم تقدّم الشيء على نفسه أو تعدّد الوجودات للماهيّة الواحدة ، والكلّ محال ، وإذا كان كذلك ، فلم لا يعقل مثله في العلّة الفاعليّة؟

والجواب : أنّ معطي الوجود ومفيده لا بدّ أن يكون موجودا ببديهة العقل ؛ إذ لا يعقل تأثير الماهيّة بدون وجودها لا في وجود نفسها ولا في وجود غيرها ، بخلاف قابل الوجود ؛ فإنّه مستفيد له ، وإنّما يتجرّد عن الوجود في العقل لا بمعنى أنّه يكون في العقل منفكّا عن الوجود ؛ لأنّ الحصول في العقل نوع من الوجود ، بل بمعنى أنّ العقل يلاحظه منفردا عن الوجود والعدم؛ حذرا عن حصول الحاصل واجتماع المتنافيين.

والحاصل : أنّ الماهيّة إنّما تكون قابلة للوجود عند وجودها في العقل فقط ، بمعنى أنّ الوجود العلمي كاف في قبول الوجود العيني ، ولا يمكن أن تكون فاعلة لصفة خارجيّة عند وجودها في العقل فقط.

قال : ( والوجود من المحمولات العقليّة ؛ لامتناع استغنائه عن المحلّ وحصوله فيه ).

أقول : المراد أنّ الوجود ليس من الأمور العينيّة ، بل هو من المحمولات العقليّة الصرف.

وتقريره : أنّه لو كان ثابتا في الأعيان ، لم يخل إمّا أن يكون نفس الماهيّات الصادق عليها ، أو مغايرا لها ، والقسمان باطلان :

أمّا الأوّل : فلما تقدّم من أنّه زائد على الماهيّة ومشترك بين المختلفات ، فلا يكون نفسها.

وأمّا الثاني : فإمّا أن يكون جوهرا أو عرضا ، والأوّل باطل ، وإلاّ لم يكن صفة لغيره. والثاني باطل ؛ لأنّ كلّ عرض فهو حاصل في المحلّ ، وحصوله في المحلّ نوع من الوجود ، فيكون للوجود وجود ، هذا خلف. ويلزم تأخّره عن محلّه وتقدّمه عليه ، هذا خلف ، فبسبب امتناع استغنائه عن المحلّ يحكم أنّه من المحمولات ، وبسبب امتناع حصوله فيه حصولا خارجيّا ـ في أنّ الوجود والعدم من المعقولات الثانية لئلاّ يلزم كون الماهيّة موجودة قبل قيام الوجود بها ـ يحكم بأنّه من المحمولات العقليّة.

وفيه نظر ؛ لكفاية كون الوجود موجودا بنفسه ـ كما مرّ ـ في عروضه للماهيّة ؛ ولهذا يحكم كلّ عاقل بأنّ الماهيّة ذات وجود خارجي.

قال : ( وهو من المعقولات الثانية ).

أقول : المراد أنّ الوجود كالشيئيّة في أنّها من المعقولات الثانية ؛ إذ ليس الوجود ماهيّة خارجيّة على ما بيّنّاه، بل هو أمر عقليّ يعرض للماهيّات ، وهو من المعقولات الثانية المستندة إلى المعقولات الأولى ، وليس في الموجودات شيء هو وجود ، بل الموجود إمّا إنسان أو حجر أو غيرهما ، فتأمّل (8).

قال : ( وكذلك العدم ).

أقول : يعني أنّ العدم أيضا من المعقولات الثانية العارضة للمعقولات الأولى ؛ لما قلنا في الوجود ؛ إذ ليس في الأعيان ماهيّة هي عدم مطلق ، فهو دائما عارض لغيره.

قال : ( وجهاتهما ).

أقول : يعني به أنّ جهات الوجود والعدم ـ من الوجوب والإمكان والامتناع الذاتيّة والمشروطة ـ من المعقولات الثانية أيضا ؛ لما تقدّم من أنّها أمور اعتباريّة لا تحقّق لها في الخارج ، وقد سبق البحث فيه.

قال : ( والماهيّة ).

أقول : المراد أنّ الماهيّة أيضا من المعقولات الثانية ؛ فإنّ الماهيّة تصدق على الحقيقة باعتبار ذاتها لا من حيث إنّها موجودة أو معقولة وإن كان ما تصدق عليه الماهيّة من المعقولات الأولى، وليس البحث فيه ، بل في الماهيّة ، أعني العارض ، فإنّ كون الإنسان ماهيّة أمر زائد على حقيقة الإنسانيّة.

قال : ( والكلّيّة والجزئيّة ).

أقول : المراد أنّ الكلّيّة والجزئيّة أيضا من المعقولات الثانية العارضة للمعقولات الأولى ؛ فإنّ الماهيّة من حيث هي هي وإن كانت لا تخلو عنهما إلاّ أنّها مغايرة لهما ، وهما تصدقان عليها صدق العارض على معروضه ؛ فإنّ الإنسانيّة لو كانت لذاتها كلّيّة لم تصدق جزئيّة ، وبالعكس، فالإنسانيّة ليست من حيث هي هي كلّيّة ولا جزئيّة ، بل إنّما تصدق عليها الكلّيّة عند اعتبار صدق الحقيقة على أفراد متوهّمة أو متحقّقة. والجزئيّة إنّما تصدق عليها عند اعتبار أمور أخر لتلك الحقيقة ببعض الأفراد ، فهما من المعقولات الثانية.

قال : ( والذاتيّة والعرضيّة ).

أقول : المراد أنّ الذاتيّة والعرضيّة أيضا من المعقولات الثانية العارضة للمعقولات الأولى ، فإنّه ليس في الأعيان ذاتيّة ولا عرضيّة وليس لهما تأصّل في الوجود ، وقد يكون الذاتيّ لشيء عرضيّا لغيره ، وهما اعتباران عقليّان عارضان لماهيّات متحقّقة في أنفسها ، فهما من المعقولات الثانية.

قال : ( والجنسيّة والفصليّة والنوعيّة ).

أقول : المراد أنّ هذه أيضا أمور اعتباريّة عقليّة صرفة من المعقولات الثانية العارضة للمعقولات الأولى؛ فإنّ كون الإنسان نوعا أمر مغاير للحقيقة الإنسانيّة ، عارض لها ، وإلاّ لامتنع صدق الإنسانيّة على زيد، وكذلك الجنسيّة للحيوان ـ مثلا ـ أمر عارض له ، مغاير لحقيقته ، وكذا الفصليّة للناطق ، وهذا كلّه ظاهر.

__________________

 

(1) نسبه في « شرحي الإشارات » 1 : 209 إلى الفخر الرازي ، ولكن اللاهيجي نقله عن الفارابي كما في « شوارق الإلهام » المسألة السابعة والعشرون من الفصل الأوّل.

(2) القائل هو الفاضل القوشجي. انظر : « شرح تجريد العقائد » : 47 ـ 48.

(3) أي عند ما يكون تعدّد الجزء واجبا بالذات.

(4) أي عند ما يكون تعدّد الجزء ممكنا بالذات.

(5) الحاكي هو العلاّمة الحلّي 1 في « كشف المراد » : 63.

(6) « التحصيل » : 281 وما بعدها.

(7) انظر : « شرح الإشارات والتنبيهات » 3 : 31 وما بعدها.

(8) إشارة إلى أنّ المعقولات الثانية إمّا عبارة عمّا لا يفهم من اللفظ إلاّ تابعا لمفهوم آخر كالمفهوم بالنسبة إلى المنطوق.

أو عبارة عمّا لا يعقل إلاّ عارضا لمعقول آخر ، كما هو مصطلح المتكلّمين.

أو عبارة عمّا ليس له ما بإزاء وإن كان له منشأ انتزاع ، كما هي طريقة الحكماء.

ولا ريب أنّه لا يصدق على الوجود كونه من المعقولات الثانية على التفسيرين الأوّلين ، وكذا على التفسير الثالث بناء على أصالة الوجود خاصّة أو مع الماهيّة ، فينحصر الأمر في القول بأصالة الماهيّة خاصّة أو مصاديقها ، وهو خلاف التحقيق.

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.