أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
1710
التاريخ: 1-07-2015
2367
التاريخ: 31-1-2018
1918
التاريخ: 13-2-2018
1804
|
قال
: ( وللنفس قوى تشارك بها غيرها ، هي الغاذية والنامية والمولّدة ).
أقول
: لمّا كان البدن آلة للنفس في أفاعيلها المنوطة به كان صلاحها بصلاحه. ولمّا كان
البدن مركّبا من العناصر المتضادّة ، وكان تأثير الجزء الناريّ فيه الإحالة ،
احتيج في بقائه إلى إيراد بدل ما يتحلّل منه ، فاقتضت حكمة الله تعالى جعل النفس
ذات قوّة يمكنها بها استخلاف ما ذهب بما يأتي ، وذلك إنّما يكون بالغذاء ، وهي
الغاذية.
ثمّ
لمّا كان البدن أوّل خلقته محتاجا إلى زيادة في مقداره على تناسب في أقطاره بأجسام
تنضمّ إليه من خارج ، وجب في حكمته تعالى جعل النفس ذات قوّة يمكنها بها تحصيل
جواهر قابلة للتشبّه بالبدن منضمّة إليه على تناسب في أقطاره ، وهي النامية.
ثمّ
لمّا كان البدن ينقطع ويعدم ويعرض الموت ، واقتضت عناية الله تعالى الاستحفاظ لهذا
النوع وجب في حكمة الله تعالى جعل النفس ذات قوّة تحيل بعض الجواهر المستعدّة
لقبول الصورة الإنسانيّة الى تلك الصورة ، وهي القوّة المولّدة. فكانت النفس ذات
قوى ثلاث : الغاذية ، والنامية ، والمولّدة.
وهذه
القوى مشتركة بين الإنسان والحيوان العجم والنبات.
والغاذية
هي التي تحيل الغذاء إلى مشابهة المتغذّي ليخلف بدل ما يتحلّل.
والنامية
هي التي تزيد في أقطار الجسم على التناسب الطبيعي ليبلغ إلى تمام النشوء ، ولا
يحصل نحو الاستسقاء من البرص.
والمولّدة
هي التي تفيد المنيّ بعد استحالته في الرحم الصورة والقوى والأعراض ، أو تعدّه لها
، بناء على أنّ استناد التصوير إلى هذه القوّة باطل ...
والحاصل
: أنّ النفس لها مراتب يطلق على كلّ مرتبة لفظ النفس :
الأولى
: مرتبة النفس الجمادية ، وأثرها حفظ التركيب فقط.
الثانية
: مرتبة النفس النباتيّة ، وأثرها ـ مضافا إلى ما ذكر ـ التغذية بالغاذية ،
والتنمية بالنامية ، والتوليد ـ ولو بالإعداد المقتضي للاستعداد ـ بالمولّدة. وهذه
القوى تسمّى بالنباتيّة والطبيعيّة.
الثالثة
: مرتبة النفس الحيوانيّة ، وأثرها ـ مضافا إلى ما ذكر ـ الحركة بالإرادة والحسّ
بالحواسّ الخمس الظاهرة والخمس الباطنة الموجبة للإدراكات الجزئيّة.
الرابعة
: مرتبة النفس الناطقة الإنسانيّة التي يحصل بها إدراك الكلّيّات والجزئيّات
المجرّدة بلا واسطة مضافا إلى ما ذكر.
الخامسة
: مرتبة النفس الإلهيّة التي يحصل بها التخلّي عن الأخلاق الرذيلة ، والتحلّي
بالأخلاق الحسنة ، ويسهل بها صدور الأفعال وتحمّل المشاقّ ، كالحلم والرياضة.
فالقسم الأوّل عامّ العامّ، والثاني هو العامّ ، والثالث هو الخاصّ ، والرابع خاصّ
الخاصّ ، والخامس هو الأخصّ المخصوص بأمثال روح الله ونفس الله.
قال
: ( وأخرى أخصّ بها يحصل الإدراك إمّا للجزئيّ أو للكلّيّ ).
أقول
: للنفس أيضا قوى أخصّ من الأولى ، وأثرها الإدراك إمّا للجزئيّ وهو الإحساس ،
وإمّا للكلّيّ وهو التعقّل ، فالإحساس مشترك بينه وبين الحيوان العجم خاصّة ، فهو
أخصّ من القوى الأولى المشتركة بينها وبين النباتات ، والتعقّل أخصّ من الإحساس ؛
لأنّه لا يحصل للحيوان بل للإنسان.
قال
: ( فللغاذية الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة ).
أقول
: القوّة الغاذية يتوقّف فعلها على أربع قوى ليتمّ الاغتذاء ، وهي الجاذبة للغذاء
، والماسكة له لتهضمه الهاضمة ، والهاضمة وهي التي تحيل الغذاء الذي جذبته الجاذبة
وأمسكته الماسكة إلى حال يستعدّ بها لأن تجعله الغاذية جزءا بالفعل من المتغذّي.
وابتداء الهضم في الفم ؛ ولهذا كانت الحنطة الممضوغة ـ مثلا ـ تؤثّر في نضج
الدماميل ، ثمّ في المعدة بصيرورته كيلوسا وجوهرا شبيها بماء الكشك الثخين ولو
بمخالطة الرطوبة الداخلة ، كما في الحيوان الآكل للحجر، ثمّ في الماساريق والكبد
بصيرورته كيموسا مستحيلا إلى الأخلاط ، ثمّ في العروق ، ثمّ في الأعضاء. وحيث يفضل
من الغذاء ما يوجب ثقل البدن وفساده ـ بل بعضه لا يقبل الاستحالة إلى ما يناسب
المتخلّل ـ احتيج إلى الدافعة للفضلات.
قال
: ( وقد تتضاعف هذه لبعض الأعضاء ).
أقول
: قد تتضاعف هذه القوى لبعض الأعضاء كالمعدة ؛ فإنّ فيها التي تجذب غذاء كلّية
البدن، والتي تمسكه هناك ، والتي تغيّره إلى ما يصلح لأن يصير دما ، والتي تدفعه
إلى الكبد. وفيها أيضا قوّة جاذبة لما تغتذي به المعدة خاصّة وقوّة ماسكة وقوّة
هاضمة وقوّة دافعة ، فتلك القوى في المعدة مضاعفة ؛ فإنّها قد تكون لنفسها ، وقد
تكون لغيرها ، فتأمّل.
قال
: ( والنموّ مغاير للسمن ).
أقول
: النموّ هو زيادة في الجسم بسبب اتّصال جسم آخر به من نوعه ، وتكون [ الزيادة ]
(1) تداخله في أجزاء المزيد عليه ، وهو مغاير للسمن ؛ لتحقّق النموّ بدون السمن في
الصبيّ المهزول. وعكسه في بعض الشيوخ ؛ فإنّ الأجزاء الأصليّة قد جفّت وصلبت ، فلا
يقوى الغذاء على تفريقها ، فلا يتحقّق النموّ. وكذلك الذبول مغاير للهزال.
قال
: ( والمصوّرة عندي باطلة ؛ لاستحالة صدور هذه الأفعال المحكمة المركّبة عن قوّة
بسيطة ليس لها شعور أصلا ).
أقول
: أثبت الحكماء للنفس قوّة يصدر عنها التصوير والتشكيل بشكل نوع ذي القوّة (2).
والحقّ
ما ذهب إليه المصنّف ; من أنّ ذلك محال ؛ لأنّ هذه الأشكال والصور أمور محكمة
متقنة عجيبة عجزت عن إدراك حكمها العقول والأفهام.
وقد
يقال : « إنّ المنافع المدوّنة في علم التشريح خمسة آلاف وما لم يعلم أكثر ممّا
علم ، فلا تصدر عن طبيعة غير شاعرة لما يصدر عنها ، بل يجب إسنادها إلى مدبّر حكيم
قدير » (3).
وأيضا
فإنّ هذه التشكيلات أمور مركّبة ، والقوّة البسيطة لا يصدر عنها أشياء كثيرة ،
فتأمّل.
__________________
(1)
الإضافة أثبتناها من « كشف المراد » : 194.
(2) انظر : « الشفاء » كتاب النفس 2
: 151 ؛ « التحصيل » : 785.
(3) انظر : « شرح تجريد العقائد » :
207.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|