أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-4-2019
2243
التاريخ: 27-11-2021
2449
التاريخ: 9-4-2019
2112
التاريخ: 7-10-2016
1828
|
قال علي (عليه السلام) : الأقاويل محفوظة ، والسرائر مبلوة ، و {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } [المدثر : 38] ، والناس منقوصون ، مدخولون إلا من عصم الله ، سائلهم متعنت ، ومجيبهم متكلف ، يكاد أفضلهم رأيا يرده عن فضل رأيه الرضا والسخط ، ويكاد أصلبهم عودا تنكؤه اللحظة ، وتستحيله الكلمة الواحدة.
معاشر الناس : اتقوا الله ، فكم من مؤمل مالا يبلغه ، وبان مالا يسكنه ، وجامع ما سوف يتركه ، ولعله من باطل جمعه ، ومن حق منعه أصابه حراما ، واحتمل به اثاما ، فباء بوزره ، وقدم على ربه ، اسفا لاهفا ، قد {خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } [الحج : 11] (1).
قرر (عليه السلام) عدة حقائق ، وأراد من الأمة الالتفات إلى اهميتها ، كونها مما ترتبط بالملف الاخروي للإنسان ، فعليه ان يعطيها اهتماما ، ويوليها عناية تتلاءم مع مستواها المرحلي :
الحقيقة الاولى : انه { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق : 18] ، مما يؤكد ان مجموع ما يتلفظ به الإنسان في مدة حياته ، موثق عليه ، بحيث لا يقدر على إنكاره ، او تغييره، بما يجعل الإنسان أمام مساءلة قانونية ، بعدما احصيت عليه ألفاظه.
الحقيقة الثانية : أنه {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [التغابن : 4] مما يؤصل إلى أن ما يخفيه الإنسان ويكتمه عن الآخرين ، معلوم لله تعالى ، فضلا عن غير ذلك مما يطلع عليه البعض دون غيره.
الحقيقة الثالثة : أن {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور : 21] ، مما يوضح للجميع عدم قدرة احد على الإنكار ، لوجود الرابط الوثيق بين الإنسان وما عمله ، حتى كأنه يمسك به، فلا يدعه يفلت منه ، وهذا منتهى العدل والحكمة ، لأن الإنسان قد ألف الإنكار والتفلت من المسئولية بمختلف الطرق والوسائل ، بحسب موقعه ومبلغ علمه ، فلئلا تتكرر الحالة ، فتبطل الحقوق ، وتفوت المظالم ، كان الارتباط والعلاقة الموثقة بين العمل والعمل.
الحقيقة الرابعة : انه {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء : 28] ، {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} [الروم : 54].
مما يجعله معرضا لطرو النقيصة في قواه كافة ، إلا من عصم الله تعالى ، فلا يختل عقليا ، كما لا يصيبه جسديا ما يقلل من فرص قبول الجماهير لدعوته الالهية ، فيؤثر الى درجة تفاعلهم معها ، كون ذلك من نقض الغرض من جعله داعيا وإماما ، يأتم به الخلق ، ومن عداه فهو ممن يتصور في حقه حصول ذلك ، ولا استحالة فيه ، حيث تقتضي المصلحة تعريف الإنسان حجم طاقته وقدرته الاستيعابية على التعاطي مع الامور والقضايا كافة ، فيسفه بعد كونه رشيدا ، ويجن بعد كونه عاقلا صحيحا ، عساه يكف عن منازعة من فوقه سلطانه ، وملاحاة من معه ، وسائر تصرفاته المنبئة عن اغترار وطيش.
وان هذه الحقائق مع وقوعها الفعلي ، لكن حيث لا يراها بعض عيانا ، فينكرها ، او يتصورها مبالغة ، كان (عليه السلام) بصدد تبيانها بالشواهد الحية ، باستعراض حالات دالة :
الحالة الاولى : ان البعض مجادل ، فإذا ما سأل ، لا يكون دافعه تحصيل المعلومة الصحيحة بقدر ما يهدف إلى المجابهة الكلامية ، بحيث يدخل على المسئول المشقة ، ويلبس عليه ، ليوقعه في مزلقة فكرية ، ومطب لفظي ، فهو يطلب كبوته ، ويترصد عثرته ، وهذا من بعض شواهد ضعف الإنسان ونقصه.
الحالة الثانية : ان البعض متكلف ، فإذا ما أجاب ، لا يترسل في جوابه وفقا لمقتضيات الحالة ، بل يحاول ان يجهد نفسه ، ليجد ثغرة على سائلة ، فيتقوى بها عليه ، وهذا مع كونه شاهدا ثانيا على ضعف الإنسان ، لكنه لا يعني رفض التدبر والتفكير العميق قبل الجواب ، انما التحذير من شن الحرب الفكرية ، لما في ذلك من عواقب وخيمة ، تؤدي إلى شل الحراك الفكري ، ووأد نموه ، بل قطع جذوره ، وهو امر خطير ، يلزم التصدي لمكافحته ، والتحذير من عاقبته.
الحالة الثالثة : ان البعض متكيف المزاج ، فتتحكم فيه عوامل الرضا والغضب ، فلا يقرر في تعقله ، وصوابيه رأيه ، بل قد يغلبه غضبه ، ويستجره إلى مالا يحمد من مواقف ، وهذا شاهد ثالث على المدعى.
الحالة الرابعة : ان البعض متأثر برغباته وملذاته ، بحيث تورطه ، وتظهر مكنونة ، فلا يكون رصينا ، سديدا ، بل تغلبه شهواته ، وبالتالي تتوقع منه الانتكاسة ، ولا يستغرب للزلة منه ، وهذا شاهد رابع على مستوى المغريات الفعلية.
الحالة الخامسة : ان البعض سريع التأثر ، بدرجة ان كلمة واحدة ، تبدل موقفه ، وتغير اتجاهه ، مما يجعله متذبذبا ، فلا ينتظر منه السداد والثبات ، وهذا شاهد خامس على مستوى المغريات القولية.
ثم انتقل (عليه السلام) لبيان ان الدنيا غير مأمونة ، حيث انها تغدر بمن يركن إليها ، ويثق بوعودها مثل:
1- من كان يرجو البقاء ، ولم يبق ليحقق ما تمناه.
2- من بنى مسكنا ، ولم يمهله الاجل ليسكنه.
3- من جمع مالا ، ولم يتمتع به ، بل تركه لغيره ، وهو المسئول عنه ، ويشتد الامر سوءا ، لو كان من :
أ- باطل جمعه ، بما يرمز إليه من عدم استحقاقه له ، فكانت حيازته بلا مسوغ شرعي ، وجمعه ظلما وعدوانا.
ب- حق منعه ، عندما حجبه عن أهله ومستحقيه ، سواء أكان حقا للخالق ام المخلوق.
وهو في الحالين مخالف ، غير مستحق له ، فقد أخذ مالا مع انه حرام عليه ، فتترتب عليه تبعة ذلك من تحمل الإثم وضمان الإرجاع لأهله ودفعه لموارده ، مع ما يلحق به من الندم والتحسر على ما ضيعه من عمره ، وما فاته من نشاطه المصروف في اكتساب المآثم ، مع تمنيه لو يعاد ليصلح امره.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الأقاويل : جمع الاقوال وهو جمع القول وهو اللفظ ، السرائر ، جمع السريرة : ما يكتم، مبلوة : معلومة ، منقوصون / مدخلون : كناية عن عدم التفاتهم إلى حقيقة زوال الدنيا وتبدلها كالذي يختلط عقله فلا يعرف الحقيقة ، المتعنت : الذي يتكلف الشيء بمشقة ، وقد تستعمل كناية عن كونه اثما ، المتكلف : المتصنع وغير المترسل ، تنكؤه اللحظة ، كناية عن سرعة الاصابة والتأثير السريع بالنظرة السريعة ، وتستحيله الكلمة الواحدة : كناية عن سرعة التغير.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|