أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-4-2019
1852
التاريخ: 2023-03-13
1199
التاريخ: 22-3-2021
3596
التاريخ: 10-7-2021
1908
|
الخوف فهو عبارة عن تألم القلب و احتراقه بسبب توقع مكروه في الاستقبال و بحسب تظاهر أسباب المكروه تكون قوّة الخوف و شدّة تألم القلب ، و بحسب ضعف الأسباب يضعف الخوف ، و الخوف من اللّه تارة يكون بمعرفة اللّه و معرفة صفاته ، و تارة يكون بكثرة الخيانة من العبد بمقارفة المعاصي ، و تارة يكون بهما جميعا و بحسب معرفته بجلال اللّه و تعاليه و استغنائه و بعيوب نفسه و جناياته تكون قوة خوفه فأخوف النّاس لربّه أعرفهم بربّه و بنفسه و لذلك قال النبيّ (صلى الله عليه واله): «أنا أخوفكم للّه»(1) و قال اللّه سبحانه : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } [فاطر : 28].
ثمّ بقدر كمال المعرفة يفيض(2) , اثر الحرقة من القلب على البدن ، و على الجوارح ، و على الصّفات ، أما في البدن فبالنحول(3) , و الصفاء و البكاء ، و أما في الجوارح فبكفها عن المعاصي و تقييدها بالطاعات تلافيا لما فرط و استعدادا للمستقبل ، و لذلك قيل : ليس الخائف من يبكي و يمسح عينيه ، بل من يترك ما يخاف أن يعاقب عليه ، و قال حكيم : من خاف شيئا هرب منه ، و من خاف اللّه هرب إليه ، و أما في الصّفات فهو أن يقمع(4) , الشهوات و يكدر(5) , اللذات.
فتصير المعاصي المحبوبة عنده مكروهة كما يصير العسل مكروها عند من يشتهيه إذا عرف أن فيه سمّا فتحترق الشّهوات بالخوف و تتأدّب الجوارح و يحصل في القلب الذّبول (6) , و الخشوع و الذلة و الاستكانة ، و يفارقه الكبر و الحقد و الحسد بل يصير مستوعب الهمّ بخوفه و النظر في خطر عاقبته فلا يتفرغ لغيره و لا يكون له شغل إلا المراقبة و المحاسبة و المجاهدة و الضّنة(7) , بالانفاس و اللحظات ، و مؤاخذة النفس في الخطرات و الكلمات فيكون ظاهره و باطنه مشغولا بما هو خائف منه لا يتسع فيه لغيره.
هذا حال من غلبه الخوف و استولى عليه ، و أقلّ درجات الخوف مما يظهر أثره في الأعمال أن يمتنع من المحظورات ، و يسمى الكف الحاصل من المحظورات و رعا فان زادت قوته كف عمّا يتطرق إليه إمكان التحريم و يسمّى ذلك تقوى ، و قد يحمله على أن يترك ما لا بأس به مخافة ما به بأس و هو الصدق في التقوى.
فاذا انضمّ إليه التجرّد للخدمة فصار لا يبني ما لا يسكنه ، و لا يجمع ما لا يأكله ، و لا يلتفت إلى دنيا يعلم أنها تفارقه ، و لا يصرف إلى غير اللّه تعالى نفسا من أنفاسه فهو الصّدق و صاحبه جدير بأن يسمى صدّيقا و يدخل في الصّدق التقوى و في التقوى الورع وفي الورع العفّة فانّها عبارة عن الامتناع عن مقتضى الشهوات خاصة فاذا الخوف يؤثر في الجوارح بالكف و الاقدام.
________________
(1) احياء علوم الدين : ج 4 , ص 145.
(2) أفاض السيل يفيض فيضا كثر و سال من شفا الوادي. م.
(3) النحول : الهزال. م.
(4) قمعه : قهره و ذلله. ق.
(5) كدر الماء مثلثة الدال فهو كدر نقيض صفا. م.
(6) ذبلت بشرته قل ماء جلدته و ذهب نضارته م.
( 7) الضنين : البخيل الشحيح و في حديث الدنيا لم يصفها لاوليائه و لم يضن بها على أعدائه اي لم يبخل بها عليهم. م.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|