أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-8-2021
1769
التاريخ: 12-3-2017
3057
التاريخ: 29-5-2016
4516
التاريخ: 5-11-2021
4192
|
الاصل ان تتم التصرفات القانونية بتوافر اركانها من تراض ومحل وسبب ، ويرد عليه استثناء بصحة بعض التصرفات على الرغم من عدم وجود السبب ، وصحة بعض هذه التصرفات له مبرراته القانونية والمنطقية ، اذ ينص القانون على صحة مثل تلك التصرفات كما في الكفالة والانابة في الوفاء ، او ان المنطق يتطلب ذلك بعدم مباغتة من بنى التزامه وفقاً للمعطيات التي قدمت له وظهرت امامه ، وهذا كله لتحقيق الاستقرار للتصرفات القانونية التي نحن بصددها وللمعاملات المالية بوجه عام .
والتصرف القانوني المجرد هو التصرف الارادي المجرد من سببه ، فهو يستند على الارادة الظاهرة التي تم التعبير عنها الى العالم بمظاهر خارجية ، سواء أتم باي وسيلة من وسائل التعبير صريحة كانت ام ضمنية ، والتصرف المجرد هو التصرف الذي يتجرد من السبب ويتم بمجرد تراضي طرفيه ، اذ اصبح الاصل في التصرفات القانونية هو الرضائية اي انها تتم بمجرد تراضي اطرافها ، ولا يلزم افراغ هذا التراضي في شكل معين ، الا اذا اشترط القانون ذلك ، كما في التصرفات الواردة على العقار اذ يجب ان تسجل في دائرة التسجيل العقاري (1).
ووفقاً لمبدأ سلطان الارادة ، ومبدأ الرضائية او مبدأ الحرية في اختيار شكل الاعلان عن الارادة ، فالقاعدة العامة هي ان للأشخاص حرية اختيار شكل اعلان الارادة ، ما دامت تعلن على وجه يكفي في نظر القانون لان تضاف اليها الاثار المنشودة ، اما الاستثناء في الشكل فهو وجوب مراعاة الشكل الذي يشترطه القانون ، فيمثل بذلك احد اركان التصرف القانوني ، ويترتب على تخلفه بطلان هذا التصرف ، وعلاقة التصرف القانوني المجرد بالإرادة الظاهرة علاقة مترابطة ، فالتصرف القانوني المجرد امتداد لرأي النظام الجرماني الذي يبني صحة ونفاذ التصرف على الارادة الظاهرة وما ترتبه من ثقة لدى المجتمع ، وما يتحصل من ذلك من استقرار للتصرفات القانونية خصوصاً والمعاملات المالية على وجه العموم .
ونستنتج مما تقدم ، وجود علاقة مترابطة بين الارادة ، وشكل التعبير عنها في صورة الارادة الظاهرة ، والاعتداد بهذه الارادة استناداً على مبدأ سلطان الارادة ، وما يتولد في نفوس اشخاص المجتمع من ثقة واطمئنان ، والتي تمثل الثقة العامة والمصلحة العامة لا الثقة الفردية ومصلحة الفرد ، وتحقيق الاستقرار في التصرفات القانونية والمعاملات المالية ، فضلاً عن تحقيق العدالة ، ويتضح هناك علاقة مترابطة ما بين الارادة الباطنة ومبدأ العقد شريعة المتعاقدين ، وتحقيق العدالة على حساب تحقيق استقرار المعاملات المالية . وتقدم التطرق الى تباين مواقف القوانين المدنية عند تشريعها بين عاملين ، العدالة او الاستقرار في المعاملات المالية ، ولاحظنا موقف المشرع العراقي في القانون المدني .
ونعتقد ان هناك تلازماً بين التصرف القانوني المجرد والارادة الظاهرة ، فالتصرف القانوني المجرد هو تصرف جرد من سببه ، استناداً على مبدأ سلطان الارادة ، ومبدأ الرضائية في العقود ، الذي يتيح للأفراد التعبير عن ارادتهم بالشكل الذي يروق لهم ، ما لم يرد نص بخلاف ذلك ، وبالنتيجة فان الاصل هو الاعتداد بالارادة التي ظهرت للمجتمع ، والتي تم التعبير والافصاح عنها ، فولدت انطباعاً لدى اشخاص المجتمع ، لا يمكن الرجوع عنه بالرجوع عن الارادة المعبر عنها ، وان خالفت الارادة الباطنة ، فالأخذ بالمفاهيم السابقة يؤدي الى زرع الثقة والامان في المجتمعات ، وبالتالي سيؤدي الى تحقيق الاستقرار في المعاملات المالية والذي تنشده التشريعات المدنية .
وما يؤيد ذلك الحكم الصادر من مركز القاهرة الاقليمي للتحكيم التجاري الدولي والذي جاء فيه " وحيث انه لا ريب ان ارادة المتعاقدين هي مرجع ما يرتبه العقد من آثار ، بيد ان هذه الارادة وهي ذاتية بطبيعتها ، لا يمكن استخلاصها الا بوسيلة مادية او موضوعية هي عبارة العقد ذاتها ، ولكن عبارة العقد قد يداخلها اللبس والابهام او تكون مشوشة التأليف قلقة التراكيب فاسدة المباني وقد تكون سديدة النهج مطردة التنسيق ، سليمة من الابهام واللبس تتوالى معانيها على غير مؤونة ولا جهد فكر ولا ارهاق خاطر غير مفتقرة الى تفسير ، ولا يمكن تفسيرها - وهي كذلك - الا ضرباً من التحايل للخلوص من معناها الواضح ...... ان اجماع الفقه واطراد محكمة النقض على انه متى كانت عبارات العقد واضحة في افادة المعنى المقصود منها فانه لا يجوز اخضاعها لقواعد التفسير للوصول الى معنى آخر اذ يجب اعتبارها تعبيراً صادقاً عن ارادتهما المشتركة وذلك رعاية لمبدأ سلطان الارادة وتحقيقاً لاستقرار المعاملات " (2).
اما اذا لم يتم الاخذ بما تقدم ، واعتمد مذهب الارادة الباطنة ، فان ذلك وان حقق العدالة الا انه سيؤدي الى عدم استقرار المعاملات المالية ، وهذا ما لا نؤيده . ونذهب الى الاخذ بالمذهب التوفيقي الذي يوازن بين الارادة الظاهرة والارادة الباطنة مع تغليب الارادة الظاهرة على الارادة الباطنة كلما ادى ذلك الى تحقيق استقرار المعاملات .
____________
1- نص القانون المدني العراقي في المادة 90 – 1 على انه " اذا فرض القانون شكلاً معيناً فلا ينعقد الا باستيفاء هذا الشكل ما لم يوجد نص بخلاف ذلك " ، ونص كذلك في المادة 602 على " اذا كان الموهوب عقاراً وجب لانعقاد الهبة ان تسجل في الدائرة المختصة " ، ونص كذلك في المادة 1286 – 1 على " لا ينعقد الرهن التأميني الا بتسجيله في دائرة التسجيل العقاري ...... " . ونص قانون التسجيل العقاري العراقي رقم 43 لسنة 1971 في المادة 3 – 2 منه على " لاينعقد التصرف العقاري الا بالتسجيل في دائرة التسجيل العقاري " . وينظر كذلك القانون المدني المصري رقم 30 لسنة 1948 في المادة 101 – 2 المتعلقة بشكل العقد ، والمادة 488 – 1 والمتعلقة بالهبة ، والمادة 1031 والمتعلقة بالرهن . وينظر كذلك القانون المدني الاردني رقم 43 لسنة 1976 في المادة 105 – 2 والمتعلقة بشكل العقد ، وينظر المادة 566 – 1 والمتعلقة بالهبة ، وينظر كذلك المادة 1323 والمتعلقة بالرهن التأميني .
2- ينظر حكم مركز القاهرة الاقليمي للتحكيم التجاري الدولي في القضية رقم 95 / 64 الصادر بتاريخ 24 / 9 / 1993 . هذا القرار مشار اليه لدى د. محي الدين اسماعيل ، احكام مركز القاهرة الاقليمي للتحكيم التجاري الدولي ، الطبعة الاولى ، بدون دار نشر ، القاهرة – مصر ، 2002 ، ص 287
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|