أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-06
1328
التاريخ: 2024-10-22
180
التاريخ: 5-5-2016
3519
التاريخ: 24-5-2017
16253
|
تدور بين اطراف العلاقة التعاقدية مفاوضات تسبق وتمهد لا تمام العقد ، قد تنتهي بأبرام العقد ، ومما لا شك فيه ان هذه المفاوضات ستستغرق وقتاً ، وتحتاج الى فترة زمنية يتبادل فيها الاطراف اراءهم ، اذ قد يقدم احدهم دعوة الى التفاوض يوجهها الى شخص محدد او اشخاص غير محددين ، او ان يقدم ايجاباً للطرف الآخر في مجلس العقد ، او ان يحدد الموجب مدة لا يجابه يلتزم خلالها بهذا الايجاب وصولاً لاقترانه بقبول واتمام العقد ، وقد يتفق الطرفان مبدئياً على ابرام عقد في المستقبل .
ويلاحظ ان موقف المشرع العراقي في القانون المدني من تحديد المدة كان واضحاً ، اذ غالباً ما يحددها بدقة او ان يترك امر تحديدها الى القاضي باعطاءه السلطة التقديرية في ذلك .
وبصدد تنظم المرحلة السابقة على التعاقد ، فقد راعى المشرع ذك بل حرص على اضفاء الاستقرار على المفاوضات التي تتم في هذه المرحلة ، عبر تحديده لعامل المدة ، وهو ما سنبينه في الفروع الثلاثة الاتية .
الفرع الاول
الايجاب في مجلس العقد
عندما تتفاوض الاطراف بصدد معاملة ما في مجلس العقد ، ويصدر من احدهم ايجاب ، فلابد من مدة زمنية يبقى فيها هذا الايجاب ملزماً لصاحبه ( الموجب ) ، وقد يحدد الموجب ، او لا يحدد فترة زمنية ، وعند عدم تحديد المدة ، فهذا لا يعني ان يظل الايجاب قائماً الى ما لا نهاية ، وقد نصت المادة 82 من القانون المدني العراقي على " المتعاقدان بالخيار بعد الايجاب الى اخر المجلس . فلو رجع الموجب ..... " (1)
فاذا حدد القانون المدة التي يسقط بها الايجاب غير محدد المدة الا وهي ، الى اخر المجلس ، اي بانفضاض المجلس دون اقتران الايجاب بقبول مطابق له ، او رجوع الموجب عن ايجابه قبل القبول ، او قد يصدر من احد المتعاقدين قولاً او فعلاً يدل على الاعراض .
ونرى ان قصد المشرع باخر المجلس هو المدة التي يستغرقها مجلس العقد ، ولا بد لها ان تنتهي ، ونهايتها تكون بانفضاض المجلس فلكل شيء بداية ونهاية ، اما ان يطلق المشرع اصطلاح المتعاقدان على الاطراف المتفاوضة في مجلس العقد ، فهما المتعاقدان تجوزاً كونهما ، في هذه المرحلة ، لم يصلا الى المرحلة التي يمكن فيها ان يوصفا بالمتعاقدين (2) .
اما ما يتعلق باستقرار المعاملات ، فنعتقد ان موقف المشرع العراقي من اعتبار انتهاء المدة بانفضاض المجلس ، هو لا ضفاء الاستقرار على مصير المعاملات المالية بين الاشخاص ، والا يبقى الموجب تحت رحمة من وجه اليه الايجاب ، الى ما لا نهاية ، لمجافاته لفكرة الثبات واليقين التي يجب ان تتصف بها المعاملات المالية ، والذي يمكن ان يتحقق ، اذا اقترن بمدة معلومة ، تكون المعيار والعامل في تحقيق الاستقرار .
الفرع الثاني
الايجاب محدد المدة
نصت المادة 84 من القانون المدني العراقي على " اذا حدد الموجب ميعاداً للقبول التزم بإيجابه الى ان ينقضي هذا الميعاد " (3) ، فقد تكون مرحلة التفاوض ، في غير مجلس العقد ، بحيث يكون هناك فاصل زمني منذ صدور الايجاب لحين اقترانه بالقبول ، كأن يصدر من احد الاطراف ايجاباً موجهاً الى شخص او اشخاص محددين ، او ان يكون موجهاً للجمهور ، ويقترن هذا الايجاب بمدة معينة يكون نافذاً وملزماً لموجبه فيها ، فاذا مرت هذه المدة دون اقترانه بقبول ، سقطت القوة الملزمة لهذا الايجاب ، وهذه الفرضية التي بينها المشرع العراقي (4)، ما هي الا تكريس لموضوع استقرار المعاملات المالية بين الاشخاص . فاذا لم يجز القانون للموجب من تحديد مدة زمنية يمكن له فيها الرجوع عن ايجابه ، فانه سيبقى ملتزماً ، الى ما لا نهاية ، بأبرام العقد اذا صادف ايجابه قبولاً ، وهذا الالتزام يتنافى وقواعد المنطق في ان من يملك المنح يملك الالغاء ، كما ويتنافى مع الحرية الشخصية ومبدأ سلطان الارادة ، فضلاً عن انه يتنافى مع غاية القانون في تحقيق استقرار المعاملات .
الفرع الثالث
الوعد بالتعاقد او الاتفاق الابتدائي
يعرف الوعد بالتعاقد بانه " اتفاق بين طرفين يلتزم بمقتضاه احد الطرفين او كلاهما بابرام عقد في المستقبل اذا اظهر الموعود له رغبته في ذلك خلال المدة المتفق عليها " (5) . وعرفته المادة (91–1) من القانون المدني العراقي والتي نصت على " الاتفاق الابتدائي الذي يتعهد بموجبه كلا المتعاقدين او احدهما بابرام عقد معين في المستقبل لا يكون صحيحاً الا اذا حددت المسائل الجوهرية للعقد المراد ابرامه والمدة التي يجب ان يبرم فيها " (6) . وقد بين المشرع العراقي مستلزمات الوعد بالتعاقد ، اذ اشترط على الاطراف تحديد مدة زمنية يتم خلالها العقد النهائي اذا اظهر الموعود له رغبته في ابرام العقد النهائي ، اما اذا انقضت هذه المدة دون اظهار الرغبة تحلل الواعد من التزامه .
ويتضح ان المشرع لم يشترط تحديد المدة لاتمام العقد النهائي الا لتحقيق الاستقرار للوعد بالتعاقد وبالتالي استقرار المعاملات ، لان بقاء الوعد بالتعاقد ملزماً للواعد الى ما لا نهاية من حيث الوقت يعني بقاء الواعد تحت رحمة الموعود له ، وهذا مما لا يمكن قبوله باي حال من الاحوال ، لمجافاته مقتضى العقل ومنطق الاشياء ، واستقرار المعاملات المنشود .
____________
1- ينظر المادة 94 من القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948 . وينظر كذلك المادة 96 من القانون المدني الاردني رقم 43 لسنة 1976 .
2- ويظهر دقة ما يذهب اليه استاذنا الدكتور عزيز الخفاجي من " ان اطلاق لفظ المتعاقدين على الاطراف المتفاوضة هو امر غير صحيح لانهما لم يصلا للمرحلة التي يمكن ان يطلق عليهما المتعاقدان كونهما ما زالا في مرحلة ما قبل التعاقد " ، هذا الرأي لأستاذنا الدكتور عزيز كاظم جبر الخفاجي ، نظرية العقد – دراسة مقارنة بالفقه الاسلامي ، محاضرات غير مطبوعة القاها على طلبة الدكتوراه ، كلية القانون / جامعة كربلاء ، العام الدراسي 2010 – 2011 .
3- ينظر المادة 93 من القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948 والتي تنص على " 1 – اذا عين ميعاد للقبول التزم الموجب بالبقاء على ايجابه الى ان ينقضي هذا الميعاد . 2 – وقد يستخلص الميعاد من ظروف الحال او من طبيعة المعاملة " . وينظر كذلك المادة 98 من القانون المدني الاردني رقم 43 لسنة 1976 والتي نصت على " اذا عين ميعاد للقبول التزم الموجب بالبقاء على ايجابه الى ان ينقضي هذا الميعاد " .
4- ينظر المادة 84 من القانون المدني العراقي .
5- ينظر د. عبد المجيد الحكيم والاستاذ عبد الباقي البكري والاستاذ المساعد محمد طه البشير ، الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي – مصادر الالتزام ، الجزء الاول ، مؤسسة دار الكتب للطباعة والنشر ، الموصل – العراق ، 1980 ، ص 49 .
6- ينظر المادة 101 من القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948 والتي نصت على " الاتفاق الذي يعد بموجبه كلا المتعاقدان او احدهما بأبرام عقد في المستقبل لا ينعقد ، الا اذا عينت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد ابرامه ، والمدة التي يجب ابرامه فيها " . وينظر كذلك المادة 105 – 1 من القانون المدني الاردني رقم 43 لسنة 1976 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|