المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17639 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية ماشية اللبن في البلاد الأفريقية
2024-11-06
تربية الماشية في جمهورية مصر العربية
2024-11-06
The structure of the tone-unit
2024-11-06
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06
Level _yes_ no
2024-11-06



تفسير الأية (65-70) من سورة الحج  
  
3497   06:20 مساءً   التاريخ: 18-9-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الحاء / سورة الحج /

 

قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (65) وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ (66) لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67) وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } [الحج: 65 - 70]

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ} من الحيوان والجماد{ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ} أي: وسخر لكم الفلك في حال جريها{ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ} أي: يمنع السماء من وقعها على الأرض إلا بإرادته.

والمعنى: إلا إذا أذن الله في ذلك بأن يريد إبطالها وإعدامها{ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} برأفته ورحمته بهم فعل هذا التسخير، وأمسك السماء من الوقوع.

ثم ذكر سبحانه دلالة أخرى على وحدانيته فقال:{ وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ} بعد أن كنتم نطفا ميتة{ثم يميتكم} عند انتهاء آجالكم{ثم يحييكم} للبعث والحساب. وفيه بيان أن من قدر على ابتداء الإحياء قدر على إعادة الإحياء{إن الانسان لكفور} أي جحود، فإنه مع هذه الأدلة الدالة على الخلق، يجحد الخالق{لكل أمة} أي: لكل قرن مضى{ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} أي: شريعة هم عاملون بها، عن ابن عباس. وقيل: مكانا يألفونه، وموضعا يعتادونه لعبادة الله.

ومناسك الحج من هذا لأنها مواضع العبادات فيه، فهي متعبدات الحج. وقيل: موضع قربان أي: متعبد في إراقة الدماء منى أو غيره، عن مجاهد وقتادة.

{ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ} هذا نهي لهم عن منازعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقيل: نهي له لأن المنازعة تكون من اثنين، فإذا وجه النهي إلى من ينازعه، فقد وجه إليه، ومنازعتهم قولهم: أتأكلون ما قتلتم، ولا تأكلون ما قتله الله؟ يعنون الميتة أي. فلا يخاصمنك في أمر الذبح. وقيل: معناه ليس لهم أن ينازعوك في شريعتهم، وقد نسخت هذه الشريعة الشرائع المتقدمة.{ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ} أي: لا تلتفت إلى منازعتك، وادع إلى توحيد ربك، وإلى دينه{ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ} أي: على دين قيم.

{ وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} أي: إن خاصموك في أمر الذبيحة فقل: الله أعلم بتكذيبكم، فهو يجازيكم به. وهذا قبل الأمر بالقتال. وقيل. معناه لان جادلوك على سبيل المراء والتعنت، بعد لزوم الحجة، فلا تجادلهم على هذا الوجه، وادفعهم بهذا القول. وقيل: معناه وإن نازعوك في نسخ الشريعة، فحاكمهم إلى الله.

{ اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي: يفصل بينكم{ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} أي: فيما تذهبون فيه إلى خلاف ما يذهب. ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم، والمراد جميع المكلفين:{ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} من قليل وكثير، لا يخفى عليه شئ من ذلك{ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ} أي: مثبت في الكتاب المحفوظ، عن الجبائي إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} أي: كتابته في اللوح المحفوظ على الله يسير لا يحتاج إلى معالجة خطوط وحروف، وإنما يقول: كن فيكون. وقيل. إن الحكم بينكم يسير على الله.

_____________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج7،ص168-169.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهً سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الأَرْضِ والْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ }.

تقدم مثله في الآية 32 من سورة إبراهيم ج 4 ص 448 . والآية 13 و 14 من سورة النحل ج 4 ص 502 .

{ ويُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهً بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ }.

أمسك سبحانه الكواكب بنظام الجاذبية ، كما أمسك الطير في الجو بجناحيه ، وأسند الإمساك إليه تعالى لأنه خالق الكون ، ومسبب الأسباب ، وفي بعض الآيات عبّر عن هذه الأسباب بأيدي اللَّه ، قال تعالى : « أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً » - 71 يس . وقال : « ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ » - 75 ص .

وعلى أية حال فان الغاية من قوله تعالى : { ويُمْسِكُ السَّماءَ }الخ هي الإشارة إلى أن على الإنسان أن يطيل الفكر في خلق الكون ، وكيف أتقنه تعالى بقدرته ، ودبره بلطفه وحكمته ، ولولا هذا اللطف والتدبير لاختل نظام الكون ، وأصبح بجميع كواكبه هباء منبثا .

{ وهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الإِنْسانَ لَكَفُورٌ }. تقدم في الآية 28 من سورة البقرة ج 1 ص 86 فقرة « موتتان وحياتان » أما وصف الإنسان بالكفور والظلوم والفخور ونحوه فليس تحديدا لحقيقته وهويته ، بل هو تفسير لسلوكه في بعض مواقفه . أنظر تفسير الآية 9 من سورة هود ج 4 ص 212 وما بعدها .

{ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ }. المراد بكل أمة أهل الأديان ، والمنسك يطلق على ما يذبح لوجه اللَّه من الانعام كما في الآية 34 من هذه السورة وأيضا يطلق على مكان العبادة ، وعلى الشريعة والمنهج ، وهذا المعنى هو المراد هنا لقوله تعالى بلا فاصل : { فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الأَمْرِ}أي ما دام لكل أهل ملة شريعة ومنهاج فعلى أهل الأديان والملل ان لا ينازعوك يا محمد في الإسلام وشريعته ، فقد كانت شريعة التوراة والإنجيل للماضين ، أما شريعة القرآن فهي لأهل العصر الذي نزل فيه ، ولكل عصر إلى يوم يبعثون { وادْعُ إِلى رَبِّكَ}ولا تهتم باعراض من أعرض ، ونزاع من نازع { إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ}ومن اتبع هداك فلا يضل ولا يشقى .

{ وإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}. أمر اللَّه نبيه الكريم أن يمضي في دعوته ، وإذا نازعوه عتوا وعنادا أن يعرض عنهم ويقول لهم : اللَّه أعلم بعملنا وعملكم ، وبالمهتدين منا ومنكم ، وهو الحكم في يوم الفصل ، وفيه تعرفون المحق من المبطل .

{ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهً يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ والأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ}. الخطاب لرسول اللَّه ( صلى الله عليه واله وسلم ) والمراد تهديد الكافرين بأن ما قالوه وفعلوه وأضمروه من الكفر والكيد لنبي اللَّه فهو مسجل ومحفوظ عنده تعالى ، وسيحاسبهم عليه ، ويجازيهم بما يستحقون { إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }.

______________

1- التفسير الكاشف، ج 5، محمد جواد مغنية، ص 345- 347.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى:{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ} إلخ، استشهاد آخر على عموم القدرة، والمقابلة بين تسخير ما في الأرض وتسخير الفلك في البحر يؤيد أن المراد بالأرض البر مقابل البحر، وعلى هذا فتعقيب الجملتين بقوله:{ويمسك السماء} إلخ، يعطي أن محصل المراد أن الله سخر لكم ما في السماء والأرض برها وبحرها.

والمراد بالسماء جهة العلو وما فيها فالله يمسكها أن تقع على الأرض إلا بإذنه مما يسقط من الأحجار السماوية والصواعق ونحوها.

وقد ختم الآية بصفتي الرأفة والرحمة تتميما للنعمة وامتنانا على الناس.

قوله تعالى:{ وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ} سياق الماضي في{أحياكم} يدل على أن المراد به الحياة الدنيا وأهمية المعاد بالذكر تستدعي أن يكون المراد من قوله:{ثم يحييكم} الحياة الآخرة يوم البعث دون الحياة البرزخية.

وهذه الحياة ثم الموت ثم الحياة من النعم الإلهية العظمى ختم بها الامتنان ولذا عقبها بقوله:{إن الإنسان لكفور}.

الآيات تأمره (صلى الله عليه وآله وسلم) بالدعوة وتبين أمورا من حقائق الدعوة وأباطيل الشرك ثم تأمر المؤمنين بإجمال الشريعة وهو عبادة الله وفعل الخير وتختم بالأمر بحق الجهاد في الله وبذلك تختتم السورة.

قوله تعالى:{ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ} إلى آخر الآية.

المنسك مصدر ميمي بمعنى النسك وهو العبادة ويؤيده قوله:{هم ناسكوه} أي يعبدون تلك العبادة، وليس اسم مكان كما احتمله بعضهم.

والمراد بكل أمة هي الأمة بعد الأمة من الأمم الماضين حتى تنتهي إلى هذه الأمة دون الأمم المختلفة الموجودة في زمانه (صلى الله عليه وآله وسلم) كالعرب والعجم والروم لوحدة الشريعة وعموم النبوة.

وقوله:{ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ} نهي للكافرين بدعوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن منازعته في المناسك التي أتى بها وهم وإن كانوا لا يؤمنون بدعوته ولا يرون لما أتى به من الأوامر والنواهي وقعا يسلمون له ولا أثر لنهي من لا يسلم للناهي طاعة ولا مولوية لكن هذا النهي لما كان معتمدا على الحجة لم يصر لغوا لا أثر له وهي صدر الآية.

فكأن الكفار من أهل الكتاب أو المشركين لما رأوا من عبادات الإسلام ما لا عهد لهم به في الشرائع السابقة كشريعة اليهود مثلا نازعوه في ذلك من أين جئت به ولا عهد به في الشرائع السابقة ولو كان من شرائع النبوة لعرفه المؤمنين من أمم الأنبياء الماضين؟ فأجاب الله سبحانه عن منازعتهم بما في الآية.

ومعناها أن كلا من الأمم كان لهم منسك هم ناسكوه وعبادة يعبدونها ولا يتعداهم إلى غيرهم لما أن الله سبحانه بدل منسك السابقين مما هو أحسن منه في حق اللاحقين لتقدمهم في الرقي الفكري واستعدادهم في اللاحق لما هو أكمل وأفضل من السابق فالمناسك السابقة منسوخة في حق اللاحقين فلا معنى لمنازعة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما جاء به من المنسك المغاير لمناسك الأمم الماضين.

ولما كان نهيهم عن منازعته (صلى الله عليه وآله وسلم) في معنى أمره بطيب النفس من قبل نزاعهم ونهيه عن الاعتناء به عطف عليه قوله:{وادع إلى ربك} كأنه قيل: طب نفسا ولا تعبأ بمنازعتهم واشتغل بما أمرت به وهو الدعوة إلى ربك.

وعلل ذلك بقوله:{إنك لعلى هدى مستقيم} وتوصيف الهدى بالاستقامة وهي وصف الصراط الذي إليه الهداية من المجاز العقلي.

قوله تعالى:{ وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} سياق الآية السابقة يؤيد أن المراد بهذا الجدال المجادلة والمراء في أمر اختلاف منسكه (صلى الله عليه وآله وسلم) مع الشرائع السابقة بعد الاحتجاج عليه بنسخ الشرائع، وقد أمر (صلى الله عليه وآله وسلم) بإرجاعهم إلى حكم الله من غير أن يشتغل بالمجادلة معهم بمثل ما يجادلون.

وقيل: المراد بقوله:{إن جادلوك} مطلق الجدال في أمر الدين، وقيل: الجدال في أمر الذبيحة والسياق السابق لا يساعد عليه.

وقوله:{ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} توطئة وتمهيد إلى إرجاعهم إلى حكم الله أي الله أعلم بعملكم ويحكم حكم من يعلم بحقيقة الحال، وإنما يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون وتخالفون الحق وأهله - والاختلاف والتخالف بمعنى كالاستباق والتسابق -.

قوله تعالى:{ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} تعليل لعلمه تعالى بما يعملون أي إن ما يعملون بعض ما في السماء والأرض وهو يعلم جميع ما فيهما فهو يعلم بعملهم.

وقوله:{إن ذلك في كتاب} تأكيد لما تقدمه أي إن ما علمه من شيء مثبت في كتاب فلا يزول ولا ينسى ولا يسهو فهو محفوظ على ما هو عليه حين يحكم بينهم، وقوله:{ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} أي ثبت ما يعلمه في كتاب محفوظ هين عليه.

____________

1- تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج14،ص328-332.

تفسير الامثل
             -  ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

وتشير الآية التالية إلى نموذج آخر من تسخير الله تعالى الوجود للإنسان {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ} وجعل تحت إختياركم جميع المواهب والإمكانات فيها لتستفيدوا منها بأي صورة تريدون، وكذلك جعل السفن والبواخر التي تتحرّك وتمخر عباب البحار بأمره نحو مقاصدها. {الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ} إضافةً إلى {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ} فالكواكب والنجوم تسير في مدارات محدّدة بأمر الله سبحانه وتعالى، كلّ ذلك لتسير في فاصلة محدّدة لها عن الكواكب الاُخرى، وتمنع إصطدام بعضها ببعض.

وخلق الله طبقات جويّة حول الأرض لتحول دون وصول الأحجار السائبة في الفضاء إلى الأرض وإلحاق الضرر بالبشر.

وذلك من رحمة الله لعباده ولطفه بهم، فقد خلق الأرض آمنة لعباده، فلا تصل إليهم الأحجار السائبة في الفضاء، ولا تصطدم الأجرام الاُخرى بالأرض. وهذا ما نلمسه في ختام الآية المباركة {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}.

وتتناول الآية الأخيرة أهمّ قضيّة في الوجود، أي قضيّة الحياة والموت فتقول: {وهو الذي أحياكم} أي كنتم تراباً لا حياة فيه فألبسكم لباس الحياة {ثمّ يميتكم}وبعد إنقضاء دورة حياتكم يميتكم {ثمّ يحييكم} أي يمنحكم حياة جديدة يوم البعث.

وتبيّن الآية ميل الإنسان إلى نكران نِعم الله عليه قائلة: {إنّ الإنسان لكفور} فرغم كلّ ما أغدق الله على الإنسان من أنعم في الأرض والسّماء، في الجسم والروح، لا يحمده ولا يشكره عليها، بل يكفر بكلّ هذه النعم. ومع أنّه يرى كلّ الدلائل الواضحة والبراهين المؤكدة لوجود الله تبارك وتعالى، والشاهدة بفضله عليه وإحسانه إليه ينكر ذلك. فما أظلمه وأجهله!

لكلّ اُمّة عبادة:

تناولت البحوث السابقة المشركين خاصّة، ومخالفي الإسلام عامّة، ممّن جادلوا فيما أشرق به الإسلام من مبادىء نسخت بعض تعاليم الأديان السابقة. وكانوا يرون من ذلك ضعفاً في الشريعة الإسلامية، وقوّة في أديانهم، في حين أنّ ذلك لا يشكل ضعفاً إطلاقاً، بل هو نقطة قوّة ومنهج لتكامل الأديان ولذا جاء الفصل الربّاني جلّياً {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ}(2).

«المناسك» ـ كما قلنا سابقاً ـ جمع «منسك» أي مطلق العبادات، ومن الممكن أن تشمل جميع التعاليم الإلهيّة. لهذا فإنّ الآية تبيّن أنّ لكلّ اُمّة شرعة ومنهاجاً يفي بمتطلّباتها بحسب الأحوال التي تعيشها، لكنّ ارتقاءها يستوجب تعاليم جديدة تلبّي مطامحها المرتقّية، وهذا ما صدعت به الآية المباركة وأنارته قائلة: {فلا ينازعنّك في الأمر}. فبما تقدّم لا ينبغي لهم منازعتك في هذا الأمر.

{وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ}. تخاطب الآية النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن ياأيّها النّبي لا يؤثّر هؤلاء في دعوتك الراشدة باعتراضاتهم الضالّة، فالمهتدي إلى الصراط المستقيم أقوى من الضارب في التيه.

فوصف «الهدى» بالإستقامة، إمّا تأكيداً لها، وإمّا إشارة إلى أنّها يمكن أن تتحقّق بطرق مختلفة، قريبها وبعيدها، مستقيمها وملتويها، إلاّ أنّ الهداية الإلهيّة أقربها وأكثرها إستقامة.

ثمّ أضافت الآية {وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} فلو استمرّوا في جدالهم ومنازعتهم معك، ولم يؤثّر فيهم كلامك. فقل لهم: انّ الله أعلم بأعمالكم، وستحشرون إليه في يوم يعود الناس فيه إلى التوحيد، وتحلّ جميع الإختلافات لظهور الحقائق لجميع الناس: {اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}(3).

وبما أنّ القضاء بين العباد يوم القيامة بحاجة إلى علم واسع بهم وإطّلاع دقيق بأعمالهم، ختمت الآيات هاهنا بقوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} و {إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ}.

أجل، إنّ جميع ذلك قد ثبت في كتاب علم الله الذي لا حدود له، كتاب عالم الوجود وعالم العلّة والمعلول، عالم لا يضيع فيه شيء، فهو في تغيير دائم، حتّى لو خرجت أمواج صوت ضعيف من حنجرة إنسان قبل ألفي عام فانّها لا تنعدم، بل تبقى في هذا الكتاب الجامع لكلّ شيء بدقّة. أي إنّ كلّ ما يجري في هذا الكون مسجّل في لوح محفوظ هو لوح العلم الإلهي، وكلّ هذه الموجودات حاضرة بين يدي الله سبحانه بجميع صفاتها وخصائصها. وهذا من معاني القدرة الإلهيّة التي نلمسها في قوله تعالى: {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}.

______________

1- تفسير الامثل ،ناصر مكارم الشيرازي،ج8،ص441-445.

2ـ يرى بعض المفسّرين أنّ هذه الآيات تشير إلى ردّ لما أثاره المشركون من إعتراض قائلين: لماذا لا تأكلون الميتة التي قتلها الله، في وقت تأكلون فيه الميتة التي قتلتموها أنتم؟! فنزلت هذه الآيات لتردّ عليهم.

إلاّ أنّه يستبعد أن تتضمّن هذه الآيات ذلك. لأنّ أكل الميتة لم تسمح به شريعة ـ في الظاهر ـ لما فيه من ضرر، حتّى يأتي القرآن ليؤيّد ذلك ويقول: لكلّ شريعة تعاليمها.

3ـ هذه الآية قد تخاطب المخالفين للإسلام والنّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعلى هذا فإنّ عبارة {الله يحكم بينكم ...} قول الله على لسان نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويمكن أن تخاطب جميع المسلمين والمخالفين، وعلى هذا تكون هذه الآية ذات بيان خاص موجّه من الله إلى الجميع.

 

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .