هل صحيح أنّ عبد الله بن سبأ كان يهوديا وهو من أسّس مذهب الشيعة؟ وما هي علاقة بالإمام علي عليه السلام ؟ وهل وصلت الى حد الربوبية والتأليه ؟ |
1588
08:02 صباحاً
التاريخ: 14-9-2020
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-9-2020
1589
التاريخ: 14-9-2020
722
التاريخ: 13-9-2020
958
|
السؤال : منذ فترة قريبة كنت أتناقش مع أحد السنّة ، فذكر لي شخص اسمه « عبد الله بن سبأ»، لذا أُريد أن اسأل بعض الأسئلة عن هذا الشخص :
1 ـ هل كان يهودياً؟
2 ـ هل صحيح أنّه مؤسّس مذهب الشيعة؟
3 ـ هل صحيح أنّه دخل على الإمام علي عليه السلام ، وقال له : أنت ربّي؟
4 ـ هل صحيح كانت له علاقة قوية بالإمام علي عليه السلام؟
الجواب : نجيب على أسئلتك إجمالاً وتفصيلاً :
أمّا أجمالاً : بالنسبة لسؤالك الأوّل نقول : نعم ، كان يهودياً ، إن لم نقل أنّه شخصية وهمية.
وبالنسبة لسؤالك الثاني نقول : غير صحيح ، بل مؤسّس أساس التشيّع هو رسول الله صلى الله عليه واله.
وبالنسبة لسؤالك الثالث نقول : نعم ، هو أوّل من قال بألوهية الإمام علي عليه السلام.
وبالنسبة لسؤالك الرابع نقول : غير صحيح ، ومن يدّعي ذلك فليأتنا بدليل.
وأمّا تفصيلاً : فالذي أفاده جمع من المحقّقين والباحثين ـ كالعلاّمة السيّد مرتضى العسكري في كتابه عبد الله بن سبأ ـ أنّه رجل اختلقه خصوم الشيعة ، كيداً لهم وإزراءً عليهم.
وتأييداً لذا ، قال الدكتور عبد العزيز الهلابي ـ الأُستاذ في قسم التاريخ بكُلّية الآداب بجامعة الملك سعود بالرياض ـ : « وعلى أيّة حال ، فسَيف ـ وهو راوي قصّة ابن سبأ ـ أراد طعن الشيعة في الصميم ، وذلك بنسبة مذهب التشيّع إلى يهودي حاقد على الإسلام ، يريد تقويضه من الداخل ، وأنّ أفكار الشيعة ـ المعتدلين منهم والغلاة ـ ليست سوى أفكار هذا اليهودي » (1).
وقال الدكتور طه حسين : « إنّ أمر السبئية وصاحبهم ابن السوداء ، إنّما كان متكلّفاً منحولاً ، قد اختُرع بأخَرَة ، حين كان الجدال بين الشيعة وغيرهم من الفِرق الإسلامية ، أراد خصوم الشيعة أن يُدخِلوا في أُصول هذا المذهب عنصراً يهودياً ، إمعاناً في الكيد لهم والنيل منهم » (2).
ويأتي الدكتور أحمد محمّد صبحي ، ليستعرض كلام الدكتور طه حسين حول وهمية عبد الله بن سبأ ، ثمّ يعلّق على هذا الموضوع قائلاً :
« ويبدوا أنّ مبالغة المؤرّخين وكتّاب الفرق في حقيقة الدور الذي قام به عبد الله بن سبأ ، يرجع إلى سبب آخر غير ما ذكره الدكتور طه حسين ، فلقد حدثت في الإسلام أحداث سياسية ضخمة ـ كمقتل عثمان ، ثمّ حرب الجمل ، وقد شارك فيها كبار الصحابة ، وزوجة الرسول صلى الله عليه واله ، وكُلّهم يتفرّقون ويتحاربون ـ وكُلّ هذه الأحداث تصدم وجدان المسلم المتتبع لتاريخه السياسي ... ولم يكن من المعقول أن يتحمّل وزر ذلك كُلّه صحابة أجلاّء أبلوا مع رسول الله صلى الله عليه واله بلاءً حسناً ، فكان لابدّ أن يقع عبء ذلك كُلّه على ابن سبأ » (3).
وحسبكم هذه الكلمات التي كتبها محمّد كرد علي قائلاً : « أمّا ما ذهب إليه بعض الكتّاب من أنّ مذهب التشيّع من بدعة عبد الله بن سبأ ـ المعروف بابن السوداء ـ فهو وهم ، وقلّة علم بتحقيق مذهبهم ، ولمن علم منزلة هذا الرجل عند الشيعة ، وبراءتهم منه ومن أقواله وأعماله ، وكلام علمائهم في الطعن فيه بلا خلاف في ذلك ، علم مبلغ هذا القول من الصواب » (4).
تعليق على الجواب السابق وجوابه :
السؤال : عفواً ، لكن هناك تناقضاً في إجاباتكم حول ابن سبأ المزعوم : فمرّة تقولون : إنّ ابن سبأ كان وهماً ، ومرّة تقولون : إنّه ادعى الألوهية لأمير المؤمنين عليه السلام ، مع أنّ بعض أهل السنّة أنكروا أو شكّكوا في وجوده ، والذين رووا روايات ابن سبأ ضعّفهم علماء الرجال من السنّة ، وهذه بعض الأدلّة من كتب إخواننا من أهل السنّة :
1 ـ فقد أشرتم إلى رأي طه حسين ، وراجعت كتابه ـ الفتنة الكبرى عثمان ، الطبعة التاسعة ، دار المعارف القاهرة ـ فبعد ذكر ما رواه العامّة عن ابن سبأ المزعوم ، يقول في صفحة 134 :
« وأكبر الظنّ أنّ عبد الله بن سبأ هذا ـ إن كان كُلّ ما يروى عنه صحيحاً ـ إنّما قال ما قال ، ودعا ما دعا إليه بعد ما كانت الفتنة ، وعظم الخلاف ، فهو قد استغل الفتنة ولم يثرها.
وأكبر الظنّ كذلك أنّ خصوم الشيعة أيّام الأمويين والعباسيين قد بالغوا في أمر ابن سبأ هذا ، ليشكّكوا في بعض ما نسب من الأحداث إلى عثمان وولاته من ناحية ، وليشنّعوا على علي وشيعته من ناحية أُخرى ، فيردّوا بعض أُمور الشيعة إلى يهودي أسلم كيداً للمسلمين ، وما أكثر ما شنّع خصوم الشيعة على الشيعة! وما أكثر ما شنّع الشيعة على خصومهم في أمر عثمان ، وفي غير أمر عثمان!
فلنقف من هذا كُلّه موقف التحفّظ والتحرّج والاحتياط ، ولنكبّر المسلمين في صدر الإسلام عن أن يعبث بدينهم وسياستهم وعقولهم ودولتهم رجل أقبل من صنعاء ، وكان أبوه يهودياً ، وكانت أمّه سوداء ، وكان هو يهودياً ثمّ أسلم لا رغباً ولا رهباً ، ولكن مكراً وكيداً وخداعاً ، ثمّ أتيح له من النجح ما كان يبتغي ، فحرّض المسلمين على خليفتهم حتّى قتلوه ، وفرّقهم بعد ذلك ، أو قبل ذلك شيعاً وأحزاباً ».
2 ـ وأشرتم إلى رأي الدكتور أحمد محمود صبحي ، فراجعت كلامه ، وانقل كلامه كاملاً بلا تحريف ، يقول الدكتور السنّي أحمد محمود صبحي في كتابه ـ الزيدية ، الطبعة الثانية سنة 1984 دار الزهراء للنشر العربي ، صفحة 22 ـ :
« وينسب الكثيرون ظهور التشيّع إلى هذه الفترة ، ويردّها بعض أهل السنّة إلى شخصية يهودي أسلم ليكيد للإسلام والمسلمين ، هو عبد الله بن سبأ ، ويصوّره القائلون بهذا الرأي محرّكاً الأحداث التاريخية ، بل والعقائدية في هذه الفترة ، من أواخر عهد عثمان وأثناء خلافة علي ، فهو يؤلّب الناس على عثمان حتّى أفضى الأمر إلى حصاره وقتله ، ثمّ هو يثير حرب الجمل ، ولم يكن اجتماع الفريقين على قتال.
أمّا من الناحية العقائدية ، فهو أوّل من نادى بقداسة علي ، وأنّه وصي النبيّ ، وأنّه نادى برجعته بعد مقتله ، ثمّ هو أوّل من هاجم الخلفاء الثلاثة ، واعتبرهم مغتصبون حقّه.
ويهدف كتّاب الفرق من أهل السنّة ـ أشاعرة وسلفية ـ من هذه الرواية إلى إدانة التشيّع من جهة ، وإلى تبرير قيام حرب بين بعض كبار الصحابة وتبرئتهم من دمائها ، حتّى تتسنّى موالاتهم جميعاً من جهة أُخرى ، لقد ساءتهم الحرب وأرادوا أن يحفظوا لصحابة كبار مكانتهم في نفوس المسلمين ، فلم يجدوا إلاّ أن يتحمّل وزر ذلك كُلّه يهودي أسلم ليكيد للإسلام.
ولكن فاتهم أنّ هذا التفسير يعني أنّ يهودياً نكرة ، قد تلاعب بصحابة كبار فأثار بينهم قتال ، وأمّا ما اختلقه ابن سبأ من عقائد فقد أثبت البحث الدقيق أنّ هذا استباق للحوادث ، وأنّ الأفكار المنسوبة إليه من اختلاق المتأخّرين ».
3 ـ أمّا الرواية التي تصف ابن سبأ ، وما قام به من أعمال خيالية لا يقبلها العقل السليم ، فقد رواها جمع من السنّة ، والظاهر أنّ كُلّ من روى هذه الرواية مثل ابن خلدون وابن كثير وغيرهما ، أخذها من تاريخ الطبري ، لأنّه التاريخ المعتبر والمعتمد عند جمهور السنّة.
نرجع إلى تاريخ الطبري ، طبعة دار الفكر ، بيروت لبنان ، الطبعة الأُولى سنة 1998 ، المجلد الخامس ، أحداث سنة خمس وثلاثين ، صفحة 147 ذكر مسير من سار إلى ذي خشب من أهل مصر ، وسبب مسير من سار إلى ذي المروة من أهل العراق ، يقول الطبري : « أخبرنا شعيب بن إبراهيم ، أخبرنا سيف بن عمر ، عن عطية عن يزيد الفقعسي ، قال : كان ابن سبأ يهودياً من أهل صنعاء ... ».
هنا ندرس الرواية ورواتها حسب كتب الرجال من إخواننا من أهل السنّة :
أوّلاً : شعيب بن إبراهيم الكوفي ، مجهول ، راجع : ميزان الاعتدال 1 / 447 ، لسان الميزان 3 / 145.
ثانياً : سيف بن عمر ، يروي الأحاديث الكاذبة وينسبها إلى الرواة الثقات ، راجع : ميزان الاعتدال 1 / 438 ، تهذيب التهذيب 4 / 295.
ثالثاً : يزيد الفقعسي ، مجهول لم يذكر اسمه في كتب الرجال.
وبعد هذا ، لنا أن نتساءل : لماذا يصرّ بعض الناس على هذه الرواية التي رواها الطبري؟ مع أنّ كُلّ رواتها هم بين كذّاب ومجهول ووضّاع ، وهل يصحّ أن يعتمد على رواية كهذه في إثبات نسبة طائفة تعد ثاني أكبر طائفة من المسلمين؟
ولنا أن نتساءل : هل جهل العلماء ـ الذين أصرّوا على هذه الرواية ـ سند الرواية أم تجاهلوها؟ ولم يكن همّهم إلاّ اتهام الشيعة أنّهم من اختلاق اليهودي ابن سبأ المزعوم.
الجواب : ليس في إجاباتنا تناقض وتعارض ، غاية ما هنالك أردنا طرح المسألة بشكل فيه نوع من التردّد ، وعدم القطع برأي دون آخر ، وإنّما أشرنا إلى الآراء في المسألة ، وما ذُكر من استدلال ؛ ويرجع ذلك إلى أصل الواقع ، والاضطراب الشديد في جزئياتها ، والاختلافات في الأقوال ، وهذا هو السبب وراء من قال بأسطورية عبد الله بن سبأ.
____________
1 ـ وقفة مع الجزائري : 81 ، نقلاً عن كتاب الهلابي ، عبد الله بن سبأ : 26.
2 ـ نفس المصدر السابق ، نقلاً عن كتاب طه حسين ، علي وبنوه : 518.
3 ـ نظرية الإمامة : 39.
4 ـ الغدير 3 / 95 ، نقلاً عن كتاب محمّد كرد علي ، خطط الشام 6 / 251.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|