أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-8-2016
1168
التاريخ: 1-6-2020
844
التاريخ: 24-8-2016
837
التاريخ: 1-8-2016
667
|
...أحدهما أن لا يكون إجراء هذا الأصل مثبتا لتكليف آخر، والثاني أن لا يكون موجبا للضرر، فنقول: أمّا الشرط الأوّل فلا يمكن القول بحقيقة الاشتراط فيه، وذلك لأنّ المكلّف في الشبهة البدويّة متى تفحّص عن الدليل ولم يظفر به فهو غير منفكّ أبدا عن حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان، وليس لنا مورد تحقّق هذا الموضوع وانتفى عنه هذا الحكم العقلي كما كان منتفيا قبل الفحص، فالاشتراط بمعنى دوران حكم العقل بقبح العقاب مدار الشرط وجودا وعدما ممنوع جزما.
نعم يمكن توجيه كلام هذا القائل بأن يقال: إنّ التعبير بالاشتراط من باب المسامحة، ومراده أنّ عدم ثبوت التكليف في شيء إذا كان مثبتا لتكليف آخر فأصالة البراءة عن التكليف الأوّل لا يثبت التكليف الثاني، لأنّها بالنسبة إلى الثانى من الأصل المثبت.
وحينئذ فنقول: الكلام من هذا الحيث تارة في الأصل العقلي، واخرى في الشرعي، أمّا الأوّل أعني: حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان فلا إشكال في أنّه مثبت للأثر المترتّب على نفس عدم العقاب وعدم تنجّز الخطاب وفعليّته، كما في باب المزاحمات حيث إنّ عصيان التكليف الغصبي موجب لبطلان الصلاة في الدار الغصبيّة وعصيان التكليف بإنقاذ الغريق الأهمّ موجب لعدم فعليّة التكليف بإنقاذ الغريق المهمّ.
وأمّا لو انتفى العصيان والتنجيز والفعليّة عند الشكّ في غصبيّة الدار، أو في وجود الغريق الأهمّ بواسطة أصالة البراءة وقبح العقاب بلا بيان كانت الصلاة صحيحة وإنقاذ الغريق المعلوم المهمّ مأمورا به فعلا، نعم هذا الاصل لا يثبت الأثر المترتّب على نفي التكليف وثبوت الإباحة الواقعيّة؛ لوضوح أنّ العقل الحاكم بقبح العقاب بلا بيان لا يعيّن نفي التكليف في الواقع وثبوت الإباحة كذلك.
وأمّا الأصل الشرعي فإن قلنا بأنّه مسوق لبيان رفع العقوبة عن التكليف المشكوك كما هو مفاد الأصل العقلي، فقوله: «رفع ما لا يعلمون» ناظر إلى عين ما استقلّ به العقل من قبح العقاب بلا بيان، وكذلك قوله: «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» وقوله: «كلّ شيء حلال حتى تعلم أنّه حرام» فمفاد الكلّ أنّ المؤاخذة والعقوبة مرفوعة ما دام التكليف مشكوكا، فالكلام فيه هو الكلام في الأصل العقلي بعينه من التفصيل بين الآثار المترتّبة على نفس عدم العقاب، وبين الآثار المترتّبة على الإباحة الواقعيّة، بترتّب الاولى دون الثانية.
وأمّا إن قلنا بأنّ مفاد البراءة الشرعيّة جعل الإباحة والحليّة في مرحلة الظاهر في مورد الشكّ لا مجرّد عدم العقاب على التكليف المشكوك، فمقتضى القاعدة هو التفصيل بين ما إذا كان ثبوت أحد الحكمين عند عدم ثبوت الآخر من باب الملازمة، وبين ما إذا كان من باب ترتّب الحكم على الموضوع، ففي الأوّل يكون إثبات الحكم الأوّل بأصل البراءة النافي للحكم الثاني من باب إثبات أحد المتلازمين بالأصل المثبت لوجود الآخر، ولا شكّ أنّه من الأصل المثبت الممنوع.
وأمّا في الثاني اعني: ما إذا كان عدم التكليف موضوعا لثبوت حكم آخر، كما في جواز الصلاة في جلد ووبر ما يحلّ أكل لحمه، حيث إنّ حليّة الأكل موضوع لجواز الصلاة في الجلد والوبر، فالتحقيق أنّ أصالة البراءة الشرعيّة على هذا المبنى كما أنّها تفيد لحليّة نفس العمل، فلا مانع من إثباتها لما يرتّب على حليّة العمل أيضا.
خلافا لبعض الأساتيد قدّس سرّه حيث ذهب إلى أنّه لا يترتّب على الحليّة [الثابتة] بأصل البراءة ما كان مترتّبا على الحليّة الواقعيّة وإن كان يترتّب عليها ما كان مترتّبا على الأعمّ من الحليّة الظاهريّة والواقعيّة، والحقّ ما ذكرنا، ووجهه أنّه لا فرق في ذلك بين هذا الأصل وبين استصحاب الخمريّة، أو إثباتها بالبيّنة، فإنّه كما يثبت بهما الحرمة والنجاسة، كذلك الأثر المترتّب على النجاسة وهو المانعيّة في الصلاة، مع أنّ دليل المانعيّة مختصّ بالنجاسة الواقعيّة، فحال أصالة البراءة في ما نحن فيه بالنسبة إلى الأثر المفروض حال الاستصحاب والبيّنة في الخمر.
فإن كان دليل ترتّب الأثر على حليّة العمل أعمّ من الحليّة الواقعيّة والظاهريّة فنعم المطلوب؛ فانّه يتحقّق نفس الموضوع حينئذ بالأصل، وإن كان مختصّا بالحليّة الواقعيّة كما هو الواقع، فأصالة البراءة تفيد توسعة دائرة الموضوع، فلا وجه لعدم توسعة حكمه.
وتوضيح هذا الإجمال أنّ عدم نقض الحالة السابقة في الاستصحاب يكون بمعنى عدم نقض المكلّف حاله السابق في العمل الذي كان يعمله من العمل اللزومي الفعلي، أو اللزومى التركي، أو العمل الدائر مدار ميله وإرادته، وهو الجامع بين الشبهة في الموضوع والشبهة في الحكم، ففي الأوّل يكون للموضوع حكم وللحكم عمل، وفي الثانى يكون العمل للحكم المعلّق على موضوع.
وكيف كان فمقتضى عدم نقض العمل السابق عدم التفكيك بين الأعمال السابقة، فلو كان للمكلّف في السابق عملان، أحدهما أكل اللحم والآخر الصلاة في الجلد والوبر فمقتضى عدم نقض العمل السابق بقاء كلا العملين في اللاحق.
فنقول مثل ذلك الحال في قوله: «كلّ شيء حلال حتى تعلم أنّه حرام»، بيانه أنّ جعل الحليّة في الشيء بالعنوان الثانوي تارة يكون في عرض الواقع كما في الحليّة لأجل الضرورة، والحليّة بالاصول والأمارات بناء على ما ذهب إليه شيخ الطائفة من الموضوعيّة والسببيّة، والحليّة في هذه الصورة لا ربط لها بالحليّة الواقعيّة، ولا يترتّب عليها الأثر المترتّب على الحليّة الواقعيّة كما هو واضح.
واخرى يكون جعل الحليّة بلحاظ الواقع وعلى وجه جعل القانون فيه، كما هو الحال على المذهب المختار في الاصول والأمارات من الطريقيّة والحليّة في هذه الصورة وإن كانت مغايرة للحليّة الواقعيّة باعتبار أنّ الحليّة الواقعيّة مجعولة بالعنوان الأوّلى، وهذه بالعنوان الثانوي الذي هو الشكّ، إلّا أنّ جعل الحليّة بهذا النحو راجع إلى تنزيل الحليّة منزلة الحليّة الواقعيّة.
فأصالة البراءة الشرعيّة على هذا يفيد أنّ الحليّة في موردها بدل عن الحليّة الواقعيّة وتكون عند المكلّف بمنزلة الحليّة الواقعيّة، فيجب عليه أن يعامل مع هذه الحليّة كلّ معاملة يعاملها مع الحليّة الواقعيّة، ومن جملة المعاملات مع الحليّة الواقعيّة جواز الصلاة في الجلد والوبر من مأكول اللحم، فلا بدّ أن يعامل ذلك مع الحليّة التي يفيدها هذا الأصل.
فإن قلت: القدر المتيقّن من هذا التنزيل هو الأثر الأوّل أعنى: جواز نفس العمل، وأمّا الأثر المترتّب على الحليّة الواقعيّة فلا.
قلت: فلم تقولون بترتيب جميع آثار الطاهر على الشيء الذي ثبت طهارته بالأصل، فيحكم بجواز الصلاة معه وعدم نجاسة ملاقيه ولا يقتصر على الحكم التكليفي، والحال أنّ دليل التنزيل فيه وهو قوله: «كلّ شيء طاهر» يكون مثل دليل التنزيل في المقام وهو قوله: «كلّ شيء حلال».
فإن قلت: فلم لا تقول بترتّب الآثار المترتّبة بتوسّط الآثار العقليّة.
قلت: وجهه أنّ التنزيل يقف عند الأثر العقلي ولا يشمله، لأنّه ليس من شأن الشارع، فلهذا لا نحكم بترتّب الأثر المترتّب على هذا الأثر العقلي، فإنّه يقتصر في التنزيل على الأثر المترتّب على نفس الموضوع بلا واسطة، فالأثر المترتّب على الأمر العقلي يحتاج إلى تنزيل مستقلّ، وهذا التنزيل لا يفيد بحاله.
نعم هذا التنزيل مفيد في الآثار المترتّبة التي تكون بتمامها شرعيّة، فإنّ التنزيل في الموضوع الأوّل يكون تنزيلا في الأثر المترتّب عليه بلا واسطة، والتنزيل في هذا الأثر الذي هو موضوع للأثر الثانى يكون تنزيلا في أثره، والتنزيل في الأثر الثانى الذي هو موضوع للثالث يفيد التنزيل فى الثالث، والتنزيل في الثالث يفيد التنزيل في أثره الذى هو الرابع، وهكذا، ثمّ إنّ ما ذكرنا غير جار في حديث الرفع؛ فإنّ مفاده رفع تنجّز التكليف في الظاهر وهو أعم من الحليّة الظاهريّة هذا هو الكلام في الشرط الأوّل.
وأمّا الشرط الثاني أعني: عدم حصول الإضرار بجريان أصل البراءة فهو في الحقيقة ليس بشرط لارتفاع موضوع الأصل مع وجود القاعدة، كيف وهذه القاعدة حاكمة على الأدلّة الاجتهاديّة أعني: العمومات والإطلاقات في الأدلّة اللفظيّة، فكيف بهذا الأصل الذي هو دليل فقاهتي وموضوعه الشكّ ويكون متأخرا في الرتبة عن الدليل الاجتهادي.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|