أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-8-2016
950
التاريخ: 1-8-2016
605
التاريخ: 24-5-2020
760
التاريخ: 16-5-2020
1185
|
إعلم أنّ المعيار لتشخيص وحدة القضيّتين، والحاكم باتّحاد الموضوع في القضيتين تارة هو العقل، واخرى هو الدليل، وثالثة العرف، فعلى الأوّل لا يجرى في الشبهات الحكميّة اصلا بناء على تبعيّة الأحكام الشرعيّة للأحكام العقليّة، ذلك لأنّ الموضوع في القضيّة العقليّة هو العلّة التامّة للمحمول، ولا يعقل انتفاء المحمول مع بقاء الموضوع، ولهذا لا تخصيص في الأحكام العقليّة، فكلّ موارد عدم المحمول راجع إلى التخصّص، لأنّ جميع ما له دخل في الحكم حتى عدم المانع مأخوذ في موضوع حكمه، فكلّما انتفى عنه الحكم فلا محالة خارج عن دائرة الموضوع، فلا يمكن الشكّ مع حفظ الموضوع، بل لا بدّ من الشك في بقائه.
نعم لو قلنا بالمصلحة في نفس الحكم كما هو الحقّ أمكن الشكّ مع حفظ الموضوع لاحتمال مفسدة في نفس الحكم، ولكنّه نادر، وبالجملة، على هذا يختصّ الاستصحاب بالشبهات الموضوعيّة دون الحكميّة، كما هو مذهب أصحابنا الأخباريّين، ولا يمكن عدّ هذا دليلا على بطلان هذا الوجه كما هو واضح، بل الوجه ما سيأتي إن شاء اللّه تعالى في بطلان الوجه الثانى.
وعلى الثانى يختصّ بما إذا كان في البين دليل لفظيّ وكان الموضوع المعتبر فيه باقيا، فلا يجري في ما كان الدليل لبيّا، ولا إذا كان لفظيّا، ولكن لم يبق الموضوع الدليلي، فيفرق إذن بين ما إذا كان مفاد الدليل اللفظي نحو قولنا: الماء نجس إذا تغيّر، فيحكم بالبقاء بعد زوال التغيّر، وبين ما كان نحو قولنا: الماء المتغيّر نجس، فلا يحكم، وكذا بين قولنا: ثمرة الكرم إذا كان عنبا لو غلى ينجس، فيحكم بالبقاء عند الجفاف، وبين قولنا: العنب لو غلى ينجس، فلا يحكم، وبالجملة، لا بدّ من اتّباع دليل المستصحب في كلّ باب، واللازم سدّ باب الاستصحاب كثيرا.
وعلى الثالث يجري ولو كان مفاد الدليل نحو قولنا: الماء المتغيّر نجس، وقولنا:
العنب لو غلى ينجس؛ إذ بعد زوال التغيّر والعنبيّة يرى العرف مشارا إليه محفوظا، فيقول: هذا كان متغيّرا أو عنبا، فيصدق في نظره بقاء النجاسة في هذا وارتفاعها عن هذا، وأمّا وجه عدم جرمه من نفس الدليل فلأجل احتمال اشتراط النجاسة ببقاء التغيّر العنبيّة.
[تنزيل الخطابات على المصاديق العرفية]
ثمّ الحقّ تعيّن الوجه الأخير، والدليل عليه أنّ الخطابات المعلّقة على العناوين منزّلة بقرينة حكمة الشارع على المصاديق العرفيّة دون الدقيّة، فإنّ القضايا الملحوظ فيها وجود الطبيعة بنحو السريان حال العنوان فيها حال «هؤلاء» في كونه إشارة إلى الأفراد، ومحطّ الحكم نفس الأفراد، غاية الفرق أنّ الحكم في مثل هؤلاء يمكن أن يكون بملاكات عديدة، وأمّا هنا فالظاهر أنّه في الجميع بملاك واحد وهو وجود العنوان فيها.
وإذن فنقول: إمّا يلحظ الشارع بتوسّط العنوان المصاديق الواقعيّة، ويجعل نظر العرف طريقا، وإمّا يضيّق العنوان تارة ويوسّعه اخرى، مثل أن يقيّده بقيد العرفي، وإمّا ينزّل نظره ويصير بمنزلة أحد من العرف ويتكلّم مع العرف بلسانهم، نظير من يتكلّم مع أهل بلدة كلّهم إلّا نادرا أحول يرى الواحد اثنين؛ فإنّه في تفهيم مراده يتكلّم معهم بلسانهم ويشير إلى الواحد ويقول: يا هذا ايتني بهذين الاثنين.
وليس هذا منه تصرّفا في لفظ اثنين واستعمالا له في غير معناه، بل هو سنخ المجاز السكّاكي، غاية الأمر كان التنزيل والتصرّف هناك في الشيء الخارجي المطبق عليه العنوان، ويكون هنا في نظر المتكلّم، فيجعل نفسه أحولا ثمّ يتكلّم مثل الأحول بلا تصرّف، لا في الكلمة ولا في الإسناد ولا في الأمر العقلي.
ثمّ المتعيّن من بين الوجوه الثلاثة هو الأخير؛ لأنّه المحفوظ عن المحذور، بخلاف الأوّلين، أمّا محذور الأوّل فهو أنّه في مقام التفهيم ما اتي بشيء مفهم للمقصود، بل اتي بما يدلّ على خلاف المقصود في بعض الموارد، وذلك للعلم بتخلّف نظرهم نوعا عن الواقع، وأمّا الثاني فهو تصرّف في اللفظ على وجه بارد، فيدفعه ظاهر اللفظ، فتعيّن الثالث، ولازمه عدم رجوع أحد من العرف لو اتّضح له الواقع عن الحكم؛ لأنّه وإن كان يصدّق عدم مصداقيّة المورد، ولكن يحكم بكونه مصداقا لموضوع حكم الشارع بالدقّة، أو أنّه مع كونه مصداقا للعنوان ليس بمصداق لموضوع الحكم كذلك.
إذا عرفت ذلك فنقول: من جملة الخطابات قول الشارع: «لا تنقض اليقين بالشكّ» ولو قال واحد من أهل العرف هذا الكلام لآخر لا شبهة أنّه يعامل على نحو ما مضى في الوجه الثالث من عدم الاعتناء بالموضوع الدليلي ولا العقلي، وإنّما يلاحظ أنّ المشار إليه المحفوظ في أيّ موضع تحقّق وفي أيّ موضع غير متحقّق، فيعمل القاعدة في الأوّل دون الثاني، هذا.
تذييل: وإذ قد عرفت أنّ المتّبع هو العرف فاعلم أنّ العرف يختلف نظره، فتارة يرى المشار إليه محفوظا واخرى يراه مرتفعا وأنّ الموجود فعلا مباين معه، وعلى الأوّل تارة يجزم بالحكم بعد زوال العنوان بنفس الدليل من غير حاجة إلى الأصل، واخرى لا يجزم، بل يحتاج في حكمه ببقاء الحكم إلى الأصل المقتضى للبقاء، فهذا ثلاثة أقسام.
مثال الأوّل- أعني ما كان المشار إليه محفوظا ورأى بقاء الحكم بنفس الدليل- مثل قولك في الحنطة المغصوبة: هي حرام على الغاصب، فإنّه يحكم ببقاء الحرمة على ذات الحنطة في أيّ صورة دخلت من الدقيقيّة والعجينيّة والخبزيّة.
مثال الثاني هو هذه الصورة مع الاحتياج في الحكم بالبقاء إلى الاستصحاب، مثل ما تقدّم من مثالي الماء المتغيّر والعنب.
مثال الثالث نحو ما إذا صار الخشب رمادا، فإنّهم يحكمون بأنّهما وجودان، أحدهما صار منشأ للآخر وسببا لتوليده، ونظير الأب والابن، وكما في الماء والسماد الغائرين في الأرض، فيورث الثمر في الشجر المغروس فيها، فإنّه بحسب الدقّة وإن كان عين ذلك الماء والسماد، ولكنّ العرف يراهما منعدمين في أعماق الارض ومورثين لاستعداد الشجر لحمل الثمر.
وعلى هذا فنقول: لا فرق بين استحالة النجس والمتنجّس في أنّه متى صارت الاستحالة إلى حدّ صار المستحال منه مبائنا ومعدّا عند العرف لحدوث المستحال إليه، كما في العذرة يصير دودا، والخشب يصير رمادا، فهنا لا مجرى لاستصحاب النجاسة، بل نرجع إلى إطلاق دليل طهارة المستحال إليه لو كان، وإلّا فإلى قاعدة الطهارة، ومتى لم يصل إلى هذه الحدّ، بل كان عندهم شيء مشار إليه بهذا محفوظا كما لا يبعد أن يكون منه استحالة الجسم النجس أو المتنجّس ملحا، فاستصحاب النجاسة حينئذ جار في كليهما، واللّه العالم.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|